هل نجيب محفوظ من صنع جمال الغيطاني؟.. تفاصيل
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
في اليوم الموافق 18 أكتوبر، نتذكر وفاة الكاتب والروائي جمال الغيطاني، الذي كان يشتهر بمشروعه الروائي الفريد الذي استلهم من التراث المصري ليبني عوالمًا روائية مدهشة.
يُعتبر اليوم واحدًا من أبرز المؤلفين الناضجين في مجال الأدب الروائي، بالإضافة إلى كونه كاتبًا مصريًا، شغل الغيطاني منصب رئيس التحرير في صحيفة أخبار الأدب المصرية.
إحياء النصوص العربية
قدم الغيطاني مساهمات كبيرة في إحياء النصوص العربية التي كانت قد سقطت في النسيان، وأعاد اكتشاف الأدب العربي القديم برؤية حديثة وجادة، يعتبر واحدًا من رواد السرد والرواية في مصر والعالم العربي، ويعد صوتًا بارزًا في المشهد الأدبي العربي خلال النصف الثاني من القرن الماضي.
تأثر الغيطاني بأستاذه وصديقه الكاتب نجيب محفوظ، حيث كانت تجمعهما حبهما للقاهرة القديمة وتربيتهما في نفس المنطقة، ومع ذلك، كان لدى الغيطاني رؤية مختلفة عن محفوظ بشأن الحي الذي نشأ فيه، ففي زمن محفوظ، كانت الحي تحكمه الباشوات وكانت ذات طابع أسطوري، بينما في زمن الغيطاني، تحول إلى مجتمع هش وتراجعت مكانته الاجتماعية.
كان للغيطاني شغف بالأدب وفن الكتابة، وتطورت علاقته مع محفوظ لتصبح عميقة ومستدامة، لعب محفوظ دورًا أساسيًا في تعميق معرفته الأدبية وتوجيهه نحو الأدب القديم. وفي كل ندوة أو حوار تلفزيوني، كان الغيطاني يتحدث عن محفوظ ويشارك قصصه ونصائحه.
كما ذكر الغيطاني أنه تعلم من محفوظ الانضباط والتفاني، الذي كان يمارسه في كتابته، فوقته لم يكن مخصصًا للأدب وحده، فقد بدأ حياته المهنية كرسام سجاد، ثم عمل كصحفي في أخبار اليوم، وكان له دور كمراسل حربي في الجيش بعد الثورة.
علاقة الغيطاني بمحفوظ لم تقتصر على الإعجاب بالكاتب المفضل، بل رآه مصدرًا للفكر والحكمة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جمال الغيطاني الادب العربي الكاتب نجيب محفوظ نجيب محفوظ جمال الغیطانی
إقرأ أيضاً:
افتتاحية.. لحظة العيد المضرجة بالحزن
العيد لحظة زمنية لا بد أن نعيشها بغض النظر عن الأثر الذي يمكن أن تتركه في نفوسنا؛ فليس شرطا أن يمر العيدُ علينا عيدا كما نفهمه من المعنى اللغوي للكلمة، أو أن يأتي جميلا كما نراه في نشرات الأخبار وفي الصور الملونة، فكثيرا ما يأتي العيد مشحونا بالحزن، أو مشوبا بالانتظار، أو مسكونا بالغياب.
وإذا ما تجاوزنا الفكرة الدينية أو حتى الاجتماعية للعيد فإنه يبدو مناسبة يمكن فيها أن نكتشف جوهر الإنسان، تلك الروح التي تتأرجح بين فرح ننتظره فلا يأتي، وبين الحنين لِما كان أو لِما كان يجب أن يكون.. هذه الصورة هي الأكثر حضورا إذا ما تأملنا شكل العيد في النصوص الإبداعية.. شعرا وسردا ومسرحا أو حتى في الأعمال السينمائية.
نقرأ العيد في الأدب العربي باعتباره مناسبة تفتقر إلى الاحتفال منذ المتنبي وإلى شعراء الحداثة في اللحظة الراهنة؛ فالمتنبي يقول في بيته الشهير جدا: «عيد بأية حال عدت يا عيد، بما مضى أم لأمر فيك تجديد..» ويصل إلى حد القول «فليت دونك بيدا دونها بيدُ».
ولا يحضر الفرح في قصيدة «العيد» لنازك الملائكة بل طفل حزين يطلّ من نافذة البيت على أضواء الآخرين، يتساءل عن معنى الفرح الذي يمرّ أمامه ولا يدخل بيته.
وهذا المشهد الذي رسمته نازك الملائكة للطفل الحزين في صباح العيد متكرر جدا في الأدب العربي الذي يحاول قراءة واقع الفقراء في يوم العيد بل إنها الصورة الأكثر شيوعا في محاولة رسم يوم العيد في الكثير من الأعمال الإبداعية وهي صورة لا تحضر في الأدب العربي فقط ولكنها متكررة جدا في الإبداع العالمي الذي تعامل مع العيد برؤى متعددة تراوحت بين الاحتفاء بالطقوس وبين تفكيك معاني العيد ومعاناة الفقراء فيه.
لكن العيد، حين يُستحضر في الأدب، يتجاوز طبيعته الزمنية ليصبح رمزا يتراوح بين أن يكون رمزا للبراءة المفقودة؛ كما في روايات الطفولة، أو رمزا للفقد؛ كما في قصائد الرثاء التي تتزامن مع الأعياد، أو رمزا للزيف الاجتماعي؛ حين يُطلب من الجميع أن يفرحوا قسرا، بينما الحزن يحاصرهم في كل مكان.
وإذا كانت بعض الأعمال الإبداعية قد حاولت استعادة العيد بصورته الطفولية النقية، فإنها في الوقت نفسه لم تغفل عن طرح السؤال الجوهري: ما الذي يجعل العيد عيدا؟ هل هو الطقس، أم اللقاء، أم استعادة المعنى في عالم فقدَ معانيه؟
لا يُعرّف الأدبُ العيدَ لكنه يضعنا أمام مرآته، يجعلنا نراه كما هو، وكما نتمنى أن يكون. قد يكون العيد في النصوص محطة أمل، أو لحظة وحدة، أو مجرد تاريخ نعلقه على جدار الذاكرة. لكنه يظل، في كل الأحوال، مناسبة للكشف: عن هشاشتنا، عن حاجتنا لبعضنا، وعن المعاني التي نركض خلفها كما يركض الأطفال خلف الحلوى.
وهذا العيد الذي ننتظره هذا العام يمر علينا مضرَّجا بالحزن ويذكِّرنا بقول الشاعر عمر بهاء الدين الأميري:
يمُر علينا العيدُ مُرَّا مضرَّجا
بأكبادنا والقدسُ في الأسْرِ تصرخُ