قال موقع "أويل برايس" الأمريكي إن المنطقة قد تواجه صعوبات بسبب وجود "إسرائيل" كعامل غير مستقر ومتغير في المنطقة، مبينًا أن الدول المحيطة بـ"إسرائيل" تواجه تحديات في التعاون معها في مجالات النفط والغاز والطاقة المتجددة بسبب التوترات السياسية والأمنية المستمرة.

وذكر الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21" أن شركة "بي بي" كانت قد طمأنت المستثمرين، الأربعاء الماضي، بأن صفقتها البالغة 2 مليار دولار مع شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) لشراء حصة 50 في المائة في شركة إنتاج الغاز الإسرائيلية "نيوميد للطاقة" لا تزال تسير على الطريق الصحيح، رغم الحرب المستمرة التي تخوضها "إسرائيل" في غزة.



وفقًا لرويترز، أخبرت أنجا إيزابيل دوتزينراث، رئيسة قسم الغاز والطاقة منخفضة الكربون في شركة "بريتيش بتروليوم"، المساهمين في يوم المستثمر الخاص بالشركة في دنفر أنهم ما زالوا "متفائلين للغاية" بشأن الصفقة. وبحسب ما ورد تدرس الشركتان ما إذا كان يجب تحسين عرضهما الأولي. وتعد شركة "نيوميد للطاقة" المساهم الأكبر والمشغل الرئيسي لحقل ليفياثان العملاق للغاز الطبيعي بحصة تشغيلية تبلغ 45.3 في المائة، في حين تمتلك شركة "شيفرون" و"رايتو أويل" حصة 39.7 في المائة و15 في المائة، على التوالي.

واعتبر الموقع أن هذا الطمأنينة لا يعني بالضرورة أن الصفقة قريبة من إتمامها؛ حيث تم طرحها الأسبوع الماضي بعد أن أوصت لجنة مستقلة عينتها شركة "نيوميد" برفع السعر المطلوب بنسبة 10 في المائة -12 في المائة، أو ما يصل إلى 250 مليون دولار تقريبًا، وهو ما قد يبدو امتدادًا بالنظر إلى أن الشركة لديها حاليًا قيمة سوقية قدرها 2.9 مليار دولار و87 مليون دولار نقدًا، إلا أن ديونها تبلغ 1.73 مليار دولار. وفي الوقت نفسه، ظهرت تقارير تفيد بأن المديرين التنفيذيين في شركة "بريتيش بتروليوم" و"أدنوك" يتوقعون المزيد من التأخير في الصفقة حتى يتحسن الوضع السياسي. ويخشى الخبراء من أن يؤدي ارتفاع عدد الضحايا المدنيين إلى جعل استمرار الشركات في العمل غير مقبول سياسيًّا، في ظل الصراع الذي يبدو أنه سيكون واحد من أكثر الصراعات دموية في المنطقة منذ عام 2008.

وأفاد الموقع أن شركة "نيوميد" وشركاؤها اكتشفوا حقل ليفياثان للغاز الطبيعي في منطقة حوض المشرق العربي في عام 2010، والذي يمتد على الحدود البحرية لـ"إسرائيل" ولبنان وفلسطين وجمهورية قبرص وجمهورية شمال قبرص التركية. ومع 22.9 تريليون قدم مكعب من الغاز القابل للاستخراج، يُعد ليفياثان أكبر خزان للغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط، وأحد أكبر الأصول المنتجة في المنطقة.

وقال الموقع إن استحواذ شركة "نيوميد" ليس مشروع الطاقة الوحيد الذي من المحتمل أن يتعطل بسبب الحرب في غزة. ففي شهر آب/ أغسطس الماضي، أنشأت مجموعة الطاقة الفرنسية "توتال إنريجيز" أول منصة حفر في موقعها في البحر الأبيض المتوسط قبالة ساحل لبنان بالقرب. وتأمل الدولة التي تعاني من ضائقة مالية أن تساعد مبيعات الغاز المستقبلية البلاد على الخروج من أزمتها المالية العميقة التي أدت إلى خسارة العملة المحلية أكثر من 98٪ من قيمتها.

وقالت توتال إنيرجيز في بيان إن "وصول المعدات يمثل خطوة مهمة في التحضير لحفر البئر الاستكشافي في البلوك 9، والذي سيبدأ قرب نهاية آب/ أغسطس 2023". وتقود شركة "توتال إنيرجيز" مجموعة من شركات الطاقة العاملة في المشروع البحري، والذي يضم شركة النفط والغاز الإيطالية العملاقة "إيني" بالإضافة إلى شركة "كات إينيرجي" المملوكة للدولة.

ووفق الموقع؛ جاءت عمليات الحفر بعد اتفاق تاريخي بوساطة أمريكية العام الماضي شهد قيام لبنان والاحتلال ترسيم حدود بحرية لأول مرة على الإطلاق. وفي شهر أيار/ مايو الماضي، قال وزير الطاقة اللبناني وليد فياض إنهم يأملون في تحديد ما إذا كانت المنطقة الاستكشافية تحتوي على احتياطيات غاز قابلة للاستخراج بحلول نهاية العام الحالي.


ومن المؤسف أن الحرب من المرجح أن تجعل التعاون بين البلدين شبه مستحيل، فقبل يومين، ضرب القصف الإسرائيلي بلدات في جنوب لبنان ردا على هجوم صاروخي جديد شنه حزب الله، مع استمرار العنف عبر الحدود لليوم الرابع. وكشف الجيش الإسرائيلي أيضًا أنه ضرب موقعًا لحزب الله بضربة جوية، كما هاجم لبنان بعد استهداف موقع عسكري بالقرب من بلدة عرب الأهرام الإسرائيلية بنيران مضادة للدبابات. وقامت الولايات المتحدة بنقل إحدى أكبر حاملات الطائرات في العالم ومجموعة هجومية مصاحبة لها إلى شرق البحر الأبيض المتوسط بهدف ردع حزب الله وإيران عن استغلال الوضع.

وأشار الموقع إلى أنه من المرجح جدًا أن تؤدي الادعاءات الأخيرة بأن إيران ساعدت حماس في التخطيط للهجوم الإسرائيلي إلى توتر العلاقات بين واشنطن وطهران بشكل خطير. ورأى بنك ستاندرد تشارترد أن الولايات المتحدة لديها ثلاثة خيارات سياسية واسعة فيما يتعلق بإنتاج النفط الإيراني: الوضع الراهن، مع إنتاج يبلغ 3 ملايين برميل في اليوم أو أعلى.  أو عتبة ما قبل عام 2023 التي تقترب من 2.5 مليون برميل في اليوم. أو صادرات قريبة من الصفر مع إنتاج أقل من 2 مليون برميل في اليوم كما تم التوصل إليه في نهاية إدارة ترامب.

واختتم الموقع التقرير بالقول إن الخيار رقم 1 كان السياسة الأكثر ملاءمة للولايات المتحدة من حيث تأثير السوق والجغرافيا السياسية قبل أسبوع واحد فقط. ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط سلطت الضوء على الخيارين رقم 2 ورقم 3 كأهداف سياسية محتملة. وقد زاد إنتاج وصادرات النفط الإيراني بشكل حاد في ظل إدارة بايدن، حيث وصل الإنتاج إلى 3 ملايين برميل يوميا، بما في ذلك 500 ألف برميل يوميا في العام الحالي، في حين أن الصادرات أقل بقليل من 2 مليون برميل يوميا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الغاز الحرب لبنان لبنان الاحتلال الإمارات غاز حرب سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المائة

إقرأ أيضاً:

الغرب وكأس الشرق الأوسط المقدسة

يرغب الأميركان في شرق أوسط مستقر، وفي سبيل ذلك يتخذون أفضل السياسات الكفيلة بزعزعة استقراره. منذ وقت طويل يراودهم حلم الوصول إلى "الكأس المقدسة"، تلك التي ستأتي بالسلام والاستقرار الأبديين. والكأس المقدسة هي السلام مع السعودية وفقًا للوصف الذي نحته زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد في مقال له على صحيفة هآرتس.

استعصت الكأس المقدسة حتى الآن، وستصبح بعيدة المنال مستقبلًا في ظل ازدهار اليهودية الراديكالية، كما يتوقع لبيد. تدرك السعودية أمرين هامين حين يتعلق الأمر بالتطبيع مع إسرائيل: مكانتها الرمزية في العالم الإسلامي، والأصول التوراتية التي تختبئ وراء النفاق الغربي. كما تدرك أيضًا أن سلامًا مفتوحًا مع إسرائيل، دون حل جذري للمشكلة الفلسطينية، لن يسهم في استقرار الشرق الأوسط.

بعد أربعة عقود من السلام مع مصر يتساءل المثقفون الإسرائيليون عن قيمة ذلك النوع من "السلام البارد". الحال بين مصر وإسرائيل بات أكثر خطرًا من سلام بارد. فقد اعترضت إسرائيل مؤخرًا على الإنشاءات العسكرية التي يقوم بها الجيش المصري في سيناء، وسبق لها أن وصفت ثورة 25 يناير/ تشرين الأول بالطاعون المصري.

داخل النقاش الجاري هناك – حول النشاط العسكري المصري في جزيرة سيناء – علّق تامير موراج، المراسل الدبلوماسي للقناة 14 الإسرائيلية، مطلع هذا الشهر قائلًا: ".. على قيادتنا العليا أن تبقى مستيقظة في الليل. مباشرة أمام أعيننا، وتحت ستار اتفاقية السلام، قامت مصر ببناء جيش هائل يعتمد على الأسلحة الأميركية، وجميع تدريباته تحاكي سيناريوهات غزو إسرائيل [..]. قوات بحرية قوية، وقوة جوية قادرة على تحدي وتعقيد الأمور بالنسبة لسلاح الجو الإسرائيلي. هذه القوة العسكرية برمتها، التي تنتهك وتقوض اتفاقات كامب ديفيد بشكل متكرر، تتدرب من أجل هدف واحد: الحرب مع إسرائيل".

إعلان

شيء واحد في حكم المؤكد، وهو أن إسرائيل – الحصن الغربي- كيان تأسس على عجلة استعمارية، وأن الزمن يعقد عليه الأمور من كل جانب. ما من كأس مقدسة في الشرق الأوسط، وحتى السلام البارد مع القوة العربية الكبرى في طريقه لأن يصبح سلامًا خطرًا، سلامًا يتدرب على غزو الجار، كما تخبرنا القناة 14 المعروفة بتطرفها وقربها من المنظومة اليمينية.

الخفة في التعاطي مع الشرق الأوسط صارت إلى علامة فارقة في السياسة الغربية التي نحَت، مؤخرًا، منحى توراتيًّا وباتت ترى الدولة الإسرائيلية شأنًا إلهيًّا، بعد أن كانت "حصنًا غربيًا" كما في تصوّر كونراد أديناور، مؤسس ألمانيا الحديثة.

القول إن المقاربة الغربية لمسألة الصراع العربي- الفلسطيني أخذت بعدًا توراتيًا ليس رجمًا بالغيب، ولا هو حديث مرسل. في يونيو/ حزيران 2001 دُعي بيل كلينتون للاحتفال بكتاب "كيف تخوض حربًا حديثة"، للجنرال ويسلي كلارك، القائد السابق للناتو. كان قد مرّ نصف عام على مغادرة كلينتون للبيت الأبيض، وعام كامل على انهيار مفاوضات كامب ديفيد.

لساعة كاملة تحدث كلينتون – لأوّل مرّة- عمّا دار في المفاوضات. تسبب عرفات، يقول كلينتون، في انهيار المفاوضات حين أقدم على الخطأ الذي لا يغتفر. إذ شكّك في "الحقيقة التاريخية" التي تقول إن الهيكل اليهودي يوجد هناك، أسفل المجمَع الإسلامي المكوّن من المسجد الأقصى، قبة الصخرة، وحائط البراق.

بالنسبة لكلينتون فإن هذا التشكيك أمر لا يحتمل. قال للحاضرين "أخبرت عرفات، قلتُ له أنا أعرف أن الهيكل هناك في الأسفل". في الواقع فقد سمع عرفات ما هو أكثر خطورة من هذه الجملة. في الرواية التي دوّنها إيهود باراك، قائد الوفد الإسرائيلي، عن الساعات الأخيرة من المفاوضات نقرأ أن كلينتون انتفض ونهر عرفات صارخًا في وجهه "أخبرني القس سولومو وأنا طفل في نيويورك أن الهيكل هناك تحت المسجد". قبل أن يغادر الحفلة قال كلينتون للحاضرين "أعتذر، لقد أفسدتُ ذلك الشيء في الشرق الأوسط"، كما نقلت مجلة نيوزويك في حينه (يونيو/ حزيران، 2001 ).

إعلان

يعمل كل الغرب، لقناعات توراتية – كولونيالية، على إفساد "ذلك الشيء" في الشرق الأوسط، ولم يكن كلينتون استثناء. الإبادة الجارية في غزة كشفت عن رؤية غربية للصراع تقع القصة التوراتية في مركزها. حتى الغرب الثقافي انخرط في ذلك الخيال التوراتي. ولم يعد مستغربًا أن يرى المرء مفكرًا سياسيًا مرموقًا مثل نيال فيرغسون، الذي يقدّم نفسه بوصفه ملحدًا يرسل أولاده إلى الكنيسة، وهو يتحدث عن "المهمة الإسرائيلية فائقة النجاح" في غزة. فـ "تلك الأرض"، يقول فيرغسون، هي مكان وهبه الإله – الذي لا يؤمن بوجوده- لليهود.

الشرق الأوسط حقيقة جيوسياسية بالغة التعقيد، تتصارع حوله ثلاث رؤى، كما يذهب الباحث الإسرائيلي عاموس يلدين في مقاله الأحدث على فورين أفيرز: رؤية المقاومة الفلسطينية (حماس)، الرؤية الإيرانية، والرؤية الأميركية.

لا يمكن العثور على تصور عربي متجانس لمسألة الشرق الأوسط، لا لماضيه ولا لمستقبله. ثمّة خيالات وأحلام متناقضة ومتصارعة. غير أن مشروعًا عربيًا مكتملًا، بما يوازي ويماثل المشاريع المتجانسة التي تنظر إلى المنطقة من خارجها، لا يزال بعيد المنال.

تقوم الرؤية الأميركية، في تقدير يلدين، على تحقيق استقرار في الشرق الأوسط عبر إستراتيجيات متعددة: إنتاج فرص سياسية للإسرائيليين والفلسطينيين معًا، التطبيع بين إسرائيل والسعودية، ومن خلال اتفاقية دفاع بين واشنطن والرياض.

السؤال الإسرائيلي كان دائمًا هو سؤال الاستقرار، وهذا ما تدركه كل المقاربات الأميركية للصراع. فالمجتمع الإسرائيلي سيتعين عليه، في آخر الأمر، أن يتجاوز سؤال البقاء إلى أسئلة أخرى لا تقل أهمية، منها سؤال الاندماج مع الجوار.

فما من مثيل واحد في العالم لحالة النبذ والقطيعة التي تعيشها "الدولة" الإسرائيلية مع كل الجيران. لا تتجاوب إسرائيل كثيرًا مع تكتيكات الاستقرار التي تبتكرها السياسة الأميركية، ومع اتجاهها يمينًا فإن استجابة إسرائيل للرؤى والتقديرات القادمة من خارج المنطقة ستصبح أكثر ندرة.

إعلان

في مذكراته قال كيسنجر إن المسؤولين الإسرائيليين شكروه في وقت متأخر جدًّا على تكتيكاته التي حمَت دولتهم إبّان الصدام العسكري العربي- الإسرائيلي في سبعينيات القرن الماضي.

لم تكن المصلحة الإستراتيجية التي تنطوي عليها "حلول" كيسنجر واضحةً في العقل الإسرائيلي أوّل الأمر. كان كيسنجر بالنسبة لهم أميركيًا أكثر من حقيقته اليهودية، ولم تكن الحميمية الإسرائيلية- الأميركية قد بلغت الحد الذي نراه الآن، بأن تعمل دولة عضو في مجلس الأمن على رعاية إبادة بشرية على الهواء. وحتى الآن، في أوج الحميمية التوراتية بين البلدين، فثمة هامش مناورة واسع تستطيع إسرائيل من خلاله تمرير مشاريعها العدوانية بما فيها تلك التي تأخذ شكلًا إجراميًا مروّعًا.

الرؤيتان الأخريان؛ رؤية حماس ورؤية المحور الإيراني، تختلفان وتتفقان. وجه اتفاقهما هو في استنزاف إسرائيل وحشرها في زاوية الدخيل والغريب على المنطقة. يواصل يلدين تقديره لما يراه قائلًا: فشلت المقاربات الثلاث ونجحت إسرائيل في فرض رؤيتها الواقعية. إذ أدت العمليات العسكرية لجيش الدفاع الإسرائيلي إلى سلسلة من النجاحات انتهت بسقوط النظام السوري من جهة، وإلى تقويض "الكوريدور الممتد من غرب إيران وحتى الحدود الإسرائيلية، ذلك الطريق الذي عكفت إيران على بنائه لأربعة عقود"، بحسب يلدين.

نجحت إسرائيل من خلال أعمالها العسكرية على جبهات عدة في تغيير "الشكل" الأوسط على نحو لم تكن تتوقعه ولا يبدو أنها تأنس له. لقد تخلّق شكل جديد غامض للشرق الأوسط، لم يستقر بعد، ولا يمكن التنبؤ بما سيؤول إليه في قابل الأيام.

وإن كانت إسرائيل قد نجحت في إبعاد إيران عن حدودها، فإن الحدود التركية باتت الآن، ولأوّل مرّة، على مشارف الدولة العبرية. يتداول الكُتّاب الإسرائيليون النقاش حول المفاجأة السورية التي جعلت تركيا، ذات الثأر التاريخي، محاددة لدولتهم. كل حركة في الشرق الأوسط تخلق نقائضها، وكل إجابة عن سؤال هي في الحقيقة تعقيد للسؤال نفسه.

إعلان

إلى ما قبل ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، 2024، كانت الثورة السورية قد آلت إلى قصة من الماضي البعيد. أما الثوار وهم يتحضرون للعملية العسكرية فإن طموحاتهم لم تأخذهم إلى ما هو أبعد من ريف حلب، كما دوّن كمال أوزتورك، الصحفي التركي القريب من المعارضة السورية، في مقالة له على الجزيرة نت.

تدحرجت الكرة كما هي عادة الأحداث في المنطقة وبتنا نشاهد شرقًا أوسطَ جديدًا وغامضًا يختلف جذريًّا عن ذلك الذي تخيله شمعون بيريز مخترع مصطلح "الشرق الأوسط الجديد" في تسعينيات القرن الماضي.

بينما المسألتان؛ الفلسطينية واللبنانية ذاهبتان إلى الهدوء، برز الحدث السوري إلى العلن على شكل "هزة أرضية لم تحدث في المنطقة منذ اتفاقية سايكس-بيكو عام 2016" وفقًا لكلمات نتنياهو أمام المحكمة المركزية. ما من شيء، ولا أحد، بمقدوره أن يمنع الرياح والعواصف في الشرق الأوسط، ولا حتى أن يخبرنا من أين ستهبّ ولا أين ستسكن.

يقف الشرق الأوسط، برمّته، على كثبان من الرمال المتحرّكة. سكونه المريب باعث على الشك، وحركته المفاجِئة لا تخضع للقواعد. داخل هذا الغموض الوجودي، "الهيولى المحيّرة"، يُراد لإسرائيل أن تغدو كيانًا مستقرًّا. وليس لتلك الأمنية من معنى سوى أنها صادرة عن خيال عاجز وفقير، وعن أوهام خطرة حول شرقنا الأوسط اللعوب والعنيد.

كما لو أن الحديث عن الشرق الأوسط الجديد، دائمًا، يتعلق بالبحث عن مكان آمن لإسرائيل في تلك البقعة من الأرض، لا عن فهم جذري لحقيقته الجيوسياسية في سياقها التاريخي.

الشرق الأوسط الذي يُراد له أن يتسع لإسرائيل يضيق بنفسه وبشعوبه، وهو واحد من أكثر الأماكن الطاردة للسكّان الأصليين. جدران الشرق الأوسط السياسية والاجتماعية ضيقة، وقد أدّت التفاعلات السياسية التي حدثت في العقد الماضي إلى حروب أهلية مدمّرة.

إعلان

تريد إسرائيل مكانًا آمنًا في الشرق الأوسط، وفي سبيل ذلك فقد بنت إستراتيجيتها على ثلاثة مبادئ: "الردع، الإنذار المبكر، والنصر الحاسم" كما يرى الباحث الإسرائيلي أسّاف أوريون في مقال له على فورين بوليسي. لطالما استخدمت إسرائيل سجلها من الانتصارات الحاسمة في ردع خصومها، وكانت تضرب الصغير ضربة يخرّ لها قلب الكبير، كما هو قانون "عنترة" في الصراع.

من خلال آلتها العسكرية المتقدمة حرصت على تحقيق انتصارات حاسمة داخل أراضي العدو، بعيدًا عن الحدود. ذلك ما جعلها تبدو وكأنها حقيقة جيوسياسية نهائية في الشرق الأدنى، وليست كيانًا استيطانيًّا في منطقة غير مستقرة في المجمل.

غير أنها مع نهاية معاركها تقف على حقائق جديدة، غالبًا أكثر تعقيدًا. كلما تعقدت المسائل أمام إسرائيل وعدتها أميركا بالكأس المقدسة، وتلك الكأس تأخذ في كل مرّة شكلًا واسمًا.  كانت "مصر"- التي يتدرب جيشها على غزو إسرائيل كما يقول مراسل القناة 14- هي تلك الكأس الغالية قبل أربعة عقود.

من الحقائق الجديدة التي وقفت عليها إسرائيل بُعيد انهيار نظام الأسد أن إيران المحشورة في الزاوية، كما حذرت جيروزاليم بوست، قد تلجأ إلى تسريع برنامجها النووي بوصفه الحصن الأخير بعد انهيار كل الحصون. إن نجحت إيران في ذلك المسعى فعلى الإسرائيليين أن يهاجروا، كما يذهب تقريرٌ متشائم لصحيفة يديعوت أحرنوت.

يشبه الحال – بالنسبة لإستراتيجية الأمن الإسرائيلية- لعبة الدمى الروسية، الماتريوشكا، كلما نزع اللاعب مجسمًا وجد تحته آخر. في الواقع ثمّة كأس مقدسة، سهلة ويمكن تخيّلها: الدولة الفلسطينية. غير أن إسرائيل، ومن ورائها العلمانية الغربية التوراتية، اختارت طريق النيران.

الأمم لا تذهب إلى الاستقرار عبر المذابح. جربت أميركا ذلك الطريق مرارًا وفشلت فيه. وكان عليها، وهي تلعب دور الأم، أن تنقل إلى إسرائيل ما تحتاجه الأخيرة من العظة والعبرة. أو على الأقل أن تكشف لها عن نوع من "الحب القاسي"، وفقًا للنصيحة التي قدمها توماس فريدمان عبر صحيفة نيويورك تايمز في العام الماضي.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الغرب وكأس الشرق الأوسط المقدسة
  • ارتفاع إنتاج النفط الليبي اليومي إلى مليون و413 ألف برميل
  • الأول من نوعه في الشرق الأوسط.. إدراج سندات زرقاء بـ100 مليون دولار من موانئ دبي العالمية في ناسداك دبي
  • محاكم مراكش أصدرت أحكاما في 355 ألف قضية العام الماضي
  • لماذا تعد خطة ترامب لـتطهير غزة زعزعة لاستقرار الشرق الأوسط؟
  • الغرفة التجارية: كينيا تدرك دور مصر كشريك موثوق في منطقة الشرق الأوسط
  • اكتشاف نفطي جديد بخليج السويس يكشف عن مخزون متوقع بنحو 8 مليون برميل
  • الإدارة السورية لروسيا: استعادة العلاقات تتطلب معالجة أخطاء الماضي
  • شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية تتعاون مع Live Nation وTickets Marché
  • الحكومة جنت 300 مليار درهم من الضرائب العام الماضي في ارتفاع قياسي