تنامي الضغوط على السلطة الفلسطينية بعد هجوم حماس
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على دعم واشنطن لجهود السلطة الفلسطينية
إنها أخبار سيئة خصوصا للسلطة الفلسطينية: فقد سقط المزيد من القتلى في الضفة الغربية. ونقلت وكالة رويترز عن مسئولين فلسطينيين مقتل صبيين فلسطينيين قرب رام الله بالضفة الغربية على أيدي القوات الإسرائيلية اليوم الأربعاء (18 أكتوبر/ تشرين الأول) بعد احتجاجات على القصف الإسرائيلي لقطاع غزة.
وبذلك يرتفع العدد الإجمالي للفلسطينيين الذين لقوا حتفهم في مثل هذه اشتباكات مع الجيش الإسرائيلي والمستوطنيين إلى 64 على الأقل في الضفة الغربية، منذ يوم السبت قبل الماضي، وهو اليوم الذي شنت فيه حركة حماس، المصنفة كمنظمة إرهابية في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى، هجومها على إسرائيل.
وتقول وكالة فرانس برس إن إسرائيل تشن حملات اعتقال واسعة في الضفة الغربية، طالت قرابة 500 فلسطيني حتى الآن. وكان الجيش الإسرائيلي قد صرح أنه حتى يوم السبت الماضي اعتقل 280 فلسطينيا في مداهمات بالضفة الغربية، مضيفا أن من بين هؤلاء 157 من أنصار حماس.
آمال إنشاء دولة فلسطينية
ويقول مراقبون إن الاشتباكات والمداهمات ليست سوى مؤشر على فقدان السلطة الفلسطينية سيطرتها على المناطق التي تسيطر عليها في الضفة الغربية.
وتأسست السلطة عام 1994 على وقع اتفاقية أوسلو الأولى عام 1993 بين الحكومة الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية، فيما جرى إنشاؤها في بادئ الأمر لتكون هيئة حكم مؤقتة منوطا بها وضع أسس دولة فلسطينية مستقلة.
السلطة الفلسطينية على المحك؟
بدوره، اعتبر ستيفن هوفنر، رئيس مكتب مؤسسة "كونراد أديناور" الألمانية في رام الله، أن ما وقع خلال الأسبوع الماضي يظهر "عدم جدوى" السلطة الفلسطينية، مضيفا: "تقريبا لم تعلق السلطة الفلسطينية علانية على الوضع إلا نادرا، وعندما تحدث الرئيس (محمود) عباس على سبيل المثال، كان ذلك بنبرة متحفظة ودون أي ذكر لحماس أو إدانتها".
وهي بذلك تواصل مسارها السابق، أي إدارة مناطق الحكم الذاتي فقط، لكنها لم تعد تقدم أي أفكار حول مستقبلها. وتابع هوفنر: "السلطة الفلسطينية مهتمة في المقام الأول بالحفاظ على سلطتها. وهي ليست في وضع يسمح لها بممارسة السيطرة في الضفة الغربية. وهذا بالضبط ما نشهده حاليًا في الاشتباكات".
وقال هوفنر إن موقف السلطة الفلسطينية ساعد في إبقاء مسار الوضع الراهن، مضيفا "في بادئ ذي بدء، ينصب تركيز السلطة الفلسطينية على تأمين سلطتها فهي بالكاد قادرة على بسط سيطرتها على الضفة الغربية المحتلة. وهذا ما نلاحظه حاليا في وتيرة الاشتباكات الحالية".
مقبرة في جنين بعد المواجهات مع الجيش الإسرائيلي في جنين، يوليو/ تموز 2023
عباس ينأى بنفسه عن حماس
بعد أكثر من أسبوع من هجوم حماس المباغت على إسرائيل، صدرت تصريحات عن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كانت بمثابة محاولة ضمنية للنأي عن حماس حيث نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" عن الرئيس الفلسطيني إبلاغه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في اتصال هاتفي بأن سياسات وأفعال حماس "لا تمثل الشعب الفلسطيني"، لكن وكالة رويترز ذكرت لاحقا أن "وفا" حذفت الإشارة إلى الحركة من التصريحات في وقت لاحق دون ذكر تفسير.
وقالت رويترز إن تقرير "وفا" الأساسي حول الاتصال الهاتفي يشمل فقرة ورد فيها "شدد الرئيس أيضا على أن سياسات وأفعال حماس لا تمثل الشعب الفلسطيني"، مضيفا أن منظمة التحرير الفلسطينية هي "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".
لكن بعد ساعات من نشر التقرير قامت الوكالة بتعديل التصريحات لتصبح "أكد الرئيس أن سياسات وبرامج وقرارات منظمة التحرير الفلسطينية هي التي تمثل الشعب الفلسطيني بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وليس سياسات أي تنظيم آخر"، وفقا لما أفادت به رويترز.
ويرى مراقبون أن آمال الكثيرين في إقامة دولة فلسطينية مستقلة قد تبددت منذ وقت طويل حيث يعتقد الكثيرون من الفلسطينيين أن السلطة قد فشلت.
وأفادت تقارير بأن العديد من المشاركين في مسيرات نُظمت في بلدات الضفة الغربية أعربوا عن دعمهم لهجوم حماس الإرهابي في مؤشر يحمل في طياته تعاطفا متزايدا تجاه حماس على حساب حركة فتح، التي تشكل القوام السياسي الرئيسي والأكثر أهمية داخل السلطة الفلسطينية.
ونقلت مجلة الإيكونوميست البريطانية عن مسؤول في السلطة الفلسطينية قوله "كنا نفضل ألا تقوم حماس بذلك [مهاجمة إسرائيل]، لكن عندما ترد إسرائيل، لا يُنظر إلى ذلك على أنه هجوم على حماس، بل كجزء من حرب مستمرة ضد الأمة الفلسطينية لأكثر من 75 عاما".
اتفق عباس مع هنية على "تشكيل لجنة" لإنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية خلال اجتماعها في مدينة العلمين في شمال مصر في يوليو / تموز الماضي
وضع حقوقي متردٍ
يتزامن هذا مع انتقادات للسجل الحقوقي للسلطة الفلسطينية حيث تتعرض منذ سنوات لانتقادات واسعة النطاق، فقد أفادت منظمة العفو الدولية عام 2021 بحدوث 129 عملية اعتقال تعسفي في الضفة الغربية و80 في قطاع غزة فيما قالت المنظمة إن هذه الاعتقالات تدل على أوضاع حرية التعبير وحرية التجمع في مناطق سيطرة السلطة.
وفي يونيو/ حزيران 2022، أدانت منظمة هيومن رايتس ووتش الاعتقالات فضلا عن سوء معاملة السلطة الفلسطينية للنشطاء والأصوات المعارضة لها.
وفي ذلك، قال هوفنر إن السلطة الفلسطينية أضحت منذ سنوات في حالة انفصال عن المواطنين الفلسطينيين، مضيفا "بات من الواضح أن (السلطة) ليست سوى مشروع نخبوي لا يستفيد منه سوى عدد قليل من سكان الأراضي الفلسطينية، حيث لم تعد مؤسسة ديمقراطية بعد أن فقدت شرعيتها منذ فترة طويلة".
وتابع: "سكان الأراضي الفلسطينية فقدوا الثقة في أن السلطة الفلسطينية أو فتح أو الرئيس (محمود) عباس سيكونون قادرين على تطوير أي رؤية لمستقبلهم".
تراجع شعبية الرئيس محمود عباس
مختارات 30 عاما على اتفاقية أوسلو.. حلم لم يكتمل وسلام لم يتحققالجديد بالذكر أنه في مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، حصلت السلطة الفلسطينية على أسلحة وعربات مدرعة أمريكية الصنع عبر الأردن، فيما ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن كثيرين اعتبروا هذا الأمر محاولة من السلطة الفلسطينية لاستعادة السيطرة على الضفة الغربية المحتلة بعد تعرضها لانتكاسات في عدة أماكن خاصة مدينة جنين.
وشهدت جنين في يوليو/ تموز الماضي اشتباكات عنيفة بعد توغل القوات الإسرائيلية في مخيم جنين للاجئين بعد أن أطلق مسلحون من حركة حماس النار على أربعة مستوطنين، فيما وقعت اشتباكات أخرى في بلدات أخرى.
ويقول خبراء إن حماس تستغل سخط الفلسطينيين تجاه السلطة ورئيسها عباس لتعزيز وجودها السياسي والعسكري في الضفة الغربية.
وفي هذا السياق، أشار هوفنر إلى أن السلطة الفلسطينية "تعاني من خسارة فادحة في سيطرتها وحكمها"، مستشهدا في ذلك باستطلاع للرأي العام أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور في سبتمبر/ أيلول الماضي.
وكشف الاستطلاع عن مطالبة 78% من الفلسطينيين، الذين شملهم الاستطلاع، بتنحي عباس عن السلطة في مقابل 19% رغبوا في بقائه على رأس السلطة الفلسطينية فيما قال 42% من المشاركين إنهم يعتزمون الإدلاء بأصواتهم في حال إجراء الانتخابات.
وفي حالة إجراء انتخابات رئاسية، قال 58% من المشاركين في الاستطلاع إنهم سيصوتون لإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في مقابل 37% لعباس.
أما في حالة إجراء انتخابات تشريعية، فقد قال 36% من المشاركين في الاستطلاع إنهم سوف يصوتون لصالح فتح في مقابل 34% لصالح حماس.
يقول مراقبون إن هجوم حماس على إسرائيل سوف يلقي بظلاله على السلطة الفلسطينية
غموض مستقبل العلاقة مع إسرائيل
وكان عباس قد تحدث هاتفيا مع الرئيس الأمريكي جو بايدن السبت (14 أكتوبر / تشرين الأول) فيما قال بيان للبيت الأبيض إن "عباس أطلع بايدن على مشاركاته في المنطقة وجهوده لتقديم المساعدة الإنسانية التي يحتاجها الشعب الفلسطيني بشكل عاجل، وخاصة في غزة".
وأضاف البيان أن بايدن أعرب خلال الاتصال عن "دعمه الكامل لهذه الجهود المهمة والمستمرة"، فيما أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على هذا التعهد خلال اجتماعاته مع عباس في عمان الأسبوع الماضي.
بدوره، قال هوفنر إنه من غير الواضح كيف ستتطور العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في المستقبل، مضيفا "يتمثل هدف إسرائيل من الحرب الحالية في تدمير حماس. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، فإن الأمر لن ينحصر على شن هجوم بري على غزة".
وأضاف سوف يتعين على إسرائيل "استخدام استراتيجيات جديدة في الضفة الغربية للقضاء على المتعاطفين مع حماس وأنصارها. لذا سوف يتعين الانتظار للوقوف على ما سوف يعنيه ذلك للسلطة الفلسطينية".
كرستين كنيب / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: الرئيس الفلسطيني محمود عباس اسرائيل غزة حماس الضفة الغربية المحتلة جنين السلطة الفلسطينية حركة فتح الرئيس الفلسطيني محمود عباس اسرائيل غزة حماس الضفة الغربية المحتلة جنين السلطة الفلسطينية حركة فتح السلطة الفلسطینیة فی الضفة الغربیة الشعب الفلسطینی من المشارکین على إسرائیل هجوم حماس
إقرأ أيضاً:
إيران: برنامجنا النووي سليم ونرفض الضغوط الغربية
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن برنامج بلاده للطاقة النووية سلمي بالكامل، نافياً أي نية لتوجيهه نحو الاستخدامات العسكرية، مشدداً في الوقت ذاته على رفض بلاده التفاوض تحت التهديد أو الإملاءات الخارجية.
وفي منشور له على منصة "إكس"، قال عراقجي: "لن نتفاوض تحت الضغط والترهيب، ولن نفكر في ذلك حتى، مهما كان الموضوع. فالتفاوض يختلف عن الترهيب وإصدار الإملاءات".
وأوضح أن إيران تجري حالياً مشاورات منفصلة مع الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، ألمانيا، وبريطانيا)، إلى جانب مباحثات مع روسيا والصين، بهدف تعزيز الثقة والشفافية حول برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها.
كما أشار الوزير الإيراني إلى أن الولايات المتحدة كانت تحظى باحترام طهران في السابق، لكن كلما انتهجت واشنطن لغة التهديد، كلما دفعت إيران للرد بالمثل.
من جهتها، أوضحت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أن طهران قد تدرس الدخول في مفاوضات مع واشنطن، شريطة أن يكون الهدف منها معالجة المخاوف المتعلقة باستخدام البرنامج النووي الإيراني، وليس تفكيكه بالكامل.
وجاء في بيان نشرته البعثة على منصة "إكس": "إذا كان الهدف من المفاوضات هو تفكيك البرنامج النووي السلمي الإيراني، فإن مثل هذه المفاوضات لن تعقد أبداً".
البيت الأبيض يحذروفي المقابل، جدد البيت الأبيض تحذيراته لطهران، مؤكداً أن الولايات المتحدة مستعدة للتعامل مع إيران عسكرياً أو عبر اتفاق دبلوماسي.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، براين هيوز، في بيان رسمي: "نأمل أن يضع النظام الإيراني شعبه ومصالحه فوق الإرهاب".
كما أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أنه يأمل في التوصل إلى "اتفاق سلام" يمنع إيران من تطوير سلاح نووي، مشدداً على أن هناك تطورات وشيكة في هذا الملف.
وأضاف ترامب في حديث للصحفيين في البيت الأبيض: "سنرى ما سيحدث، لكن لا يمكننا السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي"، لافتاً إلى أن إدارته تفضل الحلول السلمية على الخيارات العسكرية.
خامنئي يرفض الضغطأما المرشد الإيراني علي خامنئي، فقد شدد على أن طهران لن تُجبر على التفاوض تحت التهديدات الأمريكية، مؤكداً أن بلاده لن تتخلى عن برنامجها الصاروخي رغم الضغوط الدولية.
وفي تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الإيرانية، قال خامنئي: "إصرار بعض الدول المتغطرسة على التفاوض ليس لحل القضايا، بل لفرض سلطتها وإملاء توقعاتها. نحن لن نقبل بذلك أبداً".
يأتي هذا التصعيد في التصريحات بين الجانبين الأمريكي والإيراني وسط حالة من التوتر المتزايد بشأن الملف النووي الإيراني. وكانت طهران قد كثفت أنشطتها النووية في الأشهر الأخيرة، في خطوة اعتبرتها واشنطن تصعيداً خطيراً يستدعي اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.