قال سماحة الشيخ نوريزباي أوتبينوف، المفتي العام لجمهورية كازاخستان، إن الإسلام هو الدين الذي يدعو كل البشرية إلى الخير، والدعوة إلى الوحدة والازدهار صفة في دماء الشعب الكازاخي، مشيرًا إلى كلمات الشاعر الكازاخي خوجة أحمد ياساوي التي حدد فيها أربعة شروط للوصول إلى الكمال البشري. وهي: «المكان والزمان والأخوة والتعاون المتبادل»، حيث سيكون كل من المجتمع والناس سعداء عندما تكون هذه القيم موجودة.

 
 

جاء ذلك خلال كلمته في جلسة الوفود ضمن فعاليات المؤتمر العالمي الثامن للإفتاء "الفتوى وتحديات الألفية الثالثة". 

وأضاف أن كازاخستان تلعب دورًا خاصًّا في دعوة الإنسانية إلى الوحدة؛ حيث إن مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية الذي استضافته كازاخستان أصبح منبرًا لا غنى عنه من الصداقة الدينية والتفاهم المتبادل؛ فتنظيم مثل هذا الاجتماع الدولي له أهمية خاصة في بلادنا.

وأشاد فضيلته بإعلان رئيس جمهورية كازاخستان قاسم جومارت توقايف، في حفل افتتاح مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية؛ والذي قال فيه: “ليس من قبيل المصادفة أن تعقد كازاخستان هذا المؤتمر، ما زالت الأراضي الكازاخية منذ قرون جسرًا بين الشرق والغرب. هنا، عاشت الإمبراطوريات الضخمة في السهوب العظمى، والصفة المشتركة بينهم هي التسامح”.

وشدد فضيلة مفتي كازاخستان على أن إرساء السلام والحياة المزدهرة على الأرض هو الرغبة المشتركة للبشرية جمعاء، فقد أعلنت الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان عام 2023 "عام الإسلام والمجتمع الصالح". 

وأكَّد فضيلته  ضرورة إحياء الصلاح والأخوة بين الناس، مشيرًا إلى أن الطريقة الرئيسية للقضاء على العادات السيئة بين الناس هي تعزيز القيم الروحية في المجتمع، لإيصال الناس إلى الكمال الروحي.

واستشهد فضيلته بكلمات للحكيم أباي قونانبايولي، أحد أبرز مفكري الشعب الكازاخي، والتي تدور حول الصفات المميزة للإنسان الكامل.

واختتم فضيلة مفتي كازاخستان كلمته قائلًا: “نريد أن نعيش في مجتمع صالح. إنَّ تقوى الله هي حال المجتمع الصالح، كما أنها الشجرة التي يخرج منها ثمرها، والأصل الذي يغذي الشجرة. وفي القرآن الكريم: ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (سورة آل عمران، الآية 104). في هذه الآية يذكر السبب الرئيسي لتكوين المجتمع الصالح. تشير هذه الآية إلى وجود فئة صالحة تقوي المجتمع، وضرب المثل في الصلاح قولًا وعملًا. أعتقد أن هذه الأمة كما ذكرت في القرآن نحن منهم”.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مفتي كازاخستان المؤتمر العالمي الثامن للإفتاء

إقرأ أيضاً:

التكافل الاجتماعي.. والتسوُّل على المنصات

 

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

أكرمنا الله سبحانه وتعالى بدين الإسلام الحنيف الذي جعل التكافل الاجتماعي من أهم صفات المجتمع المسلم، وجعل الله تعالى الرحمة والعطف بين الناس مبدأ للتعايش والمحبة ولذلك كان الإسلام أسلوب حياة للبشرية في زمن طغت عليه المادية الإنسانية التي غلفت البشرية وعلاقاتها بالمصالح المادية، وجاء هذا الدين الحنيف ليُعيد رسم معنى وجود الإنسان على الأرض ومعنى خلافة الله تعالى الواردة في كتابه العزيز مخاطبًا الملائكة "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" (البقرة: 30).

والتكافل الاجتماعي بين النَّاس من أسس الدين الإسلامي الحنيف والتي أمر بها الإسلام في أكثر من موضع في القرآن الكريم بل إن الله سبحانه وتعالى ربط الإيمان بهذا التكافل حيث قال تعالى: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ" (الماعون: 1-2)، وهذا الربط يبين قيمة التكافل الاجتماعي بين الناس في الإسلام، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يومن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" من رزق وخير ونعمة وسعادة، وهو أمر يفرق بين المؤمن الحق المتخلق بأخلاق الإسلام وتعاليمه السمحة وبين من لا يحمل من هذا الدين إلّا الاسم.

لقد أمرنا الإسلام بتلمس حاجة الناس وتربى أفراد المجتمع العماني على هذا منذ القدم، وتأسس هذا المجتمع على مظاهر التكافل الاجتماعي بكل أشكاله في الأفراح والأتراح وفي الرخاء والشدة والأمثلة على ذلك كثيرة، وهذه خصائص عظيمة تميز بها مجتمعنا العماني الإسلامي جديرة بالمحافظة عليها، ومن الواجب على كل فرد أن يدرك دوره في هذه المنظومة الاجتماعية التكافلية من خلال محيطه الصغير إلى مجتمعه الكبير، لأن التقصير في هذا الموضوع له أثر سلبي على المجتمع والفرد، وانتشار الحاجة بين النَّاس مدعاة لتغير سلوكياتهم ومن ثم سلوك المجتمع ككل، وهذا ما ينتج عنه العديد من المشاكل.

لن يأتي زمان لا يوجد فيه محتاج أو فقير فهذه سنة كونية ولكنها قد تكون في حدود معقولة وفي نطاق مقبول، وقد تكون العكس، ولذلك جاء الإسلام وعالج هذه المشكلة بطريقة خاصة فأمر بالزكاة وجعلها فرضا واجبا وركنا من أركان الإسلام، وأمر بالصدقة وجعلها فرضاً على كل مستطيع، ونظم الدولة الإسلامية وجعل من واجباتها رعاية المحتاج وتوفير سبل الحياة له، وبذلك تستقيم الحياة الاجتماعية في المجتمع المسلم، وعندما يُقصر أي منها في دوره تظهر الآثار على المجتمع بوجه عام، ويخرج المحتاج لتلمس حاجته في الطريق ويبتكر المخادعون الحيل والوسائل لكسب المال دون وجه حق وتنتشر الظواهر السلبية في المجتمع كالتسول والنصب والاحتيال.

لم يأمر الإسلام بكتمان الصدقات من فراغ؛ بل هو إدراك لتأثير هذا الكتمان على الحياة الاجتماعية وترابط المجتمع، وحفظ لكرامة الفرد المسلم الذي أجبرته ظروف الحياة ووضعه قدره ورزقه في هذا الجانب من الحياة، وقد اهتم الإسلام بذلك اهتمامًا بالغًا وحرم المن والأذى في الصدقات، وأوجب كتمان الإنفاق حتى وصف الأمر بعدم معرفة الشمال ما تنفق اليمين، وهذا الكتمان له مقاصد عظيمة وغايات سامية إيمانية واجتماعية، وسلوك يُساهم في القضاء على الفقر والحاجة، وما أمر الإسلام بها إلّا لإدراك حقيقي حول ذل السؤال وقسوة الفقر ودناءة الحاجة خاصة عندما يقف المحتاج بين أهله عاجزًا.

وفي هذا العصر الذي ابتلي به العالم بوسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها بطريقة خاطئة غير الذي أوجدت من أجله، نرى البعض يتسابق لإظهار حاجة الناس وفقرهم لا من أجل مساعدتهم، بل من أجل كسب المتابعات والإعجابات والإثارة التي أصبح البعض أسيراً لها في كل تفاصيل حياته، وأصبحت حاجة المحتاج وسيلة تستغل من قبل ضعاف النفوس هؤلاء الذين يتفاخرون في إظهار الناس بشكل لا إنساني تحقيقًا وإرضاءً لأنفسهم المريضة بمرض الشهرة، يستعرضون من خلال منصاتهم أحوال الناس مسببين جروحاً في نفوسهم المكسورة، ومن ذل الحاجة إلى ذل المنصات الاجتماعية أصبحوا يعانون في مجتمع لم يكن يومًا بهذا السلوك القبيح.

إن التسول في المنصات لن يتوقف إلّا إذا طُبِّق القانون على من يسيء للمجتمع وأفراده ومن يتجاوز حدوده، وبدون ردع حقيقي سوف يظل هؤلاء المسيؤون للمجتمع يمارسون سلوكياتهم الخاطئة تحت ذريعة أنهم يسهمون في حل مشاكل الناس ويقضون حاجتهم وهم في الأصل لهم مآرب أخرى ومكاسب مادية من وراء هذا الفعل، ولا بُد من الحذر ورصد ما يحدث من تغيُّرات في السلوك العام وعدم التعاطي مع هذه الظواهر بحسن نية حتى لا نصل لمرحلة مُتقدمة لا يمكن معها احتواء هذه المشكلة.

في الختام.. يجب أن يُدرك كل فرد دوره في البناء الاجتماعي، وعليه أن يلتزم بهذا الدور وفق ما أقرته منظومة السلوك الاجتماعي والإنساني داخل الدولة، وهذا الالتزام هو الأساس لتحقيق مفهوم الحياة الاجتماعية الكريمة لجميع أفراد المجتمع، وإذا اختلت هذه الأدوار عندها يجد تجار التسول على المنصات فرصتهم للعبث بقيم المجتمع وسلوكه وينتهزون هذه الفرصة لتحقيق غاياتهم، مستغلين هذا القصور والغياب لمفاهيم التكافل والتعاون الاجتماعي بين أفراد المجتمع.

مقالات مشابهة

  • ما الاختلاف الذي لمسه السوريون في أول رمضان بدون الأسد؟
  • القيم والتقاليد عند مفترق الطرق.. كيف ندير التغيير؟!
  • التكافل الاجتماعي.. والتسوُّل على المنصات
  • محمد الشرقي: تعزيز القيم الروحية والثقافية بين أفراد المجتمع
  • محمد الشرقي يشهد جلسة حول القيم الروحية والتراث الإسلامي
  • هل الزهد يعني التخلي عن المال.. مفتي الجمهورية يوضح الحقيقة | فيديو
  • هل الزهد يعني التخلي عن المال؟.. مفتي الجمهورية يوضح الحقيقة
  • ولي عهد الفجيرة يشهد جلسة حول القيم الروحية والتراث الإسلامي
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. أنا السجّان الذي عذّبك
  • مجلس نسائي: التقاليد الأسرية أساس استقرار المجتمع