المفتي قبلان في كتاب لشيخ الازهر : لنثأر للحق
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
وجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان كتابا الى الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، جاء فيه:
"أكتب إليكم بقلم مكروب وقلب نازف وأنفاس تستعر نيرانها لأقول: ذمة فلسطين وناسها ومقدساتها تحت النار والإبادة، فيما الكيان الصهيوني وبدعم شامل وكامل من واشنطن وأساطيل الأطلسي يمارس أعتى أساليب القتل والإبادة والخراب في حق أهل غزة وفلسطين، والأزهر ملاذ مرجعي لهذه الأشلاء وتلك الدماء التي اختلطت فيها الوجوه والصدور والأعضاء ولم يبق من الدمع إلا الدم، ومن الصوت إلا الأنين، والحجة علينا كبيرة، والسماء حملتنا المواثيق العظمى، وربطت دماء المظلومين بذمة الله، والعرب كما ترى يقتلها الصمت ويخذلها الضياع وكأنها غثاء كغثاء السيل، ولا ذمة للصهيونية، ولا عهد لآلة القتل اليهودية، ومواثيقها باطلة، وطريقتها جائرة، وفعلها النكث، وشرعتها القتل والذبح، ووجودها احتلال، وكيانها إرهاب واغتصاب، وترسانتها إبادة واضطهاد.
وليست الصهيونية بفلسطين إلا عصابة نكثت المواثيق واغتصبت الأرض وأهلكت الحرث والنسل منذ تاريخها الأول، وهي الآن تدوس مواثيق أهل الإسلام وباقي الملل والأديان وتفتك بأكبر قوتها وأساطيل أهل ملتها، والأعراض تستصرخكم، والأجساد تستغيثكم، والأيتام تلوذ بكم، والجثث المتناثرة تناديكم، فإن اللهَ ألزمنا ميثاقه بقوله: (الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)، ولا صرخة فوق صرخة غزة، ولا دماء بعد دمها، ولا ذمة بعد ذمتها، ولا ميثاق فوق ميثاق الله بجثث أهلها وأشلاء أطفالها وأعراض نسائها وحرمة ديارها، فالله الله بغوثهم واستصراخ الأمة لنصرتهم، فإنّ الشجى طويل، والشكوى عظيمة، وقد اجتمعت الصهيونية براعي إرهابها واشنطن وقيادات الأطلسي التي تتعطش لدماء أهل غزة وتتسابق لإبادتهم وتكدّس أساطيلها وأقمارها الصناعية وإمكاناتها التدميرية والتكنولوجية لسحق وجودهم واستحلال أعراضهم ودوس كراماتهم، فالله الله بذمة الله التي خصّها الله بأهل فلسطين، والله تعالى يقول: (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ)، وقد استبدّت واشنطن وداست المواثيق ومكّنت يد تل أبيب من أساطيلها وترسانة أطلسها، فأغيثوا رحمكم الله، فإننا ولأول مرّة نملك من القوة والقدرات ما نغير به وجه المنطقة.
ويجب أن نثأر للحق ونعين للعدل، وقد رأى العالم كله قواعد الكيان الصهيوني المكدسة بترسانة القتل والدمار كيف تساقطت بخواء وذعر فتسابق الأطلسي بقيادة واشنطن لنجدتها وإطلاق يدها بقتل أهل ديننا وملتنا، واليوم الرئيس الأميركي بايدن يشارك قيادة تل أبيب بغرفة جرائم الحرب كراع لإرهابها، فهل يجتمع قادة العرب على الحق أو يسارعون لنجدة ذمة الله وأعراضه أم ضربت عليهم الذلة والمسكنة فباؤوا بما هم عليه الآن، فأعن فإنك أهل لذلك، فإن الباطل اجتمع بكله، والميادين جاهزة وأهل الحق يملكون القوة والإمكانات القادرة على تغيير وجه المنطقة، فإذا اجتمع العرب بالعرب، وأهل الإسلام بأهل الإسلام غيروا العالم".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
بيان منزلة النفس الإنسانية في الإسلام.. الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد لها من أحد المتابعين عبر صفحتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي جاء مضمونه كالتالي: النفس الإنسانية لها منزلة خاصة في الشريعة الإسلامية؛ فنرجو منكم بيان ضرورة المحافظة عليها في ضوء نصوص الشرع؟.
مكانة النفس الإنسانية في الشريعةقالت دار الإفتاء إن الإسلام دعا إلى المحافظة على النفس الإنسانية؛ فجعل حفظ النفس من مقاصده الكلية التي جاءت الشرائع لتحقيقها، وارتقى بهذه المقاصد من مرتبة الحقوق إلى مقام الواجبات، فلم تكتف الشريعة الغراء بتقرير حق الإنسان في الحياة وسلامة نفسه، بل أوجبت عليه اتخاذ الوسائل التي تحافظ على حياته وصحة بدنه وتمنع عنه الأذى والضرر.
وأوضحت الإفتاء أن حفظ النفس وصيانتها من الضروريات الخمس التي اتفقت عليها جميع الشرائع؛ قال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (1/ 31، ط. دار ابن عفان): [فقد اتَّفقت الأمة بل سائر الملل على أنَّ الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس وهي: الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل، وعلمها عند الأمة كالضروري، ولم يثبت لنا ذلك بدليل معيَّن، ولا شهد لنا أصل معيَّن يمتاز برجوعها إليه، بل علمت ملاءمتها للشريعة بمجموع أدلة لا تنحصر في باب واحد، ولو استندت إلى شيءٍ معيَّن لوجب عادة تعيينه] اهـ.
وأضافت الإفتاء قائلة: ومظاهر دعوة الإسلام للمحافظة على النفس الإنسانية لا تحصى؛ منها: تحريم قتل النفس بغير حق وإنزال أشد العقوبة بمرتكب ذلك؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: 151].
ومنها: أيضًا تحريم الانتحار؛ قال جلَّ وعلا: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (5/ 156، ط. دار الكتب المصرية): [أجمع أهل التأويل على أنَّ المراد بهذه الآية النهي أن يقتل بعض الناس بعضًا؛ ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا وطلب المال، بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدِّي إلى التلف] اهـ.
وتابعت: كما نهى الإسلام عن إلقاء النفس في التهلكة؛ قال تعالي: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، قال الإمام الشوكاني في "فتح القدير" (1/ 222، ط. دار ابن كثير): [التهلكة: مصدر من هلك يهلك هلاكًا وهلكًا وتهلكةً أي: لا تأخذوا فيما يهلككم.. والحق أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل ما صدق عليه أنَّه تهلكة في الدِّين أو الدنيا فهو داخل في هذا، وبه قال ابن جرير الطبري] اهـ.
وأكدت: ونهى عن إلحاق الضرر بالنفس أو بالغير كمظهر من مظاهر المحافظة على النفس؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»، رواه الحاكم في "المستدرك" وصححه على شرط مسلم، والدارقطني والبيهقي في "السنن"، والدينوري في "المجالسة".