جريدة الوطن:
2024-07-06@01:23:32 GMT

المولد النبوي بين الخصوصية والعموم «4»

تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT

قرائي الكرام: إن مولد نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) كان له من العموم ما جعل الفرح بنوره يعم الأماكن والأزمان، وكلما جاء زمن جديد عمّ على احتفال أكثر وأعم من سابقه، لأنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، (فإِنَّ مِيلَادَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ حَقًّا إِيذَانًا بِزَوَالِ الظُّلْمِ وانْدِثَارِعَهْدِهِ، وانْدِكَاكِ مَعَالِمِهِ)(اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون 1/ 77).


وعلى العموم فالمسلمون يحتفلون كل عامٍ في الثاني عشر من ربيع الأول بذكرى مولد خير البرية، هادى البشرية، المبعوث للإنسانية، ويجعل البعض هذه الذكرى المباركة من هذا اليوم المبارك عيداً للمسلمين، لما يغمرهم من السعادة بها، فالسعادة بمولد المصطفى (صلى الله عليه وسلم) قد سعدت به الأكوان جميعها، ظهر ذلك في محبته (صلى الله عليه وسلم) من المسلمين في زمانه وبعد موته، وقد استمرتتلك السعادة بمولده الشريف إلى يومنا هذا، وستظل إلى أن تقوم الساعة، وقد اجتهد الناس في إظهار ذلك الشعور الجميل تجاه النبي الكريم (عليه الصلاة والسلام)، وذلك باستظهار واستذكار وحب النبي(صلى الله عليه وسلم)وذلك عبر الأزمنة وحسب الأمكنة والأمصار والأقطار والأعراف والثقافات والعادات،ومنهم من اقتصد في ذلك، لأنهم بذلك يعبرون عن محبتهم للنبي (صلى الله عليه وسلم)، أما إحياء سنته واتباعها والدعوة إليها وتعليمها للناس والدفاع عنها، وقد توسع بعض الناس فيها، ولكن لابد من عدم المبالغة والمغالاة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(وإما محبة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتعظيماً له – والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد، وعدم اتخاذ مولد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عيدًا – مع اختلاف الناس في مولده فإن هذا لم يفعله السلف، مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيرًا محضًا، أو راجحًا، لكان السلف ـ رضي الله عنهم ـ أحق به منَّا؛ فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتعظيماً له منَّا، وهم على الخير أحرص، وإنما كمال محبته وتعظيمهـ صلى الله عليه وسلم ـ في متابعته، وطاعته، واتباع أمره، وإحياء سنَّتهباطنًا وظاهرًا، ونشر ما بُعث به، والجهاد على ذلكبالقلبواليد واللسان؛ فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان).
فالاحتفال بالمولد النبوي سعادة ندخلها على قلوبنا نحيي بها قلوبنا فإن (محبة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تكون باتباع سنته، وتعليمها ونشرها بين الناس والدفاع عنها، وهذه هي طريقة الصحابة ـ رضي الله عنهم)(اقتضاء الصراط، ص: 294،295).
ومن هنا فلا حرج أن يعبر المسلمون عن مظاهر الاحتفال بذكرى المولد النبوي بتوزيع بعض الحلوى أوالعصائر أوبعض الأطعمة أو الجلوس في المساجد والجوامع والمراكز الإسلامية بل والمدارس والجامعات ودور العلم وأماكن تواجد الناس، لتذكيرهم بمولد نبيهم وشفيعهم يوم يقوم الناس لرب العالمين،فيلقون الدروس والخطب والمواعظ والعبر وتذكير هم بصفة عامة عن حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وسيرته المباركة وخاصة مولده الشريف،فما أحوجنا نحن المسلمون إلى ذلك لتجمعنا وتوحدنا هذه الذكرى المباركةفالاحتفال بالمولد النبوي على العموم يجمع بين ربوع المسلمين من الأمة الإسلامية على الرغم من اختلاف لغاتهم وألوانهم وأشكالهم وأعراقهم وبلدانهم وأقطارهم، وهذه النقطة غاية في الأهمية والإيجابية التي تظهر للعالم وحدة أمة الإسلام واتحادهم وتجمعهم على كلمة سواء، بالإضافة إلى تعبيرهم من خلال المولد النبوي عن حبهم وتقديرهم لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وهذا الذي يعكس عليهم مزيدًا من الخلق الحسن والمعاملة الطيبة والسلوك المحترم، ولم لا؟ وقد كان ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ نموذجًا للخلق الحسن والتواضع كرم العطاء وحسن الأداء، ومولده الشريف يعتبر فرصة لتذكير الناس ليقلدوه ويتبعوا سنته ويسيروا وفق تعاليمه ويقتدوا بسلوكه ويطبقوا تعاليمهوهذا ـ في رأيي ـ واجب ديني وأخلاقي، أليس الاحتفال بالمولد النبوي انعكاسللقيم الإنسانية والاجتماعية التي دعا إليها سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) من تشجيع لنا على القيام بالمزيدمن الأعمال الخيرية والحسنة كالطعام الذي يوزع على المحتاجين وتقديم يد العون للمساكين والفقراء واليتامى والمحتاجين، ومجاملة الأصدقاء والمحبين وسائر المسلمين، فصلوا عليه ما تكررت الأزمان وما توالت العصور، وزيدوه تسليما على مر الدهور.

محمود عدلي الشريف
ma.alsharif78@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ـ صلى الله علیه وسلم ـ

إقرأ أيضاً:

«الإفتاء» حكم الذكر جماعة وجهرا عقب صلاة العصر يوم الجمعة

يوم الجمعة من خصائص الأمة المحمدية؛ وهو من الأيام التي لها فضل عظيم ويستحب فيها الأعمال الصالحة المختلفة، منها ذكر الله عز وجل، ويقوم بعض الناس في يوم الجمعة المبارك بذكر الله سبحانه جماعة وجهرًا عقب صلاة العصر يوم الجمعة، ويتساءل عدد من الناس عن حكم ذلك.

حكم الذكر جماعة وجهرًا

وأوضحت دار الإفتاء المصرية، في فتوى لها عن يوم الجمعة والذكر جماعة وجهرا، أنّه لا مانع شرعًا من ذلك؛ فالذكر الجماعي مشروعٌ في المسجد وفي غيره، ومشروعيته ثابتة بالكتاب والسنة وعمل الأمة سلفًا وخلفًا، موضحة أنّه ورد الأمر الشرعي بذكر الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مطلقً، واستشهدت بذك بقوله تعالى في سورة الأحزاب: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا • وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾.

فضل يوم الجمعة

وتابعت الإفتاء بأنّه قد ورد في الحديث الشريف عن فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه: «أَضَلَّ اللهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا؛ فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ اللهُ بِنَا فَهَدَانَا اللهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ، وَالسَّبْتَ، وَالْأَحَدَ، وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ».

وأكدت أنّ الرسول، صلى الله عليه وسلم قال: «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إلى ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً».

مقالات مشابهة

  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • «الإفتاء» حكم الذكر جماعة وجهرا عقب صلاة العصر يوم الجمعة
  • سر كلمات أوصى بها النبي.. «حياتك هتتغير لو حرصت عليها»
  • دعاء دخول المسجد كما ورد عن النبي.. «اللهم افتح لي أبواب رحمتك»
  • سنن الجمعة المهجورة.. أعمال مستحبة لها فضل عظيم
  • دروس على أعتاب السنة الهجرية الجديدة
  • فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
  • الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم..آداب يوم الجمعة
  • رأس السنة الهجرية ١٤٤٦.. قصة الهجرة النبوية للأطفال