استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، المستشار الألماني أولاف شولتس بمقر رئاسة الجمهورية، اليوم الموافق الأربعاء 18 من أكتوبر الجاري، لعقد مؤتمر صحفي لإجراء مشاورات لوقف التصعيد بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.

وادلي الرئيس عبد الفتاح السيسي، عدة تصاريح قوية وصريحة بشأن تهجير الفلسطينيين إلي سيناء، ووقف تصاعد الأحداث بين الطرفين، كما طالب المجتمع الدولي بالتدخل لإيقاف استهداف المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.

الوضع الانساني في غزة تدهور بصورة مؤسفة

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال المؤتمر مع المستشار الألماني أولاف شولتس: "إن الوضع الانساني في قطاع غزة أخذ في التدهور بصورة مؤسفة وغير مسبوقة، وأن الوضع الحالي قد يخرج على السيطرة، وتوسيع رقعة الصراع".

وأضاف الرئيس السيسي إن المواجهات العسكرية والتصعيد العسكري في قطاع غزة والذي أودى بحياة المدنيين من الجانبين، ينذر بخطر كبير، وشدد على ضرورة تحقيق الأمن في الشرق الأوسط مؤكدا أن ذلك ينعكس على القارة الأوروبية.

السيسي يعزي ضحايا مستشفى الأهلي المعمداني

وأوضح الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه مع المستشار الألماني شولتس، على ضرورة وقف التصعيد الراهن في قطاع غزة، وشدد على ضرورة السماح بمرور المساعدات الإنسانية.

وحذر الرئيس عبدالفتاح السيسي، من استمرار العمليات العسكرية فى قطاع غزة، وأنه سيكون لها تداعيات أمنية وعسكرية يمكن أن تخرج عن السيطرة، وأدان الرئيس السيسي كافة الأعمال العسكرية التي تستهدف المدنيين بالمخالفة والانتهاك الصريح لكافة القوانين الدولية.

وأعرب الرئيس السيسي - في كلمته خلال مؤتمر صحفي بقصر الاتحادية مع المستشار الألماني أولاف شولتز - عن بالغ الأسى والألم، كما تقدم بخالص التعازي في ضحايا القصف الوحشي للمستشفى الأهلي المعمداني.

السيسي يحذر من خطة إسرائيل لدفع مواطني غزة إلى دخول سيناء

وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أنه سيتم استقبال المساعدات وتوجيهها لأهالي غزة من خلال معبر رفح، موضحًا أن تسوية القضية الفلسطينية غاية في الخطورة، وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن ما يحدث في غزة، يهدف لـ دفع المواطنين في غزة لدخول مصر، مشيرًا إلى أن هذا لا يحقق السلام.

وكشف أن قطاع غزة خلال الفترة الحالية تحدى سيطرة إسرائيل، ولكن ما يحدث غاية في الخطورة، وحذر الرئيس السيسي، من خطورة الموقف وتهجير المواطنين من فلسطين، لـ مصر والأردن.

السيسي: تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء أمر غير قابل للتنفيذ

وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي: "نحن دولة ذات سيادة حرصت منذ اتفاقية السلام مع إسرائيل، على أن يكون هذا المسار استراتيجيا داعما لدول أخرى للانضمام لها، والقطاع الآن تحت سيطرة الدولة الاسرائيلية، وما يحدث الآن في فلسطين قضية منطقتنا بالكامل ولها تأثير على قضية العرب كلها".

وتابع الرئيس: "فكرة النزوح وتهجير الفلسطينيين إلى مصر، سيحدث الأمر مماثل، لذا الفكرة غير قابلة للتنفيذ، وأنا أحذر من هذا الأمر، نقل المواطنين الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء، يعنى أننا ننقل فكرة المقاومة والقتال من قطاع غزة إلى سيناء، وتصبح سيناء قاعدة للانطلاق من غزة إلى سيناء، وحينها سترد إسرائيل على سيناء بهدف الدفاع عن نفسها".

واستكمل: “مصر دولة كبيرة حرصت على السلام بإخلاص، ونحتاج للمساهمة في الاستثمار في هذا السلام، ولا يجب أخذه إلى فكرة غير قابلة للتنفيذ”.

خروج المصريين لرفض فكرة تهجير الفلسطينيين لـ سيناء

وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر دولة كبيرة وتحافظ على السلام، ولكن ما تسعى له إسرائيل غير مقبول، بشأن تهجير أهل غزة لـ مصر، وحذر الرئيس السيسي من خطورة ما يحدث، وقال إنه من الممكن أن يحدث بعد ذلك عمليات عسكرية من قبل بعض المقاومة ويصبح الضرب في سيناء، معلقًا: “سيناء لن تكون قاعدة لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، وبعد ذلك تقوم إسرائيل بضرب سيناء”. 

وأضاف الرئيس السيسي: "مصر فيها 105 ملايين والرأى العام المصري والعربي يتأثر بعضه ببعض، وإذا استدعى الأمر أن أطلب من الشعب المصري الخروج للتعبير عن رفض هذه الفكرة، فسترون ملايين من المصريين يخرجون للتعبير عن رفض الفكرة ودعم الموقف المصرى".

إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس

وعقب الرئيس عبد الفتاح السيسي: “اتفقنا في الرؤى حول الحاجة الضرورية لعودة مسار التهدئة وفتح آفاق جديدة للتسوية من أجل تجنب انزلاق المنطقة إلى حلقة مفرغة من العنف وتعريض حياة المدنيين للمزيد من الخطر”، وأكد السيسي علي أهمية التعامل مع القضية الفلسطينية بمنظور شامل ومتكامل يضمن حقوق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة على حدود يونيو 67 وعاصمتها القدس.

وأكد الرئيس السيسي، أن قطاع غزة الآن تحت سيطرة الدولة الإسرائيلية، موضحا: “خلال السنوات الماضية ما الذي جعل الموضوع يصل إلى هذا الحد؟، هل كانت هناك دولة فلسطينية نجحت في أن تخرج إلى النور؟، رغم المبادرات والقوانين المختلفة التي صدرت من الأمم المتحدة، والمبادرات العربية، لإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح؟".

وأضاف الرئيس السيسي: “طرحنا أن تكون هناك قوات أممية تضمن أمن واستقرار كل من الشعب والمواطن الفلسطيني والإسرائيلي، وهذا لم يحدث، ونحن لا نبرر أبدًا أي عمل يستهدف أي مدني، ونعتبر القضية الفلسطينية قضية القضايا، ولها تأثير كبير جدا على الأمن والاستقرار”.

مصر داعمة للحق الفلسطيني

وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أنّ مصر ترفض تصفية القضية الفلسطينية بالأدوات العسكرية أو أي محاولات لتهجير الفلسطينين قسريا من أرضهم، أو أن يأتي ذلك على حساب المنطقة، لافتا إلى أنّ مصر ستظل على موقفها الداعم للحق الفلسطيني المشروع في أرضه ونضال الشعب الفلسطيني.

وأوضح السيسي أنّ تصفية القضية الفلسطينية في غاية الخطورة، ونرى أنّ ما يحدث في غزة الآن ليس فقط الحرص على توجيه عمل عسكري ضد حماس، وإنما محاولة لدفع السكان المدنين إلى اللجوء للهجرة إلى مصر.

وتابع: «نحن دولة ذات سيادة حرصت خلال السنوات الماضية منذ اتفاقية السلام مع إسرائيل على أن يكون هذا المسار خيارا استراتيجيا نحرص عليه، ونسعى لأن يكون هذا المسار داعما لدول أخرى للانضمام إليه».
 

نقل سكان غزة لصحراء إسرائيل

وتساءل الرئيس السيسي خلال المؤتمر: “لماذا لا تنقل إسرائيل سكان قطاع غزة إلى النقب بدلا من سيناء.. إذا كانت إسرائيل تريد تنفيذ خطتها المعلنة بالقضاء على التنظيمات الإرهابية يمكنها تهجير الفلسطينيين المدنيين إلى صحراء النقب حتى تنتهي المواجهات ثم تعيدهم مرة أخرى”.

وأشار الرئيس عبد الفتاح السيسي أن العملية العسكرية في فلسطين يمكن أن تستمر لـ سنوات دون جدوى، وأن مصر لن تتحمل مسئولية ما تسعى له إسرائيل.

شولتس يوجه بإجراء تحقيق شامل في قصف مستشفى الأهلي المعمداني

وأعلن المستشار الألماني، أولاف شولتس، خلال المؤتمر الصحفى مع الرئيس السيسي، أن مصر وألمانيا تتفقان على عدم توسيع الصراع في فلسطين، وقال المستشار الألماني، أولاف شولتس، إن صور الانفجار في مستشفى المعمداني في غزة، مروعة ويتعين إجراء تحقيق شامل في ما حدث.

وعقب المستشار الألمانى أولاف شولتز: “لا نعلم ما حدث بالتحديد ومن المهم الإفصاح عن المتسبب في هذا الحادث في حادث مستشفى المعمداني في قطاع غزة”، وأضاف المستشار الألماني، أعرب عن مواساتنا لأسر ضحايا قصف المستشفى المعمداني في غزة.

الفلسطينيين ليسوا حركة حماس

وأوضح المستشار الألماني، إن الفلسطينيين ليسوا هم حركة حماس، وهدفنا هو حماية المدنيين، وأن نفعل شيئا ضد هذه المعاناة، ولهذا أتيت إلى مصر؛ لأنها جار مباشر لهذه المنطقة، وتتأثر من تداعيات هذا الأمر.

وأكد المستشار الألماني: “نعمل سويا أن تصل المساعدات إلى قطاع غزة، ونؤكد أننا لن نترك المواطنين هناك وحدهم، والعالم سيقوم بدوره في تقديم المساعدات الإنسانية للمواطنيين المدنيين، ومصر وألمانيا لا تريدان لتداعيات هذا الأمر أن تنتشر في المنطقة، وأحذر الدول الأخرى أن تتدخل في هذا الصراع”.

وأضاف المستشار الألماني: “بالتعاون مع مصر، نود أن نمنع تداعيات هذه الحرب الفظيعة، والرئيس السيسي قام بدور مهم جدا في التفاوض، وخالص تقديري لهذا، واليوم، تبذلون المساعي في تهدئة الأوضاع”.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: عبد الفتاح السيسي السيسي المستشار الألماني شولتس الرئيس عبد الفتاح السيسي تهجير الفلسطينيين سيناء مستشفى الأهلي المعمداني ضحايا مستشفى الأهلي المعمداني الرئيس السيسي إسرائيل صحراء إسرائيل الرئیس عبد الفتاح السیسی القضیة الفلسطینیة المستشار الألمانی تهجیر الفلسطینیین الرئیس السیسی أولاف شولتس فی قطاع غزة إلى سیناء ما یحدث غزة إلى فی غزة

إقرأ أيضاً:

حديث بين الرئيس السيسي وشيخ الأزهر عقب انتهاء صلاة الجمعة بمسجد المشير

أدى الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، صلاة الجمعة الثانية في رمضان، من مسجد المشير طنطاوي بالقاهرة الجديدة، حيث دارت خطبة الجمعة عن مكانة الشهداء في الإسلام.

حديث بين الرئيس السيسي وشيخ الأزهر

وبعد انتهاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، من صلاة الجمعة، التقى بفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ودار بينهما حديث عقب الانتهاء من الصلاة.

الرئيس السيسي يؤدي ركعتي السنة فور وصوله مسجد المشير لأداء صلاة الجمعة.. فيديوبث مباشر.. لحظة وصول الرئيس السيسي لمسجد المشير طنطاوي احتفالًا بيوم الشهيد

ونشرت القناة الفضائية المصرية، بثا مباشرا لنقل فعاليات ثاني جمعة فى رمضان من مسجد المشير طنطاوي بالقاهرة الجديدة.

وحددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة بعنوان: "وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ"، وقالت وزارة الأوقاف: إن الهدف من هذه الخطبة هو توعية الجمهور بمنزلة ومكانة وأجر الشهداء عند رب العالمين، علمًا بأن الخطبة الثانية تتناول التحذير البالغ من المراهنات الإلكترونية.

وجاء نص خطبة الجمعة الثانية في رمضان كما يلي :

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كَمَا تَقُولُ، وَلَكَ الحَمْدُ خَيْرًا مِمَّا نَقُولُ، سُبْحَانَكَ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ، وأَشهدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، إلهًا أَحَدًا فَرْدًا صَمَدًا، وأَشهدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَخِتَامًا لِلأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ:

نص خطبة الجمعة الثانية في رمضان

فَإِنَّ أَجَلَّ صُوَرِ النُّبْلِ والشَّرَفِ والوَفَاءِ وَالفِدَاءِ أَنْ يَجُودَ الإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ، وَأَنْ يُقَدِّمَ رُوحَهُ سَخِيًّا بِهَا فِدَاءً لِوَطَنِهِ، إِنَّهَا مَرْتَبَةٌ لَا تُدَانِيهَا مَرْتَبَةٌ، وَمَنْزِلَةٌ لَا تُقَارِبُهَا مَنْزِلَةٌ، لَحْظَةٌ مِنَ الزَّمَانِ بِوَزْنِ الزَّمَانِ كُلِّهِ، يَوْمَ تُطِلُّ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ وَالِجبَالُ عَلَى بَطَلٍ مِنْ أَبْنَاءِ مِصْرَ فِي لَحْظَةِ خَطَرٍ لَمْ يَعُدْ أَمَامَهُ سِوَى أَحَدِ خِيَارَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَنْجُوَ بِنَفْسِهِ وَيُؤْثِرَ سَلَامَتَهُ لِيَتْرُكَ الخَطَرَ يَتَسَلَّلُ إِلَى بَلَدِهِ وَوَطَنِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْثرَ الوَطَنَ وَيَفْتَدِيَهُ بِرُوحِهِ وَيُقَدِّمَ نَفْسَهُ لِأَجْلِهِ، وَيَوْمَ أَنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ نَجَاةَ بَلَدِهِ تَكْمُنُ فِي تَقْدِيمِ رُوحِهِ قَدَّمَهَا فِدَاءً لِوَطَنِهِ رَخِيصَةً لِيَسْتَمِرَّ الوَطَنُ نَابِضًا بِالحَيَاةِ، مُثْمِرًا بِالخَيْرِ وَالسَّلَامِ وَالإِبَاءِ وَالنَّمَاءِ.

أَيُّهَا النَّاسُ، تَأَمَّلُوا الشَّهِيدَ فِي جِنَانِ الفِرْدَوْسِ وَعَلْيَاءِ الخُلُودِ، يُطِلُّ عَلَيْنَا مِنْ وَرَاءِ حُجُبِ الغَيْبِ لِيَرَى طِفْلًا وَلِيدًا يَنْظُرُ إِلَى الحَيَاةِ بِأَمَلٍ، ، وَلِيَرَى مَرِيضًا يَنْتَظِرُ لَحْظَةَ شِفَاءٍ عَلَى يَدِ طَبِيبٍ وَفِيٍّ، وَلِيَرَى عَالِمًا عَاكِفًا فِي قَاعَةِ دَرْسِهِ، وَلِيَرى فَلَّاحًا يَغْرِسُ بِحُبٍّ أَرْضَهُ، وَلِيَرَى أُمًّا كَرِيمَةً تَرْعَى بَيْتًا كَرِيمًا، وَجَمِيعُ هَؤُلَاءِ فِي كِفَّتِهِ وَفِي أَمَانِهِ، فَإِنَّ الشَّهِيدَ اسْتَقْبَل الشَّهَادَةَ بِشَجَاعَةٍ لِيَحْيَا هَؤُلَاءِ، مَاتَ الشَّهِيدُ لِيَحْيَا وَطَنُهُ، وَكَأَنَّنَا بِالشَّهِيدِ يُطِلُّ مِنْ وَرَاءِ حُجُبِ الغَيْبِ عَلَى وَطَنٍ عَزِيزٍ لِيَسُرَّ قَلْبَهُ أَنَّ أَرْضَ الكِنَانَةِ بِسَائِرِ شَعْبِهَا الكَرِيمِ يَقِفُونَ امْتِنَانًا لَهُ وَعِرْفَانًا بِقَطْرَةِ دَمٍ شَرِيفَةٍ سَالَتْ مِنْهُ افْتِدَاءً لَهُمْ بِرُوحِهِ.

أَيُّهَا الكِرَامُ، إِنَّ الكَلِمَاتِ لَتَعْجِزُ عَنْ وَصْفِ جَلَالِ أَجْرِ الشَّهِيدِ، وَلَذِلَكِ فَإِنَّ رَبَّ العَالَمِينَ جَلَّ جَلَالُهُ قَدْ تَوَلَّى بِنَفْسِهِ بَيَانَ العَطَاءِ الإلَهِيِّ لِلشَّهِيدِ، فَهَا هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ: {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ}، فَيَا أُمَّ الشَّهِيدِ اطْمَئِنِّي وَأَبْشِرِي، إِنَّ وَلَدَكِ البَطَل فِي جِوَارِ رَبِّ العَالَمِينَ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ، يَتَنَعَّمُ بِأَجْرِهِ وَيَسْتَنِيرُ بِنُورِهِ، وَقَدْ وَصَفَ لَنَا القُرْآنُ الكَرِيمُ ثَمَانِيَةَ أَرْكَانٍ وَقَوَاعِدَ بُنِيَتْ عَلَيْهَا مَكَارِمُ الشَّهِيدِ، حَيْثُ قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيل اللهِ أَمْوَاتًا} نِدَاءٌ لِكُلِّ أَبٍ وَأُمٍّ، لِشَعْبِ مِصْرَ العَظِيمِ، إِيَّاكُمْ أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَنْ لَقِيَ رَبَّهُ شَهِيدًا قَدْ مَاتَ {بَلْ أَحْيَاءٌ} حَيَاةً بَاقِيَةً خَالِدَةً سَرْمَدِيَّةً تَتَقَاصَرُ بِجِوَارِهَا حَيَاتُنَا الفَانِيَةُ، {عِنْدَ رَبِّهِمْ} عِنْدِيَّة القَدْرِ وَالشَّرَفِ وَالفَخْرِ وَالمَجْدِ، {يُرْزَقُونَ} وَإِذَا تَكَلَّمَ رَبُّ العَطَاءِ عَنِ الرِّزْقِ وَالعَطَاءِ فَهُوَ العَطَاءُ والتَّجَلِّي وَالفَيْضُ وَالكَرَامَةُ وَالنُّورُ وَالنَّعِيمُ المُقِيمُ {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللُه مِنْ فَضْلِهِ} {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ}، يَنْظُرُ الشُّهَدَاءُ مِنْ حُجُبِ الغَيْبِ لِرِفَاقِهِمْ الجُنُودِ المُخلِصِينَ يُنَادُونَهُمْ فِي هَمْسٍ لَا يَسْمَعُهُ الكَوْنُ: قَدِ افْتَدَيْنَاكُمْ بِحَيَاتِنَا، فَلَا تُفَرِّطُوا فِي الأَمَانَةِ {أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُؤْمِنِينَ}.

وَهَذِهِ بَعْضُ البَشَائِرِ النَّبَوِيَةِ وَالمَكَارِمِ المُصْطَفَوِيَّةِ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ، بَثَّهَا لَنَا الجَنَابُ الأَكْرَمُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، حَيْثُ قَالَ: «لَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ عَبْدٍ أَبَدًا»، وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إلَّا الَّذِي مَاتَ مُرابِطًا فِي سَبِيلِ اللهِ؛ فَإِنَّه يُنْمَى لَهُ عَمَلُه إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَيَأْمَنُ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ».

عِبَادَ اللهِ، مَا أَجْمَلَ أَنْ تَتَعَانَقَ ذِكْرَى يَوْمِ الشَّهِيدِ مَعَ ذِكْرَيَاتِ العِزِّ وَالشَّرَفِ الرَّمَضَانِيَّةِ، مَا بَيْنَ غَوْثِ بَدْرٍ، وَفَتْحِ مَكَّةَ، وَمَعْرَكَةِ حِطِّينَ، وَمَلْحَمَةِ عَيْنِ جَالُوتَ، وَإِشْرَاقَةِ العَاشرِ مِنْ رَمَضَانَ أُكْتُوبَر؛ لِتَتَجَلَّى صُوَرُ الأَبْطَالِ فِي أَبْهَى حُلَّةٍ، وُجُوهٌ طَيِّبَةٌ نَحَتَتْهَا شَمْسُ الصَّحَراءِ، وَعُيُونٌ سَاهِرَةٌ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَسَوَاعِدُ قَوِيَّةٌ تَحْمِلُ السِّلَاحَ دِفَاعًا عَنِ الوَطَنِ، وَقُلُوبٌ عَامِرَةٌ بِالإِيمَانِ وَاليَقِينِ.

فَلْنَقِفْ وَقْفَةَ إِجْلَالٍ وَإِكْبَارٍ لِشُهَدَاءِ الوَطَنِ، وَلْنُحِي ِسيرَتَهُمْ، وَلْنُرَبِّ أَوْلَادَنَا عَلَى بُطُولاتِهِمْ، وَلْنَغْرِسْ فِي النَّشْءِ مَعَانِيَ الشَّهَامَةِ وَالتَّضْحِيَةِ وَالفِدَاءِ، وَلْنُقَدِّمْ لَهُمْ مَلَاحِمَ شُهَدَاءِ الوَطَنِ قِصَصًا مُلْهِمَةً، وَنَمَاذِجَ مُنِيرَةً، تُحْيِي فِي دَاخِلِهِمْ مَجْدَ أُمَّةٍ قَامَ عَلَى أَكْتَافِهَا شَرَفُ الرُّجُولَةِ وَالفِدَاءِ.

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:

فَيَا أَيُّهَا الكِرَامُ: إِنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ المُبَارَكِ مَيْدَانُ التَّنَافُسِ وَالتَّسَابُقِ عَلىَ فِعْلِ الطَّاعَاتِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِأَنْوَاعِ القُرُبَاتِ، فَأَرُوا اللهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا؛ فَإِنَّ المَحْرُومَ مَنْ حُرِمَ خَيْرَ هَذَا الشَّهْر الفَضِيلِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنَ الحِرْمَانِ وَالخِذْلَانِ أَنْ يَسِيلَ لُعَابُ إِنْسَانٍ عَلَى كَسْبٍ سَرِيعٍ أَثِيمٍ، فَيُقْبِلُ عَلَى المُرَاهَنَاتِ الإِلِكْتِرُونِيَّةِ الَّتِي هِيَ مَيْسِرٌ مُحَرَّمٌ وَسُلوكٌ مُجَرَّمٌ، وَأَكْلٌ لِأَمْوَالِ النَّاسِ بِالبَاطِلِ، يَقُولُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وَيَقُولُ سُبْحَانَه: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ}.

أَيُّهَا المُكَرَّمُ، إِنَّ تَعْكِيرَ صَفْوِ طَاعَتِكَ للهِ تَعَالَى بِالقِمَارِ والمُرَاهَنَاتِ خَوْضٌ فِي مَسَالِكِ المَخَاطِرِ وَالشُّرُورِ، وَظُلْمٌ لِلنَّفْسِ وَلِلْغَيْرِ، إِنَّ المَرَاهَنُاتِ الإِلِكْتِرُونِيَّةَ مَيْسِرٌ وَقِمَارٌ، وَمَعْصِيَةٌ لِلهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ، كَيْفَ تَطيبُ نَفْسُكَ أَنْ تَأْخُذَ مَالَ غَيْرِكَ بِيُسْرٍ وَسُهُولَةٍ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ وَلَا كَدٍّ وَلَا تَعَبٍ؟! كَيْفَ تَهْنَأُ بِشَهْر الطَّاعَةِ والرَّحْمَةِ وَالخَيْرِ وَالفَيْضِ وَالعَطَاءِ وَأَنْتَ تُقَامِرُ وَتُرَاهِنُ وَتَرْجُو ضَرْبَةَ حَظٍّ مُهْلِكَةً مُوبِقَةً؟! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ غَايَةَ الصِّيَامِ التَّقْوَى؟! فَكَيْفَ لِمُقَامِرٍ أَنْ يَكُونَ مِنْ عِبَادِ اللهِ المُتَّقِينَ؟!

عِبَادَ اللهِ، وَجِّهُوا طَاقَاتِكُمْ إِلَى العَمَلِ وَالإِنْتَاجِ، احْشدُوا هِمَمَكُمْ لِلتَّنْمِيَةِ وَخِدْمَةِ الوَطَنِ، تَعَرَّضُوا لِلرَّوْحَانِيَّاتِ وَتَذَوَّقُوا لَذَّةَ المُنَاجَاةِ فِي شَهْرِ البَرَكَاتِ وَالنَّفَحَاتِ، تَنَافَسُوا فِي الطَّاعَةِ وَالقُرْبِ {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ}.

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي يوفد مندوبا للتعزية
  • جيهان عبد السلام: الرئيس السيسي وضع ملف القارة الإفريقية في مقدمة اهتماماته
  • أشرف عبدالغني: رسائل الرئيس السيسي في زيارة الأكاديمية العسكرية طمأنت المصريين
  • كيف أربكت تصريحات ترامب عن تهجير الغزيين واشنطن؟
  • حديث بين الرئيس السيسي وشيخ الأزهر عقب انتهاء صلاة الجمعة بمسجد المشير
  • الرئيس السيسي يصل مسجد المشير طنطاوي لأداء صلاة الجمعة
  • وسط ظروف إنسانية صعبة يستقبل أهالي قطاع غزة رمضان
  • القاهرة ترحب بتصريحات ترامب بشأن "عدم تهجير" الفلسطينيين من غزة  
  • بكري: تصريحات ترامب بعدم تهجير أهالي غزة ينقصها الاعتراف بحق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس
  • عاجل| مصر تثمن تراجع ترامب عن تهجير أهالي غزة