عادة ما يمر الإنسان في حياته بمواقف متباينة التأثير، بعضها يترك آثارا واضحة في نفس صاحبها، قد يجعلها دافعا له لتحقيق هدف معين، كما حدث مع الطبيب الأردني رعد الشمري (43 عاما).

يقول الطبيب رعد الشمري "استعنت بخبرتي مع رياضة الفروسية، لأنشئ منتجعا للخيول لمعالجة ومساعدة الأطفال من ذوي الإعاقة، وأدرب الأطفال مجانا، لأن حجم التكاليف التي تترتب على أهاليهم كبير ما دفعني لهذا العمل الخيري".

تصرف شهده لطفل مصاب بـ"طيف التوحد"، وموقف مع ولي أمر مصابين آخرين بالحالة ذاتها، كانا دافعين للأربعيني الأردني، للسير بمشروعه الذي بدأه قبل أشهر، وبات مقصدا لعدد من الأهالي الراغبين بتخفيف معاناة أبنائهم.

و"التوحد" هو حالة ترتبط بنمو الدماغ وتؤثر على كيفية تمييز المصاب للآخرين والتعامل معهم، ما يتسبب بمشكلات في التفاعل والتواصل الاجتماعي، ويتضمن الاضطراب أنماطا محدودة ومتكررة من السلوك، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الأعراض، وتختلف في مستويات الشدة.

النادي يضم 25 رأسًا من الخيل العربية والإنجليزية، يمتطيها 15 طفلا أردنيا، يُعدّون من ذوي الاحتياجات الخاصة (الأناضول) فكرة إنسانية وعلاجية

فكرة الطبيب الأردني "الإنسانية" في مضمونها و"العلاجية" في أهدافها، تجسدت في "بيغاسوس كلوب"، وهو الاسم الذي أطلقه الشمري على المكان، ويضم 25 رأسا من الخيل العربية والإنجليزية، يمتطيها 15 طفلا أردنيا، يُعدّون من ذوي الاحتياجات الخاصة.

ويحمل رعد الدرجة الجامعية بتخصص الطب العام، وهو متخصص بالخلايا الجذعية، وبطل أردني لسباق القدرة والتحمل بالفروسية لـ9 سنوات متتالية (1994-2003).

عشقه للفروسية جعله عام 1994 أصغر لاعب باتحاد الفروسية الأردني، حيث كان عمره حينها 14 عاما، وصاحب المشاركة الوحيدة للأردن في كأس العالم للقدرة والتحمل عام 2018 في بلجيكا، وفق ما يروي للأناضول.

النادي مقام على مساحة 2500 متر مربع، ويعمل بداخله 12 موظفا (الأناضول)

يقول الشمري "أسست هذا النادي قبل 6 أشهر، لتعليم رياضة الفروسية وعلاج الأطفال المصابين بطيف التوحد وذوي الاحتياجات الخاصة".

ومن دوافع الفكرة هو أن ابن صديق له مصاب بالتوحد، لفت نظره بتعلقه بفرس عربية أصيلة، حيث بدأ بالوقوف عندها كلما زار المكان مع والده، ويمسح على رأسها ويحنّ عليها.

وفي كل زيارة كان الطفل يمضي الوقت معها، ويقطع من أوراق الشجر ويطعمها، فقرر أن يبدأ به كأول طالب من حالته لتعليمه أساسيات الخيل.

وبعد شهر واحد من ذلك، وجد استجابة من ذلك الطفل، ولاحظ أن عامل الوحدة لديه قد تبدد، وأصبح اجتماعيا، وترك الانطوائية التي كانت تلازمه قبل ذلك.

وقال الشمري "مما عزز الفكرة لديّ، أن أحد الأشخاص كان ينقل الأعلاف للخيل بسيارته، وكل ما يحصل عليه من ذلك هو مبلغ 20 دينارا فقط (28 دولارا)، ولديه طفلان مصابان بالتوحد".

وزاد "كان كل حديثه رغم ضنك العيش لا يخلو من تكرار الحمد لله على كل شيء، لأسأل نفسي أين التكافل الاجتماعي من هذا الإنسان الذي يحمل عبء الإنفاق على طفليه المصابين؟!".

ركوب الخيل يساعد الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة والمصابين بطيف التوحد (الأناضول) طاقة الخيل العلاجية

والنادي مقام على مساحة 2500 متر مربع، ويعمل بداخله 12 موظفا، ولدي الآن 15 حالة تتدرب على الفروسية من مصابي التوحد ومتلازمة داون والشلل الدماغي وفرط الحركة، يقول الشمري.

واستطرد "أقوم بالتدريب إلى جانب زميلي اللاعب العالمي المصري علاء فراعنة، ومدربين آخرين، منطلقا في ذلك من الأحاديث النبوية التي تؤكد على أهمية رياضة الفروسية وركوب الخيل".

وقال "تبيّن مع تحسن الحالات لبعض المصابين وانطباعات أهاليهم، أن حركة الخيل ترسل ذبذبات للجهاز العصبي، تساعد في تخفيف تداعيات الإصابة على الطفل، فطاقة الخيل تعطي نتائج إيجابية".

الدكتور رعد الشمري (يمين) إلى جانب زميله اللاعب العالمي المصري علاء فراعنة خلال تدريب أحد المستفيدين (الأناضول)

وأضاف: "ما أقوم به خالص لوجه الله تعالى، فأنا أدرّب هؤلاء الأطفال بشكل مجاني ولا أتقاضى من ذويهم شيئا، فقد سبق لي أن عملت في قطاع الصحة وأعلم حجم التكاليف التي تترتب عليهم".

وكشف الطبيب الأردني عن وجود نحو 100 ألف حالة إصابة بـ"طيف التوحد"، في الأردن، فيما تتحدث أرقام غير رسمية بأنهم 10 آلاف فقط، وهو ما شكك به الشمري، معتبرا أن "الكثير من الحالات لا يكشف الأهالي عنها خجلاً من المجتمع".

أما عن الفائدة التي يجنيها من مشروع بلغت تكلفته نحو 350 ألف دينار أردني (492 ألف دولار أميركي)، بيّن أنه يعتمد على اشتراكات الطلاب الأصحّاء، الذين يبلغ عددهم نحو 60 طالبا، مقابل اشتراك شهري يتراوح ما بين 70 إلى 90 دينارا (98 إلى 126 دولارا).

النادي بات مقصدا لعدد من الأهالي الراغبين بتخفيف معاناة أبنائهم  (الأناضول) الثقة بالنفس

هيجر النمروطي (36 عاما)، والدة الطفل إبراهيم، المصاب بطيف التوحد، قالت: "وصلت لمرحلة عملت فيها كل شيء لابني من عمر العامين، وكل طبيب كان يقول شيئًا، وكان العلاج منومات ومهدئات، حتى تعرفت على الدكتور رعد من خلال إحدى الجمعيات".

وزادت: "سرنا معه بطريقة وأمل جديدين، من خلال ركوب الخيل، فهو يحب الفروسية، وكانت ثقته بنفسه قليلة ويخاف، والآن تطور وتحسن بحمد الله".

من جانبها، أكدت ابتسام بدر (49 عاما)، أن ابنها بدر المصاب بـ"متلازمة داون"، "من ناحية صحية لا يشكو من شيء، وعندما أطلقوا فكرة ركوب الخيل هنا، في البداية كان يخاف، ثم تحسن وأصبحت لديه ثقة عالية بنفسه، ويتعامل مع الجميع. ركوب الخيل أعطاه الكثير من الأشياء الجميلة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ذوی الاحتیاجات الخاصة رکوب الخیل من ذوی

إقرأ أيضاً:

ادراج خطة الاحتياجات التنموية ومشاريع البنية الاساسية لليمن في اجتماع وزاري عربي طارئ

اقر المجلس الوزاري العربي الطارئ، في اجتماعه، اليوم، برئاسة مملكة البحرين، ادارج خطة الاحتياجات التنموية ومشاريع البنية التحتية في الجمهورية اليمنية ضمن جدول اعمال القمة العربية التنموية المقرر انعقادها في بغداد الشهر المقبل.

جاء ذلك خلال إجتماع الدورة غير العادية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري بمشاركة اليمن بوفد ترأسه القائم باعمال مندوب اليمن الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير الدكتور علي موسى.

وكان الإجتماع الوزاري بحضور الوزراء والسفراء ورؤساء وفود ومسؤولي الهيئات والمنظمات العربية المتخصصة، كرس للأعداد للدورة الخامسة للقمة العربية التنموية : الإقتصادية والإجتماعية المتزامن مع اجتماعات مجلس الجامعة على مستوى القمة (الدورة 34) المقرر عقدها الشهر المقبل في بغداد.

 واوضح السفير الدكتور علي موسى في كلمة اليمن خلال الاجتماع، ان اليمن يواجه تحديات هيكلية مزمنة، وازمات متعاقبة تفاقمت على نحو غير مسبوق منذ انقلاب المليشيات الحوثية الإرهابية في عام 2014 على الشرعية وعلى مخرجات الحوار الوطني، وعلى مؤسسات الدولة، وادخلت البلد في دائرة الصراع والحرب، حيث تراجعت كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، ومؤشرات التنمية البشرية، وانقسمت المؤسسات وزادت أوضاع الهشاشة، وتراجعت الموارد العامة للدولة، وتدمير أجزاء واسعة من البنية التحتية، فضلا عن استهلاك جزء كبير من المكاسب التنموية التي تحققت خلال السنوات الماضية قبل الإنقلاب الحوثي على الشرعية.

وأشار الى ان النشاط الاقتصادي، شهد تدهوراً مريعاً وانكماش غير مسبوق، وتصاعد معدلات التضخم (ارتفاع الاسعار ) إلى مستويات قياسية، وتدهور سعر صرف العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وتدهورت مستوى المعيشة، وظهرت أزمة انسانية مستفحلة، كما تدهور وضع المالية العامة حيث تراجعت الإيرادات الضريبية والجمركية بصورة حادة، وانخفض إنتاج وتصدير النفط ، وارتفعت الديون العامة، وعجز المالية العامة عن دفع المرتبات بصورة منتظمة وخاصة بعد ضرب موانئ تصدير النفط من قبل الطيران المسير لمليشيات الحوثي والتي على أثرها توقف إنتاج وتصدير النفط.

ولفت الى ان وزارة التخطيط والتعاون الدولي، عملت بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة على إعداد مصفوفة بالمشاريع والاحتياجات ( تضمنتها الخطة )ذات الأولوية الملحة وحددت تسعة قطاعات رئيسية على المدى القصير والمتوسط، وتضمنت اسم المشروع، ومكوناته، والعائد الاقتصادي، و التكلفة، ووفرت الدراسات الأولية لتلك المشاريع بما يضمن نجاحها.

واكد حرص الوزارة على اختيار المشروعات ذات الأثر الإقتصادي في التعافي، و خلق فرص عمل وزيادة الإنتاج والحد من تفاقم الأمن الغذائي ، و تعزيز القدرات المؤسسية واستعادة منظومة الخدمات العامة ..منوهاً ان ذلك يتطلب توفير التمويل الكافي للمضي في تنفيذها بوتيرة متسارعة لاستعادة عافية الاقتصاد ومساره التنموي والخدمي.

مقالات مشابهة

  • صواريخ إسرائيلية تحول مربعا سكنيا بغزة لمقبرة
  • الحكومة: توفير كل الاحتياجات المالية لعدم تخفيف أحمال الكهرباء الصيف المقبل
  • جمعية الأطفال ذوي الإعاقة تحتفل باليوم العالمي لاضطراب طيف التوحد
  • بالصور.. غزة تحت الأنقاض
  • أمين الفتوى: يمكن لأي مسلم أن يحيي معاني الحج في قلبه
  • أدوية أطفال وأمراض مزمنة للجزيرة من الجامعات والكليات السودانية الخاصة
  • على الحجار يحيي حفلا غنائيا في ساقية الصاوي بهذا الموعد.. التذاكر تبدأ من 320 جنيها
  • "تربية نوعية" جامعة المنصورة تناقش رسالة دكتوراه توظف العلاج بالموسيقى لخفض الألكسيثيميا لدى أطفال التوحد
  • في اجواء تنافسية سجن الناصرية المركزي يحتضن فعاليات رياضية لذوي الاحتياجات الخاصة
  • ادراج خطة الاحتياجات التنموية ومشاريع البنية الاساسية لليمن في اجتماع وزاري عربي طارئ