لجريدة عمان:
2025-01-23@03:58:56 GMT

بهجة التضامن مع فلسطين

تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT

أخيرا استطعت على مدى بضع ساعات، من يوم السبت الماضي أن أتنفس. فالمشاركة إلى جانب عشرات الآلاف من المتظاهرين في وسط لندن جددت روحي مرة أخرى. وكنت ـ شأن العديد من الفلسطينيين في الخارج ـ قد قضيت الأسبوع وقد صعب عليَّ أن أعمل أو أن أنام، إذ بقيت أشاهد برعب المذبحة التي ترتكبها إسرائيل في حق سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة.

ففي أسبوع واحد، وفقا لأحد الخبراء العسكريين، أسقطت إسرائيل من القنابل على قطاع غزة الصغير المكتظ بالسكان أكثر مما أسقطته الولايات المتحدة على أفغانستان خلال عام كامل.

كان من المزعج أن أرى غياب لغة الإدانة والإجماع السياسي غيابا فاضحا عندما تعلق الأمر بقتل المدنيين الفلسطينيين في مواجهة قوة عسكرية متفوقة بشكل لا مثيل له، مما أفضى إلى القضاء على عائلات وأحياء بأكملها على الشاشات.

فعلى الرغم من قول وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، إن إسرائيل «ستقضي على كل شيء» في غزة، وحديثه عن إزالة «القيود» المفروضة على قواته، وعلى الرغم من الخطط المعلنة لهدم مدن بأكملها وتسويتها بالأرض وطرد أكثر من مليون شخص من منازلهم، رفض العشرات من السياسيين البريطانيين مرارا وتكرارا وبصراحة إبداء أي قلق على حياة المدنيين الفلسطينيين. ومثل هذا التجاهل هو الذي يدفع الملايين من الفلسطينيين إلى التوصل إلى نتيجة لا مفر منها: وهي أن حياتهم، مقارنة بحياة الإسرائيليين، أقل قيمة، وأن حريتهم أقل أهمية.

وهو أمر مدهش أيضا عند مقارنته باهتمام الغرب بحياة الأوكرانيين. فقبل عام واحد فقط، اعتبر الاتحاد الأوروبي الإجراءات الروسية بقطع المياه والكهرباء بمثابة جرائم حرب و»أعمال إرهابية محضة». ولكن عندما أعلنت إسرائيل عن سياسة مماثلة لتجويع الشعب وفرض العقاب الجماعي، توجه زعماء الولايات المتحدة وأوروبا إلى إسرائيل إظهارا للدعم. فهل أصحاب البشرة السمراء تافهون إلى هذا الحد؟

رفضت المظاهرات ازدواج المعايير بهذا الشكل وما ينطوي عليه من منطق عنصري وغير إنساني. في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر، طوى النسيان فورا أن إسرائيل، بموجب إجماع القانون الدولي، تظل القوة المحتلة في غزة. وهذا المحو للاحتلال أمر مثير للدهشة لأن الاحتلال الإسرائيلي هو أطول احتلال عسكري في التاريخ الحديث، وقد طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة أخيرا من محكمة العدل الدولية أن تحكم في وضعه القانوني.

لقد كانت هذه اللامبالاة بحياة الفلسطينيين واضحة منذ أمد بعيد: فالحصار القاسي المفروض على غزة قائم ـ في نهاية المطاف ـ منذ ستة عشر عاما. وفي عام 2012، تساءل تقرير للأمم المتحدة عما إذا كانت غزة ستكون صالحة للحياة في عام 2020. وهذا الحصار، كما أكدت تقارير منظمة العفو الدولية و»هيومن رايتس ووتش»، يمثل جزءا لا يتجزأ من نظام هيمنة وفصل عنصري.

لقد زعمت وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان، أن شعار «من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة» يمكن فهمه بوصفه «تعبيرا عن رغبة عنيفة في رؤية إسرائيل وقد محيت من العالم». لكن في رأيي أن هذا الهتاف و»فلسطين حرة» لا يدعوان إلى محو إسرائيل، وإنما هما تعبير عن رفض نظام الهيمنة والفصل العنصري.

ولن نجد كثيرين اليوم يمكن أن يعربوا عن دعم لنظام الفصل العنصري البائد في جنوب أفريقيا. ولذلك، في هذا السياق، يكون إعلان هيئة الإذاعة البريطانية تراجعها العلني عن الزعم بأن المتظاهرين كانوا من أنصار حماس موضع ترحاب.

وبعيدا عن النفاق والصمت، فإن ما جعلني أكثر إصرارا على المشاركة في مظاهرة يوم السبت هو المحاولات الكريهة التي بذلتها الحكومة البريطانية للحد من حرية التعبير والحق في الاحتجاج. فالتشريعات التي تحظر محاولات المجتمع المدني للضغط على إسرائيل من خلال مبادرات المقاطعة، والتشريعات التي تقوض الحق في الاحتجاج ورسالة سويلا برافرمان إلى الشرطة قبل مظاهرات نهاية الأسبوع، هي جميعا محاولات لمنع الأشخاص العاديين من أصحاب الضمائر الحية من التضامن مع المقهورين، والمحتلين والمستعمرين.

لقد كان من المشجع أن نرى هذا العدد الكبير من المتظاهرين من جميع الأعمار والخلفيات إذ يظهرون تضامنهم مع الفلسطينيين في غزة، دون أن يردعهم انحياز وسائل الإعلام ومحاولات التجريم.

كما كان من المبهج أيضا رؤية التلويح بالأعلام الفلسطينية خلال المظاهرة، لأنه لا يمكن ولا يجب تجريم التعبير عن التاريخ والهوية الفلسطينية، برغم رسالة برافرمان.

وبينما يحذر خبراء الأمم المتحدة من التطهير العرقي، ويحذر الباحثون من الإبادة الجماعية، تظل هناك حاجة إلى المزيد من المظاهرات لإنقاذ أرواح المدنيين. فمن واجبنا السياسي والأخلاقي أن نوقف الأعمال الوحشية الإسرائيلية وأن نتحرك إلى أن يتمكن الفلسطينيون من العيش بحرية وكرامة في وطنهم.

نمر سلطاني متخصص في القانون العام بجامعة سواس في لندن. وهو مواطن فلسطيني في إسرائيل.

عن الجارديان البريطانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: حرب غزة تسببت في نزوح 90% من الفلسطينيين عن منازلهم

ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» اليوم، أنّ 92% من المنازل في قطاع غزة أي نحو 436 ألف منزل، دمرت أو تضررت بسبب العدوان الإسرائيلي، فيما نزح 90% من الفلسطينيين عن منازلهم، حسب ما أفادت قناة القاهرة الإخبارية في نبأ عاجل.

وفي سياق متصل، قال ممثل منظمة الصحة العالمية في فلسطين الدكتور ريك بيبركورن، إنّ «إعلان وقف إطلاق النار يبعث الأمل، لكن التحدي الذي ينتظرنا مذهل».

وأضاف بيبركورن: «ستكون معالجة الاحتياجات الهائلة واستعادة النظام الصحي مهمة معقدة وصعبة، بالنظر إلى حجم وتعقيد العمليات والقيود المترتبة عليها».

وبدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة وصفقة تبادل المحتجزين والأسرى، في الحادية عشرة صباح أمس، الذي تبلغ المرحلة الأولى منه 42 يومًا، أعقبه تسليم حماس 3 محتجزات إسرائيليات، إلى جانب إفراج الاحتلال عن 90 أسيرًا فلسطينيًا.

مقالات مشابهة

  • البحرية الملكية البريطانية تطارد "سفينة تجسس روسية"
  • أرقام صادمة لعدد الحواجز والبوابات التي تحاصر الفلسطينيين في الضفة
  • أرقام صادمة لعدد الحواجر والبوابات التي تحاصر الفلسطينيين في الضفة
  • صحيفة عبرية: ابن سلمان قال إن الفلسطينيين أغبياء حاربوا إسرائيل
  • الخارجية: قرار تخفيض التصنيف الأمني سيفتح المجال أمام الشركات البريطانية للدخول إلى السوق العراقية
  • قضى 44 عاماً في سجونها..إسرائيل ترحل عميد الأسرى الفلسطينيين
  • الخطوط الجوية البريطانية تُعلن استئناف رحلاتها إلى إسرائيل في هذا الموعد
  • وزيرة التضامن: كبار السن هم الجذور الراسخة التي تمدنا بالحكمة
  • الأمم المتحدة: حرب غزة تسببت في نزوح 90% من الفلسطينيين عن منازلهم
  • مجلس الأمن يعقد جلسة مفتوحة اليوم بشأن فلسطين