لجريدة عمان:
2025-04-26@21:37:34 GMT

بهجة التضامن مع فلسطين

تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT

أخيرا استطعت على مدى بضع ساعات، من يوم السبت الماضي أن أتنفس. فالمشاركة إلى جانب عشرات الآلاف من المتظاهرين في وسط لندن جددت روحي مرة أخرى. وكنت ـ شأن العديد من الفلسطينيين في الخارج ـ قد قضيت الأسبوع وقد صعب عليَّ أن أعمل أو أن أنام، إذ بقيت أشاهد برعب المذبحة التي ترتكبها إسرائيل في حق سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة.

ففي أسبوع واحد، وفقا لأحد الخبراء العسكريين، أسقطت إسرائيل من القنابل على قطاع غزة الصغير المكتظ بالسكان أكثر مما أسقطته الولايات المتحدة على أفغانستان خلال عام كامل.

كان من المزعج أن أرى غياب لغة الإدانة والإجماع السياسي غيابا فاضحا عندما تعلق الأمر بقتل المدنيين الفلسطينيين في مواجهة قوة عسكرية متفوقة بشكل لا مثيل له، مما أفضى إلى القضاء على عائلات وأحياء بأكملها على الشاشات.

فعلى الرغم من قول وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، إن إسرائيل «ستقضي على كل شيء» في غزة، وحديثه عن إزالة «القيود» المفروضة على قواته، وعلى الرغم من الخطط المعلنة لهدم مدن بأكملها وتسويتها بالأرض وطرد أكثر من مليون شخص من منازلهم، رفض العشرات من السياسيين البريطانيين مرارا وتكرارا وبصراحة إبداء أي قلق على حياة المدنيين الفلسطينيين. ومثل هذا التجاهل هو الذي يدفع الملايين من الفلسطينيين إلى التوصل إلى نتيجة لا مفر منها: وهي أن حياتهم، مقارنة بحياة الإسرائيليين، أقل قيمة، وأن حريتهم أقل أهمية.

وهو أمر مدهش أيضا عند مقارنته باهتمام الغرب بحياة الأوكرانيين. فقبل عام واحد فقط، اعتبر الاتحاد الأوروبي الإجراءات الروسية بقطع المياه والكهرباء بمثابة جرائم حرب و»أعمال إرهابية محضة». ولكن عندما أعلنت إسرائيل عن سياسة مماثلة لتجويع الشعب وفرض العقاب الجماعي، توجه زعماء الولايات المتحدة وأوروبا إلى إسرائيل إظهارا للدعم. فهل أصحاب البشرة السمراء تافهون إلى هذا الحد؟

رفضت المظاهرات ازدواج المعايير بهذا الشكل وما ينطوي عليه من منطق عنصري وغير إنساني. في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر، طوى النسيان فورا أن إسرائيل، بموجب إجماع القانون الدولي، تظل القوة المحتلة في غزة. وهذا المحو للاحتلال أمر مثير للدهشة لأن الاحتلال الإسرائيلي هو أطول احتلال عسكري في التاريخ الحديث، وقد طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة أخيرا من محكمة العدل الدولية أن تحكم في وضعه القانوني.

لقد كانت هذه اللامبالاة بحياة الفلسطينيين واضحة منذ أمد بعيد: فالحصار القاسي المفروض على غزة قائم ـ في نهاية المطاف ـ منذ ستة عشر عاما. وفي عام 2012، تساءل تقرير للأمم المتحدة عما إذا كانت غزة ستكون صالحة للحياة في عام 2020. وهذا الحصار، كما أكدت تقارير منظمة العفو الدولية و»هيومن رايتس ووتش»، يمثل جزءا لا يتجزأ من نظام هيمنة وفصل عنصري.

لقد زعمت وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان، أن شعار «من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة» يمكن فهمه بوصفه «تعبيرا عن رغبة عنيفة في رؤية إسرائيل وقد محيت من العالم». لكن في رأيي أن هذا الهتاف و»فلسطين حرة» لا يدعوان إلى محو إسرائيل، وإنما هما تعبير عن رفض نظام الهيمنة والفصل العنصري.

ولن نجد كثيرين اليوم يمكن أن يعربوا عن دعم لنظام الفصل العنصري البائد في جنوب أفريقيا. ولذلك، في هذا السياق، يكون إعلان هيئة الإذاعة البريطانية تراجعها العلني عن الزعم بأن المتظاهرين كانوا من أنصار حماس موضع ترحاب.

وبعيدا عن النفاق والصمت، فإن ما جعلني أكثر إصرارا على المشاركة في مظاهرة يوم السبت هو المحاولات الكريهة التي بذلتها الحكومة البريطانية للحد من حرية التعبير والحق في الاحتجاج. فالتشريعات التي تحظر محاولات المجتمع المدني للضغط على إسرائيل من خلال مبادرات المقاطعة، والتشريعات التي تقوض الحق في الاحتجاج ورسالة سويلا برافرمان إلى الشرطة قبل مظاهرات نهاية الأسبوع، هي جميعا محاولات لمنع الأشخاص العاديين من أصحاب الضمائر الحية من التضامن مع المقهورين، والمحتلين والمستعمرين.

لقد كان من المشجع أن نرى هذا العدد الكبير من المتظاهرين من جميع الأعمار والخلفيات إذ يظهرون تضامنهم مع الفلسطينيين في غزة، دون أن يردعهم انحياز وسائل الإعلام ومحاولات التجريم.

كما كان من المبهج أيضا رؤية التلويح بالأعلام الفلسطينية خلال المظاهرة، لأنه لا يمكن ولا يجب تجريم التعبير عن التاريخ والهوية الفلسطينية، برغم رسالة برافرمان.

وبينما يحذر خبراء الأمم المتحدة من التطهير العرقي، ويحذر الباحثون من الإبادة الجماعية، تظل هناك حاجة إلى المزيد من المظاهرات لإنقاذ أرواح المدنيين. فمن واجبنا السياسي والأخلاقي أن نوقف الأعمال الوحشية الإسرائيلية وأن نتحرك إلى أن يتمكن الفلسطينيون من العيش بحرية وكرامة في وطنهم.

نمر سلطاني متخصص في القانون العام بجامعة سواس في لندن. وهو مواطن فلسطيني في إسرائيل.

عن الجارديان البريطانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تمنع وصول المساعدات إلى غزة منذ 7 أسابيع

غزة (الاتحاد)

أخبار ذات صلة غزة.. خروج مستشفى أطفال عن الخدمة جراء القصف أطفال السودان.. البراءة بين الجوع والمرض والعنف والنزوح

ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» أن الهجمات الإسرائيلية استمرت بلا هوادة في جميع أنحاء قطاع غزة في وقت لا تزال تمنع وصول المساعدات إلى القطاع منذ أكثر من 7 أسابيع.
وقال مكتب «أوتشا» إن القوات الإسرائيلية شنت ضربات جوية استهدفت خيماً ومناطق تؤوي عائلات نازحة في القطاع، محذراً من أن منع المساعدات الإنسانية يحرم الناس من سبل البقاء على قيد الحياة ويقوض جميع مناحي الحياة المدنية.
وأفاد بأن فريقاً تابعاً له أجرى تقييماً في موقعين بمنطقة «المواصي» في مدينة خان يونس تعرضا لقصف إسرائيلي يومي الأحد والاثنين ما أدى إلى مقتل 8 أشخاص وإصابة أكثر من 12 آخرين معظمهم من الأطفال.
وأضاف أن «فريقه زار موقعين آخرين في منطقة المواصي يستضيفان ما يقرب من 2500 نازح بمن فيهم العديد ممن فروا بعد أوامر النزوح الأخيرة في بلدة القرارة بخان يونس».
ونبه إلى أن الفريق لاحظ نقصاً حاداً في المياه والغذاء والمأوى فضلاً عن عدم حصول المدنيين المصابين بالصدمات على أي دعم نفسي. وحذر أيضاً من أن إمدادات الغذاء في جميع أنحاء غزة تشهد انخفاضاً خطيراً مع تفاقم سوء التغذية بسرعة، مستشهداً بأن أحد شركاء الأمم المتحدة فحص في الأسبوع الماضي 1300 طفل في شمال غزة وحدد أكثر من 80 حالة من سوء التغذية الحاد.
وفي المقابل لفت «أوتشا» إلى أن شاحنة تحمل مساعدات غذائية نجحت قبل يومين في الانتقال من شمال غزة إلى جنوبها ما يساعد على دعم ما يقرب من 470 طفلاً لمدة شهر واحد وستكون حاسمة في منع تفاقم أوضاعهم الحالية.
ودعا المكتب الأممي الدول الأعضاء ذات النفوذ إلى الضغط من أجل إنهاء فوري لمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة وضمان إمكانية توزيع الإمدادات مع الاحترام الكامل للمبادئ الإنسانية المتمثلة في الحياد والنزاهة والاستقلالية وبذل كل ما في وسعها للضغط من أجل إطلاق سراح الرهائن. 

الأونروا تحذر
حذرت مسؤولة الطوارئ في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين «الأونروا»، لويز ووتريدج من انتشار الأمراض وعدم وجود أدوية كافية في قطاع غزة بعد مرور أكثر من 50 يوماً على منع السلطات الإسرائيلية دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وقالت ووتريدج إن فرق الوكالة تجوب منطقة المواصي بخان يونس جنوب غزة للقيام بحملة تنظيف مكثفة، مضيفة: «القمامة خرجت عن السيطرة، مياه الصرف الصحي، والقوارض، والآفات، والجرذان، والفئران، كل هذه الحيوانات تتجول بين المباني التي يأوي إليها الناس».
وأفادت ووتريدج بأن «الأونروا» لديها أطباء وممرضون وعاملون في مجال الرعاية الصحية منخرطون في تلك الحملة، ويحاولون علاج الأطفال المصابين بالتهابات الجلد والطفح الجلدي والأمراض الناجمة عن هذه الظروف المعيشية غير الصحية.
ونبهت إلى أن الإمدادات على وشك النفاد بما فيها المبيدات الحشرية حيث لم يتبق إلا مخزون يكفي 10 أيام فقط، «وعندما يحدث ذلك، لن يتمكنوا من توفير أي نوع من وسائل الوقاية».

مقالات مشابهة

  • منتدى الإعلاميين يدعو لتكثيف التضامن مع الصحفيين الفلسطينيين
  • بهجة وتفاعل في ورش الأطفال ببيت ثقافة قاطية في بئر العبد.. صور
  • نافانشيا" البريطانية تستهدف بناء أكبر منشأة لبناء السفن تقدمًا في المملكة المتحدة
  • رئيسة منظمة أورو فلسطين الفرنسية: إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية في غزة
  • العرب يدعون واشنطن لإنهاء انحيازها لإسرائيل ويرفضون تهجير الفلسطينيين
  • اجتماع عربي يرفض تهجير الفلسطينيين ويدعو واشنطن لإنهاء انحيازها للاحتلال
  • اجتماع وزاري عربي يرفض تهجير الفلسطينيين ويدعو واشنطن لإنهاء انحيازها للاحتلال
  • سفيرة الجامعة العربية أمام جثمان البابا فرانسيس: «تأثرت بشدة وذكرت اللحظة التي تحدثت فيها عن معاناة الفلسطينيين»
  • إسرائيل تمنع وصول المساعدات إلى غزة منذ 7 أسابيع
  • الأمم المتحدة: المساعدات الإنسانية التي نقدمها في غزة تتم وفق مبادئ الإنسانية