استفتاء استراليا يفضح نخب السودان
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
يوم السبت الماضي جرى في استراليا استفتاء " Referendum" لمنح السكان الأصليين " Aboriginal" أهتمام أكبر بمنحهم صوت يعبر عنهم في البرلمان و الاهتمام لهم بالتعليم و الصحة و الرعاية، و غيرها، و التصويت في استراليا في الانتخابات و الاستفتاء إجباري على كل مواطن، و عدم الذهاب بإدلاء الصوت جنحة يعاقب عليها القانون، إلا إذا كان هناك عذر يحول دون ذلك.
الفضول جعلني أسأل شخص أخر يعمل في قطاع الفنون و الأدب قال (المسألة ليست معقدة بالصورة التي تجعل الشخص في حالة من الإندهاش للنتيجة، إذا طرح على نفسه تساؤلات حول الحقوق المميزة التي كانت قد منحت من قبل لهؤلاء، أن يكون لهم أولوية في العمل و في السكن الحكومي، و الدعم العائلي. إلي جانب ذلك؛ أن الحكومة الفدرالية تمنح دعم يفوق 3 مليارات دولار للمنظمات التي تعمل في خدمة و تأهيل السكان الأصليين، هل كل هذه الأشياء استطاع هؤلاء الاستفادة منها بالصورة التي تقنع المواطن أن يقدم لهم حقوق إضافية، من هنا صوت الأغلبية بكلمة لا. أن الأغلبية من المواطنين الاصليين غير راغبين في التعليم، و لا يؤهلون أنفسهم لكي ينالوا وظائف وفقا لتأهيلهم) إذا قناعة المجتمع مسألة ضرورية ليست بالشعارات و لكن من خلال القدرة و الكفاءة التي تؤهلك أن تنزل الشعارات للواقع، هي التي تقنع الآخرين للتصويت معك.
أن كلمة "لا "التي جاءت من أغلبية المواطنين الاستراليين لا تحمل أي حمولات تمايزية أو عنصرية، أن العناصر التي تطالب بالحقوق يجب أن تكون جديرة للمسؤولية، لكي يقتنع المواطن على دعمها و الوقوف معها. إذا حملنا هذه الرؤية و طرحناها على المواطنين و النخب في السودان. باعتبار أن الشعب السوداني تواق للحرية و الديمقراطية، و قد اسقط ثلاث نظم شمولية لكي يحقق مقصده، لكن النخب قد فشلت في تحقيق حلم المواطن...لماذا؟
أن النخب السودانية لا تجد عندها أي إجابة على ذلك؛ و لم تستفيد من تجاربها، و إذا نظرت في مكتبات كل الأحزاب السياسية دون استثناء، لا تجد دراسة واحدة أجرتها هذه الأحزاب لتلك التجارب السابق. بل تجد الأحزاب نفسها تشكو من خواء مكتباتها لمثل هذه الدراسات، لأنها لم تعد كادرها الإعداد السليم الذي يجعله يقوم بمثل هذه المهام النقدية للتجارب و غيرها، هو كادر مطلوب منه أن يعلن الولاء فقط للمجموعة الموجودة في قمة هرم الحزب، و كل ما كانت قدراته عالية في ممارسة التملق كان حظه أوفر في الصعود أكثر من غيره، فمثل هؤلاء هل يكونوا جديرين بقيادة التغيير في مجتمع انتشرت فيه دعوات اللجوء إلي الولاءات الأولية " الجهوية – الإثنية – العشائرية – القبلية و المناطقية و غيرها"؟ هل هذه النخب التي تشعل نار الاستقطابات الحادة جديرة أن تهيء بيئة صالحة لعملية التحول الديمقراطي؟ هل هذه النخب قادرة أن تميز بين العاطفة و الموقف الحزبي و الشخصي و مطلوبات الثقافة التي تؤسس لعملية التحول الديمقراطي؟
أن المطالب و الحقوق يجب أن تكون مقنعة من خلال الثقافة و الممارسة اليومية، و واحدة من تناقضات الشعار مع الممارسة يعكسها لنا مقالا كتبه حامد بشرى في جريدة " سودانيل " ردا على مقال الدكتور أحمد عثمان " المستقبل لا يمكن فصله ميكانيكيا" في مجادلة للحوار دار بين صديق الزيلعي و الدكتور احمد عثمان. يقول بشري (الملاحظة الأيجابية هو الطرح الموضوعي للصراع الفكري علي أروقة المنابر بدلاً من تداوله في المجالس الخاصة مما يحفظه كأرشيف للمستقبل ويشجع علي البحث فيما يُطرح من آراء ويثبت آداب إختلاف الرأي ويحفظ الود بين المشاركين( و يواصل القول (الملاحظة السالبة هو أن صحيفة (الميدان) المحترمة لم تلتزم بقواعد المهنية ولم تنشر الآراء التي تقف معارضةً (للتغيير الجذري) وإن أتت من شخصيات مشهود لها بالمواقف الوطنية الصلبة ناهيك أن بعض هذه الآراء أتت من عضوية حزبية ملتزمة . هذا مسلك يقف نقيض ما كان عليه الحال في نهاية الستينيات وتحديداً في 1969عندما كان الصراع الفكري يُطرح في صحيفتي أخبار الأسبوع والأيام والمجلة الداخلية (الشيوعي) . كانت تُنشر آراء كل من عمر مصطفي المكي وأحمد سليمان ومعاوية أبراهيم والتي كانت علي النقيض من رأي عبدالخالق) أن حديث بشرى يجعل الملاحظة في استفهام؛ مطلوب الإجابة عليه، أن صحيفة تعبر عن حزب سياسي يرفع شعارات من أجل الديمقراطية، ثم تنتقي الصحيفة المقالات التي تعتقد إنها تتوافق فقط مع تحالف الجذرية، ثم تهمل بقية الأراء الأخرى المخلفة في قضية جدل بين رؤية الجذرية و رؤية أخرى لقوى الحرية و التغيير المركزي؟ لا نقول حزب...! بل نقف على صحيفة لا تقبل الرآي الأخر و لا تنشره في جدل حول مواقف الحزب مقارنة بموقف أخر في الساحة السياسية هل تكون جديرة أن تقود تغيير من شمولية إلي تحول ديمقراطي؟ و الغريب أن قيادات الحزب و لا عضويته رفضت هذا السلوك. السؤال الذي لا يحب البعض طرحه بصورة مباشرة نسأله بصورة مخففة. إذا جاءت الثورة رافضة لكل السلوك و الانتهاكات التي مارسها نظام الإنقاذ؛ ما هو السلوك المطلوب الذي يتلاءم مع عملية التحول الديمقراطي.؟ و نسأل الله حسن البصيرة
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: السکان الأصلیین الاستفادة من
إقرأ أيضاً:
العراق يحصي عدد السكان على كامل أراضيه للمرة الأولى منذ 37 عاما
بغداد"أ.ف.ب": بدأ العراق على مدى يومين "الأربعاء والخميس" تعدادا شاملا للسكان والمساكن على كامل أراضيه للمرة الأولى منذ أربعة عقود بعدما حالت حروب وخلافات سياسية شهدها البلد المتعدد الإتنيات والطوائف دون ذلك.
ويثير تنظيم الإحصاء في كل أراضي العراق للمرة الأولى منذ 1987، مخاوف سياسية وقومية في البلد خصوصا بشأن مناطق شمالية متنازع عليها تاريخيا بين الحكومة العراقية المركزية وحكومة إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.
ويترقب البلد الغني بالنفط نتائج هذا التعداد، لا سيّما لأسباب تتعلق بالميزانية.
ويقيم في العراق الذي عرف عقودا من النزاعات والعنف، أكثر من 44 مليون شخص 40% منهم يبلغون 15 عاما أو أقلّ، بحسب آخر التقديرات الرسمية.
ويشمل الإحصاء للمرة الأولى منذ العام 1987 المحافظات العراقية الـ18، بعدما أُجري في العام 1997 تعداد استثنى المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان.
وشدّد رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني على ضرورة إجراء التعداد "لما يمثله من أهمية في دعم خطوات التنمية والتخطيط في كل القطاعات المساهمة في ارتقاء وتقدم العراق" حيث الكهرباء غير متوافرة إلّا بضع ساعات يوميا والبنى التحتية متداعية.
وسيُحظر على سكان البلاد، من عراقيين وأجانب التنقل يومَي 20 و21 نوفمبر إلّا في حالات الضرورة، للسماح لما يزيد عن 120 ألف باحث ميداني بزيارتهم لجمع بياناتهم الشخصية والعائلية.
وتضمّ الاستمارة التي اطلعت عليها وكالة فرانس برس، أسئلة حول عدد أفراد الأسرة ووضعهم الصحي والتعليمي والمهني والاجتماعي، بالإضافة إلى مقتنياتهم من وسائل نقل وأجهزة منزلية، بهدف تحديد مستواهم المعيشي.
وأُرجئ الإحصاء هذا مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي عرف نزاعات بينها حرب طائفية بعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003، وسيطرة تنظيم داعش في 2014 على أجزاء واسعة منه.
لكن في السنوات الأخيرة، يسود البلد استقرار نسبي، على الرغم من تزعزع التوازنات خلال عقدين من العنف، جرّاء هجرة آلاف المسيحيين وفرار عشرات آلاف العائلات الأيزيدية من سنجار جرّاء سيطرة التنظيم المتطرف.
وتجري وزارة التخطيط العراقية الإحصاء بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان الذي يرى في العملية أداة مهمة لـ"تزويد العراق بمعلومات ديموغرافية دقيقة وتسهيل عملية صنع السياسات الفعالة".
وأكّد المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي أن "غياب التعداد كل هذه السنوات خلق لنا فجوة كبيرة من الحاجة إلى البيانات" حول "المشكلات التي تكتنف التنمية والخدمات في مجال الصحة والتعليم والسكن".
من جهته، يقول المحلل السياسي علي البيدر لوكالة فرانس برس إن "هذا التعداد يفترض أن يكون أكثر واقعية" من كل عمليات الإحصاء السابقة وسيتيح "إدارة أفضل لمؤسسات الدولة لأن معظم الأرقام اليوم هي تخمينات أو تقديرات".
ويرى الخبير السياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية حمزة حداد أن "التمثيل البرلماني سيتغيّر" تبعا لنسبة السكان في كل منطقة.
وينصّ الدستور العراقي على أن يكون لكل 100 ألف عراقي نائب يمثلهم في البرلمان، لذلك "يجب تعديل الأعداد حين يوجد إحصاء رسمي".
وتضمّ استمارة التعداد سؤالا عن الديانة من دون الطائفة، وكذلك دون القومية التي كانت مطلوبة في الإحصاءات الماضية.
ويشير حداد إلى أن الإحصاء هذه المرة "يفتقر إلى تفاصيل أساسية ربما من أجل إرضاء جميع الأطراف للسماح أخيرا بإجراء التعداد".
فقد تعذر إجراء التعداد لسنوات طويلة بسبب خلافات سياسية حول مناطق متنازع عليها خصوصا بين العرب والأكراد بالإضافة إلى التركمان في شمال البلاد أبرزها محافظتَا كركوك ونينوى.
ولطالما شكّلت محافظة كركوك التي يطالب بها الأكراد والعرب، نقطة توتر محورية.
ويطرح فهمي برهان رئيس هيئة المناطق الكردستانية خارج إدارة إقليم كردستان، وهي هيئة تابعة للإقليم ومسؤولة عن متابعة المناطق المتنازع عليها، مخاوف تساور سكان الإقليم.
ويقول "إذا درسنا تعدادا تلو الآخر، نجد أن عدد الأكراد في المناطق الكردية خارج إقليم كردستان آخذ في التناقص"، مضيفا "في كركوك وخانقين وسنجار، يتناقص الأكراد ويتزايد العرب".
ويلفت إلى أن هؤلاء السكان يتخوّفون بشكل أساسي من تغيّر ديموغرافي، خصوصا بعد "بناء تسعة أحياء عربية خلال الأعوام السبعة الماضية" جرّاء فرار عرب من مناطق أخرى في البلد بسبب نزاعات.
ويوضح أن هذا الأمر "لا يساوي أبدا النمو الطبيعي لسكان" كركوك، مؤكدا مع ذلك أن اجتماعا مع السوداني "خفّف بعضا من قلقنا وقدّم لنا الوضوح" حول طيّات التعداد.
في هذه المناطق، وافقت بغداد على تسجيل المتحدّرين من العائلات التي كانت مقيمة فيها أثناء تعداد العام 1957، تفاديا لتأثير الأعداد الناتجة عن موجات الهجرة اللاحقة على التوازن الديموغرافي. وسيُسجّل الوافدون الجدد في مناطقهم الأصلية.
ويلفت حداد إلى أن الحساسية المرتبطة بالمناطق المتنازع عليها "ليست فقط وليدة سياسة التعريب في عهد (الرئيس السابق) صدام حسين، بل أيضا عكس هذه السياسة وتحويل مناطق متنازع عليها بعد 2003 إلى كردية".
ويؤكد أن في صفوف السياسيين الأكراد "مخاوف" بشأن "الديموغرافيا" خصوصا في الإقليم، إذ إن "الميزانية الاتحادية موزّعة بحسب نسبة السكان وتحديث هذه الأرقام قد يؤثر على حصة كردستان العراق".