رأي الوطن : مواقف لا ترقى مع هول مجازر الاحتلال
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
خرجت الإدانات العربيَّة والإسلاميَّة والدوليَّة على المجزرة التي ارتكبها كيان الاحتلال الصهيونيِّ بعد قصفه المستشفى الأهليَّ العربيَّ المعروف بمستشفى المعمدانيِّ، الواقع في حيِّ الزيتون بمدينة غزَّة، والذي أدَّى إلى سقوط المئات ما بَيْنَ شهيد وجريح، على الرغم من دخول العدوان على غزَّة يومه الثاني عشر، ولا يزال المُجتمع الدوليُّ منقسمًا بَيْنَ متقاعس يكتفي بالشَّجب والإدانة في أدنى صوَرها، وبَيْنَ داعمٍ وحامٍ لِمَا ترتكبه آلةُ القتل والإرهاب الصهيونيَّة من جرائم ضدَّ الإنسانيَّة، والتي تتنافى مع كافَّة القِيَم الإنسانيَّة والأخلاقيَّة، ومع قواعد القانون الدوليِّ الإنسانيِّ، خصوصًا اتفاقيَّة جنيف الرابعة المتعلِّقة بقواعد الحرب.
ورغم هذا الوضوح في الدِّفاع عن الكيان الغاصب، لا يزال بنو جِلْدتِنا من الدوَل العربيَّة والإسلاميَّة يكتفي بالشَّجب والتنديد والاستنكار، دُونَ اتِّخاذ خطوات دبلوماسيَّة عمليَّة ضدَّ هذا الكيان وداعميه، وأبسطها طردُ السَّفير الإسرائيلي في الدوَل التي تُقيم علاقات دبلوماسيَّة مع هذا الكيان الإرهابيِّ، والتلويح بعقوبات اقتصاديَّة حقيقيَّة ضدَّ كُلِّ مَنْ يدعمه في جرائمه ضدَّ المَدنيِّين الفلسطينيِّين العُزَّل، التي بلغت حدَّ القصف المتعمَّد لمنشآتٍ وأهدافٍ مَدنيَّة، ما يُعدُّ انتهاكًا خطيرًا لأحكام القانون الدوليِّ والإنسانيِّ، ولأبسط قِيَم الإنسانيَّة، والعمل بشتَّى الطُّرق للضغطِ على كيان الاحتلال الصهيونيِّ ودفْعِه نَحْوَ الوقف الفَوريِّ لسياسات العقاب الجماعيِّ ضدَّ أهالي قِطاع غزَّة، ووضْعِ سلسلة من الخطوات الدبلوماسيَّة الرادعة التي تدفَعُه لوقف هذا العدوان الهمجيِّ.
إنَّ الاكتفاء ببيانات الإدانة والشَّجب يقعُ في نَفْسِ كفَّة الميزان الدَّاعمة والحامية لهذا الكيان الغاصب، وتُعطيه ضوءًا أخضر لارتكاب مزيدٍ من الجرائم المُروِّعة؛ لأنَّه بكُلِّ بساطةٍ يستند إلى غطاءٍ أميركيٍّ ـ غربيٍّ عسكريٍّ واقتصاديٍّ وسياسيٍّ. فكَمْ عدد العائلات التي يُنتظر أنْ يمحوها كيان الاحتلال الصهيونيِّ من السِّجلِّ المَدنيِّ حتَّى نتَّخذَ موقفًا عربيًّا وإسلاميًّا ودوليًّا منصفًا يتوازى مع حجم جرائم حرب النازيَّة الجديدة في فلسطين المحتلَّة؟ وكَمْ ألفًا سيسقط من الأطفال والنِّساء حتَّى نعيَ حجم الكارثة؟ وهل سنظلُّ مكتوفي الأيدي أمام مُخطَّط الاستيلاء على غزَّة وإجبار أهلها على التهجير القسريِّ نَحْوَ سيناء والأردن، كما يسعى الكيان المحتلُّ المارق وحلفاؤه، حيث باتَ جليًّا أنَّ السِّياسة الصهيونيَّة في العدوان الجديد تعمل على التصعيد المتواصل الذي يدفع الفلسطينيِّين نَحْوَ مغادرة القِطاع، والتمهيد لحلٍّ أحاديٍّ شَبيهٍ بما حدَثَ قَبلَ ذلك في عامَيْ 1948 و1967، حيث كانت المذابح والجرائم الوسيلة الوحيدة لتنفيذ الكيان الصهيونيِّ لمُخطَّطاته.
لا بُدَّ أنْ يعيَ الموقف الرَّسميُّ العربيُّ خطورة الواقع الذي يسعى كيان الاحتلال إلى فرضه، فتوسُّع الهجمات الصهيونيَّة في قِطاع غزَّة لِتشملَ الأعيان المَدنيَّة، بما في ذلك المستشفيات والمدارس وتجمُّعات السكَّان، يُعدُّ تصعيدًا خطيرًا في مسار المواجهات، ويُنذر بعواقب وَخِيمة على أمن واستقرار المنطقة، ولَنْ يدفعَ ثمَنَه الفلسطينيون فحسب، بل ستكُونُ فاتورة باهظة تدفعُها دوَل الجوار والمحيط العربيِّ. لذا يجِبُ إعادة التموضع بشكلٍ صحيح، ودراسة الخيارات المتاحة ليس لحماية غزَّة أو القضيَّة الفلسطينيَّة عمومًا، لكن لمصلحة الجميع، وعلى المُجتمع الدوليِّ إدراك أنَّ التواطؤ تارةً بالصَّمْت وتارةً أخرى بالانتقائيَّة إزاء جرائم الحرب، والجرائم ضدَّ الإنسانيَّة التي يرتكبها الاحتلال الصهيونيُّ بحقِّ الشَّعب الفلسطينيِّ سيزيد حالة الاحتقان، ويوسِّع دائرة العنف، ويَقُودُ إلى مزيدٍ من التصعيد وعدم الاستقرار، التي ستؤثِّر على العالَم أجمع وليس منطقة الشرق الأوسط فحسب.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الاحتلال الصهیونی کیان الاحتلال
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تطلب رأي “العدل الدولية” في التزامات الكيان الصهيوني في فلسطين
الثورة / متابعات/
طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة ، رسميًا من محكمة العدل الدولية تقديم رأي استشاري بشأن التزامات الكيان الصهيوني المتعلقة بأنشطة الأمم المتحدة والدول الأخرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” فإن ذلك يأتي وسط تصاعد التوتر في المنطقة، وزيادة التركيز الدولي على الاحتياجات الإنسانية والتنموية للفلسطينيين.
وبموجب القانون الإنساني الدولي، فإن القوى المحتلة ملزمة بالموافقة على جهود الإغاثة لمن هم في حاجة إليها، وتسهيل مثل هذه البرامج “بكافة الوسائل المتاحة لها”، وضمان توفير الغذاء الكافي، والرعاية الطبية، والنظافة، ومعايير الصحة العامة.
ومحكمة العدل الدولية أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، وفي حين أن آراءها الاستشارية تحمل وزنًا قانونيًا وسياسيًا كبيرًا، إلا أنها ليست ملزمة قانونًا وتفتقر إلى آليات التنفيذ.
وفي 19 يوليو الماضي، قالت محكمة العدل الدولية، خلال جلسة علنية في لاهاي إن “استمرار وجود دولة “إسرائيل” في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني”، مشددة على أن للفلسطينيين “الحق في تقرير المصير”، وأنه “يجب إخلاء المستعمرات الصهيونية القائمة على الأراضي المحتلة”.
وجاء في بيان نشرته العدل الدولية على موقعها الكتروني، أن “الجمعية العامة للأمم المتحدة طلبت، رسميًا من المحكمة تقديم رأي استشاري بشأن التزامات “إسرائيل” باعتبارها قوة محتلة فيما يتعلق بأنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى بالأراضي الفلسطينية المحتلة”.
ووصف كبار المسؤولين في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” بأنها حجر الزاوية في جهود المساعدات الإنسانية بغزة.