لجريدة عمان:
2024-07-03@21:06:36 GMT

بهجة التضامن مع فلسطين

تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT

أخيرا استطعت على مدى بضع ساعات، من يوم السبت الماضي أن أتنفس. فالمشاركة إلى جانب عشرات الآلاف من المتظاهرين في وسط لندن جددت روحي مرة أخرى. وكنت ـ شأن العديد من الفلسطينيين في الخارج ـ قد قضيت الأسبوع وقد صعب عليَّ أن أعمل أو أن أنام، إذ بقيت أشاهد برعب المذبحة التي ترتكبها إسرائيل في حق سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة.

ففي أسبوع واحد، وفقا لأحد الخبراء العسكريين، أسقطت إسرائيل من القنابل على قطاع غزة الصغير المكتظ بالسكان أكثر مما أسقطته الولايات المتحدة على أفغانستان خلال عام كامل.

كان من المزعج أن أرى غياب لغة الإدانة والإجماع السياسي غيابا فاضحا عندما تعلق الأمر بقتل المدنيين الفلسطينيين في مواجهة قوة عسكرية متفوقة بشكل لا مثيل له، مما أفضى إلى القضاء على عائلات وأحياء بأكملها على الشاشات.

فعلى الرغم من قول وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، إن إسرائيل «ستقضي على كل شيء» في غزة، وحديثه عن إزالة «القيود» المفروضة على قواته، وعلى الرغم من الخطط المعلنة لهدم مدن بأكملها وتسويتها بالأرض وطرد أكثر من مليون شخص من منازلهم، رفض العشرات من السياسيين البريطانيين مرارا وتكرارا وبصراحة إبداء أي قلق على حياة المدنيين الفلسطينيين. ومثل هذا التجاهل هو الذي يدفع الملايين من الفلسطينيين إلى التوصل إلى نتيجة لا مفر منها: وهي أن حياتهم، مقارنة بحياة الإسرائيليين، أقل قيمة، وأن حريتهم أقل أهمية.

وهو أمر مدهش أيضا عند مقارنته باهتمام الغرب بحياة الأوكرانيين. فقبل عام واحد فقط، اعتبر الاتحاد الأوروبي الإجراءات الروسية بقطع المياه والكهرباء بمثابة جرائم حرب و»أعمال إرهابية محضة». ولكن عندما أعلنت إسرائيل عن سياسة مماثلة لتجويع الشعب وفرض العقاب الجماعي، توجه زعماء الولايات المتحدة وأوروبا إلى إسرائيل إظهارا للدعم. فهل أصحاب البشرة السمراء تافهون إلى هذا الحد؟

رفضت المظاهرات ازدواج المعايير بهذا الشكل وما ينطوي عليه من منطق عنصري وغير إنساني. في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر، طوى النسيان فورا أن إسرائيل، بموجب إجماع القانون الدولي، تظل القوة المحتلة في غزة. وهذا المحو للاحتلال أمر مثير للدهشة لأن الاحتلال الإسرائيلي هو أطول احتلال عسكري في التاريخ الحديث، وقد طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة أخيرا من محكمة العدل الدولية أن تحكم في وضعه القانوني.

لقد كانت هذه اللامبالاة بحياة الفلسطينيين واضحة منذ أمد بعيد: فالحصار القاسي المفروض على غزة قائم ـ في نهاية المطاف ـ منذ ستة عشر عاما. وفي عام 2012، تساءل تقرير للأمم المتحدة عما إذا كانت غزة ستكون صالحة للحياة في عام 2020. وهذا الحصار، كما أكدت تقارير منظمة العفو الدولية و»هيومن رايتس ووتش»، يمثل جزءا لا يتجزأ من نظام هيمنة وفصل عنصري.

لقد زعمت وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان، أن شعار «من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة» يمكن فهمه بوصفه «تعبيرا عن رغبة عنيفة في رؤية إسرائيل وقد محيت من العالم». لكن في رأيي أن هذا الهتاف و»فلسطين حرة» لا يدعوان إلى محو إسرائيل، وإنما هما تعبير عن رفض نظام الهيمنة والفصل العنصري.

ولن نجد كثيرين اليوم يمكن أن يعربوا عن دعم لنظام الفصل العنصري البائد في جنوب أفريقيا. ولذلك، في هذا السياق، يكون إعلان هيئة الإذاعة البريطانية تراجعها العلني عن الزعم بأن المتظاهرين كانوا من أنصار حماس موضع ترحاب.

وبعيدا عن النفاق والصمت، فإن ما جعلني أكثر إصرارا على المشاركة في مظاهرة يوم السبت هو المحاولات الكريهة التي بذلتها الحكومة البريطانية للحد من حرية التعبير والحق في الاحتجاج. فالتشريعات التي تحظر محاولات المجتمع المدني للضغط على إسرائيل من خلال مبادرات المقاطعة، والتشريعات التي تقوض الحق في الاحتجاج ورسالة سويلا برافرمان إلى الشرطة قبل مظاهرات نهاية الأسبوع، هي جميعا محاولات لمنع الأشخاص العاديين من أصحاب الضمائر الحية من التضامن مع المقهورين، والمحتلين والمستعمرين.

لقد كان من المشجع أن نرى هذا العدد الكبير من المتظاهرين من جميع الأعمار والخلفيات إذ يظهرون تضامنهم مع الفلسطينيين في غزة، دون أن يردعهم انحياز وسائل الإعلام ومحاولات التجريم.

كما كان من المبهج أيضا رؤية التلويح بالأعلام الفلسطينية خلال المظاهرة، لأنه لا يمكن ولا يجب تجريم التعبير عن التاريخ والهوية الفلسطينية، برغم رسالة برافرمان.

وبينما يحذر خبراء الأمم المتحدة من التطهير العرقي، ويحذر الباحثون من الإبادة الجماعية، تظل هناك حاجة إلى المزيد من المظاهرات لإنقاذ أرواح المدنيين. فمن واجبنا السياسي والأخلاقي أن نوقف الأعمال الوحشية الإسرائيلية وأن نتحرك إلى أن يتمكن الفلسطينيون من العيش بحرية وكرامة في وطنهم.

نمر سلطاني متخصص في القانون العام بجامعة سواس في لندن. وهو مواطن فلسطيني في إسرائيل.

عن الجارديان البريطانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

وثيقة لرئيس الشاباك تكشف عن رقم هائل للمعتقلين الفلسطينيين.. عواقب استراتيجية

نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، تفاصيل وثيقة وصفتها بالتحذيرية، أرسلها رئيس الشاباك الإسرائيلي رونين بار، إلى رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن جفير، تتعلق بالأسرى وتكشف عن عدد هائل داخل السجون.

وقالت الصحيفة، في تقرير ترجمته "عربي21" إن الوثيقة كشفت عن وجود 21 ألف معتقل في سجون الاحتلال، رغم أن المعيار الاستيعابي لها يسمح فقط بـ14500 معتقل، مشيرا إلى أن ما يجري يشكل أزمة استراتيجية حقيقية، تؤدي إلى إلغاء اعتقالات لأشخاص قد يشكلون تهديدا خطيرا ومباشرا، فضلا عن خلق قنابل موقوتة داخل السجون، وتعريض كبار المسؤولين الإسرائيليين، للخطر في الخارج والمحاكم الدولية.

ولفتت إلى أن بار هاجم بشدة سلوك وزارة الأمن القومي التي يترأسها بن غفير والمسؤولية عن سجون الاحتلال، وقال إن بعض السلوكيات فيها تصل إلى حد الانتهاكات، داعيا إلى إلغاء مختلف التدابير التي تضر بأوضاع المعتقلين.

وانتقد رئيس الشاباك، قرار بن غفير إلغاء زيارات الصليب الأحمر للمعتقلين في سجون الاحتلال.

وقال في وثيقته التحذيرية: "هذه أزمة ذات عواقب استراتيجية سلبية على إسرائيل، أولا وقبل كل شيء على صعيد الشرعية الدولية لاستمرار الحرب كان الخوف من وقف التجارة الأمنية مع الدول الغربية، أهم أصدقاء إسرائيل على الساحة الدولية، أمريكا وإسرائيل، واشترطوا استمرار التجارة الأمنية معها على تقديم أدلة على أنها لا تنتهك المعايير الدولية".



وتابع: "لقد أثاروا بشكل ملموس سلسلة من الادعاءات حول ظروف الاحتجاز، وحول معاملة المعتقلين، عندما يبدو أن ظروف الحبس كانت عنصرا مهما في مجموعة الاعتبارات الخاصة بها في هذا السياق، مثل الضرب، الشتائم، الإهانة، التهديد وعدم وجود آليات رقابة كافية على السلوك الإسرائيلي في ظل منع زيارات الصليب الأحمر".

وشدد بار على أن "مسألة ظروف السجن منظمة بشكل جيد في القانون الدولي، عندما كان في الخلفية طلب المدعي العام في لاهاي إصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت"، وحذر من أن القضية تعرض الأفراد في إسرائيل للملاحقة القضائية في المحكمة الجنائية الدولية. العالم، حيث تواجه إسرائيل صعوبة في دحض الادعاءات الموجهة ضدها، وبعضها على الأقل له ما يبرره، لذلك يمكن اعتبار سلوكها جريمة دولية معاملة غير إنسانية وانتهاكا للمعاهدات الدولية، مثل اتفاقية مناهضة التعذيب.

وحذر من أن أزمة الاعتقالات تضر بشكل كبير بوتيرة ونوعية "نشاط مكافحة الإرهاب، وأن النظام الأمني اضطر في الأشهر الأخيرة إلى إلغاء اعتقال المشتبه بهم أو أولئك الذين تم تعريفهم على أنهم أولئك الذين يشكلون خطرا واضحا، وخطر مباشر على الأمن وملف الاعتقال الإداري".

ووفقا له، "تم إلغاء العشرات من الاعتقالات فقط في أبريل ومايو. وفي غياب حل منهجي، تتخذ الدولة حلولا مؤقتة لتحرير السجون، بما يؤدي إلى الإفراج المبكر عن السجناء، بمن فيهم أولئك الذين يبرر مستوى خطورتهم استمرار السجن".

كما أشار إلى أن الاكتظاظ يسهم في المساس بالقدرة على إجراء "تحقيق فعال مع الإرهابيين المسجونين بالفعل، ويضر بالقيمة الكبيرة التي توفرها هذه الأداة، مثل حماية القوات في الميدان وإحباط كبار المسؤولين والمعلومات عن السجناء والمفقودين، إلى ذلك يجب أن يضاف إلى ذلك احتمال أن الاكتظاظ في زنازين الاعتقال يخلق خطرا على أمن قواتنا وسلام المستجوبين".


مقالات مشابهة

  • «مستقبل وطن» يشيد بتخصيص 60% من أرباح مهرجان العلمين لدعم غزة
  • وثيقة لرئيس الشاباك تكشف عن رقم هائل للمعتقلين الفلسطينيين.. عواقب استراتيجية
  • طلاب الجامعة البريطانية يلتقون بالسفير المصري خلال تواجدهم في المملكة المتحدة
  • طلاب الجامعة البريطانية يلتقون بالسفير المصري بلندن خلال زيارتهم المملكة المتحدة
  • طلاب الجامعة البريطانية يلتقون بالسفير المصري في لندن
  • "الموت البطيء" يتربص بالأسرى الفلسطينيين تحت وطأة التعذيب الوحشي المُمنهج
  • مجلة أميركية: الأقنعة رمز للتضامن مع فلسطين فلا تدعوا الديمقراطيين ينزعونها
  • البعثة الأممية لحقوق الإنسان: انتهاكات إسرائيل بحق أسرى فلسطين "خرق واضح" للقوانين الدولية
  • رايتس ووتش تطالب بتعويض ضحايا الانتهاكات الفلسطينيين والإسرائيليين
  • إمبراطورية المستوطنات.. هل تنجح خطة إسرائيل لاستيطان غزة مجددا؟