قال المستشار فرج حافظ الدري عضو مجلس الشيوخ " لقد كنت عازماً أن نستفتح جلساتنا بحمد لله أن عدنا إلي مجلسنا غير منقوصين .


و قال “الدري” خلال الجلسة " لقد  كنت عازماً أن أهنئ مصر باليوبيل الذهبي ليوم يتيه علي الزمان ، السادس من أكتوبر ، بفضل خير أجناد الأرض . قواتنا المسلحة الباسلة إلا أن العالم قد فوجئ بهذا العدوان الآثم علي شعب فلسطين الاعزل في غزة.


وأوضح عضو مجلس النواب أنه علي مرأي ومسمع من الدول والمنظمات التي تنادي بالدفاع عن حقوق الإنسان ، والتي تتسابق دعماً للكيان الصهيوني المعتدي ، براً وبحراً وجواً ، والتي تتباري بالدعوة إلي إيقاف المعونات عن فلسطين . 


وتساءل أين الدول التي تنادي بالسلام ؟ اين مجلس الأمن؟  أين البرلمان الأوربي ؟ الذي أصم آذاننا ، بتقاريره السنوية زاعماً انتهاك مصر لحقوق الإنسان ، كذباً وبهتانا، والذي لا يختلف كل عام عن سابقه إلا في تاريخ إصداره .

وتابع حديثه قائلا:" لقد فقد العالم إنسايته وهنا يتجلي موقف الرجال رئيس مصر وربانها الرئيس عبد الفتاح السيسي وإعلانه الاتي: 


1- أن حدود مصر أمن قومي ، وأن جيش مصر كفيل بالحماية.
2- أن اسرائيل قد تجاوزت مبدأ حق الدفاع عن النفس إلي العقاب الجماعي ، من حصار وتجويع أو تهجير .
3- عدم السماح بعبور معبر رفح ، لمن أرادوا العودة إلي بلادهم ، إلا بعد تمكين قوافل الأغاثة من الوصول إلي أشقائناً في غزة .
4- اتصالاتكم ليل نهار – يا فخامة الرئيس بزعماء الدول ، و رؤساء المنظمات  لايقاف هذا العدوان الآثم .
5- دعواتكم لعقد قمة القاهرة للسلام لفتح أفاق لتسوية النزاع .
6- هذا النهج غير المسبوق ، أن يسمع العالم كله ما دار بينكم وبين وزير خارجية أمريكا  و المستشار الألماني

ويزيد عن ذلك مالا أستطيع حصره ، سلمت يا فخامة الرئيس يساندك شعب مصر وجند مصر – خير أجناد الأرض.


و قال هذا ولا يفوتني أن أنوه إلي بيان الأزهر الشريف مخاطباً أشقاءنا في فلسطين أن الأرض أمومة ،وعرض ، وشرف ، وخير لهم أن يموتوا في أرضهم فرساناً ، وابطالاً ، وشهداءً . خير من أن يتركوها مستباحة للمستعمرين الغاصبين ، وأعلموا أن ترك اراضيكم ، موتا لقضيتكم، قائلا:"سلمت يمينك يا مولانا الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر الشريف".

و اضاف أن أشقاءنا المرابطين في غزة وفي فلسطين  أصبروا وصابروا ، ورابطوا ، وجاهدوا . يمددكم الله بمدد من عنده . وما النصر إلا من عند الله .

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

هذا ما فعلته حركات المقاومة في العالم

يعد البحث في خطاب المقاومة بحثًا في أنثروبولوجيا الطغيان والاستبداد اللذين وجدا تجلياتهما التاريخية الصريحة في مقاومة الاستعمار والاحتلال وفي الرأسمالية الاحتكارية، فمن العالم العربي والإسلامي إلى حرب فيتنام، إلى أميركا اللاتينية إلى أيرلندا، مرورًا بجنوب أفريقيا، والهند، والصين شكلت المقاومة جوهر السعي نحو الحرية.

إذ تشكل الأنساق الثقافية باختلاف أنماطها خلفية مرجعية لفكر المقاومة، حيث لم يكن الدين سوى أحد مكونات هذه الأنساق الثقافية، مما يجعل المقاومة الفلسطينية، مثلما هو الحال المقاومة اللبنانية، مقاومة ضد الاحتلال والاستعمار والإمبريالية، وليست عنفًا مسلحًا أو إرهابًا إسلاميًًا، كما يحلو للسردية الإسرائيلية والغربية توصيفها بربط المقاومة بالحرب الإسلامية ضد حق اليهود في الحياة.

إن التأصيل الأنثروبولوجي للمقاومة في المرحلة الحديثة والمعاصرة لا ينفصل عن البحث في التاريخ، ذلك أن كل أشكال المقاومة سواء في فلسطين أو لبنان، أو قبل ذلك في جنوب أفريقيا، أو أيرلندا، أو فيتنام، أو العراق، وسوريا وكل مناطق التوتر في العالم تنحدر من القرن التاسع عشر، حيث نجد في الإمبريالية الغربية الخلفية المرجعية الشارحة لما يحدث في العالم اليوم، فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بانتصار الحلفاء على ألمانيا، سوف تنشط حركات التحرر في العالم، في ظل بروز قطبين عسكريين، أميركا والاتحاد السوفياتي، على قاعدة صراع القطبين ثقافيًا وسياسيًا وعسكريًا.

إعلان

وبما أن الدخول في حرب عالمية ثالثة كان أمرًا مستبعدًا جدًا، فقد دخل العالم في حرب باردة، سارع من خلالها كل قطب إلى دعم ومساندة حلفائه، القطب الشيوعي أو الاشتراكي بدعم من الاتحاد السوفياتي، والقطب الرأسمالي الليبرالي بدعم أميركا، حيث بات الصراع بين القطبين عبارة عن حروب بالوكالة، في فيتنام، وفي أفغانستان، وفي أميركا اللاتينية، وفي الشرق الأوسط… إلخ.

وهي الحروب التي أصبحت عبارة عن خلق لمناطق التوتر في العالم من أجل تقوية الرأسمالية الاحتكارية لصالح الولايات المتحدة الأميركية بعد سقوط جدار برلين سنة 1989 وتفكك الاتحاد السوفياتي بداية من سنة 1991، حيث بدأ النظام العالمي الجديد على وقع الأحادية القطبية.

الاستعمار والاحتلال في شمال أفريقيا والمقاومة المغاربية

إذا كان الاستعمار الفرنسي قد ابتدأ في المنطقة المغاربية منذ 1830 تاريخ احتلال الجزائر، وسنة 1881 تاريخ احتلال تونس، و1912 تاريخ الحماية الفرنسية لوسط المغرب وشرقه وغربه، والإسبانية لشماله وجنوبه، فإن حصول هذه البلدان على استقلالها على غرار باقي المستعمرات، سنة 1956 بالنسبة إلى المغرب وتونس وسنة 1962 بالنسبة إلى الجزائر، لم يتم بشكل سلمي، بقدر ما عرفت المقاومة المغاربية أشواطًا ومراحل انتقلت فيها من أشكالها السلمية والسياسية إلى المقاومة المسلحة مخلفة ملايين الشهداء وأمثالهم من الجرحى والمعطوبين، ما يزال متحف الإنسان بفرنسا شاهدًا على جماجم هؤلاء الشهداء، خاصة من الجزائريين، وهو ما يعكس مدى همجية الاستعمار الفرنسي للمنطقة، ولا أقلها ضرب الريف المغربي بالغازات الكيماوية من قبل إسبانيا.

فبعد سقوط الخلافة العثمانية بتونس والجزائر، وما خلفه من فراغ على مستوى الدولة، وجدت الجزائر وتونس نفسيهما في مواجهة استعمار بشع راهن منذ يومه الأول على استيطان الأرض واستغلال ثرواتها وتقتيل سكانها وفق سياسة الأرض المحروقة، وهو ما عرفه المغرب بالرغم من عدم خضوعه للخلافة العثمانية، والذي كان من قبل يخضع للتحرشات الأوروبية – الفرنسية منذ موقعة أسلي سنة 1844، لوضع حد لمساندة المغرب للمقاومة الجزائرية، كما لو كنا أمام سيناريو الغزو الإسرائيلي للبنان بدعوى وضع حد لمساندة المقاومة الفلسطينية، بيد أن الهدف كان هو استعمار فرنسا للمغرب أيضًا.

إعلان

حيث وجدت الشعوب المغاربية نفسها في مواجهة الاستعمار الفرنسي كآلية من آليات الرأسمالية الاحتكارية الإمبريالية، حيث لم تكتفِ فرنسا باستغلال الثروات الطبيعية للمنطقة، عبر استيطان الأرض وتفويتها ضدًا على الشرعية التاريخية والقانونية لصالح المستوطنات والمعمرين الفرنسيين، وتصدير منتجاتها ومحاصيلها الزراعية والتجارية لفرنسا وعموم أوروبا، بل راهنت على استعباد شعوب المنطقة، حيث صار الإنسان وفق نظام العبودية الفرنسية الجديدة عبارة عن حيوانات وجب ترويضها حتى تلبي رغبة فرنسا في زيادة الإنتاجية الرأسمالية، ويشهد في ذلك تاريخ الاستعمار بالمنطقة على بشاعة الجرائم التي ابتَدأت بالاستعباد واستباحة النساء والتنكيل بالأطفال والشيوخ العزل، وانتهاءً بالتقتيل الجماعي.

على هذا الأساس لم تجد الشعوب المغاربية من حل سوى التوحد في حركات المقاومة المسلحة بعدما فشلت كل مساعي المقاومة السلمية والدبلوماسية والسياسية، وهو ما يشهد عليه بروز هذه المقاومة في سنوات متأخرة من الاستعمار والاحتلال.

فالمغرب لم يؤسس جيش التحرير إلا في سنة 1947، وتونس في سنة 1952، والجزائر لم تؤسس جيش التحرير إلا سنة 1955، بعد أن مرّ على الاستعمار الفرنسي عقود طويلة، حيث غلب على المقاومة الطابع السلمي من احتجاج ومسيرات وعصيان مدني، مقابل حركات مقاومة مسلحة في القرى والأرياف لم تدم طويلًا.

وبعد فشل المسعى السلمي في المقاومة مرّت شعوب المنطقة إلى الخيار العسكري بعد أن أمعن الاستعمار في التنكيل بالمقاومين والرافضين، وهو ما يمكن أن ينطبق على المقاومة في ليبيا مع الاستعمار الإيطالي، حيث تبرز المقاومة المسلحة كحل نهائي بعد فشل المقاومة السلمية.

إن الاستعمار في المنطقة المغاربية لم يكتفِ بالأرض احتلالًا وباستعباد الإنسان سلبًا لحريته وحرمانه من كرامته التي شملت عرضه وشرفه، بل كانت الرأسمالية الاحتكارية والإمبريالية خلفية مرجعية لنهب الثروات وتسخير الشعوب، وبما أن الثقافة ركن أساس من أركان الاستعمار، فقد عمد الاستعمار الفرنسي على شاكلة الاستعمار الإيطالي إلى ممارسة كل أشكال الاستلاب والتفكيك الذي طال الثقافة المغاربية عبر التفريق بين المكون العربي والمكون الأمازيغي، كما كان الشأن في الظهير الفرنسي المسمى بالظهير البربري، والذي حاول من خلاله المستعمر الفرنسي تقسيم المغرب مجاليًا بين المناطق الأمازيغية والمناطق العربية، وهو ما مارسه أيضًا في الجزائر بين شرقها وغربها، وفي تونس بين شمالها وجنوبها الغربي، مثلما راهن عبر دراساته الأنثروبولوجية، وتسخير ضباط الحماية لتفكيك الدين الإسلامي واعتباره مرجع تخلف شعوب المنطقة.

إعلان

وهو ما جعل المقاومة تشتد حدتها بالسعي وراء تفنيد مزاعم المستعمر بتقوية صفوفها ووحدة شعوبها، عسكريًا وثقافيًا ودينيًا إلى أن حصلت على استقلالها السياسي، أما الاقتصادي فبقي معلقًا؛ بسبب إستراتيجية نظام التبعية الاقتصادية الذي أسسته الرأسمالية الاحتكارية والإمبريالية الجديدة لاستدامة الاستعمار وفق صيغ جديدة ومستجدة.

الاستعمار والمقاومة في فيتنام

بما أن القوى الإمبريالية الكلاسيكية فرنسا، إسبانيا، بريطانيا، بلجيكا، هولندا… إلخ، قد خبرت المقاومة الموحدة التي تأسست على قاعدة الوحدة التاريخية التي تشكلت من قبل الشعوب المستعمَرة، فإن القوى الإمبريالية المعاصرة، بزعامة الولايات المتحدة الأميركية، وما يدور في فلكها من قوى استعمارية أوروبية قد ابتكرت ما يمكن أن نسميه تفتيت المقاومة بالميز العنصري والطائفي، عبر تقسيم هذه المستعمرات القديمة إلى دولتين أو أكثر، وتشجيع الحروب والصراعات الأهلية.

فمن حرب فيتنام التي تم تقسيمها إلى شمالية وجنوبية، سارعت الولايات المتحدة الأميركية إلى دعم وتمويل فرنسا في سياق استمرار الحرب الهندو- صينية الأولى، التي تحالفت مع الحكومة في فيتنام الجنوبية، الموالية للغرب ضدًا على دعم الاتحاد السوفياتي لفيتنام الشمالية التي بدورها تحالفت مع الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام، لتولد هذه الحرب الاستعمارية مقاومة شرسة من قبل فيتنام حتى لا تنتشر الشيوعية، وهي حرب رأسمالية احتكارية إمبريالية ضد الاشتراكية.

لقد توحدت مختلف أطياف الشعب الفيتنامي ضد العدو الأميركي الذي خاض حربًا تنتفي فيها كل المواثيق الدولية والأخلاقية والحقوقية الإنسانية، ذهب ضحيتها ما يقارب أربعة ملايين معظمهم من المدنيين العزل، وقبل أن تنتهي هذه الحرب الغاشمة التي امتدت منذ 1959 إلى 1973 بانتصار جيش فيتنام الشمالية وتوحيد البلاد من جديد، كانت المقاومة المسلحة ضد العدو الأميركي إحدى أبرز حركات المقاومة المسلحة ضد الاستعمار في العصور الحديثة، حيث شكل ثلاثي الأرض، الإنسان، الثقافة، شعار هذه المقاومة، ومن هذا الثلاثي انبثقت القيم الإنسانية التي حارب من أجلها المستضعفون في الأرض منذ فجر التاريخ، وهي الحرية، الكرامة، الحياة، وهي قيم ميزت كل حركات المقاومة عبر التاريخ.

إعلان

وبالرغم من أن هذه القيم كانت جوهر الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الذي صاغته الأمم المتحدة سنة 1948، فإن الغرب برهن وما يزال على عدم إيمانه بها، بل وتوظيفها لاستدامة الاستعمار والاحتلال في صيغ مستجدة، بما يضمن انتصار الغرب والرأسمالية وانفراده بحكم العالم.

المقاومة في أيرلندا

ومن أجل تفتيت وإضعاف أيرلندا وبقائها تابعة للتاج البريطاني، عملت بريطانيا على دعم أيرلندا الجنوبية وفرض أداء قسم الولاء من قبل كل أعضاء البرلمان الأيرلندي، بوصفه مجرد إقليم يحظى بالحكم الذاتي مقابل تبعيته للتاج البريطاني، حيث أبقت بريطانيا القواعد العسكرية في الجنوب، وهو ما جعل الجيش الجمهوري يعتبر ذلك اعتداء على الأرض وانتزاعًا لقيم الكرامة والحرية والحياة التي من أجلها يحيا الإنسان ويموت، حيث كان شعار الجيش الجمهوري هو الدولة الحرة.

وبالرغم من أن الحرب لم تدم طويلًا 1921- 1923 فإنها أظهرت أن إستراتيجية التقسيم والتفرقة كانت سياسة استعمارية متبعة منذ بداية القرن العشرين. وإذا كانت هذه الحرب قد سميت بحرب الاستقلال التي خاضها الجيش الجمهوري الأيرلندي ضد القوات البريطانية، فإن المقاومة الأيرلندية الشعبية قد ابتدأت منذ 1916 بانتفاضات تطالب بالحرية والاستقلال، بعد أن كانت خاضعة للحكم الذاتي كصيغة من صيغ الاحتلال البريطاني.

مقاومة الميز العنصري في جنوب أفريقيا

مثلما لا يمكن فهم حركات الاستقلال الهندية إلا باستحضار الاستعمار البريطاني، واللعب على وتر الطوائف والأقليات وفق إستراتيجية فرق تسد، لا يمكن فهم حركات مقاومة الميز العنصري بجنوب أفريقيا دون استحضار الاستعمار البريطاني بعد فترة وجيزة من الاستعمار الهولندي، ذلك أن ثقافة الرجل الأوروبي الأبيض المتحضر والمتقدم مقابل باقي الأجناس المتخلفة، وخاصة من ذوي البشرة السوداء تجد تجلياتها المرجعية في الاستعمار البريطاني، وهو ما اتضح مع التيارات الأنثروبولوجية التطورية التي تصورت التقدم والشعوب بشكل خطي يتقدمه الإنسان الغربي الأبيض الذي استمر في التنكيل بالعنصر الأسود منذ 1948 السنة التي فاز بها الحزب الوطني بالانتخابات، وإن كان الميز في الحقيقة يعود إلى سنة 1910 تاريخ استقلال جنوب أفريقيا، ولم ينتهِ هذا الميز العنصري المقيت إلا سنة 1990، وهو ما مهد الطريق لانتخابات حرة ونزيهة شاركت فيها كل الأطياف السياسية والتي منحت الفوز للمؤتمر الوطني الأفريقي سنة 1994، حيث أصبح نيلسون مانديلا أول رئيس لجنوب أفريقيا من بشرة سوداء بعد أن قضى أزيد من 27 سنة بالاعتقال، لم تفتر خلالها المقاومة.

إعلان

تعددت أشكال مقاومة الميز العنصري بتعدد التيارات السياسية، والتي كان معظمها يحظى بدعم قوى اليسار في العالم، خاصة الاتحاد السوفياتي منذ نهاية الخمسينيات، خاصة أن الحزب الوطني الحاكم منذ 1948 كان مواليًا للغرب، حيث تبنى الحزب الوطني الأفريقي ومؤتمر الأفارقة والحزب الشيوعي على حد سواء عدة أشكال للمقاومة تراوحت بين الإضرابات الشعبية والعصيان المدني والمظاهرات الطلابية والمقاومة المسلحة، خاصة أن الأبارتيد قد ارتكز في سياسته التدبيرية للأرض والإنسان والثقافة على مشاريع استيطانية كولونيالية مشابهة لحد ما للاستيطان الإسرائيلي لفلسطين.

حيث تشكلت مستوطنات قومية للبيض منفصلة عن الدولة على حساب أراضي الفلاحين والمزارعين السود، وهو ما ساهم في سيطرة البيض على مقدرات البلاد في التجارة والصناعة والزراعة، وبقي العنصر الأسود يعاني الاستيطان الاحتلالي إلى حدود 1994، نتيجة كل أشكال المقاومة التي خاضها السود بدعم من بعض الحساسيات والتيارات الديمقراطية والإنسانية والحقوقية من البيض أيضًا في جنوب أفريقيا وفي العالم بشكل عام.

مقاومة الرأسمالية الاحتكارية الإمبريالية في أميركا اللاتينية

بتعميق البحث في نظام الأبارتيد يتضح جليًا أن العنصر المفتقد في التحليلات السياسية المتعارف عليها، وفق السردية الغربية، هو عنصر الرأسمالية الاحتكارية ذات النزعة الإمبريالية، والتي تعود بجذورها إلى بداية القرن التاسع عشر، حيث ميلاد الحركات الاستعمارية التوسعية.

ولعلنا نجد في تجربة أميركا اللاتينية مع فيدل كاسترو وتشي جيفارا بعضًا من عناصر الفهم. فبعد زوال الاستعمار في بلدان أميركا اللاتينية من الاستعمار الإسباني والفرنسي والبريطاني والبرتغالي، مالت بعض الأنظمة المستقلة والأحزاب حديثًا من قبيل الأرجنتين، وكولومبيا، والمكسيك، وكوبا، وبوليفيا، وتشيلي، وبيرو، وفنزويلا… إلخ، إلى القطب السوفياتي، وأصبحت مسرحًا للحرب الباردة خلال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، مما جعل الولايات المتحدة الأميركية تتدخل بشكل مباشر أحيانًا من خلال الإطاحة بأنظمة وحكومات خصومها، ودعم النزاعات المسلحة، وبشكل غير مباشر عبر دعم ومناصرة حلفائها من الأنظمة والحكومات بالمال والدعاية والسلاح.

إعلان

ضمن هذا السياق الاستعماري الجديد، نشطت حركات المقاومة المسلحة في أميركا اللاتينية، وخاصة في كوبا، وبوليفيا، وغواتيمالا، وبيرو، والإكوادور، وهي بلدان كانت مقسمة بين أنظمة موالية للغرب بزعامة الولايات المتحدة الأميركية، ومعارضات ثورية يسارية في مجملها تشكو ظلم واستغلال الغرب، وتحظى بدعم الاتحاد السوفياتي.

وبما أن الكفة بين الأنظمة والحكومات عسكريًا والمقاومة مختلة، فإن العقل الثوري بأميركا اللاتينية سرعان ما استعار مفهوم حرب العصابات من المقاوم المغربي "محمد بن عبدالكريم الخطابي" ضد الاستعمار الإسباني في شمال المغرب بدايات القرن العشرين، حيث برز اسم "تشي جيفارا" و"فيدل كاسترو" كرمزين لهذه المقاومة المسلحة، إذ كانت المقاومة في الأصل صرخة المظلومين ضد جشع واستغلال القوى الإمبريالية بزعامة الولايات المتحدة الأميركية، خاصة في صفوف المزارعين، حيث تمثل الأرض رمزًا تلخيصيًا للوجود، وحيث العزة والكرامة لا مكان لهما في ظل هيمنة القوى الإمبريالية في العالم.

ولذلك اعتبر "جيفارا" أن الحل يكمن في مقاومة هذه القوى من خلال ثورة عالمية يتحد فيها كل ضحايا هذه القوى، وهو ما يمكن فهمه من خلال انتقال "جيفارا" بدعم من "فيدل كاسترو" إلى عدد من بلدان أميركا اللاتينية والأفريقية والآسيوية، حيث نسخ علاقات قوية مع رموز المقاومة بهذه البلدان التي شملت الجزائر، مالي، برازافيل، الكونغو، تنزانيا، مصر، وفلسطين نفسها التي زارها سنة 1959 داعمًا نضالات الشعب الفلسطيني.

وقد اعتبرها من ضحايا الإمبريالية والصهيونية العالمية. بما يجعل جوهر كل أشكال المقاومة لا يتحدد بالدين والعرق، بل بمقاومة الظلم، سواء تمثل في الاحتلال أو الاستعمار أو الميز العنصري، وهو ما يعبر عنه "جيفارا" بقوله:" إن مقاومة الظلم لا يحددها الانتماء لدين أو عرق أو مذهب، بل يحددها طبيعة النفس البشرية التي تأبى الاستعباد وتسعى للحرية"، وإذا كان أصل الشرور كلها هو الاستعمار، فإننا نجد في القولة المأثورة لزعيم المقاومة المسلحة في المغرب بالقرن العشرين "محمد بن عبدالكريم الخطابي":" انتصار الاستعمار ولو في أقصى الأرض هزيمة لنا وانتصار الحرية في أي مكان هو انتصار لنا"، خير دليل على شرعية المقاومة في سعيها نحو الحرية.

إعلان

إن انتصار الحرية كمعادل موضوعي ورمز وسيليّ للكرامة والاستقلال لا يكتمل إلا بتحرير الأرض من المستعمر والمحتل. ولذلك، فتجربة المقاومة في كل أرجاء العالم تفيد بأن المقاومة المسلحة حق طبيعي للدفاع عن حق الإنسان أيًا كان في أرضه ودفاعًا عن نفسه وذويه، وهي مقاومة تنبثق منها قيم الشجاعة والمروءة والتضحية.

وبالعودة إلى كل البلدان المستعمرة السابقة منذ القرن التاسع عشر إلى اليوم، يتضح أن الإنسان لا ينفصل عن الأرض، مثلما لا ينفصل عن الثقافة. لذلك، فالاختلاف بين أشكال المقاومة بين المسلحة والسلمية، بين العصيان المدني والمظاهرات، هو اختلاف طبيعي بالنظر إلى اختلاف الثقافات والتقاليد والعادات والسياقات، وإن توحدت كل الأشكال في الحق الشرعي في الدفاع المسلح عن الأرض والنفس والكرامة والعرض، والمعتقد، وهو ما يجعل الدفاع عن الأرض والإنسان والثقافة هو جوهر فعل المقاومة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • نائب بالشيوخ: الشائعات من أخطر التحديات التي تواجه استقرار الدول
  • هذا ما فعلته حركات المقاومة في العالم
  • نيبينزيا: ألمانيا واليابان لن تحصلا على العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي
  • بث مباشر.. كلمة مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن حول التطورات بالشرق الأوسط
  • مندوب فلسطين بمجلس الأمن: قوات الاحتلال نكلت بالأطباء في السجون ومات بعضهم
  • مجلس الأمن يجتمع برئاسة الجزائر حول الوضع في فلسطين
  • وحدة عسكرية تمنع المحققين في كوريا الجنوبية من توقيف الرئيس
  • الجزائر تتولى رئاسة مجلس الأمن لمدة شهر.. أجندة فارغة و بهرجة إعلامية
  • طلبات مناقشة عامة بالشيوخ عن تطوير واستغلال ثروة مصر التعدينية
  • الجزائر تبدأ رئاستها لمجلس الأمن الدولي في يناير.. ما مهامه؟