كلام الناس
أثبت التجارب التأريخية في بلادنا أن فرص تحقيق السلام الشامل العادل في ظل الأنظمة الديمقراطية أفضل من الأنظمة الديكتاتورية التي تأججت فيها النزاعات والحروب الأهلية.
الواقع يؤكد أن الحكومة الإنتقالية الحالية وضعت مسألة تحقيق السلام في مقدمة أولوياتها واتخذت خطوات عملية في سبيل ذلك ودخلت في لقاءات مباشرة مع الحركات المسلحة في أديس أببا والقاهرة وجوبا ومازالت.
عبرت عن رأيي في الحركات المسلحة منذ منذ تشكلها في عهد الإنقاذ في "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، وأوضحت تقديري للملابسات التأريخية التي تسببت في قيامها وعدالة مطالبها المشروعة، لكن هذه المرة جاء النقد من داخل حوشها.
تقف شهادة الدكتور شريف حرير أحد قدامى المناضلين من أبناء دارفور - على قسوتها - لتعبر بصدق عن أشوق أهل دارفور والسودان عامة في تحقيق السلام العادل الشامل بعيداً عن الأجندة والمصالح والأطماع الذاتية، ومحاولات احتكار النضال والمتاجرة بدماء أبناء السودان لتحقيق مغانم دنيوية زائلة.
كان الشعب السوداني يأمل أن تتنادى كل الحركات المسلحة للإستجابة لنداء السلام ووضع السلاح جانباً، لكن للأسف مازال بعضها يؤجج نيران الفتن بين أبناء السودان ويعرقل مساعي السلام المخلصة.
مع كامل الإحترام والتقدير للدول التي استضافت لقاءات السلام ولكل الوسطاء المخلصين فإننا على يقين بأن السلام يصنعه أبناء السودان أنفسهم إذا تجردوا من المناصب والأطماع تكاتفوا لدفع مسار البناء المدني الديمقراطي الهادف لتحقيق السلام والعدالة والحياة الحرة الكريمة لكل المواطنين.
للأسف تم تأجيل لقاء جوبا بسبب أخبار عن ؛حداث مؤسفة وقعت بولاية جنوب كردفان مساء 13 اكتوبر الجاري، في الوقت الذي أكدت الحكومة أسفها لما حدث .. وأنها ستعمل على ملاحقة الذين تسببوا فيها ومحاسبتهم وفق القانون.
وسط هذه الأجواء الملغومة إستمعت إلى رسالة صوتية من مواطنة من جبال النوبة وجهتها لحملة السلاح سألتهم فيها تجاوز أجندة الحرب والإقتتال والدخول في السلم كافة وقالت بحزن صادق : "كفاية سماع أخبار محزنة.. اغتصبوا .. قتلوا .. شردوا .. نزحوا .. هاجروا..... خلونا نعيش في سلام، فكروا في معاناة أهلكم في دارفور وجنوب كرفان والنيل الازرق والشرق وكل المناطق المتضررة .. خلوكم قادة سلام ما قادة حرب".
عدت لقراءة تصريحات عضو المجلس السيادي عضو الوفد الحكومي في لقاء جوبا للسلام المتحدث الرسمي باسم وفد التفاوض الذي قال فيه : ما حدث ينبغي أن يكون دافعاً لنا للمضي قدماً في طريق السلام الذي ينهي للقتال للأبد، كما
ليس أمام كل الأطراف السودانية سوى وضع السلاح جانباً والدخول في طريق السلام الشامل العادل والمساهمة العملية في تنزيله على أرض الواقع بعيداً عن الأطماع والمصالح الخاصة.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
رئيس المجلس النرويجي للاجئين: السودان يتجه نحو “مجاعة بدأ عدها التنازلي”
قال رئيس المجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند في مقابلة أجرتها معه السبت وكالة فرانس برس، إن السودان الذي يشهد حربا مدمّرة يتجّه نحو “مجاعة بدأ عدّها التنازلي” ويتجاهلها قادة العالم، في حين تقتصر قدرات المساعدات الإنسانية على “تأخير الوفيات”.
وشدّد إيغلاند في المقابلة التي أجريت معه في تشاد عقب زياته السودان هذا الأسبوع “لدينا في السودان أكبر أزمة إنسانية على هذا الكوكب، أكبر أزمة جوع، أكبر أزمة نزوح… والعالم لا يبالي”.
منذ نيسان/أبريل 2023 يشهد السودان حربا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أوقعت عشرات آلاف القتلى وشرّدت أكثر من 11 مليون شخص.
ويعاني وفق الأمم المتحدة نحو 26 مليون شخص داخل السودان من الجوع الحاد.
وقال إيغلاند “قابلت نساء هن بالكاد على قيد الحياة، يتناولن وجبة واحدة من أوراق النباتات المسلوقة يوميا”.
ويقول المجلس النرويجي للاجئين، إحدى المنظمات القليلة التي تواصل عملياتها في السودان، إن نحو 1,5 مليون شخص هم “على شفير المجاعة”.
وتابع إيغلاند “العنف يمزق المجتمعات بوتيرة أسرع بكثير من قدرتنا على إيصال المساعدات”، وأضاف “فيما نكافح من أجل الاستجابة لذلك، فإن مواردنا الحالية تؤخر الوفيات بدلا من منعها”.
سياسة تغلّب المصالح الفردية
قبل عقدين، لفتت اتهامات بارتكاب إبادة جماعية انتباه العالم إلى إقليم دارفور الشاسع في غرب السودان حيث أطلقت الحكومة السودانية آنذاك يد مليشيات قبلية عربية في مواجهة أقليات غير عربية تشتبه بدعمها لمتمردين.
وقال إيغلاند “من غير المعقول أن تستحوذ الأزمة في السودان حاليا على جزء يسير من الاهتمام الذي استحوذت عليه قبل 20 عاما بالنسبة لدارفور، عندما كانت الأزمة في الواقع أصغر بكثير”.
وقال إن حربي إسرائيل في غزة ولبنان وحرب روسيا مع أوكرانيا ألقت بظلالها على النزاع في السودان.
لكنه أشار إلى أنه رصد تحوّلا في “المزاج الدولي” بعيدا من نوع الحملات التي يقودها مشاهير والتي جلبت نجم هوليوود جورج كلوني إلى دارفور في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وتحدّث عن “ميول أكثر قومية وأكثر تطلعا إلى الداخل” لدى حكومات غربية يقودها سياسيون يضعون في المقام الأول “أمتهم، وأنفسهم وليس البشرية”.
وندّد بمسؤولين “قصيري النظر” سيدفعون ثمن مواقفهم عندما يتدفق أولئك الذين لم يساعدونهم إلى بلادهم لطلب اللجوء أو بصفة مهاجرين غير نظاميين.
وقال إنه التقى في تشاد بشبان نجوا من التطهير العرقي في دارفور وقرروا عبور البحر الأبيض المتوسط لمحاولة الوصول إلى أوروبا رغم غرق أصدقاء لهم سبقوهم في المحاولة.
“مروع ويزداد سوءا”
في السودان، نزح واحد من كل خمسة أشخاص بسبب النزاع الحالي أو النزاعات السابقة، وفق أرقام الأمم المتحدة.
ومعظم النازحين في دارفور حيث يقول إيغلاند إن الوضع “مروع ويزداد سوءا”.
وترزح مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، منذ أشهر تحت وطأة حصار تفرضه قوات الدعم السريع، ما أدى إلى تعطيل جميع عمليات الإغاثة في المنطقة تقريبا وتسبب بمجاعة في مخيم زمزم القريب للنازحين.
لكن حتى المناطق التي هي بمنأى من دمار الحرب “بدأت تعاني الأمرين”، وفق إيغلاند. ففي كل أنحاء الشرق الذي يسيطر عليه الجيش، تكتظ المخيمات والمدارس والمباني العامة الأخرى بالنازحين الذين تُركوا لتدبّر أمورهم بأنفسهم.
وفي ضواحي بورتسودان، المدينة الواقعة على البحر الأحمر حيث تتّخذ الحكومة المدعومة من الجيش ووكالات الأمم المتحدة مقرا، قال إيغلاند إنه زار مدرسة تؤوي أكثر من 3700 نازح حيث لم تتمكن الأمهات من إطعام أطفالهن.
وقال “كيف يعقل أن الجزء الذي يسهل الوصول إليه في السودان يشهد جوعا؟”.
وتقول الأمم المتحدة إن كلا الطرفين يستخدمان الجوع سلاحا في الحرب. وتعرقل السلطات على نحو روتيني وصول المساعدات بعقبات بيروقراطية، فيما يهدّد مقاتلون في قوات الدعم السريع طواقم الإغاثة ويهاجمونهم.
وأضاف إيغلاند “الجوع المستمر هو مأساة من صنع الإنسان… كل تأخير، وكل شاحنة يمنع وصولها، وكل تصريح يتأخر هو حكم بالإعدام على عائلات لا تستطيع الانتظار يوما آخر للحصول على الطعام والماء والمأوى”.
لكنه قال إنه رغم كل العقبات “من الممكن الوصول إلى كل أصقاع السودان”، داعيا المانحين إلى زيادة التمويل ومنظمات الإغاثة للتحلي بمزيد من “الشجاعة”.
وأضاف أن “أطراف النزاعات متخصصون في إخافتنا ونحن متخصصون في الخوف”، وحضّ الأمم المتحدة ووكالات أخرى على “التحلي بقوة أكبر” وطلب تمكينها من إيصال مساعداتها.
(أ ف ب)