انتخابات الشورى.. "وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ"
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
زكريا الحسني
بالتأكيد إن هذا الموضوع من الموضوعات الهامة والنافعة، وذلك بسبب مساسه بالكثير من الجوانب الهامة في المجتمع وأرى أن أفكاري بدأت تتسارع حتى تتحول إلى كتابات ومجرد حبر على ورق وعبر تلك السطور التي أدعو الله أن أتمكن من إيصالها لكم بطريقة جيدة وواضحة.
الشورى مبدأ مقدس وقدسيته تؤكدها سورة بأكملها في القرآن باسم الشورى وذلك لأهمية مبدأ الشورى في صلاح الناس في سائر مراحل حياتهم؛ بل حثّنا الرسول صلى الله عليه وسلم على تطبيق مبدأ الشورى في اتخاذ جميع القرارات بما يشعر الإنسان بالطمأنينة والشعور بالانتماء وبوحدة النسيج المجتمعي.
وجاء في حديث مصدره (الإحكام في أصول الأحكام) ص،ر: 2/204 [عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ الأمرُ ينزِلُ بنا لم ينزِلْ فيهِ قرآنٌ ولم يمضِ فيهِ منكَ سُنَّةٌ ، قالَ: اجمعوا لهُ العالِمينَ أو قالَ العابِدينَ منَ المؤمنينَ فاجعلوهُ شورى بينَكم ولا تقضوا فيهِ برأيٍ واحدٍ].
ونستنتج من جواب الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الشورى تأتي بعد القرآن والسنة النبوية لأهميتها وقيمتها الجوهرية حيث أنها تأتي بإجماع من ذوي الرأي والحكمة والحلم.
إذن الشورى مبدأ يوافق المنطق والفطرة الانسانية السوية؛ فلذلك ينبغي على أفراد المجتمع المشاركة في هذا الحدث الانتخابي العظيم في سلطنة عُمان ولا ينأوا بأنفسهم عن المشاركة؛ لأن الخروج عن هذا المبدأ الشوريّ يخالف ما نادى به القرآن في أكثر من موضع؛ قال تعالى في سورة الشورى: (وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُوا۟ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ)، وقال أيضا في سورة آل عمران: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لَٱنفَضُّوا۟ مِنْ حَوْلِكَ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى ٱلْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ)، وجاء في سورة البقرة: (وَٱلْوَٰلِدَٰتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَٰدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ وَعَلَى ٱلْمَوْلُودِ لَهُۥ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَآرَّ وَٰلِدَةٌۢ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُۥ بِوَلَدِهِۦ وَعَلَى ٱلْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوٓا۟ أَوْلَٰدَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ ءَاتَيْتُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
وإن تطبيق الشورى يجعل المجتمع متماسكا ويؤيد ذلك الحديث النبويّ عن النعمان بن بشير رضي الله عنه مرفوعاً: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى»؛ بل إن إقرار مبدأ الشورى تطبيقا وتنظيرا وإدخال في القانون المدنيّ يسهم في تماسك اللحمة الوطنية وإصلاح البلاد والعباد؛ وهو ما نجده في حديث النبي صلى اللهليه وسلم : «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا».
وتأكيدًا على ما سبق الإقرار به نسوق هنا نماذج من أقوال للعلماء والفلاسفة المعتبرين؛ يقول ابن العربي: "الشورى ألفة للجماعة، وسبار للعقول، وسبب إلى الصواب، وما تشاور قوم إلاّ هدوا". وقال القرطبي: "فمدح الله المشاورة في الأمور بمدح القوم الذين كانوا يمتثلون ذلك". وروى الحسن بن عليّ: "ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم".
وفي الأخير.. نحن نريد أن ندفع بالكفاءات لدخول مجلس الشورى، ونقر مبدأ الاختيار لا على القبلية والأهلية فقط، ولا ضير في اختيار القريب إذا وجدتموه صاحب كفاءة وينطبق عليه (مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب)، ومن باب (الأقربون أولى بالمعروف) وتطبيقا لقول رسول الله وسيد الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
لكن ينبغي أن نضع في الاعتبار الاستحقاقية لذوي الكفاءة ولاننسى دور الحكومة الرشيدة الت تكفلت بالتنظيم والترتيب ووضعت شروط الالتحاق فمن توفرت لديه الشروط سمحت له بالتقدم ودخول المنافسة وأما الاختيار فقد جعلته بأيدي الناخبين، لذا فأحسنوا الاختيار، وكونوا أمناء في ذلك لتجنوا الثمار، وتمتين هذه المنظومة التي هي ركن أساسي وركين في بناء دولة المؤسسات.
لذا أوصيكم وأوصي نفسي: كونوا أمناء في اختيار الأعضاء تطبيقا لقوله تعالى: (وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ العهد كَانَ مَسْؤُولاً)؛ فالمشاركة واجب ديني ووطني وإنساني وتمنياتي بكل الخير لهذا البلد العظيم الذي أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل التوفيق والنجاح الدائم لبلدي ووطني عمان الحبيبة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هل سورة ق تعالج القرين والجن وتضعفه؟.. انتبه لـ10 حقائق وأسرار
لاشك أن السؤال عن هل سورة ق تعالج القرين والجن وتضعفه ؟ يفتح إحدى أبواب الخوف من الجن والقرين ، الذي تنتج عنه الكثير من الأفعال المحظورة ، والتي تجلب للإنسان المصائب ، ومن ثم ينبغي الوقوف على حقيقة هل سورة ق تعالج القرين والجن وتضعفه ؟.
متى تقرأ سورة الفجر للحمل بولد؟.. فيها 10 أسرار ينبغي معرفتهاماذا يحدث عند تشغيل سورة البقرة أثناء النوم؟.. انتبه لـ5 حقائقهل سورة ق تعالج القرينورد في مسألة هل سورة ق تعالج القرين والجن وتضعفه ؟، أنه تشتمل سورة (ق) على فضائل لا حصر لها، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلّم، كان يخطب بها الجمعة، والعيدين، فكان إذا حضر العيد أو الجمعة، صعد المنبر، وجعل موضوع الخطبة قراءة سورة (ق)، مكتفيًا بتلاوة هذه السّورة، وفي السورة الكريمة ما يدل على شموليّتها، وعِظَم معانيها، ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم ينبه إلى أنه بقراءتها تكتمل بها خطبة الجمعة والعيدين، لبنائها الكامل، بدءًا من ولادة الإنسان، وموته، وبعثه، وأهميّة التزامه، وطاعته لله وأوامره في جوانب الحياة المتعدّدة.
وورد أنه لذلك يحرص المسلم على الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، بهذه السورة، ليس فقط في ضيق الأحوال وسوء الظروف بل في جميع الأوقات وعليه أن يتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بقراءة كتاب الله من أجل القبول والرضى بما قسمه الله سبحانه وتعالى لعباده الصالحين في الأرض .
وورد أن سورة (ق) من السور التي يحتاجها كل إنسان يمر بأصعب الأوقات والظروف، كما أن هذه السورة الكريمة تحمي من الجن والقرين، وإبطال السحر، وذلك بقراءة سورة ق 7 مرات في الماء.
كما تبيّن السورة الكريمة، أنّ الموت حاضرٌ في كلّ وقتٍ؛ فالله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الإنسان، وربُّنا جلَّ وعلا أعلم بكلّ ما يدور في نفسه، وما تزيّنه هذه النّفس له، وليس الله سبحانه وتعالى في ذلك كلّه بعيداً عنه، بل هو أقرب إليه من حبل الوريد الذي يضخّ في الجسد كلّه ما يحتاجُ من دماء، كما تعرض السّورة صوراً متعدّدةً، مثل: الحياة، والموت، والهلاك، والبلى، والبعث، والحشر، وتصوّر كذلك بعض الحقائق الكونيّة الظّاهرة في السّماء، والأرض، والماء، والنّبات، والثّمر.
سورة قتعدّ سورة ق من أوائل السّور المفصلات في القرآن على القول الصحيح، ويبلغ عدد آياتها خمسًا وأربعين (45) آية، وسمّها بعض أهل العلم بسورة الباسقات، و تعتبر سورة ق سورة مكيّة بالإجماع، فقد نزلت في مكة المكرّمة، وكان نزولها بعد الهجرة الأولى للحبشة؛ أي في العام السابع للبعثة، وقبل حادثة الإسراء والمعراج.
وتعد سورة (ق) هي السّورة الخمسون من حيث ترتيب سور القرآن، وهي سورة مكيّة؛ وكل سورة من سور القرآن الكريم يوجد أسباب لنزولها وسبب لتسميتها وموضوعات تتناولها، وعن سبب تسمية سورة (ق) هي أنه أوّل ما يَبدأُ به هو قوله تعالى في أوّلها: (ق)، وهو من الحروف المُقطَّعة التي استُخدِمت في القرآن الكريم في عدّةِ مواضعَ، مثل: (ألم)، (ألر)، (ص)، (كهيعص). وبدأت سورة (ق) بقوله تعالى: (ق)؛ لهذا سُمِّيت بسورةِ (ق).
ماذا تعالج سورة قوتعالج سورة (ق) عدّة موضوعاتٍ، منها: موضوع البعث؛ فالعرب يَعجَبون أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم جاء منهم؛ ليُنذرهم، ويُعلِمهم بحقيقة البعث بعد الموت، وتنقل السّورة اختلافهم هذا، ثمّ تلفِت أنظارهم إلى مجموعةٍ من الحقائق الكونيّة، وأنّ هؤلاء المكذّبين قد كذّبت قبلَهم أقوامُ نوحٍ، وعادٍ، وتبّع، وأصحاب الأيكة، وأنّ هؤلاء جميعاً كانوا من مكذّبي الرُّسل، فاستحقّوا عذاب الله تعالى ووعيده.
كما تتحدث السورة الكريمة، عن حياةِ الإنسانِ وتفاصيلها، وما فيها من وساوس، وصواب وخطأ، وتتكلّمُ عن سكرات الموت نفسه، والبعث بعد الموت، ثمّ جزاء النّفس البشريّة وحسابها على ما اقترفتهُ في الحياةِ الدّنيا.