صدى البلد:
2025-01-27@19:16:34 GMT

عبد المعطى أحمد يكتب: من ذكريات أكتوبر في حطين

تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT

نزل السلطان صلاح الدين على غربى القدس من يوم الأحد الخامس عشر من رجب، وكان فى القدس حينئذ من الأجانب ستون ألف مقاتل أغلبهم من الفرسان، وقالوا كل منا بعشرين من العرب ورفعوا شعارا يقول: دون كنيسة القيامة وسلامتها تهون أى سلامة.
وأقام الناصر صلاح الدين خمسة أيام يدور حول القدس، ويبحث عن أنسب الأماكن لحصارها حتى أبصر أرضا متسعة المجال للأسماع والأبصار، فأقام عسكره فيها، حتى أصبح يوم السبت الواحد والعشرين من رجب، فخرج المسلمون يبارزون الفرنجة، فيقتلون ويقتلون حتى تمكن المسلمون من صرعهم وإتلاف صفوفهم وتمزيق جمعهم، فاحتمى الفرنجة بسور المدينة، لكن المسلمين تمكنوا من نقبه وتوسيع هذه الفتحة حتى دخلوا منها، وحاصروهم حتى لايصل إليهم زاد ولا مدد، فخرج إبن بارازان الفرنسى طالبا الأمان له ولقومه, وتمنع السلطان صلاح الدين قائلا:لا أمان لكم ولا أمن، فعزم الفرنجة على تخريب القدس وقبة الصخرة المقدسة.


وكان بالقدس ملكة رومية متعبدة مترهبة فى عبادة الصليب، فاستعاذت بالسلطان صلاح الدين فأعاذها, ومن عليها بالافراج وأذن لها بالخروج استجابة لطلبها.
وكان الفتح يوم الجمعة السابع والعشرين من شهر رجب مع مصادفة كريمة طيبة هى ذكرى الإسراء والمعراج، فتدفق الناس إلى بيت المقدس، ودخل السلطان صلاح الدين المسجد تحف به القيادات والعلماء والكبراء، وتتقدمه الرايات والبيارق حتى دخل المسجد، وكانت يد الصليبيين قد عبثت به، فأمر السلطان على الفور بإبراز معالم المحراب وتجديده مع المنبر الشريف, وسد الثغرات وتعليق القناديل, وفرش الأرض بالسجاد.
ولما حضرت الصلاة أداها السلطان مع جمع من المسلمين، وأمر بإصلاح القبة الشريفة، وذلك يوم الجمعة 27 رجب 583 هجرية الموافق 2 أكتوبر 1187ميلادية.
وهكذا تمكن صلاح الدين من استعادة بيت المقدس، فهل يعيد التاريخ نفسه يوما؟!
• لابديل عن إنهاء الاحتلال الاسرائيلى لللأراضى الفلسطينية، وتطبيق القرارات الدولية، واستعادة الشعب الفلسطينى لحقوقه الكاملة وأولها حقه فى تقرير مصيره وإقامة دولته مستقلة وعاصمتها القدس العربية، وبدون ذلك لن تنعم اسرائيل بالأمان ولو حرستها كل سفن البحرية الأمريكية، ولن يتحقق الاستقرار فى المنطقة، ولن تتأمن مصالح العالم. لقد ارسلت الولايات المتحدة إلى المنطقة حاملات الطائرات الأكبر فى أسطولها، وأرسلت أيضا وزير خارجيتها الذى أعلن انحيازه الكامل لإسرائيل، وروج لكل أكاذيب نتنياهو، معلنا أنه جاء كيهودى وليس كوزير لخارجية أمريكا، ومتحدثا عن زوج أمه الذى نجا من مذابح هتلر التى يراد لشعب فلسطين أن يدفع ثمنها بلا ذنب.
• فى كتاب لها بعنوان"حياتى" أكدت جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل السابقة أنه لاشىء أقسى على نفسها من كتابة ماحدث فى أكتوبر, موضحة أنه لم يكن مجرد حدث عسكرى رهيب فقط، وإنما تخطاه إلى كونه مأساة عاشت وستعيش معها حتى الموت، وأضافت:لقد وجدت نفسى فجأة أمام أعظم تهديد تعرضت له إسرائيل منذ قيامها، وقد انهارت معتقدات أساسية كانت راسخة لدينا فى ذلك اليوم ومنها إيماننا المطلق بقدرتنا على منع المصريين من عبور قناة السويس، وأشارت إلى أنها عندما تستعيد تلك الأيام فإنها تذكر الأخبار المروعة التى تصلها من الجبهة والخسائر التى تمزق قلبها.
• يتغير الزمان ويزداد الأعداء والطامعون ويظل الجيش المصرى هو الصخرة التى تتحطم عليها مطامع الأعداء، ليكتب الجندى المصرى إسمه بحروف من نور فى التاريخ، فهو بطل المعركة الحقيقى، الذى لم ولن تتغير عقيدته منذ فجر التاريخ، فمنذ نشأة العسكرية المصرية، وهو مؤمن بالحفاظ على أرضه، لأن  القضية مرتبطة بشرفه، فكل من تسول له نفسه للنيل من هذا الوطن يلقى ضربة قاسية ولو بعد حين, فهذا الوطن له درع وسيف كما قال الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
• مصر ولادة، وتحتاج مشروعا قوميا كبير الإحياء الأغنية الوطنية على غرار"أضواء المدينة" الذى كان جواز مرور لنجوم خالدة، جعلوا حب الوطن أغنية على كل لسان، وتجسد العشق العظيم فى تخليد أجمل أيام الانتصار فى حرب أكتوبر المجيدة، وياريت إحدى الفضائيات المصرية تتبنى هذا المشروع العظيم. مصر فيها آلاف الأصوات الذهبية، التى تحتاج من يكتشفها ويزيل الصدأ عنها، ويظهر بريقها ولمعانها، وفيها شعراء وملحنون فى المدن والقرى والأرياف والنجوع، ولايجدون من يأخذ بأيديهم.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

داليا عبدالرحيم تكتب: الدرس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عام بعد عام تتكشف حقائق جديدة حول ما حدث في ٢٥ يناير ٢٠١١، أربعة عشر عامًا كاملة مرت على أكبر وأخطر محاولة لهدم الدولة المصرية، كان التخطيط كبيرا، استغل أصحابه طموحات وأحلاما مشروعة لقطاع من الشباب يحمل نوايا طيبة، ليقفزوا على أحلامه ويستغلوا غضبه، مستخدمين مجموعات ارتبطت ارتباطا مباشرا بهم تدريبا وتمويلا لينفذوا مخططهم الشيطانى.

لم يكن الهدف النهائي تغيير نظام الحكم، بل كان ذلك خطوة أولى نحو تحقيق الهدف الأكبر، إسقاط الدولة المصرية وإعادة تقسيمها، ولم يكن بالطبع لمخطط كذلك أن يمر إلا عن طريق هدم المؤسسات الوطنية للدولة، وفى مقدمتها مؤسسة الشرطة المصرية، ظلوا سنوات عديدة يسعون لتعميق الفجوة بين المواطن البسيط ومؤسسته الأمنية، التى تحميه، من خلال إطلاق الشائعات وتعميقها حول وجود سجون سرية لأجهزة أمنية تستخدم للتعذيب، وحول قتل خارج إطار القانون، وأشياء كثيرة من هذا القبيل، ربما كان هناك بعض الأخطاء والممارسات الفردية التى وقعت بالفعل فى ذلك الوقت.

ولكنها لم تكن أبدا بهذا الحجم الذى صوروه عن طريق حملاتهم الإعلامية الداخلية والخارجية المسمومة والمفبركة- والتى اكتشف الشعب المصرى زيفها فيما بعد- عندما بدءوا فى إشعال الحرائق الصغيرة والحرائق الكبيرة، ثم اقتحموا السجون، وهدموا المبانى الحكومية، وأحرقوا أقسام الشرطة، وسرقوا السلاح، واعتدوا على الرجال والنساء وخطفوا الأطفال.ساعتها فقط استفاق المصريون وعرفوا حجم الجريمة التى سمحوا بها، فسرعان ما علت المطالب بعودة رجال الشرطة وهيبة القانون والأمن، وكم كانت الفرحة كبيرة، ونحن نستقبلهم بالورود فى الشوارع والميادين، لنعقد معهم ذلك العقد الاجتماعى الجديد الذى أقسمنا على ألا ينفك أبدا ما حيينا.

لن ينسى المصريون أبدًا مشهد عودة يوسف القرضاوى، مفتى قطر وحلف الناتو، وهو يعود متمثلا الخمينى ليصلى فى ميدان التحرير وليؤم صلاة (الثوار) فيه، بل ويدعو أبناء الوطن من المصريين والمسيحيين للصلاة خلفه!هنا أدرك المصريون بشكل واضح حجم الخدعة، لقد قفزت جماعة الإخوان الإرهابية على المشهد متسربلة برداء المدنية والحرية واعدة الشباب بتحقيق آمالهم وطموحاتهم، لقد نجحوا فى اقتناص السلطة بمساعدة شرذمة من السياسيين معدومى الضمير.

لقد كان العام الذى حكم فيه الإخوان بالفعل، أسوأ عام فى تاريخ مصر، عاش فيه الشعب المصرى أسوأ أيامه، ولكن الحقيقة سرعان ما بدأت تظهر وتتكشف، فأين السجون التى ادعى الإخوان وحلفاؤهم وجودها تحت الأرض؟ ولماذا لم يتم الإعلان عن واحد منهم؟ وأين الضباط الذين طالما ادعت جماعة الإخوان الإرهابية أنهم يقومون بتعذيب كوادرهم أثناء التحقيقات؟ ولماذا لم يقدم واحدًا منهم للمحاكمة وقد كانت الجماعة فى قمة السلطة آنذاك؟إنه الكذب والتدليس الذى انطلى على بعض البسطاء وقتها.لقد اتضحت المؤامرة بكل تفاصيلها أمام أعين المصريين، فهبوا مرة أخرى، لكن هذه المرة فى وجه حكم المرشد وجماعته وأكاذيبهم.

وذهبت الجماعة إلى مزبلة التاريخ وذهبت خطط أعداء مصر وأهل الشر أيضا إلى مزبلة التاريخ، ولكن ظل الدرس شاخصا أمامنا، نعلمه لأبنائنا وأحفادنا جيلا بعد جيل، وطن بدون درع تحمى شعبه فى الداخل وتبعث روح الطمأنينة والأمان هو وطن قابل للانهيار وقابل للعبث به من قبل ألد أعدائه، وطن بدون درع تحمى مقدراته وحدوده الخارجية وأمنه القومى هو وطن لا يستحق أن يوجد أصلا. لقد تعلمنا جميعا الدرس، أن الجيش والشرطة هما درع الوطن وحماته وعموده الفقرى، وأن أى مساس بهما سيكون على جثتنا كمصريين.

تعلمنا أن الغضب يجب أن يُقنِّن من خلال أطر قانونية ودستورية وأن التغيير يجب أن يتم وفقا لآليات سلمية حددها الدستور والقانون.لقد وعى المصريين الدرس جيدًا، ولن يستطيع أحد أيًّا كان أن يُغرِّر بهم أو يخدعهم مرة أخرى، مهما كانت شكل الشعارات أو حجم الأشخاص. 

تحية إعزاز وتقدير، فى العيد الثامن والستين للشرطة المصرية، لكل شرطى مصرى فى أى بقعة على أرض الوطن يعمل بكل طاقته للحفاظ على أمن بلده وحمايتها.

ونعدكم دومًا أن تظلوا محل احترام وتقدير فى عيون المصريين جميعا، نفخر بكم وبجهودكم فى حماية الأمن الداخلى للوطن، ودمتم حراسا مؤتمنين، وكل عام وأنتم بخير.

مقالات مشابهة

  • الفن.. والتحريض على القتل!
  • شريف جبر يكتب
  • "أخلاقنا".. التى كانت
  • المضاعفات الطبية ومخاطر العمل الطبى
  • داليا عبدالرحيم تكتب: الدرس
  • كريم خالد عبد العزيز يكتب: عيد الشرطة المصرية .. ذكريات بطولية وتضحيات وطنية
  • د.حماد عبدالله يكتب: سمة هذا الوطن "الحــــــب"!!
  • علي الدين هلال: العلاقات العمانية المصرية تمثل محور ارتكاز مهم على الساحة العربية
  • وزير الشباب الأسبق: السلطان قابوس دعم مصر في حرب أكتوبر بربع مرتبات الموظفين
  • د. يسرى عبد الله يكتب:  «الكتاب».. الحقيقة والاحتفاء