انكشاف سياسي لدول "التطبيع".. لا موقف لا حقوق
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
نسفت الأحداث والتطورات الأخيرة بشكل كامل مبررات سياسية كانت تسوقها دول التطبيع لتبرير خيارها في التوقيع على "اتفاقات ابراهام" وإقامة علاقات دبلوماسية ومتعددة الأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية مع الكيان الصهيوني، ووضعت هذه الدول في ما بعد خط تسلل سياسي واضح.
في سبتمبر 2020، وقعت الإمارات والبحرين وتبعهما المغرب بعد فترة قصيرة على اتفاق "ابراهام" لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وبررت هذه الأخيرة خيارها بأنه سيقدم خدمة كبيرة للقضية الفلسطينية وأنه سيساعد على تهيئة الأجواء لتحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، لكن هذه المبررات تبدو واهية بالنظر إلى واقع سياسي يظهر غياب أي دور فعلي لهذه الدول في لجم العدوان الإسرائيلي وتحصيل الحقوق الفلسطينية.
فخلال تلك الفترة قال ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، إن "ثمن الصفقة هو موافقة إسرائيل على وقف ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية"، وبرز موقف في الإمارات يسعى إلى التعجيل بخطوات التطبيع، حيث قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، إن "الإمارات لا تريد عملية بطيئة وتدريجية بل إن فكرتها هي المضي قدما في هذه العملية، وتطبيع الإمارات علاقاتها مع إسرائيل أدى إلى تجميد تل أبيب عملية ضم أراض فلسطينية في الضفة الغربية ويجعل من حل الدولتين أمرا قابلا للتحقيق".
وفي نفس النسق السياسي برر النظام المغربي خياره في ما وصفه باستعادة العلاقات مع الكيان، وأدرج الخطوة ضمن خدمة القضية الفلسطينية وتوفير مناخ لإقامة سلام شامل ودائم، حيث قال وزير الخارجية ناصر بوريطة حينها "نحن نتحدث عن استئناف للعلاقات بين البلدين كما كانت سابقا، لأن العلاقة كانت قائمة دائما ولا تتوقف أبدا، والمغرب سيكون أكثر قدرة على مساعدة الفلسطينيين وخدمة القضية الفلسطينية".
ووضعت البحرين خطوة إقامة تطبيع كامل لعلاقاتها مع الكيان ضمن نفس الإطار، حيث اعتبر وزير الخارجية البحريني، عبد اللطيف بن راشد الزياني، أن "المنامة ملتزمة بمساعدة الشعب الفلسطيني وبكافة القرارات العربية على رأسها مبادرة السلام العربي، وافتتاح السفارة يدل على التزامنا المشترك بالأمن والازدهار لجميع شعوب منطقتنا". كما قال وزير الخارجية العماني، بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، الذي استقبلت بلاده عددا من المسؤولين الإسرائيليين منذ عام 2020 دون التوقيع على اتفاق تطبيع حتى الآن، إن "إقامة دولة فلسطينية سيكون شرطا مسبقا لإقامة علاقات كاملة مع إسرائيل وإن حياد سلطنة عُمان ليس سلبيا وإنما إيجابي وبناء واستباقي".
لكن هذه المبررات كان يمكن أن تصبح جزءا من السياق السياسي فيما لو تحقق أي من الوعود لخدمة القضية وتحقيق مكاسب تصب في صالح الشعب الفلسطيني وإقامة دولته، فقبل هذه الأحداث الأخيرة حتى أدارت إسرائيل، وذلك نهجها، ظهرها لكل الالتزامات التي أعلنتها خلال توقيع اتفاقات التطبيع بشأن السلام واحترام الحقوق الفلسطينية، إذ استمرت عمليات الاستيطان وقضم الأراضي وتهجير الفلسطينيين وعمليات تهويد القدس والقتل والاعتقالات في مناطق الضفة والقدس، ومع ذلك لم تبادر دول التطبيع المعنية باتخاذ أي موقف.
وخلال الأحداث الأخيرة اختفت هذه الدول خلف مواقف سياسية بدت أقل التزاما من دول في أمريكا اللاتينية، وتوارت عن الأحداث دون أن يكون لها أي دور أو جهد يناسب مزاعمها السابقة بشأن قدرتها على فرض تفاهمات مع الجانب الإسرائيلي لإحلال السلام، بل إن الجانب الإسرائيلي عكس الهجوم وطالب الدول العربية بإدانة المقاومة، وهو ما ظهر في كلمة مندوبة الإمارات لدى الأمم المتحدة، التي أدانت "حماس" بشكل صريح، وبيانات الخارجية المغربية التي وضعت ممارسة الشعب الفلسطيني حقه في المقاومة والاحتلال في نفس المستوى.
وبخلاف خيبة الموقف وضعف المبررات السياسية التي استندت إليها دول التطبيع في خيارات التقارب مع الاحتلال، فإن تقريرا نشرته وكالة "بلومبيرغ"، في جويلية الماضي، تحدث عن وجود خيبة كبيرة لدى الدول العربية التي طبعت مع إسرائيل "بسبب التعكر والتوترات المتزايدة بين إسرائيل والفلسطينيين بعد ثلاثة أعوام من توقيع اتفاقيات السلام"، مضيفا أن "الإمارات عبّرت عن إحباطها في اتصالات على مستويات عالية مع إسرائيل بشأن نتائج اتفاقيات ابراهام في 2020، في وقت عبّرت البحرين عن خيبة أملها حسب أشخاص على معرفة بالأمر. هذا الأمر يعود إلى تدهور العلاقات الإسرائيلية مع الفلسطينيين، تمثل في العدوان الإسرائيلي الواسع على مخيم جنين والتعليقات النارية من أعضاء الحكومة الإسرائيلية المتطرفة".
المصدر: الخبر
كلمات دلالية: مع إسرائیل مع الکیان
إقرأ أيضاً:
وزير شئون القدس: موقف مصر من القضية الفلسطينية والقدس «تاريخي»
ثمن وزير شئون القدس الفلسطيني الدكتور أشرف الأعور، الموقف المصري المشرف بشأن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، مؤكدًا أن الموقف المصري من القضية الفلسطينية وخصوصا القدس، تاريخي وحافل بالدعم والمساندة وعدم التفريط في الحق الفلسطيني المشروع.
وقال الأعور في حوار لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، خلال زيارته للأردن مؤخرًا، إن مصر لها مواقف مشرفة منذ الثورة الفلسطينية وبعدها وحاليًا سواء ما يحدث في قطاع غزة من حرب إبادة إسرائيلية بحق أهالي القطاع أو انتهاكات وتدمير في الضفة الغربية والقدس، مؤكدًا أن مصر هي الحاضنة لكافة أطياف الشعب الفلسطيني منذ الاحتلال الإسرائيلي وحتى هذه اللحظة وتعمل وتدعم حق الشعب الفلسطيني في إنهاء الاحتلال وتقرير مصيره.
وأضاف أن هذا الموقف المصري الداعم والمساند للشعب الفلسطيني وحقوقه ليس بغريب عليها، لافتًا إلى أن هذا هو الموقف التاريخي والإنساني لمصر قيادة وحكومة وشعبًا ولم ولن يتغير لأنه تاريخ طويل وكبير.
وحول الأوضاع في مدينة القدس المحتلة، اعتبر الأعور أن مدينة القدس المحتلة تئن تحت وطأة الاحتلال وممارسته وانتهاكاته بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية، بالإضافة إلى التنكيل بسكان وأهالي القدس، مشيرًا إلى أنه عقب أحداث 7 أكتوبر أصبحت الأمور والأوضاع داخل مدينة القدس صعبة للغاية أكثر مما كانت قبل.
وأوضح أن العالم انصرف عن الانتباه لما يحدث من سلطات الاحتلال داخل مدينة القدس نظرًا للانشغال بالأوضاع في غزة، مشيرًا إلى أنه إذ كانت إسرائيل تشن حرب إبادة ضد أهالي غزة فأنها تشن حرب استيلاء واحتلال جديد في القدس وتنتهك حرمات المسجد الأقصى والمقدسات.
وأشار إلى أن الجرائم الإسرائيلية في مدينة القدس والأراضي الفلسطينية لا تنتهي ولا تتوقف، مشيرًا إلى أن سن القوانين والاعتقالات والاقتحامات والاستيلاء على الأراضي أصبحت سمة سريعة ومتسارعة من قبل قوات الاحتلال ضد مدينة القدس وسكانها.
ولفت وزير شئون القدس الفلسطيني، إلى أن قوات الاحتلال تحاول تغيير الواقع الفلسطيني والتاريخي والديني لمدينة القدس مع انشغال العالم بالحرب على قطاع غزة، موضحًا أن اقتلاع وتهجير المقدسيين أسلوب تحاول إسرائيل حاليًا تنفيذه مستغلة عدم الحديث عن الوضع في القدس بالوضع في غزة.
ونوه إلى أن مسألة تهويد القدس وتغيير ملامحها الفلسطينية، بالإضافة إلى تغيير منهاج القدس واستبداله بمنهاج إسرائيلي مخطط تحاول إسرائيل تنفيذه حاليًا بالقدس، مؤكدًا أنه رغم كل هذه المحاولات ينجح المقدسيون بعزيمته في وقف وإفشال كل هذه الطرق الإسرائيلية المعهودة والمعروفة للجميع.
وتابع أن صمود المقدسيين وسكان القدس ونضالهم ضد الاحتلال الإسرائيلي لم ولن يتوقف مع دفع فواتير غالية من الأبناء والأطفال والنساء ولكن كل ذلك فدى القدس والمقدسات، مؤكدًا أن المقدسيين هم الصخرة التي ستتحطم عليها كل أحلام ومخططات المحتل الإسرائيلي ومن يسانده.
وشدد الوزير أشرف الأعور على أن القدس للمقدسيين والعرب والمسلمين والمسيحيين ولكل من يريد السلام ويعمل من أجله، مؤكدًا أن القدس فلسطينية وستبقى كذلك رغم كل هذه الإجراءات الإسرائيلية والمخططات التي يسعها إليها المحتل.
وعن دور وزارة شئون القدس في ظل هذه الأوضاع الصعبة، كشف وزير شئون القدس الفلسطيني، أن كل هذه الانتهاكات التي ترتكب من قبل قوات الاحتلال بحق القدس والمقدسيين من هدم بيوت وتهجير واعتقالات محل اهتمام وترقب دائم من وزارة شئون القدس، مشيرًا إلى أن الوزارة تعمل جاهدة من أجل تعزيز صمود المقدسيين ضد هذه الانتهاكات الإسرائيلية التي لا تتوقف ولا يتحرك ضدها المجتمع الدولي رغم أنها حقوق للمقدسيين معترف بها دوليًا وتنص عليها القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة.
كما شدد على أن الوزارة تقدم العديد من الخدمات للمقدسيين ومنها تقديم الاستشارات القانونية والمحامين للدفاع عن المعتقلين أو الذين هدمت منازلهم أو تم الاستيلاء عليها من قبل قوات الاحتلال، مشيرًا إلى أن الوزارة تقدم أيضا المساعدات الإنسانية حال تعرض المقدسيين لهدم منازلهم أو غير ذلك.
وأعرب عن أسفه لتواضع ما تقدمه وزارة شئون القدس للمقدسيين نظرا للأوضاع وتعنت الاحتلال واستمرار تضيقه على السلطة الفلسطينية في جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس المحتلة، مؤكدًا في الوقت نفسه أن صمود المقدسيين بشكل خاص والفلسطينيين بشكل عام هو حائط الصد أمام كل هذه الانتهاكات والإجراءات الإسرائيلية.
وبشأن الموقف الأردني واستمرار الوصاية الهاشمية على المقدسات، أوضح وزير شئون القدس الفلسطيني الدكتور أشرف الأعور، أن المملكة الأردنية الهاشمية صاحبة الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، مؤكدًا أن هذه الوصاية هي حماية لهذه المقدسات والمؤسسات والمقدسيين أنفسهم.
وأعرب عن أسفه لما تقوم به إسرائيل من إجراءات تعرقل بها حق المقدسيين في بلادهم ومنها عدم السماح بدخول المقدسيين إلى القدس دون سن معين لممارسة شعائرهم الدينية والصلاة وزيارة المسجد الأقصى وغيرها من إجراءات تحاول بها منع المقدسيين من القدس، مشيرًا إلى أن الأردن ومصر والأشقاء العرب يعملون من أجل وقف هذه الإجراءات.
وعن رسالة الدولة الفلسطينية للعالم بشأن القدس، دعا وزير شئون القدس الفلسطيني الدكتور أشرف الأعور، العالم العربي والإسلامي بالوقوف دائمًا بجانب القدس والمقدسيين، مؤكدًا أن القدس هي بوصلة العالم الإسلامي والعربي والقضية الفلسطينية.
وطالب المجتمع الدولي وخصوصًا العربي والإسلامي بدعم صمود أهالي القدس وقدرتهم على مواجهة هذه الإجراءات الإسرائيلية، مؤكدًا أن القدس والمقدسيين في أمس الحاجة إلى تعزيز صمودهم والدعم لمواجهة محاولات التهجير القسري التي تعمل عليها قوات الاحتلال للمقدسيين وهدم والاستيلاء على منازلهم، ولن تتحقق كل هذه المحاولات بدعم وصمود الوطنيين والأشقاء العرب والمسلمين.
اقرأ أيضاًوسام ناصيف: تصرفات إسرائيل في لبنان والضفة الغربية والقدس تؤجج الأوضاع
تقرير فلسطيني: الاحتلال يغير القوانين في الضفة بما فيها القدس للاستيلاء على الأراضي
العاهل الأردني: سنواصل الدفاع عن القدس ونقف بصلابة أمام العدوان على غزة