جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-26@12:58:39 GMT

أين سخرت وقتك؟

تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT

أين سخرت وقتك؟

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

الوقت نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى علينا، وحينما نستغله فيما يرضيه عنَّا كالمواظبة على صلاة الفجر في المسجد جماعة، وقراءة القرآن وملازمة الأذكار، مطبقين على الدوام سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بانضباطنا في لبسنا ومظهرنا وسلوكنا وقولنا وفعلنا وعملنا، وفي تقيدنا بما أمرنا به تعالى ورسوله الكريم ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، فإن ذلك يعد نهجا يوصلنا إلى الهداية والى إصلاح أنفسنا، ويمهد لنا الطريق إلى الاستقامة والانتهاء عما نهينا عنه.

ومن تلك النواهي أن لا نكون مسبلي الثوب، فإسباله يعتبر من الخيلاء والبطر والكبر، ومخالفاً لسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم التي أمرنا باتباعها، فما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا. في أحيان كثيرة يشعر المرء منا بسعادة كبيرة تغمره، وبراحة عظيمة تملأ قلبه وتعتريه، وتبهج نفسه وحياته، وتعصمه من التيه ولا تزدريه، وذلك حينما يكون مع الله تعالى مسخرا أوقاته كلها له، ليكون هذا الإنسان من الداخل نقيا سخيا، وظاهره كباطنه طاهرا وأبيض تقيا، لا يحمل قلبا أسود قاسيا، ولا يجنح إلى ركن في نفسه عاصيا، وليس به ذرة من كبر خاسيا، فإنه عقب ذلك سيرى الحياة جميلة، وسيرى في هذا الكون سعادة وإعجازا ربانيا، وإبداع خالق رحيم.

ومع هذا الحال، فإنه سيزداد خشية منه تعالى وخضوعا له وتواضعا لعباده، ويفترض أن يزيد من ذلك عندما يجد نفسه مستفيدا من وقته بحرية تامة، ليس مقعدا أو حبيسا من مرض أو من سقم أو سجن أو توقيف، يمارس حياته بشكل طبيعي، مكتملا مشهده هذا قانعا بما أتاه الله عز وجل، مستبشرا بالخير، ومتطلعا إلى غد أفضل، متنعما بدوام صحة وعافية وسلامة، متذكرا ومتأسيا بحديث النَّبِي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي قال فيه "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا".

وفي هذا السياق أود الإشارة والتحدث في هذا المقال عن ظاهرة من وجهة نظري سيئة وليست جيدة إطلاقا، وفيها مضيعة للوقت والجهد والمال، وهي ظاهرة تجمع عدد من الناس كل صباح ومساء، أمام أحد البيوت أو أمام المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية، يدخنون السجائر ويمضغون التمباك، ويقضون أوقاتهم في ممارسة لعب ولهو وفساد واضح، وحشد الكثير من السيئات. إن في تلك الجلسات غالبا ما يأكلون لحوم البشر، فيتنابزون بالألقاب ويتحدثون فيما بينهم عن أعراض الناس، ويتناولون فيها ومن خلال أحاديثهم زلاتهم، ويخفون حسناتهم وخيراتهم، يخوضون في خصوصياتهم ومشاكلهم وأحوالهم وأوضاعهم، يدخلون حتى في بيوتهم ويكشفون عوراتهم ولا يسترون سيئاتهم، يراقبون السائر والجاي، سواء رجالا أم نساء، يتهامسون فيما بينهم، ويتمتمون بما لا يرضي رب العباد، ينظرون إلى فلانة وفلان، ويضعون وزرا عن علان وعلانة، ويحملون على ظهورهم وفي رقابهم زورا وبهتانا أحمال من يغتابونهم من الناس.

إن الله تعالى خلق في النفس سُوءًا مصداقا لقوله تعالى إن النفس لأمارة بالسوء؛ فالنفس تأمر صاحبها بالسوء وبالحقد وبالحسد وبالشر وبالكراهية وبالشرك وبعدم حب الخير وفعل الخير، وبعدم قبول الحق وبالتعلق بغير الله وباللجوء إلى غير الله، فإذا جاهد الإنسان نفسه وظهرها وزكاها بالتربية الإيمانية، فإنه سياتي عنده التوحيد والتعلق بالله وحده سبحانه وتعالى، فبالثبات والاستدامة والمداومة والاستقامة على مجالس العلم والوعظ وحلقات الذكر والمدارسة وسماع كلام الدين والإيمان باستمرار، وتصبير النفس في هذه البيئات مع الاعتصام بالصحبة الصالحة، كل ذلك سيصب في الوعاء أي القلب، الذي من مصابه السمع والبصر، أي الاستماع والنظر، عندها فإن هذا القلب سيصلح وبصلاحه سيصلح الجسد كله، وهذا أفضل من الجلوس في أماكن تكسبنا سيئات وذنوبا ومعاصي.

حقيقة لا يجب أن نستغني عن الله حتى لا يستغني عنا، وتربية النفس وتزكيتها وتهذيبها وإصلاحها على الفضيلة والمحاسن والمكارم وعلى العبادات وقراءة القرآن وعلى التعلق بالله والدار الآخرة والأعمال الصالحة وعلى التوحيد والإيمان واتباع النبي صلى عليه وسلم، أمر فيه فوزنا وفلاحنا.

إن التعلق بالله تعالى مسار وتوجه سينفعنا بعدما تغادر الروح الجسد، فلنشمر بارك الله فيكم، ونكافئ ونكرم أنفسنا بجعلها متعلقة بخالقنا العظيم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هناك شروط لا يستجاب الدعاء إلا بها فما هى؟.. شيخ الأزهر يوضحها

كشف فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف خلال تصريحات له عن شروط الدعاء المستجاب. 

وقال إن الدعاء المستجاب له شروط أولها أن يكون المطعم حلالا، وثانيها أن لا يكون لاهيا، بمعنى أن يكون الدعاء مع حضور القلب والخشوع والثقة في كرم الله تعالى وفضله، وثالثها ألا يسأل شيئا مستحيلا في العقل ولا في العادة، كأن يقول على سبيل المثال: "اللهم ارزقني بيتا في المريخ"، فهذا من المستحيلات ولا يجوز دعاء الله تعالى به، أو أن يكون الدعاء لطلب المال والجاه للتفاخر، فهذا غرض فاسد، أما لو كان الدعاء طلبا للمال لينعم به وينعم الآخرين معه، فهذا مشروع.

آداب الدعاء 

واوضح فضيلته آداب الدعاء، ومن أهمها:

- خفض الصوت مصداقا لقوله تعالى: "وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بين ذلك سبيلا"، وقوله في آية أخرى: "ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"، والمعتدي هو الذي يجاوز حدود الصوت المعتدل في الدعاء. 

- رفع اليدين، فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يرفعهما حتى يُرى بياض إبطه

- وأن يوقن بالإجابة

-وأن يفتتح الدعاء بالثناء على الله تعالى، وبالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 

- وفي آخر الدعاء  يمسح وجهه بيديه. 

ونوه الطيب أن آداب الدعاء مستحبة، وإذا فقدت قد يستجاب الدعاء، أما الشروط فهي واجبة، وإذا فقدت فقد المشروط، ولا يستجاب الدعاء بدونها.

منحة شيخ الأزهر بمناسبة عيد الفطر.. أماكن الصرف والمستحقين«فإني قريب أجيب دعوة الداع».. شيخ الأزهر يصحح اعتقادا شائعا في معنى «قُرب الله»شيخ الأزهر: التاريخ لا يعرف نظامًا كرَّمَ الأم مثلما جاءت به شريعة الإسلامشيخ الأزهر: شريعة الإسلام جعلت بر الأم من أصول الفضائل.. وبرَّها كنز يُورِث السعة في الرزقأزلية لا تُحدَث.. شيخ الأزهر يحذر من نسب الصفات الحادثة لله تعالى

ولفت، شيخ الأزهر الشريف الى أنه من النصوص القرآنية الدالة على اسم الله تعالى "المجيب"، قوله تعالى: "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ"، وقوله تعالى أيضا: "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"، وقوله في آية أخرى: "مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ"، ويفهم من كل هذه الآيات على ظاهرها أن هناك معية بذاته تعالى، وهذا مستحيل وغير متصور في حقه تعالى، لأن القديم يستحيل أن يتصف بحادث من الحوادث.

وأشار الى أن من الأدلة على اسم الله تعالى المجيب في السنة النبوية، قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس إن الذي تدعون ليس بأصم ولا غائب، إن الذي تدعون بينكم وبين أعناق ركابكم"، والدليل العقلي والنقلي يمنع تفسير هذه النصوص على ظاهرها، ويؤخذ من هذا الحديث نهي نبينا "صلى الله عليه  وسلم" عن الصراخ الشديد أثناء الدعاء، تلك الظاهرة التي نراها كثيرا في أيامنا هذه، فالدعاء له آداب منها "الخشوع" مصداقا لقوله تعالى: " ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً".

وبين الإمام الطيب، أن معنى اسم الله تعالى "المجيب" هو استجابة دعوة الداعي وقبولها، مصداقا لقوله تعالى: "قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لا يعلمون"، والمعنى الثاني هو إعطاء السائل ما طلبه، والإعطاء فعل، وبهذا المعنى يكون من صفات الأفعال

وذكر أن هناك معنى ثالث لاسم الله تعالى "المجيب" وذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ ربَّكم حييٌّ كريمٌ يستحيي من عبدِه أن يرفعَ إليه يدَيْه فيرُدَّهما صِفرًا أو قال خائبتَيْن"، بمعنى استجابة الدعاء وهي هنا صفة فعل، فإذا كان المعنى يعطي السائل طلبه فهذا من صفة الأفعال، أما استجابة الدعاء فهو من صفات الذات.

مقالات مشابهة

  • لماذا ليلة القدر خير من ألف شهر؟.. ترقبها مغرب اليوم لـ19 سببًا
  • ليلة القدر خير من ألف شهر
  • هناك شروط لا يستجاب الدعاء إلا بها فما هى؟.. شيخ الأزهر يوضحها
  • وزير الداخلية ينعى مستشاره الفني الفريق بوهان
  • عبدالله استنكر التعرض للأطباء والعاملين الصحيين في مستشفى حلبا
  • حقيقة توقيف سوري خطط لتفجير نفسه في حي ماضي بـ الضاحية
  • ‏ (مَا رَمَيْتَ إذ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ)
  • زكاة الفطر في الإسلام.. لماذا شُرِعت وعلى من تجب ووقت إخراجها؟
  • درس التراويح بالجامع الأزهر: حسن الظن بالله من أعظم العبادات القلبية
  • شيخ الأزهر يُحذَّر من التفسير الماديِّ للقُرب الإلهي