الرئيس الصيني يلتقي ببوتين في بكين
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
أكتوبر 18, 2023آخر تحديث: أكتوبر 18, 2023
المستقلة/- استقبل الزعيم الصيني شي جين بينغ “صديقه العزيز” فلاديمير بوتين في بكين، في مستهل قمة متعددة الأطراف طغت عليها الحرب بين إسرائيل و حماس.
و تستضيف بكين هذا الأسبوع ممثلين عن 130 دولة في منتدى حول مشروع شي الضخم للتجارة و البنية التحتية، مبادرة الحزام و الطريق.
على رأس قائمة الضيوف الرئيس الروسي، الذي يقوم بأول رحلة له إلى قوة عالمية كبرى منذ أن أدى غزو موسكو لأوكرانيا إلى فرض عزلة دولية على نظامه.
و يقول محللون إن دعوة بوتين لحضور القمة الدولية الرئيسية للرئيس شي تؤكد علاقة بكين الوثيقة مع موسكو، حتى على حساب حسن النية مع الغرب.
و التقى الزعيمان مساء الثلاثاء في حفل افتتاح المنتدى. و أظهر مقطع فيديو نشرته وزارة الخارجية الروسية الرئيسان و هم يتصافحون و يتبادلون المجاملات. كما التقطوا صورة جماعية مع القادة الآخرين الذين حضروا القمة.
و لم تنضم روسيا رسميا إلى مبادرة الحزام و الطريق، و لكن بوتن حليف وثيق لشي جين بينج.
و في مأدبة رسمية، ألقى شي نخباً ألمح فيه إلى الصراعات الجيوسياسية الأخيرة، لكنه أضاف أن “الاتجاه التاريخي للسلام” “لا يمكن إيقافه”.
و قال شي: “على الرغم من أن العالم اليوم ليس سلميا، إلا أن الضغط النزولي على الاقتصاد العالمي يتزايد و تواجه التنمية العالمية قدرا كبيرا من التحديات، إلا أننا نؤمن إيمانا راسخا بأن الاتجاهات التاريخية للسلام و التنمية و التعاون و المكاسب المتبادلة لا يمكن وقفها”. بحسب وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).
و في مقابلة مع وسائل الإعلام الرسمية الصينية نشرت خلال عطلة نهاية الأسبوع، وصف بوتين شي بأنه “الزعيم الحقيقي”.
كما أشاد بوتين بما وصفه بظهور “عالم متعدد الأقطاب”. و قد روج شي و بوتين لهذا المفهوم، و خاصة منذ بداية الحرب في أوكرانيا، كبديل للنظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. إن “عالم متعدد الأقطاب” حيث تتمتع دول الجنوب العالمية بمزيد من القوة هو جزء من نداء شي للحاضرين في منتدى مبادرة الحزام و الطريق هذا الأسبوع.
و قال الكرملين إنه من المقرر أن يجري بوتين محادثات معمقة مع شي على هامش المنتدى يوم الأربعاء، فيما تلوح الحرب بين إسرائيل و حماس في أفق القمة.
و قال الكرملين دون الخوض في تفاصيل: “خلال المحادثات، سيتم إيلاء اهتمام خاص للقضايا الدولية و الإقليمية”.
و قد وقفت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، عندما شنت حماس الهجوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص.
و طلبت واشنطن من الصين استخدام نفوذها للمساعدة في وقف تصعيد الحرب، مع فرار أكثر من مليون شخص في قطاع غزة المحاصر من القصف المتواصل الذي شنته إسرائيل ردا على الهجوم.
و توسطت الصين في التوصل إلى اتفاق بين إيران، الداعم الرئيسي لحماس، و عدوها الإقليمي المملكة العربية السعودية في وقت سابق من هذا العام، و سوف ترسل مبعوثها إلى الشرق الأوسط، تشاي جون، إلى المنطقة هذا الأسبوع.
و لم يتم تقديم تفاصيل حول المكان أو الموعد المحدد الذي سيسافر فيه تشاي. و قالت هيئة الإذاعة و التلفزيون المركزية الصينية (سي سي تي في) إنه سيدفع من أجل وقف إطلاق النار و إجراء محادثات سلام.
و في الأسبوع الماضي، قالت إسرائيل إنها تشعر بخيبة أمل عميقة تجاه الصين لفشلها في إدانة حماس. و تعد الصين داعم تاريخي للقضية الفلسطينية.
و تحدث وزير الخارجية الصيني وانغ يي، السبت، مع نظيره في السعودية. و قال إن “تصرفات إسرائيل تجاوزت الدفاع عن النفس”، وفقا لبيان نشرته وسائل الإعلام الرسمية الصينية.
و دعت روسيا، التي حافظت تقليديا على علاقات جيدة مع السلطات الإسرائيلية و الفلسطينية، إلى وقف فوري لإطلاق النار في الصراع. و دعت بكين إلى السلام و تقول إنها تدعم حل الدولتين.
و في بكين، يقوم بوتين بمهمة تعزيز العلاقة القوية بالفعل مع جارته الشيوعية، على الرغم من أن الخبراء يقولون إن موسكو أصبحت على نحو متزايد الشريك الأصغر في العلاقة.
وت عد الصين أكبر شريك تجاري لروسيا، حيث وصل التبادل بين البلدين إلى مستوى قياسي بلغ 190 مليار دولار العام الماضي، حسبما تظهر بيانات جمارك بكين.
و تعرضت بكين لانتقادات من الدول الغربية لموقفها من الحرب الأوكرانية، حيث تصر الصين على أنها تقف على الحياد تجاهها حتى مع رفضها انتقاد غزو موسكو.
و عندما قام شي بزيارة دولة إلى موسكو في مارس/آذار، أشاد بوتين “بالاحتمالات غير المحدودة حقا” التي توفرها الشراكة بين بلديهما.
و في حين يوفر منتدى مبادرة الحزام و الطريق فرصة جديدة لبوتين و شي لإظهار تحالفهما، فإن الخبراء لا يتوقعون الإعلان عن أي اتفاقيات رئيسية جديدة.
و قال ألكسندر غابويف، مدير مركز كارنيغي روسيا أوراسيا، لوكالة فرانس برس، إن “روسيا تدرك أن الصين لا ترغب في التوقيع على أي اتفاقيات تحظى بتغطية إعلامية كبيرة”. و قال: “إن الصين تمتلك كل الأوراق”.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟
خطا الرئيس السوري أحمد الشرع ثلاث خطوات مُهمة نحو إعادة توحيد سوريا، ومواجهة مشاريع تقسيمها. الأولى، إفشال التمرد المُسلّح الذي قادته خلايا النظام المخلوع في مناطق الساحل بهدف إسقاط الدولة الجديدة وإشعال حرب أهلية. والثانية، إبرام اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لدمجها في الدولة الجديدة، والثالثة، الاتفاق مع أهالي ووجهاء محافظة السويداء الجنوبية على دمجها الكامل في مؤسسات الدولة.
مع ذلك، تبقى مُعضلة الجنوب السوري إشكالية ضاغطة على سوريا؛ بسبب التحركات التي بدأتها إسرائيل منذ الإطاحة بنظام الأسد واحتلالها أجزاء جديدة من الأراضي السورية ومحاولتها تأليب دروز الجنوب على إدارة الرئيس الشرع.
على الرغم من أن إسرائيل سعت في البداية إلى تسويق تحرّكاتها العدوانية في سوريا في إطار مواجهة مخاطر أمنية مزعومة تُهددها، فإن النهج الإسرائيلي أصبح بعد ذلك أكثر وضوحًا، خصوصًا بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 23 فبراير/ شباط الماضي عن نوايا إسرائيل الإستراتيجية في سوريا. وتتضمن هذه النوايا تحقيق أربعة أهداف متوسطة وبعيدة المدى.
أولًا، تكريس احتلال المنطقة العازلة في الجولان وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية كأمر واقع من خلال ربط التواجد الإسرائيلي فيهما بالتهديدات المزعومة بعيدة المدى التي تواجه إسرائيل من سوريا، وليس القريبة المدى. وبالنظر إلى أن المناطق المُحتلة الجديدة ليست كبيرة من حيث الحجم، فإن إسرائيل قادرة على الاحتفاظ بها، إما بهدف ضمها لها بشكل نهائي، أو بهدف تعزيز موقفها في أي مفاوضات مستقبلية مُحتملة مع النظام الجديد في سوريا.
ثانيًا، محاولة إحداث شرخ كبير بين الدروز في جنوب سوريا والإدارة الجديدة كبوابة لتأسيس كيان درزي كمنطقة عازلة بينها وبين سوريا. ولا تقتصر وسائل إسرائيل بهذا الخصوص على تشجيع النزعة الانفصالية بين الدروز، وتقديم نفسها كحامٍ لهم، بل تشمل كذلك طرح مطلب تحويل جنوب سوريا إلى منطقة منزوعة السلاح وعدم انتشار الجيش السوري الجديد فيها، فضلًا عن اعتزام السماح للدروز بالعمل داخل إسرائيل.
ثالثًا، تدمير ما تبقى من الأصول العسكرية التي أصبحت ملكًا للدولة السورية بعد الإطاحة بنظام الأسد من أجل إضعاف القدرات العسكرية لهذه الدولة، وتقويض قدرتها على امتلاك عناصر القوة لبسط سيطرتها على كافة أراضيها وللتعامل مع التحديات الأمنية الداخلية التي تواجهها، خصوصًا مع الأطراف: (قسد، خلايا النظام في الساحل، والتشكيلات المسلحة في الجنوب). وتندرج هذه الإستراتيجية ضمن أهداف إسرائيل في تشجيع النزعات الانفصالية على الأطراف لإضعاف السلطة المركزية في دمشق.
رابعًا، تقويض قدرة تركيا على الاستفادة من التحول السوري لتعزيز دورها في سوريا، وفي المنافسة الجيوسياسية مع إسرائيل في الشرق الأوسط. ولهذه الغاية، تعمل إسرائيل على مسارات مُتعددة، ليس فقط محاولة إيجاد موطئ قدم لها بين الدروز في الجنوب، بل أيضًا شيطنة الإدارة السورية الجديدة للتأثير على القبول الدولي بها، والضغط على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعدم الاعتراف بالرئيس الشرع، وإبقاء العقوبات على سوريا كسيف مُصلت عليها لتحقيق مصالح إسرائيل، والضغط كذلك على واشنطن لإقناعها بالحاجة إلى بقاء الوجود العسكري الروسي في سوريا كضرورة لمواجهة نفوذ تركيا.
حتى في الوقت الذي يبدو فيه تقسيم سوريا أو فَدْرلتها أو تحويل الجنوب إلى منطقة منزوعة السلاح (عدم وجود الجيش السوري فيها)، غير مُمكن وغير واقعي، فإنه من المرجح أن تحتفظ إسرائيل باحتلال المنطقة العازلة وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية لفترة طويلة.
كما ستسعى لاستثمار الفترة الطويلة التي ستستغرقها عملية بناء الدولة الجديدة ومؤسساتها العسكرية والأمنية من أجل مواصلة شن ضربات على امتداد الأراضي السورية؛ بذريعة مواجهة تهديدات مُحتملة، أو خطر وقوع مثل هذه الأسلحة في أيدي جماعات تُشكل تهديدًا لإسرائيل.
إن هذا النهج الإسرائيلي المُحتمل ينطوي على مخاطر كبيرة على سوريا وإدارتها الجديدة، لأنه سيُقوض من قدرتها على تحقيق استقرار داخلي كامل وبناء مؤسسة عسكرية قوية. ولا تبدو احتمالية الدخول في حرب مع إسرائيل واردة على الإطلاق على جدول أعمال الرئيس الشرع، خصوصًا في هذه المرحلة التي تفرض عليه تركيز أولوياته على إنجاح المرحلة الانتقالية، وإعادة بناء الدولة، وبناء علاقات جيدة مع الغرب من أجل رفع العقوبات المفروضة على سوريا وإطلاق عملية إعادة الإعمار.
لقد شدد الشرع في القمة العربية الطارئة، التي عُقدت في القاهرة، على ضرورة العودة إلى اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل لعام 1974، بما في ذلك انسحاب إسرائيل من الأراضي الجديدة التي احتلتها بعد سقوط نظام الأسد. ويعمل الشرع على ثلاثة سياقات لمواجهة التحدي الإسرائيلي.
التأكيد على التزامه باتفاقية فض الاشتباك لإظهار رغبته في تجنب أي صدام عسكري مع إسرائيل.
تقويض قدرة إسرائيل على استثمار الانقسامات الطائفية والمجتمعية والعرقية في سوريا من خلال السعي لدمج الحالات على الأطراف: (الشمال الشرقي، الساحل، الجنوب) في الدولة الجديدة.
تعزيز القبول الدولي به لإقناع القوى الفاعلة في المجتمعين: الإقليمي والدولي بالضغط على إسرائيل للحد من اندفاعتها في سوريا، والعودة إلى الوضع الذي كان قائمًا في الجنوب قبل سقوط نظام بشار الأسد.
علاوة على ذلك، يُحاول الشرع توسيع هامش المناورة لديه في مواجهة التحدي الإسرائيلي من خلال تعميق الشراكة الجديدة لسوريا مع تركيا.
على الرغم من وجود مشروع لاتفاقية دفاع مشترك بين تركيا وسوريا، فإن الشرع لا يزال متريثًا في الإقدام على هذه الخطوة لاعتبارات مُتعددة. لكنه في حال تصاعد خطر التحدي الإسرائيلي على استقرار سوريا ووحدتها، فإنه قد يلجأ إلى هذه الاتفاقية للحصول على دعم تركي في تسليح الجيش السوري الجديد، وتعزيز قدرته على مواجهة هذا التحدي.
والخلاصة أن التحدي الإسرائيلي يُوجد عقبات كبيرة أمام نجاح التحول في سوريا، لكنه يُوجد في المقابل فرصًا للشرع لبلورة إستراتيجية متكاملة للتعامل مع هذا التحدي، وتعزيز القبول الدولي به كضمان لمنع اندلاع حرب بين سوريا وإسرائيل في المستقبل.