سودانايل:
2024-11-07@23:28:48 GMT

ويظل الشعب الفلسطيني عصيا على التهجير والابادة

تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT

1

يواصل الشعب الفلسطيني مقاومته الباسلة للعدوان العنصري الصهيوني الهادف لتهجيره وإبادته ، ، لكنه ظل عصيا على ذلك، كما في صموده الراهن في غزة و عملية طوفان الأقصى الذي جاء كحلقة جديدة ضمن انتفاضانه ضد الاحتلال برفض التهجير من غزة والنزوح جنوبا.. بعد أن دخلت الاشتباكات يومها الحادي عشر.. وسط ظروف إنسانية بالغة السؤ تتمثل في محاصرة المدنيين وقطع المياه والكهرباء عنهم.

. وتدهور الخدمات الصحية وعدم فتح الممرات الآمنة للإغاثة .. إضافة للتهجير الذي يعتبر جريمة حرب وغير ذلك من جرائم الحرب.
يواصل الكيان العنصري الصهيوني تنفيذ مخطط صفقة القرن بتهجير أهالي غزة في الجانب الغربي من سيناء . وتغيير معالم الضفة الغربية والأقصى.. وجعل القدس عاصمة لنظامها الجديد.. وتعميم الديانة الإبراهيمية بعيدا عن الإسلام والمسيحية..

2
لكن المقاومة تقف سدا منيعا ضد المخطط الصهيوني الذي شن حرب الإبادة الجماعية وتهجير الفلسطينيين واحتلال الأراضي منذ حرب 1948 ويونيو 1967.. إضافة لمقاومة وتصدى مصر وسوريا في حرب 6 أكتوبر 1973 التي كسرت أسطورة التفوق العسكري الإسرائيلي.. كما حدث اخيرا في 7 أكتوبر في طوفان الأقصى الذي أربك حسابات العدو الصهيوني وكشف ضعف استعداده العسكري وفشل جهازه الاستخباراتي.
ويبقى هناك ضرورة لاوسع تضامن جماهيري مع صمود الشعب الفلسطيني.. وتحقيق المطالب العاجلة كما في : وقف التهجير والإبادة… والانتهاكات بحق المسجد الأقصى.. فك الحصار عن غزة برا وبحرا وجوا.. واحترام التعبير عن المشاعر الدينية للمسلمين والمسيحيين وعدم التضييق عليهم.. وإطلاق سراح كل الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل. والسماح بمرور الإغاثة والمساعدات الإنسانية..
3
لقد ظل الكيان الإسرائيلي يتوسع منذ العام 1948 كل يوم بضم الاراضي العربية ويمارس القمع واخطر وابشع اساليب والاعتقال والقتل والتعذيب ضد الشعب الفلسطيني، مما يتطلب أوسع تلاحم من شعوب المنطقة والعالم للتضامن مع الشعب الفلسطيني وتقديم كل المساعدات المادية والمعنوية لمواجهة الصلف الصهيوني العنصري ، وتوحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية ، وكل القوي الوطنية واليسارية والديمقراطية في المنطقة لدعم نضال الشعب الفلسطيني وتصفية الوحد للكيان العنصري الصهيوني ، وقيام الدولة الديمقراطية في فلسطين وعاصمتها القدس التي يتعايش فيها العرب واليهود في سلام..
لقد بددت المقاومة أوهام أن القضية الفلسطينية ماتت وشبعت موتا، وأن الفلسطنيين باعوا أراضيهم ، وأن الكيان العنصري الصهيوني أقام دولة متحضرة في المنطقة وقوة عسكرية لا يستهان بها ، يجب الواقعية في التعامل معها والاعتراف بها والتطبيع معها، وغير ذلك من المنطق المعوج للمخذلين وأعداء الشعوب وحركات التحرر الوطني في المنطقة والسعي للتطبيع مع الكيان الصهيوني الذي أكدت الأحداث انه طريق خاطيء.
4
جاءت انتفاضة الشعب الفلسطيني وشعب السودان يخوض معركته لوقف الحرب اللعينة بين الجيش والدعم السريع المرتبطين بالمحاور الخارجية والذين حاولا في حكومة الشراكة وبعد انقلاب 25 أكتوبر 2021؛ التطبيع مع الكيان الصهيوني.. ضد إرادة شعب السودان في خيانة لثوابت الشعب السوداني وطبعت مع الكيان العنصري الصهيوني بمعزل عن شعب السودان ومن خلف ظهره، بعد اختطاف ثورته وبعيدا عن مؤسساته البرلمانية والدستورية، وإلغاء قانون 1958 بعد خرقه لمقاطعة اسرائيل الذي أجازه برلمان منتخب ، وفي هوان وابتزاز التطبيع مقابل الرفع من قائمة الارهاب،.فقد رفض شعب السودان التعامل مع الكيان العنصري الصهيوني منذ نشأته، وساهمت القوات السودانية في حرب 1948 ضد الكيان الصهيوني ، فالكيان الصهيوني كان يصنف مع الأنظمة العنصرية في جنوب افريقيا، واستحق استهجان كل الحركات الوطنية التحررية وعداء العالم بأسره وبمختلف أعراقه ودياناته، حتي أن الأمم المتحدة اتخذت قراراً في احدى دوراتها: اعتبار الصهيونية شكل من أشكال العنصرية، فكيف يتم التطبيع مع الكيان الصهيوني؟؟!!
جاءت أحداث التطبيع بعد صفقة القرن التي أبرمتها ترامب “صفقة من لا يملك لمن لا يستحق” وتقرر فيها: الاعتراف بالقدس عاصمة اسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، وضم هضبة الجولان، وشرعنة المستوطنات، ويهودية اسرائيل، وتكوين دولة فلسطينية مجردة من السلاح، أي خضوع الفلسطينيين للاحتلال والتنازل عن حقوقهم المشروعة المضمنة في المواثيق الدولية، والتي وجدت معارضة شديدة ورفضاً من شعوب المنطقة، وتم التمسك بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
فضلا مقاومة شعب السودان للكيان الصهيوني منذ مؤتمر القمة العربي في الخرطوم في أغسطس 1967 الذي خرج باللاءات الثلاثة: لا تفاوض ولا صلح ولا اعتراف باسرائيل، كما أن إعلان التطبيع جاء تتويجا للقاءات السرية التي تمت بين النظام البائد والكيان الصهيوني في طريق التطبيع، فضلا عن التبعية المذلة لدولة الإمارات التي أعلنت التطبيع مع الكيان الصهيوني ودورها في دفع المكون العسكري وحكومة حمدوك في الاسراع بالتطبيع، ورهن البلاد للتبعية الأمريكية الصهيونية ومحور حرب اليمن.
لذلك لم يكن غريبا أن تم حرق العلم الاسرائيلي والتضامن مع الشعب الفلسطيني في مظاهرات شعب السودان بمناسبة الذكري الثانية لمجزرة فض الاعتصام في 19 رمضان ، ورفع شعار الغاء التطبيع مع اسرائيل ، ولا بديل لقيام اوسع تحالف لوقف الحرب ، وقيام الحكم المدني الديمقراطي ، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها.
وأخيرا اوسع تضامن مع الشعب الفلسطيني لوقف المجازر البشعة وحرب الإبادة والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.. وحقه في تقرير مصيره والعودة لوطنه وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.. وأدانة الإرهاب الذي يقوم به الاحتلال بدعم من الدول الامبريالية وحلفائها في المنطقة الداعمة للكيان الصهيوني.. ومن أجل حق الشعب الفلسطيني في الحرية و السلام والعدالة.

alsirbabo@yahoo.co.uk  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: مع الکیان الصهیونی الشعب الفلسطینی شعب السودان التطبیع مع فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

الكيان الصهيوني .. من التأسيس إلى بوادر الانهيار

 

منذ نشأته عام 1948، قام الكيان الصهيوني على مزيج من الأفكار الفلسفية والسياسية والعسكرية الناتجة من مسار طويل من الصهيونية والظروف الجيوسياسية، التي تلت الحرب العالمية الثانية. وُلدت الحركة الصهيونية ردَّ فعل على الاضطهاد الذي واجهه اليهود في أوروبا، وسعت لإقامة “وطن قومي” لهم.

تأسست فكرة هذا الوطن اليهودي على أساطير دينية تصف فلسطين بأنها “الوطن التاريخي” لليهود، على رغم الوجود الأصيل المتجذر للشعب الفلسطيني على هذه الأرض. وهكذا، بُنيت “الدولة” الصهيونية على أسس استعمارية غربية تحت غطاء “إعادة بعث الأمة اليهودية التوراتية في أرض الميعاد.”

كان الاستعمار الاستيطاني الإحلالي العنصري هو التجسيد العملي للمشروع الصهيوني الجائر. فبدأ التغلغل اليهودي في فلسطين أواخر القرن التاسع عشر، وتصاعد في القرن العشرين، حتى حدوث النكبة الفلسطينية وإعلان “دولة إسرائيل” عام 1948. واستُعملت أكذوبة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” لتبرير الاستيطان، متجاهلة قصداً الوجود الحضاري والتاريخي العميق والمتواصل للشعب الفلسطيني. وجرت عملية الاستيطان ومصادرة الأراضي، وارتُكبت المجازر والتهجير والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين، بحيث تم تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من حقولهم وقراهم ومدنهم في محاولة لمحو وجودهم وطمس هويتهم.

اعتمد الكيان الصهيوني منذ قيامه على مفهوم الأمن المطلق كأولوية، مدعوماً بفلسفة “الجدار الحديدي” التي طرحها الصهيوني زئيف جابوتنسكي. وتقوم هذه النظرية على فكرة أن “إسرائيل” لا يمكنها أن تعيش بسلام مع العرب إلا من خلال القوة العسكرية الهائلة التي تُرغم العرب على قبول وجودها. من هنا، أصبحت “إسرائيل” واحدة من أكثر الدول عسكرة في العالم، وركزت على بناء جيش قوي وتطوير تكنولوجيا عسكرية متقدمة، بما في ذلك السلاح النووي.

الدعم الغربي، وخصوصاً الأمريكي، كان الركيزة الأساسية لنجاح المشروع الصهيوني. لقد تجاوز الدعم الأمريكي لـ “إسرائيل” الأبعاد الاقتصادية والعسكرية ليصبح تحالفاً استراتيجياً عضوياً، بحيث شكلت “إسرائيل” قاعدة أمامية للإمبريالية الغربية في المشرق العربي، لتقوم بوظيفة حماية مصالحها في المنطقة، وتكون القلب والرأس للمنظومة السياسية التي شكلها الغرب بعد الحرب العالمية الثانية، والمعروفة باسم منظومة “سايكس بيكو” المشؤومة.

لم يكن توسع الكيان الصهيوني عملية سياسية أو أمنية فحسب، بل هو أيضاً جزء أساسي من العقيدة الصهيونية الاستعمارية. بعد حرب عام 1967، احتلت “إسرائيل” الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان وسيناء. هذا الاحتلال فتح الباب أمام توسع استيطاني صهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بحيث تم بناء المستوطنات كأمر واقع على الأرض، وهو ما يُعرف بـ “سياسة الأمر الواقع”، التي تهدف إلى فرض حقائق جديدة يصعب التراجع عنها.

إلى جانب هذه العوامل السياسية والعسكرية، أدى الدين، وخصوصاً التلمود، دوراً متزايداً في رسم السياسات الصهيونية. على رغم أن الصهيونية تدعي أنها بدأت كحركة علمانية، فإن التلمود أدى دوراً كبيراً في صياغة توجهاتها وسياساتها، مساهماً في تعزيز تصور التفوق اليهودي وفكرة أنهم “شعب الله المختار”، وعادّاً ان فلسطين حقٌّ لليهود بناءً على التفسيرات التلمودية التي تدعو إلى السيطرة عليها.

يُعَدّ الاستيطان واجباً دينياً لا يقتصر على حدود 1948 أو 1967، بل يتعداها إلى “إسرائيل الكبرى” الممتدة من النيل إلى الفرات. تؤكد هذه القراءات الصهيونية الدينية تهميش الآخر العربي والتعامل العنصري التمييزي ضده. ورأينا هذا التعامل الصهيوني العنصري الدنيء في حرب الإبادة الجماعية التي يخوضها الكيان الصهيوني ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني. وهكذا، تحول التلمود من مجرد نص ديني قديم إلى قاعدة فكرية تعزز المشروع الصهيوني الحديث، وتبرر التوسع الاستيطاني والعنصرية والإبادة الجماعية، الأمر الذي يضيف أبعاداً دينية إلى الأيديولوجية الاستيطانية الصهيونية.

اعتمد الكيان الصهيوني على الإرهاب بشكل دائم وأساسي كوسيلة لتحقيق أهدافه. وقامت المنظمات الصهيونية الإرهابية، مثل “الهاغاناه” و”الأرغون”، بتنفيذ عمليات إرهابية ضد الفلسطينيين، بما في ذلك مجازر كمجزرة دير ياسين، وتهجير قسري وتطهير عرقي دموي للقرى الفلسطينية. يستمر الكيان الصهيوني في هذا النهج الإرهابي، بحيث يقوم جيشه الفاشي بشن عمليات عسكرية مفرطة في الإجرام والوحشية ضد المدنيين الأبرياء العزّل، من النساء والأطفال والشيوخ الفلسطينيين واللبنانيين، ويستخدم القصف العشوائي والتدمير والتجويع والحصار الغذائي اللاإنساني في حربه الإبادية على فلسطين ولبنان.

وطوّر الكيان أيضاً سياسة دبلوماسية فعالة تعتمد على بناء تحالفات دولية وإقليمية، مستغلًا الفراغ العربي والإسلامي الذليل والانقسامات العربية الداخلية، لبناء شبكة من التحالفات مع بعض الدول العربية المطبّعة، مثل اتفاقيات كامب ديفيد مع مصر ووادي عربة مع الأردن، واتفاقيات التطبيع الإبراهيمي مع بعض دول الخليج. هذه التحالفات تسمح لـ “إسرائيل” بتعزيز نفوذها الإقليمي وتوسيع دائرة حلفائها، ونشر سرديتها الكاذبة التي تقدمها بشكل خادع للعالم كـ “الدولة الديمقراطية” الوحيدة في المنطقة، والتي تعاني تهديدات “الإرهاب العربي الهمجي.”

وعلى رغم أن المقاومة ضد هذا المشروع الاستعماري لم تتوقف منذ بداياته حتى اليوم، فإن تشكّل محور المقاومة في ثمانينيات القرن الماضي مثّل تحدياً استراتيجياً أمام “إسرائيل”. هذا المحور، الذي يشمل المقاومة الفلسطينية وحزب الله وسوريا واليمن والمقاومة العراقية وإيران، يشكل عائقاً فولاذياً أمام “مشروع إسرائيل الكبرى.” فالمقاومة اللبنانية والفلسطينية صمدت وثبتت، وحققت إنجازات وانتصارات أمام آلة عسكرية متفوقة عليها بشكل كبير، وكان العامل الحاسم في هذه المواجهة هو عزيمة المقاوم الفلسطيني واللبناني، وعقيدته وثباته في الميدان، واستعداده للاستشهاد في سبيل وطنه، وهو ما جعل الكيان الصهيوني في مأزق وجودي.

تمثل إيران، الداعم الرئيس لمحور المقاومة، تحدياً آخر لـ “إسرائيل”، وخصوصاً مع تطور قدراتها الصاروخية والطيران المسير وجغرافيتها الواسعة وبرنامجها النووي. يرى الكيان الصهيوني أن إيران نووية تشكل تهديداً وجودياً له، ويسعى باستمرار لمهاجمة إيران ومنعها من تحقيق هذا الهدف بكل الطرائق الخبيثة والقاسية، سواء عبر العقوبات الاقتصادية، أو العمليات الأمنية السرية كالاغتيالات، بدعم ومشاركة مباشرين من الولايات المتحدة. لكن إيران استطاعت أن تردع “إسرائيل” بجدارة، والدليل هو أن العدوان الأخير على إيران لم يكن، في أي مقياس، بمستوى التهديدات التي أعلنتها “إسرائيل.” واستنكار العدوان من جانب السعودية والدول المطبعة ليس عابراً، بل هو دليل على التوازنات الجديدة التي بدأت تترسخ في الإقليم.

التحدي الآخر، الذي يقف عقبة رئيسة أمام الكيان، هو التحدي الديموغرافي. فنسبة السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة تتزايد بسرعة، وهو ما يهدد بتغيير التوازن الديموغرافي داخل الكيان. وضم الضفة الغربية وقطاع غزة إلى “دولة إسرائيل” سيعني دمج الملايين من الفلسطينيين، الأمر الذي قد يغير طبيعة التركيبة السكانية ويجعل اليهود أقلية في “دولة” تمارس سياسة “الابارتهايد”. هذا السيناريو يُنظر إليه كخطر وجودي على “الدولة” اليهودية، ويؤثر في التأييد العالمي لها. وخطة الكيان الصهيوني للتعامل مع هذا الخطر الوجودي تعتمد على ممارسة سياسات الإبادة الجماعية والتهجير والتطهير العرقي، في محاولة لمحو الوجود الفلسطيني وطمس الهوية الفلسطينية بشكل نهائي ودائم.

وفي الوقت ذاته، يشهد العالم تحولات كبيرة في موازين القوى الدولية تؤثر بشكل مباشر في الكيان ومشروعه التوسعي. فالتراجع في الهيمنة الغربية، وخصوصاً الهيمنة الأمريكية، يتزامن مع صعود قوى عالمية جديدة، مثل الصين وروسيا ودول البريكس، الأمر الذي يعيد تشكيل العلاقات الدولية بشكل معادٍ للهيمنة الغربية، ويزيد في الضغط على الكيان الصهيوني المرتبط بالغرب، في ظل هذه التوازنات المتغيرة.

أما على الصعيد الاقتصادي، فيعتمد الكيان الصهيوني بشكل كبير على المساعدات الخارجية، وخصوصاً من الولايات المتحدة، وعلى تجارة التكنولوجيا المتقدمة. وأي تغييرات في الاقتصاد العالمي، مثل انخفاض الطلب على التكنولوجيا أو حدوث أزمات مالية، قد يؤدي إلى تأكّل الموارد التي يعتمد عليها الكيان في تمويل مشاريعه الاستيطانية والعسكرية. لذلك، يُعمل على مشاريع مثل “طريق الهند”، الذي يهدف إلى ربط الهند بالكيان لجعله محوراً اقتصادياً للمنطقة وتقليل الاعتماد على المساعدات الأمريكية، والتي قد تتضاءل مع تراجع النفوذ الأمريكي وارتفاع المطالب الداخلية الأمريكية الموجهة نحو تسخير الموارد للمعالجة الاقتصادية الداخلية الملحة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تكلفة المحافظة على الوضع الأمني في الأراضي المحتلة، وبناء المستوطنات، واستمرار العمليات العسكرية، تُثقل ميزانية الكيان بشكل كبير. وإنفاق الموارد المالية الضخمة على هذه المشاريع يعني تخصيص ميزانيات أقل لقطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية داخل “إسرائيل”، وهو ما يؤدي إلى تزايد الاستياء الداخلي. الأزمات الاقتصادية العالمية تزيد في هذا الضغط، الأمر الذي قد يؤدي إلى احتجاجات داخلية متزايدة.

وانسجاماً مع مسار التطور الطبيعي للمجتمعات الاستيطانية العنصرية، انزاح المجتمع الصهيوني نحو التيار اليميني المتطرف، بعد انهيار التيار الليبرالي الذي كان يرى أن السبيل الصحيح إلى ضمان بقاء “الدولة” اليهودية هو في التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين. هُزم التيار الليبرالي الصهيوني أمام التيار اليميني الفاشي، الذي يرفض أي نوع من التسوية ويؤمن بضرورة السيطرة المطلقة على “أرض إسرائيل الكبرى”، مؤكداً أن أي تنازل عن الأراضي خيانة للمشروع الصهيوني وللدين اليهودي. هذا التحول في المجتمع الصهيوني واصطفافه خلف الفكر التلمودي العنصري، إلى جانب تزايد نفوذ المستوطنين المتطرفين الفاشيين وتسليحهم، أمرٌ يؤكد بوضوح أن الصراع مع هذا الكيان هو صراع وجودي، وليس مجرد خلاف على الحدود.

ومن الاستراتيجيات الرئيسة التي تسعى “إسرائيل” لتعزيزها في الأعوام الأخيرة مسألة التطبيع مع الدول العربية والإسلامية. وتُعَدّ اتفاقيات التطبيع التي وُقعت مع بعض دول الخليج، مثل الإمارات والبحرين، جزءاً من محاولات الكيان الخروج من العزلة الإقليمية، وبناء تحالفات جديدة تعزز مكانتها في المنطقة. هذه الاتفاقيات تُعَدّ جزءاً من رؤية “إسرائيل” بشأن تقليص المقاومة العربية لمشروعها التوسعي.

وعلى رغم النجاح النسبي لهذه الاتفاقيات، فإنها لم تحظَ بدعم شعبي واسع في تلك الدول. فالشعوب العربية، التي ترى في القضية الفلسطينية قضية مركزية، تعارض بشدة أي تطبيع مع “إسرائيل” من دون التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية. هذا الوضع يجعل الحكومات العربية، التي وقعت على هذه الاتفاقيات، تحت ضغط داخلي كبير، ويحد قدرتها على تعزيز العلاقات بالكيان بصورة كاملة.

كما تشهد السياسة الأمريكية تجاه الكيان الصهيوني بعض التحولات، وخصوصاً مع صعود قوى تقدمية داخل الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة. هذه القوى تنتقد الدعم غير المشروط لـ “إسرائيل”، وتطالب بفرض شروط على المساعدات الأمريكية، وخصوصاً فيما يتعلق بالاستيطان وحقوق الإنسان.

بالإضافة إلى ذلك، تتزامن هذه التحولات السياسية مع تغييرات في الرأي العام الأمريكي والغربي تجاه القضية الفلسطينية، وخصوصاً بين الأجيال الشابة والأوساط الطلابية والأكاديمية، والتي أصبحت أكثر انتقاداً للسياسات الصهيونية، وتطالب بإنهاء الاحتلال ووقف الدعم العسكري والاستيطاني الأمريكي لـ “إسرائيل.” وهذا يشكل تحدّياً استراتيجياً آخر للكيان الصهيوني المتهالك.

هذه المتغيرات تضع ضغوطاً إضافية على الكيان، الذي يعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي في المحافل الدولية. فحرب الإبادة الجماعية، التي يشنها الكيان الصهيوني الفاشي على الشعبين الفلسطيني واللبناني، كشفت زيف السردية الصهيونية التي ظل العالم مخدوعا بها مدة طويلة. هذه التحولات السياسية قد تؤدي إلى تخفيف الدعم العسكري والاقتصادي لـ”إسرائيل” في المستقبل، الأمر الذي يزيد في عزلتها العالمية، وفي قدرتها على الاستمرار في مشاريع التوسع، وفي قدرتها على البقاء.

في نهاية المطاف، وعلى رغم كل ما تمتلكه “إسرائيل” من قوة عسكرية ودعم غربي غير محدود، فإنها تتجه نحو مستقبل قاتم كارثي مع تقلص خياراتها بوتيرة متسارعة. فالكيان الصهيوني لا يدرك أنه يوجد في بيئة عربية معادية ترفض وجوده ككيان استعماري استيطاني عنصري. لقد استنزفت الأساطير والادعاءات الدينية والتاريخية، التي بُنيت عليها “إسرائيل”، مشروعيتها، ولم تعد تقنع أحداً.

وإن الدماء الغزيرة والألم العميق والدمار الهائل، الذي خلّفه هذا المشروع، بلغت مستويات تفوق القدرة الإنسانية على الاحتمال، الأمر الذي يجعل تفكيكه ضرورة مُلحّة قد تأخرت كثيراً.

إذا لم يستوعب المجمع الصهيوني هذه الحقيقة ويتخذ خطوات جادة لإيقاف آلة القتل والتدمير، ويبدأ عملية تفكيك طوعية منظمة بتنسيق مع القوى الغربية المسؤولة عن هذا الظلم التاريخي ومغادرة المنطقة، فسيأتي اليوم الذي سيُجبر فيه على ذلك بالقوة رغماً عنه، وهذا اليوم ليس ببعيد.

 

خبير في الشؤون السياسية.

مقالات مشابهة

  • شاهد | رؤساء أمريكا خدام الكيان الصهيوني
  • الفصائل الفلسطينية تستنكر القانون الصهيوني الذي يقضي بترحيل عائلات المقاومين
  • السيد عبدالملك الحوثي: إيران تبنّت نصرة الشعب الفلسطيني كواجب إسلامي ولم يكن لها أي علاقة بما يحدث في المنطقة العربية
  • خامنئي: الكيان الصهيوني سيُهزم على يد حزب الله
  • بعد فوز ترامب .. عودة الصفقة واستئناف التطبيع وتمرير مخططات نتنياهو واستمرار حروب الإبادة والترويع
  • جيش الكيان الصهيوني يأمر سكان الضاحية الجنوبية بإخلاء منازلهم فورا
  • رؤساء أمريكا.. تاريخ أسود ملطخ بدماء الشعب الفلسطيني .. تقرير مفصل
  • شاهد | وضع الكيان الصهيوني الآن .. كاريكاتير
  • سماحة المفتي يشيد بالمقاطعـة الصامدة للشركات التي تدعم الكيـان الصهيــوني.. عاجل
  • الكيان الصهيوني .. من التأسيس إلى بوادر الانهيار