مفتي البوسنة والهرسك: يَجِبُ أنْ تَسْتَنِدَ الفتوى إلى حَقَائِقَ ومعارف أكيدة وثابته
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
قال الشيخ حسين كفازوفيتش رئيس العلماء والمفتي العام في البوسنة والهرسك: إن هَذَا اللقَاءَ وَأَمْثَالَهُ، التي يُنَظمُها إِخْوَانُنَا في العالمِ الإسلامي، مُسْتَوْحَاةٌ مِنْ التحَولَاتِ الحضَارِيةِ والثقَافِيةِ الكبيرةِ التي نَشْهَدُهَا. وَتَتَوَجهُ هذهِ التحَولَاتُ في المَقَامِ الأَولِ نَحوَ التقَدمِ التكنُولُوجِي، والتغَيراتِ في البُنْيَةِ الاجتماعيةِ للأُمَمِ على الصعِيدَيْنِ المَحَلي والعَالمي.
جاء ذلك خلال كلمته بمؤتمر الإفتاء، مضيفًا أن التغَيراتِ في مَجَالِ التطَورِ التكنُولُوجِي تَتَحَركُ بِشَكلٍ أساسي في اتجَاهَينِ، أَحَدُهُمَا البَحْثُ عنْ مَصَادِرِ الطاقَةِ المُتَجَددَةِ، المَعْرُوفَةِ بِالطاقَةِ الخَضْرَاءِ، والآخَرُ تَطْوِيرُ تِكنُولُوجِيَا المَعْلُومَاتِ.
وَسَوفَ تَتَجَلى لَنَا في المُستَقبَلِ العَوَاقِبُ التي سَيُخَلفُهَا هذانِ الاتجَاهَانِ في الْمُجْتَمَعَاتِ والأمَمِ النامِيَةِ. أما على المستوى الثقافي، فإن ما يُفْهَمُ عَلى أنهُ نِتَاجُ الروحِ الإنسانيةِ، سَوَاءً كَانَ قِيَمًا مَاديَةً أو رُوحِيةً، يَتَغَيرُ أيضًا، وَتَتَوَلدُ هُناكَ اتجَاهَاتٌ مُختلفةٌ.
وأوضح أن لِلدينِ في حَيَاةِ الناسِ أَهَميَةً خَاصةً مِنْ أجْلِ بَقَائِهِمْ، فَهُوَ الحَامِلُ لِلقِيَمِ الروحِيةِ التي يَعْتَمِدُ عَلَيهَا الإنسانُ دَائِمًا. وَهْوَ مُرْتَبِطٌ بالإيمانِ، والعَمَلِ، والأخلاقِ.
وأشار إلى أن الفَتوَى، بِوَصْفِهَا مُؤَسسَةً خَاصةً في الفِكرِ الإسلامي، تَنْبُعُ منَ الشريعةِ ذَاتِهَا، منَ العَقِيدَةِ التي تَشْمَلُ كُل الأعْمَالِ البَشَرِيةِ. لِذَلِك لا يُمْكِنُ النظَرُ إلَيها حَصْرًا مِنْ وُجْهَةِ النظَرِ القَانُونِيةِ (الفقهيةِ). فالشريعةُ شَامِلَةٌ، تَنْظُرُ لِلإنسانِ بِكُليتِهِ، لأن الإيمانَ والعملَ والسلُوكَ الأخلَاقِي السوِي تندرج تَحْتَهَا. وَلَيْسَ مِنَ الضرُورِي أن تكون المَطَالِبُ القانونيةُ (الفقهيةُ) والأخلاقيةُ مُتَطَابِقَةً دَائِمًا، وَلَكِنها مِنَ الناحِيَةِ الفِقْهِيةِ يَجِبُ أنْ تَكُونَ مُتَرَابِطَةً فِيمَا بَينَها، فإِنْ لَمْ يَتَحَققْ هَذا الترَابُطُ فَسَيَحْدُثُ ارْتِبَاكٌ وَفَوْضَى في اعْتِقَادِنَا وَعَمَلِنَا وَمَوْقِفِنَا الأخلاقي.
وشدد على أن مَسْألَةَ مُؤَسسَةِ الفَتوَى مُركبَةٌ، وَيَنْبُع هذا منَ العَلَاقَاتِ الاجْتِمَاعِيةِ المُرَكبَةِ الناتِجَةِ عنْ تَأثِيرِ الظرُوفِ المُخْتَلِفَةِ التي يُوْجَدُ فيها المسلمونَ، والبِيئَاتِ التي يَعِيشُونَ فيها، والتأثِيراتِ الاقتصاديةِ والسياسيةِ والقانونيةِ المختلفةِ والقِيَمِ الفِكْرِيةِ التي يَتَعَرضُونَ لَهَا، مشيرًا إلى أن الفَتوى، بِوَصْفِهَا مُؤَسسَةً شَرعيةً، يَجِبُ أنْ تَسْتَنِدَ إلى حَقَائِقَ وَمَعَارِفَ أكِيدةٍ وَثَابِتَةٍ حتى أقْصَى حَد مُمْكِنٍ.
وأكد أن الحديثَ عن الفَتْوَى في الأَلْفِيةِ المِيلَادِيةِ الثالِثَةِ يَعنِي أنْ نَكُونَ مَسْؤُولِينَ بِشَكلٍ خَاص عن المَكَانِ والزمَان اللذَينِ نَعِيشُ فِيهِمَا. إن عَصْرَنَا يَتَميَزُ بِصِرَاعِ المَصَالِحِ العالَمِيةِ والجُزْئِيةِ، والكِبَار والأَقْوِيَاءِ، والدوَلِ والْمُجْتَمَعَاتِ والشعوبِ الصغِيرَةِ والضعِيفَةِ.
وعن أهمية الإيمان بالله قال فضيلته: وَمَهْمَا بَلَغَتْ سُرعَةُ التغْيِيرِ في العالَمِ، فَسَيَبْقَى الإيمانُ باللهِ هوَ الرفِيقَ والأَمَلَ والسنَدَ الأَكْثَر وَفَاءً لِلإنسانِ. وَيَنْبَغِي أنْ يَنْصَب اهتِمَامُنَا على احْتِيَاجَاتِ الناس، الروحيةِ، والاقتصاديةِ، والاجتماعيةِ، والتعليميةِ، والصحِيةِ، والثقافيةِ، وَغَيْرِها.
واختتم فضيلته كلمته قائلًا: إن لِقَاءَاتِنَا هذهِ فُرْصَةٌ جَيدَةٌ لِتَبَادُلِ الآرَاءِ حَولَ مَا يَشْغلُنَا وَيُهِمنَا. وَإننِي أَتَقَدمُ بالشكْرِ إلى فَضِيلَةِ مُفتي جمهوريةِ مصرَ العربيةِ والإِخْوَةِ العَامِلِينَ مَعَهُ، على كَرَمِ الضيَافَةِ والاهْتِمَامِ بَأحْوَالِ المسلمينَ وَكَيْفِيةِ مُسَاعَدَتِهِم. وباسمِ مُسلِمِي البوسنةِ والهرسكِ، أَتَقَدمُ بالشكْرِ الجَزِيلِ لِشَعْبِ مِصْرَ، والأزهرِ الشريفِ، والمُفْتِينَ في هذا البَلَدِ، على دَعْمِهِم مُسلِمِي البوسنةِ والهرسكِ طِوَالَ قَرْنٍ منَ الزمَنْ.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: دار الإفتاء المصرية العالم الإسلامي الفتوى مؤتمر الإفتاء ی البوسنة التی ی
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى: هذه الحالات لا يجب على الزوجة فيها طاعة زوجها
قال الدكتور محمد طنطاوي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في تفسيره لمعنى الآية الكريمة "الرجال قوامون على النساء"، أن القوامة تعني أن الرجل يكون مسؤولًا عن شؤون المرأة، لكن ذلك ليس معناه التسلط أو التعنت أو القهر.
بل القوامة تعني أن الرجل يتحمل العبء الأكبر ويقدم أكثر في توفير الاحتياجات الأساسية، مثل النفقة والمأكل والمشرب والمأوى.
وأضاف في حواره ببرنامج "صباح الخير يا مصر" الذي يُعرض على شاشة القناة الأولى، أنه إذا لم يقم الزوج بكامل واجباته تجاه زوجته من نفقة وتوفير احتياجاتها، في هذه الحالة لا يحق للزوج أن يطالب زوجته بالطاعة إذا كان ذلك يتجاوز طاقتها أو يأمرها بما يخالف شرع الله.
وأكد أن هناك حالات لا يجوز للزوجة فيها طاعة زوجها إذا كان أمره يتعارض مع مصلحة الدين أو يسبب لها ضررًا.