على وقع التسارع الذي يحكم تطورات الأوضاع في غزة منذ يوم السابع من أكتوبر الجاري بحدوث عملية «طوفان الأقصى» يبدو المجتمع الدولي اليوم، وبخاصة من خلال مواقف الولايات المتحدة من الحدث كما لو أنه مجتمع لم يعد يعير (لفرط تعاطفه الغريب مع إسرائيل) انتباها للقواعد التي تحكم القانون الدولي والإنساني حيال ما تفعله إسرائيل بالمدنيين الفلسطينيين في غزة.
فما تفعله إسرائيل في غزة على خلفية عملية «طوفان الأقصى» يتجاوز أي معنى لرد فعل عقلاني حيال ما قامت به حماس، بل لا يندرج أصلا في أي نوع من أنواع ردود الفعل ذاك.
ومع ذلك، نرى مواقف غير متوازنة من المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، إن لم نقل أنها مواقف متواطئة مع إسرائيل.
فبالرغم من أنه بإمكان أي مراقب محايد للوضع في غزة حيال ما تفعله إسرائيل بمدنيي غزة، أن يصف أفعال إسرائيل تلك بأنها جرائم حرب وإبادة جماعية، نجد أن موقف المجتمع الدولي وبخاصة الولايات المتحدة، لم يبلغ حتى مجرد الإدانة ناهيك عن الوصف الذي تستحقه تلك الأفعال التي تفعلها إسرائيل بمدنيي غزة بوصفها جرائم حرب، الأمر الذي نرى معه بوضوح سياسة الكيل بمكيالين من طرف المجتمع الدولي.
من حق ذلك المجتمع الدولي أن يتفهم ما جرى في إسرائيل يوم السابع من أكتوبر، لكن من واجبه كذلك أن يدين ما تفعله إسرائيل من جرائم حرب بحق مدنيي غزة، لاسيما في ظل الإدانة التي طالت إسرائيل من طرف منظمات حقوق إنسان عالمية، كمنظمة العفو الدولية، ومنظمات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومنظمة الصليب الأحمر الدولي.
ومن خلال ما تفعله إسرائيل بمدنيي غزة على هذا النحو الفظيع من جرائم الحرب المدانة يمكن لكل مراقب أن يستشف بوضوح أن ثمة إرادة خطيرة لإسرائيل تتجاوز بكثير ردود الفعل على عملية «طوفان الأقصى، وهذا ما فهمه كثيرون بطبيعة الحال، لاسيما مصر والأردن، من أن تلك الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة إنما هدفها الحقيقي هو تهجير فلسطينيي غزة نحو سيناء، وهو الموقف الذي رفضته كل الدول العربية.
تدرك إسرائيل تمامًا أن مهمة دخولها إلى قطاع غزة بعد أكثر من 9 أعوام من آخر محاولة اجتياح تمثّل خطورة كبيرة ومجازفة غير محسوبة بالنظر إلى التطور النوعي الذي أبدته مقاومة حماس للاحتلال الإسرائيلي وفق نموذج عملية «طوفان الأقصى» وبالتالي فإن إمكانية أن تتفاجأ إسرائيل بمفاجآت غير سارة بل وكارثية على جيشها نتيجة لتورطه في حرب برية أو اجتياح لقطاع غزة؛ إمكانية واردة بقوة.
في الوقت نفسه، نرى تسارعًا محمومًا في زيارات قادة كبار من العالم إلى المنطقة، كزيارة المستشار الألماني أولاف شولتز أول أمس إلى المنطقة، وزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل أمس الأربعاء (بعد إلغاء القمة التي كانت ستعقد بينه وكل من ملك الأردن والرئيس المصري والفلسطيني في الأردن على خلفية مذبحة المستشفى الأهلي بغزة التي راح ضحيتها مئات المدنيين الفلسطينيين جراء القصف الإسرائيلي) والزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأمر الذي ربما يعكس مدى خطورة الأوضاع التي يمكن أن تنجر عن تداعيات عملية «طوفان الأقصى».
تتحرز الولايات المتحدة حيال توسع نطاق حرب إسرائيل على غزة، وما يمكن أن تجره تداعياتها من دخول ـ أطراف إقليمية كإيران، لذلك أعلنت أمريكا عن تحريك حاملتي طائرات إلى منطقة شرق المتوسط.
تبدو عملية حماس «طوفان الأقصى» سواءً لنوعيتها وما كشفت عنه من استثناء خطير في تطوير أدوات مقاومة إسرائيل، وما لقيته العملية من أصداء واسعة أكدت على أنها كانت بالفعل ضربةً قاسيةً وغير متوقعة على الإطلاق لإسرائيل، تبدو تلك العملية الاستثنائية هي ما يؤرق إسرائيل على نحو مزعج، ليس فقط لأنها عملية ناجحة وقاسية، بل كذلك لإدراك إسرائيل أن هذه الطريقة الاستثنائية التي جرت بها عملية « طوفان الأقصى» إنما هي بداية خطيرة جدًا من تطور أساليب لحرب حماس ستنهك إسرائيل طويلًا إذا ما سمحت بإعادتها، مرة أخرى، ولهذا ربما ترى إسرائيل في عدوانها غير المسبوق على غزة وتحضيرها للاجتياح البري طريقةً لإنهاء وجود حماس في غزة، لكن تبدو كل المؤشرات على أن هذه الجولة من حرب حماس وإسرائيل ستكون جولة غير عادية وربما تكون لديها تداعيات إقليمية يتوسع معها نطاق الحرب بصورة غير متوقعة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة ما تفعله إسرائیل المجتمع الدولی طوفان الأقصى فی غزة
إقرأ أيضاً:
الخارجية الفلسطينية: تقييد الاحتلال لدخول المصلين الأقصى انتهاك للقانون الدولي
أكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، أنه ليس من صلاحيات ولا حق لسلطات الاحتلال تقييد دخول المواطنين للصلاة في المسجد الأقصى المبارك تحت أية حجة أو مبرر، وتعتبر تحديد سن المصلين خرقاً فاضحاً لالتزامات القوة القائمة بالاحتلال وانتهاكاً للقانون الدولي ومبدأ الحق في حرية الحركة والوصول لأماكن العبادة.
ترى الوزارة أن التقييدات المرافقة لتحديد سن الرجال والنساء تضيف تضييقات أخرى على أعداد المصلين أيام الجمعة، وتسقط حجج الاحتلال ومبرراته في تحديد السن، بالإضافة إلى أن القدس أرض فلسطينية محتلة وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، ولا تخضع لإسرائيل.
كما أدانت الوزارة اقتحام قوات الاحتلال 8 مساجد في مدينة نابلس، والعبث فيها وتخريب أجزاء منها، وكذلك إحراق أجزاء كبيرة من مسجد النصر في البلدة القديمة من المدينة.
وطالبت الوزارة بتدخل دولي حقيقي لحماية شعبنا وأرضه وممتلكاتهم ومقدساته، وتمكين المواطنين من أداء الصلاة ودخول القدس واحترام هذا الحق الأصيل من حقوق الانسان.
اقرأ أيضاًالأوقاف الفلسطينية: الاحتلال يرفض تسليم الحرم الإبراهيمي في الجمعة الأولى من رمضان
الخارجية الفلسطينية توجه سفرائها لتكثيف الحشد للدعم الدولي لمخرجات القمة العربية
البخشوان: القمة العربية أكدت الموقف المصري الثابت تجاه القضية الفلسطينية