جريدة الوطن:
2024-11-16@04:08:21 GMT

المولد النبوي بين الخصوصية والعموم «4»

تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT

قرائي الكرام: إن مولد نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) كان له من العموم ما جعل الفرح بنوره يعم الأماكن والأزمان، وكلما جاء زمن جديد عمّ على احتفال أكثر وأعم من سابقه، لأنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، (فإِنَّ مِيلَادَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ حَقًّا إِيذَانًا بِزَوَالِ الظُّلْمِ وانْدِثَارِعَهْدِهِ، وانْدِكَاكِ مَعَالِمِهِ)(اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون 1/ 77).


وعلى العموم فالمسلمون يحتفلون كل عامٍ في الثاني عشر من ربيع الأول بذكرى مولد خير البرية، هادى البشرية، المبعوث للإنسانية، ويجعل البعض هذه الذكرى المباركة من هذا اليوم المبارك عيداً للمسلمين، لما يغمرهم من السعادة بها، فالسعادة بمولد المصطفى (صلى الله عليه وسلم) قد سعدت به الأكوان جميعها، ظهر ذلك في محبته (صلى الله عليه وسلم) من المسلمين في زمانه وبعد موته، وقد استمرتتلك السعادة بمولده الشريف إلى يومنا هذا، وستظل إلى أن تقوم الساعة، وقد اجتهد الناس في إظهار ذلك الشعور الجميل تجاه النبي الكريم (عليه الصلاة والسلام)، وذلك باستظهار واستذكار وحب النبي(صلى الله عليه وسلم)وذلك عبر الأزمنة وحسب الأمكنة والأمصار والأقطار والأعراف والثقافات والعادات،ومنهم من اقتصد في ذلك، لأنهم بذلك يعبرون عن محبتهم للنبي (صلى الله عليه وسلم)، أما إحياء سنته واتباعها والدعوة إليها وتعليمها للناس والدفاع عنها، وقد توسع بعض الناس فيها، ولكن لابد من عدم المبالغة والمغالاة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(وإما محبة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتعظيماً له – والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد، وعدم اتخاذ مولد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عيدًا – مع اختلاف الناس في مولده فإن هذا لم يفعله السلف، مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيرًا محضًا، أو راجحًا، لكان السلف ـ رضي الله عنهم ـ أحق به منَّا؛ فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتعظيماً له منَّا، وهم على الخير أحرص، وإنما كمال محبته وتعظيمهـ صلى الله عليه وسلم ـ في متابعته، وطاعته، واتباع أمره، وإحياء سنَّتهباطنًا وظاهرًا، ونشر ما بُعث به، والجهاد على ذلكبالقلبواليد واللسان؛ فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان).
فالاحتفال بالمولد النبوي سعادة ندخلها على قلوبنا نحيي بها قلوبنا فإن (محبة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تكون باتباع سنته، وتعليمها ونشرها بين الناس والدفاع عنها، وهذه هي طريقة الصحابة ـ رضي الله عنهم)(اقتضاء الصراط، ص: 294،295).
ومن هنا فلا حرج أن يعبر المسلمون عن مظاهر الاحتفال بذكرى المولد النبوي بتوزيع بعض الحلوى أوالعصائر أوبعض الأطعمة أو الجلوس في المساجد والجوامع والمراكز الإسلامية بل والمدارس والجامعات ودور العلم وأماكن تواجد الناس، لتذكيرهم بمولد نبيهم وشفيعهم يوم يقوم الناس لرب العالمين،فيلقون الدروس والخطب والمواعظ والعبر وتذكير هم بصفة عامة عن حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وسيرته المباركة وخاصة مولده الشريف،فما أحوجنا نحن المسلمون إلى ذلك لتجمعنا وتوحدنا هذه الذكرى المباركةفالاحتفال بالمولد النبوي على العموم يجمع بين ربوع المسلمين من الأمة الإسلامية على الرغم من اختلاف لغاتهم وألوانهم وأشكالهم وأعراقهم وبلدانهم وأقطارهم، وهذه النقطة غاية في الأهمية والإيجابية التي تظهر للعالم وحدة أمة الإسلام واتحادهم وتجمعهم على كلمة سواء، بالإضافة إلى تعبيرهم من خلال المولد النبوي عن حبهم وتقديرهم لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وهذا الذي يعكس عليهم مزيدًا من الخلق الحسن والمعاملة الطيبة والسلوك المحترم، ولم لا؟ وقد كان ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ نموذجًا للخلق الحسن والتواضع كرم العطاء وحسن الأداء، ومولده الشريف يعتبر فرصة لتذكير الناس ليقلدوه ويتبعوا سنته ويسيروا وفق تعاليمه ويقتدوا بسلوكه ويطبقوا تعاليمهوهذا ـ في رأيي ـ واجب ديني وأخلاقي، أليس الاحتفال بالمولد النبوي انعكاسللقيم الإنسانية والاجتماعية التي دعا إليها سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) من تشجيع لنا على القيام بالمزيدمن الأعمال الخيرية والحسنة كالطعام الذي يوزع على المحتاجين وتقديم يد العون للمساكين والفقراء واليتامى والمحتاجين، ومجاملة الأصدقاء والمحبين وسائر المسلمين، فصلوا عليه ما تكررت الأزمان وما توالت العصور، وزيدوه تسليما على مر الدهور.

محمود عدلي الشريف
ma.alsharif78@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ـ صلى الله علیه وسلم ـ

إقرأ أيضاً:

الصلاة على النبي ﷺ: مفتاح البركات وسبب لرفع الدرجات

الصلاة على النبي محمد ﷺ هي من أعظم القربات التي تقرب المسلم من ربه، وأحد ألوان العبادة التي حث عليها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فقد وردت العديد من الأحاديث التي تؤكد أهمية هذه العبادة، وتحفز المسلمين على الإكثار منها في مختلف الأوقات، لما لها من فضل عظيم وأثر طيب على النفس والروح.

1. حديث النبي ﷺ عن فضل الصلاة عليه

من بين الأحاديث التي تبرز فضل الصلاة على النبي ﷺ، ما رواه الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، حيث قال: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا»، رواه مسلم. هذا الحديث يحمل في طياته وعدًا نبويًا عظيمًا، حيث أن المسلم الذي يكثر من الصلاة على النبي ﷺ، يجزى الله سبحانه وتعالى بصلوات مضاعفة تصل إلى عشر صلوات.

2. معنى الصلاة على النبي ﷺ

الصلاة على النبي ﷺ هي الدعاء له بالبركة والرحمة، وهي بمثابة دعاء للمسلم أيضًا بأن يرزقه الله من فضله. فالصلاة على النبي ﷺ تعني طلب رضا الله، وتعظيم مكانة النبي، والاعتراف بفضله وعظمته في نشر رسالة الإسلام.

في تفسير مجمع البحوث الإسلامية، أكد العلماء أن الصلاة على النبي ﷺ تمثل طهارة للقلب وزيادة في الإيمان، وتعد وسيلة لتطهير النفس من الهموم والغموم.

3. أثر الصلاة على النبي ﷺ على المسلم

لا تقتصر فوائد الصلاة على النبي ﷺ على الدنيا فقط، بل تمتد آثارها إلى الآخرة، إذ تنقلب هذه الصلاة إلى شفاعة للنفس يوم القيامة. كما أنها سبب في رفع الدرجات وتكفير السيئات، كما جاء في الأحاديث النبوية.

تكفير السيئات: كما في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ: «من صلى عليَّ واحدة، صلى الله عليه بها عشرًا»، مما يدل على أن هذه الصلاة سبب في مغفرة الذنوب وزيادة الأجر.رفع الدرجات: الصلاة على النبي ﷺ وسيلة لرفع درجات المؤمن في الجنة، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: «إنَّ الله تعالى أمر الملائكة أن يصلُّوا على النبي ﷺ فكيف أنتم؟».4. الصلاة على النبي ﷺ طريق إلى رضا الله

في تفسير مجمع البحوث الإسلامية، يُذكر أن الصلاة على النبي ﷺ تعد من أسباب رضا الله على العبد، فهي دعاء للمسلم بأن يغفر الله له ذنوبه، ويعافيه من الخطايا. فقد ورد عن النبي ﷺ أنه قال: «مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا»، مما يفتح للمسلم أبوابًا عظيمة من الأجر.

5. كيفية الصلاة على النبي ﷺ

يمكن للمسلم أن يصلي على النبي ﷺ بأي صيغة يحبها، ولكن من أفضل الصيغ التي وردت عن النبي ﷺ هي: "اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد". كما يمكن أيضًا قول: "اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد".

6. الوقت والمكان المناسب للصلاة على النبي ﷺ

هناك أوقات وأماكن يُستحب فيها الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ، مثل:

أثناء الصلاة، وخصوصًا في التشهد.في يوم الجمعة، حيث يُستحب للمسلم أن يكثر من الصلاة على النبي ﷺ.عند ذكر اسمه ﷺ في أي مكان أو زمان.7. فضل الصلاة على النبي ﷺ في الشدائد

في الشدائد والمصاعب، يعتقد المسلمون أن الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ قد يكون مفتاحًا للفرج، وأنها سبب في إزالة الهموم والبلاء. فقد جاء عن النبي ﷺ أنه قال: «من صلى عليَّ حين يصبح وحين يمسي أدركته شفاعتي يوم القيامة».

8. الصلاة على النبي ﷺ ودورها في استجابة الدعاء

هناك ارتباط قوي بين الصلاة على النبي ﷺ واستجابة الدعاء. فقد ذكر العلماء أن من أكثر من الصلاة على النبي ﷺ في دعائه، فإنه يُرجى له قبول دعائه وتحقيق مراده، وذلك لأن الصلاة على النبي ﷺ تفتح أبواب السماء وتستجلب الرحمة الإلهية.

 

إن الصلاة على النبي ﷺ تعد من أعظم القربات وأحب الأعمال إلى الله. هي وسيلة لزيادة الإيمان، رفع الدرجات، تكفير السيئات، وسبب في شفاعة النبي ﷺ يوم القيامة. كما أن للصلاة على النبي ﷺ آثارًا عظيمة في حياة المسلم، تشمل رضا الله، الإجابة الدعاء، والطمأنينة النفسية. لذلك، يجب على المسلم أن يحرص على الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ في كل وقت وحين، بما يعود عليه بالخير في الدنيا والآخرة.

مقالات مشابهة

  • لماذا كان النبي يمشي خلف أصحابه ولا يتقدم عليهم؟.. 3 أسباب لا تعرفها
  • تعرف على فضل صلاة الوتر.. أوصى بها النبي
  • لماذا نهى النبي عن النوم على البطن؟ إعجاز علمي يؤكد التحذير النبوي
  • كيف تصبح متواضعًا؟ 7 خطوات من وصايا الرسول
  • الصلاة على النبي ﷺ: مفتاح البركات وسبب لرفع الدرجات
  • يضمن لها عزها.. خطيب المسجد النبوي: خضوع الأمة للتوجيهات الإلهية والعمل بسنة النبي
  • الاحتلال يقع داخل فخ لحزب الله داخل مقام النبي شمعون جنوب لبنان
  • «الإفتاء» تكشف معنى «مقام الإحسان» وكيفية الوصول إليه.. ماذا قال عنه النبي؟
  • عالم بالأوقاف: سيدنا النبي كان يطلق على المال العام مال الله
  • حكم البكاء على الميت والحزن عليه؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)