زكريا الحسني

بالتأكيد إن هذا الموضوع من الموضوعات الهامة والنافعة، وذلك بسبب مساسه بالكثير من الجوانب الهامة في المجتمع وأرى أن أفكاري بدأت تتسارع حتى تتحول إلى كتابات ومجرد حبر على ورق وعبر تلك السطور التي أدعو الله أن أتمكن من إيصالها لكم بطريقة جيدة وواضحة.

الشورى مبدأ مقدس وقدسيته تؤكدها سورة بأكملها في القرآن باسم الشورى وذلك لأهمية مبدأ الشورى في صلاح الناس في سائر مراحل حياتهم؛ بل حثّنا الرسول صلى الله عليه وسلم على تطبيق مبدأ الشورى في اتخاذ جميع القرارات بما يشعر الإنسان بالطمأنينة والشعور بالانتماء وبوحدة النسيج المجتمعي.

وجاء في حديث مصدره (الإحكام في أصول الأحكام) ص،ر: 2/204 [عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ الأمرُ ينزِلُ بنا لم ينزِلْ فيهِ قرآنٌ ولم يمضِ فيهِ منكَ سُنَّةٌ ، قالَ: اجمعوا لهُ العالِمينَ أو قالَ العابِدينَ منَ المؤمنينَ فاجعلوهُ شورى بينَكم ولا تقضوا فيهِ برأيٍ واحدٍ].

ونستنتج من جواب الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الشورى تأتي بعد القرآن والسنة النبوية لأهميتها وقيمتها الجوهرية حيث أنها تأتي بإجماع من ذوي الرأي والحكمة والحلم.

إذن الشورى مبدأ يوافق المنطق والفطرة الانسانية السوية؛ فلذلك ينبغي على أفراد المجتمع المشاركة في هذا الحدث الانتخابي العظيم في سلطنة عُمان ولا ينأوا بأنفسهم عن المشاركة؛ لأن الخروج عن هذا المبدأ الشوريّ يخالف ما نادى به القرآن في أكثر من موضع؛ قال تعالى في سورة الشورى: (وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُوا۟ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ)، وقال أيضا في سورة آل عمران: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لَٱنفَضُّوا۟ مِنْ حَوْلِكَ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى ٱلْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ)، وجاء في سورة البقرة: (وَٱلْوَٰلِدَٰتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَٰدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ وَعَلَى ٱلْمَوْلُودِ لَهُۥ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَآرَّ وَٰلِدَةٌۢ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُۥ بِوَلَدِهِۦ وَعَلَى ٱلْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوٓا۟ أَوْلَٰدَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ ءَاتَيْتُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).

وإن تطبيق الشورى يجعل المجتمع متماسكا ويؤيد ذلك الحديث النبويّ عن النعمان بن بشير رضي الله عنه مرفوعاً: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى»؛ بل إن إقرار مبدأ الشورى تطبيقا وتنظيرا وإدخال في القانون المدنيّ يسهم في تماسك اللحمة الوطنية وإصلاح البلاد والعباد؛ وهو ما نجده في حديث النبي صلى اللهليه وسلم  : «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا».

وتأكيدًا على ما سبق الإقرار به نسوق هنا نماذج من أقوال للعلماء والفلاسفة المعتبرين؛ يقول ابن العربي: "الشورى ألفة للجماعة، وسبار للعقول، وسبب إلى الصواب، وما تشاور قوم إلاّ هدوا". وقال القرطبي: "فمدح الله المشاورة في الأمور بمدح القوم الذين كانوا يمتثلون ذلك". وروى الحسن بن عليّ: "ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم".

وفي الأخير.. نحن نريد أن ندفع بالكفاءات لدخول مجلس الشورى، ونقر مبدأ الاختيار لا على القبلية والأهلية فقط، ولا ضير في اختيار القريب إذا وجدتموه صاحب كفاءة وينطبق عليه (مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب)، ومن باب (الأقربون أولى بالمعروف) وتطبيقا لقول رسول الله وسيد الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).

لكن ينبغي أن نضع في الاعتبار الاستحقاقية لذوي الكفاءة ولاننسى دور الحكومة الرشيدة الت تكفلت بالتنظيم والترتيب ووضعت شروط الالتحاق فمن توفرت لديه الشروط سمحت له بالتقدم ودخول المنافسة وأما الاختيار فقد جعلته بأيدي الناخبين، لذا فأحسنوا الاختيار، وكونوا أمناء في ذلك لتجنوا الثمار، وتمتين هذه المنظومة التي هي ركن أساسي وركين في بناء دولة المؤسسات.

لذا أوصيكم وأوصي نفسي: كونوا أمناء في اختيار الأعضاء تطبيقا لقوله تعالى: (وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ العهد كَانَ مَسْؤُولاً)؛ فالمشاركة واجب ديني ووطني وإنساني وتمنياتي بكل الخير لهذا البلد العظيم الذي أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل التوفيق والنجاح الدائم لبلدي ووطني عمان الحبيبة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مجلس الشورى ينظم فعالية خطابية إحياءً للذكرى السنوية للشهيد

الثورة نت|

نظمت الأمانة العامة بمجلس الشورى اليوم الأحد ، فعالية خطابية بالذكرى السنوية للشهيد 1446هـ تحت عنوان “شهداؤنا عظماؤنا”.

وفي الفعالية أكد رئيس مجلس الشورى محمد العيدروس أهمية الاحتفاء بهذه الذكرى لاستذكار تضحيات من قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الله ودفاعا عن قيم الحرية والكرامة والاستقلال.

ولفت إلى تزامن هذه الذكرى مع ما يتعرض له الشعبان الفلسطيني واللبناني من حرب إبادة جماعية وعدوان غاشم من قبل الكيان الصهيوني وما يقابله من صمود واستبسال وتضحيات من قبل المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

وأكد العيدروس أن الشهداء الذين سالت دماؤهم في اليمن وغزة ولبنان والصامدين في مواجهة الصلف الأمريكي الصهيوني هم من أثبتوا للعالم أن الشعوب المؤمنة بوعد الله قادرة على هزيمة قوى الاستكبار مهما عظمت التضحيات.

ونوه إلى أن قوافل الشهداء التي قدمت ليست مجرد أرقاماً أو أسماء بل من صنعت معادلات النصر ورسمت مسيرة الكفاح من أجل الحرية والكرامة، لافتاً إلى أن العدوان الذي يستهدف اليمن وغزة ولبنان جزء من مخطط واسع لإخضاع الشعوب الحرة لهيمنة قوى الاستكبار والصهيونية العالمية.

واستنكر رئيس مجلس الشورى الموقف العربي الرسمي المخزي وخروج ما سميت بالقمة العربية والإسلامية ببيانات شجب وإدانة هزيلة.. مؤكداً أن مثل تلك المواقف المخزية لن تزيد الشعوب الحرة إلا إصراراً على الكفاح ومواصلة دعم القضية الفلسطينية حتى تحرير الأراضي المحتلة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

من جانبه أشار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء العلامة محمد مفتاح إلى أن أعداء الوطن عمدوا إلى تدمير قدرات الشعب اليمني سيما الدفاع الجوي قبل شن العدوان الغاشم الذي استهدف كل مرافق الحياة بهدف إخضاعه والسيطرة عليه.

وأوضح أن الأوفياء من أبناء الوطن تمكنوا من استعادة وتفعيل جزء من تلك القدرات الدفاعية وقطعوا شوطا فاعلا تجلى أثره في اسقاط الطيران التجسسي فخر الصناعة الأمريكية.

واعتبر العلامة مفتاح أن ما كان مخطط لليمن أفشله الله بدماء الشهداء والجرحى والأسرى والمرابطين في الجبهات، وان الله شرف اليمن في زمن الخنوع بحمل راية مواجهة الطاغوت الأمريكي.

وأكد أن الشعب اليمني كما تمكن بكل إباء وشجاعة من كسر الهيمنة والغطرسة الأمريكية وضرب حاملات طائرتها ومدمراتها فهو قادر بفضل الله أن يضرب وبالوتيرة نفسها غواصاتها في أعماق البحار.

وحيا النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء أسر الشهداء لما قدمته من تضحيات.. حاثا على استشعار المسؤولية أمام تلك التضحيات التي قدمت في سبيل تحقيق الانتصار والعزة والكرامة.

وفي الفعالية التي حضرها نواب رئيس مجلس الشورى محمد الدرة، وعبده الجندي وضيف الله رسام، وعضو رابطة علماء اليمن العلامة عبد الرحمن الوشلي وعدد من أعضاء مجلس النواب وأمين عام مجلس الشورى على عبد المغني ونائب رئيس جهاز الأمن والمخابرات اللواء عبد القادر الشامي ومستشار وزارة الدفاع اللواء علي الكحلاني، ألقيت كلمات عن أسر الشهداء عضو المجلس عبد العزيز الرميمة، وعن أمهات الشهداء عضو المجلس فاطمة محمد ومدير مؤسسة الشهداء بالأمانة محمد العفيف أشارت إلى أهمية مواصلة السير على درب الشهداء في سبيل العزة والكرامة.

ودعت إلى إيلاء أسر الشهداء والجرحى الاهتمام الذي يليق بالتضحيات التي قدموها وما صنعوه من مجد وتاريخ للأمة.

واستعرضت نماذج لعدد من الأمهات اللاتي استقبلن أنباء استشهاد ابنائهن بكل عزة وفخر.. مبينة أن الله أعز بدماء الشهداء اليمن وجعله أول من قصف تل أبيب وأذل أمريكا وطرد بوارجها ومدمراتها من بحار المنطقة المدنسة منذ مئة عام.

تخللت الفعالية قصيدة شعرية لعضو المجلس هادي الرزامي.

مقالات مشابهة

  • أدعية مستجابة بعد قراءة سورة يس .. احرص عليها في هذه الأوقات
  • ماذا يحدث لمن يقرأ سورة الإخلاص 50 مرة؟.. عجائب لا يعرفها كثيرون
  • ما صوت الحيوان الوحيد المذكور في القرآن الكريم؟.. جاء في موضعين 
  • مجلس الشورى يحيي الذكرى السنوية للشهيد 1446هـ
  • مجلس الشورى ينظم فعالية خطابية إحياءً للذكرى السنوية للشهيد
  • فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة وأثرها في حياة المسلم
  • كيف نتهيأ لرؤية النبي في المنام؟.. كثرة الصلاة عليه تُنير القلب (فيديو)
  • أذكار الصباح.. ماذا يحدث عند قراءة آخر آية من سورة التوبة 7 مرات؟
  • "من قرأها وهو ضال هدي" أسرار سورة يس وفضلها
  • أسرار السور.. الفاتحة الرقية والشفاء والدعاء في أعظم سور القرآن الكريم