"جماجم محطمة" تكشف تطور العنف في المجتمعات البشرية المبكرة
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
كشف تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية كيف تطور العنف بين الأشخاص في المجتمعات البشرية المبكرة، وفقا لتحليل الجماجم والعظام البشرية المحطمة.
وتعود الجماجم والعظام - من أكثر من 3500 شخص أصيبوا في صراعات الشرق الأوسط خلال العصور ما قبل الكلاسيكية (12000 قبل الميلاد إلى 400 قبل الميلاد) - إلى المنطقة الجغرافية التي تشمل تركيا، والشام (الأرض المحيطة بشرق البحر الأبيض المتوسط)، وبلاد ما بين النهرين وإيران.
وتمت دراسة هذه الرفات البشرية من قبل فريق بحث دولي مهتم باختبار الفرضيات حول صعود وانخفاض العنف في العصور ما قبل الحديثة، وفقا لدراسة نشرت في 9 أكتوبر في مجلة Nature Human Behaviour.
وقام الفريق بالتحقيق في إصابات الجمجمة والجروح المرتبطة بالأسلحة في الهياكل العظمية للأشخاص الذين عاشوا في الشرق الأوسط خلال واحدة من أربع فترات زمنية: العصر الحجري الحديث (12000 إلى 4500 قبل الميلاد)، والعصر النحاسي (4500 إلى 3300 قبل الميلاد)، والعصر البرونزي (3300 إلى 1200 قبل الميلاد) والعصر الحديدي (1200 إلى 400 قبل الميلاد).
ويعد الشرق الأوسط القديم مكانا مثاليا للبحث عن أدلة لفهم العنف لدى البشر لأن هذه المنطقة الجغرافية كانت حاسمة للعديد من الابتكارات الرئيسية في الثقافة الإنسانية، بدءا من تدجين النباتات والحيوانات وحتى إنشاء المدن الأولى التي بدأت منذ نحو 11000 عام.
وكان هدف الباحثين هو اختبار الافتراضات حول مستوى العنف في هذه الفترات الزمنية. على سبيل المثال، من المحتمل أن يكون انخفاض الكثافة السكانية في العصر الحجري الحديث يعني مستويات منخفضة من العنف، في حين أن ظهور الدول والإمبراطوريات في فترات لاحقة ربما أدى إلى زيادة العنف بين الأشخاص، خاصة عندما بدأ الناس يعيشون بالقرب من بعضهم البعض في المدن المبكرة.
ومن خلال تحليلهم للإصابات المؤلمة التي تم تحديدها على الجماجم القديمة، وجد الفريق أن حالات العنف زادت بشكل كبير في العصر النحاسي، عندما نشأ صراع منظم واسع النطاق مع الدول البدائية الأولى، ثم مرة أخرى في العصر الحديدي، بسبب الاضطرابات الكبرى التي شملت الجفاف الذي دام 300 عام وصعود القوى العسكرية العظمى مثل الإمبراطورية الآشورية.
إقرأ المزيد اكتشاف مقابر قديمة تحتوي على جثث محنطة ملونة منذ 3400 عام في مصر!لكن وجد الباحثون أن انخفاضا كبيرا في العنف حدث في العصر البرونزي بين 3000 و1500 قبل الميلاد، على الرغم من التحديات العديدة المرتبطة بالمناخ والعمران. وخلصوا إلى أنه من المحتمل أن "يحدث تراجع العنف في وقت حققت فيه الدول المبكرة قدرات كبيرة للحد من الصراعات في مجتمعاتها".
ومن المحتمل أن انخفاض العنف في العصر البرونزي كان نتيجة للابتكارات الاجتماعية التي حولت الأفراد إلى مواطنين.
وقال جياكومو بيناتي، المؤلف المشارك في الدراسة، وهو مؤرخ اقتصادي في جامعة برشلونة، لموقع "لايف ساينس": "يبدو من الواضح تماما أن الأنظمة القانونية تطورت بسرعة خلال العصر البرونزي، وحتى المواطنين الأحرار تمتعوا بدرجة معينة من الحماية من القانون. وهذا يشير إلى أن الناس أصبح لديهم وسائل سلمية بشكل متزايد لحل النزاعات".
لكن السلام لم يدم طويلا، حيث شهد العصر الحديدي مستويات غير مسبوقة من عدم المساواة، وتناقص الموارد، وزيادة في الحروب المرتبطة بصعود الإمبراطوريات، مثل إمبراطوريات الحيثيين، الذين حكموا ما أصبح الآن جزءا من تركيا. وقال بيناتي إن اكتشاف صدمات في الجزء العلوي من الجمجمة في العصرين النحاسي والحديدي قد يشير إلى أن "ضربة الرأس ربما كانت الطريقة الأكثر شيوعا للقتل في فترة ما قبل الحداثة".
ويخطط فريق البحث لإجراء دراسة متابعة لمعالجة الجوانب الإضافية لاتجاهات العنف بين الأشخاص مع مرور الوقت، مثل ما إذا كان الذكور أو الإناث أكثر عرضة للتأثر.
المصدر: لايف ساينس
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: آثار بحوث دراسات علمية معلومات عامة العصر البرونزی قبل المیلاد العنف فی فی العصر
إقرأ أيضاً:
مدير معهد الآثار لـRue20: اكتشاف تافوغالت يؤكد أن المغرب لعب دوراً كبيراً في تطور البشرية منذ آلاف السنين
زنقة 20 ا الرباط
أعلن المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، اليوم الإثنين عن اكتشاف أدلة تُشير إلى أقدم استخدام طبي للأعشاب في العالم بمغارة الحمام بتافوغالت قبل حوالي 15 ألف سنة، مؤكدا أن فريقا مغربيا يضم باحثين دوليين عثر على بقايا نبتة “إيفيدرا” أو “العلندى” المعروفة بخصائصها العلاجية في مكافحة نزلات البرد ووقف النزيف وتخفيف الألم في (العمليات الجراحية).
في هذا الصدد، أكد عبد الجليل بوزوكار، مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث في تصريح لموقع Rue20، أن “هذا الإكتشاف تم الإشتغال عليه طيلة الأربع سنوات الأخيرة وتم الإعلان اليوم عن نتائجه بعد مصادقة مجلة “Nature” المرموقة في العالم على المقال العلمي المتضمن للمعلومات والمعطيات الدقيقة المتعلقة بالحقبة التاريخية وعمره والتعرف على نوع النباتات بالضبط”.
وأوضح بوزوكار أن “الإكتشاف يتعلق بالعثور على ثمار نبتة “إيفيدرا” أو “العلندى” المعروفة بخصائصها العلاجية كان يستخدمها الإنسان القديم بالمغرب منذ 15 ألف سنة، وهو ما يؤكد أن مستخدمي هذه النبتة في ذلك الوقت من التاريخ كانوا يعلمون جيدا لما تصلح ثمارها واستعمالاتها”.
وأشار بوزوكار إلى أنه تم “استخدام الطريقة العلمية (كاربون 14) لمعرفة عمر النبتة وتوقيت استخدمها المتمثل في 15 ألف سنة من العصر الحجري القديم” مشيرا إلى أنه “بمغارة الحمام بتافوغالت تم اكتشاف أقدم عملية في العالم أجريت على جمجمة إنسان في العالم وعمرها أيضا 15 ألف سنة باستخدام نبتة “إيفيدرا””.
وأبرز مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث أنه “تم اكتشاف أن الجمجمة تحمل آثار العملية الجراحية وهي عبارة عن ثقب أظهرت دراسات “أشعة x” إلتأم العظم بمعنى أن الإنسان الذي أجريت له هذه العملية عاش بعد العملية ولم يمت.. وهذا اكتشاف مهم”، مضيفا أن “مؤشر نجاح هذه العملية بوساطة هذه النبتة يؤكد أنه تم استخدام طرق مصاحبة للعملية لوقف الآلام والنزيف”.
وأضاف بوزوكار في التصريح ذاته لموقع Rue20، أن ” المجموعات البشرية في تلك الفترة قد عرفت طقوسا تتمثل في خلع الأسنان (القواطع) الأمامية وهي ربما كدليل للمرور من البلوغ إلى مرحلة الشباب، ومما لاشك فيه فإن هذه العملية صاحبها نزيف دموي وآلام تم التغلب عليهم باستعمال الأعشاب أيضا”.
وتابع أن “النبتة المكتشفة بمغارة الحمام بتافوغالت كانت مخصصة لدفن الموتى حسب طقوس جنائزية معينة عرفت بها المجموعات البشرية للعصر الحجري القديم”.مشددا على أن “تاريخ جميع هذه العمليات وفق المؤشرات العملية محدد في 15 ألف سنة”.
وشدد على أن “استعمال هذه الأعشاب للتدوالي وللتشافي (العمليات الجراحية) هو الأقدم في العالم وهو ما يؤكد أن الطب التقليدي لديه جذور عبر تاريخ المغرب خاصة وتاريخ الإنسانية عامة”.
وفي سياق متصل أكد أن “الإكتشفات التي يقوم بها المعهد بدأت تتسارع وهي منتوعة من حيث طبيعتها وهذا دليل على أن المغرب كان يزخر باكتشافات في ذلك الوقت يستخدمها الإنسان في حياته اليومية”.
وبخصوص الفريق العلمي المكتشف أكد بوزوكار أنه “يتكون من مجموعة من الطلبة الباحثين المغاربة والباحثين من المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث وجامعة محمد الأول بوجدة وبمشاركة جامعة أكسفورد ومعهد ماكس بلانك بألمانيا وجامعة لاس بالماس باٍسبانياو مركز الأبحاث الأركيولوجية بألمانيا، مبرزا أن “الفريق المغربي ساهم بشكل كبير في اكتشاف هذا الحدث الهام في إطار التعاون الدولي مع باقي الباحثين الدوليين”.
وشدد على أن “المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث يعرف تطورا كبيرا من خلال إعادة هكلته وتوسيع بنايته أربع مرات على ما هي عليه، حيث ستم تشييد مختبرات فريدة في إفريقيا في عدة تخصصات.. وتم اقتناء بعد الآليات لهذا الغرض “.
وأعلن المتحدث ذاته أن “المعهد سيعلن عن إكتشافات أخرى قريبا جدا لا تقل أهمية عن باقي الإكتشافات التي أعلن عنها سابقا”، مشددا على أن “هذا الإكتشاف الجديدة الذي تم الإعلان عنه اليوم يؤكد بأن المغرب لعب دورا كبيرا في جزء من تاريخ البشرية منذ آلاف السنين، وهذا الإكتشاف يغير جزء من وجه تاريخ البشرية ويغير وجهة نظر بين علاقة الإنسان بمحيطه (الطبيعة).