في عصر الذكاء الاصطناعي..هل أصبح مستقبل مؤلفي الكتب والروايات في خطر؟
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يُستخدم نحو 200 ألف كتاب لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي من قبل بعض أكبر الشركات في مجال التكنولوجيا، ولكن، تكمن المشكلة، في عدم إخبار مؤلفي تلك الكتب بذلك.
ويُطلق على النظام اسم "Books3"، وبحسب تحقيق أجرته مجلة "ذا أتلانتيك" (The Atlantic)، تعتمد مجموعة البيانات على مجموعة من الكتب الإلكترونية المقرصنة التي تغطي مختلف أنواعها، بدءًا من الخيال العلمي المثير وحتى الشعر النثري.
ويمكن استخلاص بعض النصوص التدريبية الخاصة بالذكاء الاصطناعي من المقالات التي تنشر على الإنترنت، لكن الذكاء الاصطناعي عالي الجودة يتطلب نصًا عالي الجودة لاستيعاب اللغة منه، وهنا يأتي دور الكتب وفقًا لمجلة "ذا أتلانتيك".
ويُعد نظام "Books3" بالفعل موضع دعاوى قضائية متعددة ضد شركة "ميتا" وغيرها من الشركات التي تستخدم النظام لتدريب الذكاء الاصطناعي.
الآن، بفضل قاعدة البيانات التي نشرتها مجلة "ذا أتلانتيك" الأسبوع الماضي، وسحبها نظام "Books3"، يمكن للمؤلفين معرفة ما إذا كانت كتبهم تُستخدم على وجه التحديد لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي تلك.
وبعدما اكتشفت أن عملها قيد الاستخدام، اتجهت ماري تشوي لمنصات التواصل الاجتماعي لتعبّر عن غضبها قائلة: "أنا محبطة ومُحطّمة كليًّا. أنا غاضبة وفي الوقت ذاته أشعر بالعجز التام".
وعبرت تشوي، التي ظهرت روايتها الأولى بعنوان "Emergency Contact" في قاعدة البيانات، عن مشاعرها كذلك في رسالة بالبريد الإلكتروني.
ويعد الكتاب، الذي ييرز قصة امرأة كورية أمريكية شابة تخوض علاقة جديدة، "شخصيًا للغاية" بالنسبة لمؤلفته، وقد قيل لتشوي في البداية إن قصتها "هادئة للغاية وتخاطب فئة معينة ". وأصبح الكتاب لاحقًا من أكثر الكتب مبيعًا ضمن قائمة "نيويورك تايمز"، ونال إعجاب جماهير من مختلف أنحاء العالم.
وأعربت مين جين لي، مؤلفة روايات "باتشينكو" و"طعام مجاني للمليونيرات"، عن أفكار مماثلة على منصات التواصل الاجتماعي، واصفة صراحة استخدام كتبها بـ"السرقة".
وقالت: "لقد أمضيت ثلاثة عقود من حياتي في كتابة كتبي. إن نماذج اللغة الكبيرة للذكاء الاصطناعي لم تستوعب البيانات أو تستخرج منها. لقد سرقت شركات الذكاء الاصطناعي عملي ووقتي وإبداعي. لقد سرقوا قصصي لقد سرقوا جزءًا مني".
أما عن نورا روبرتس، وهي روائية المؤلفات الرومانسية غزيرة الإنتاج، فوجدت أن لديها 206 من كتبها مستخدمة في قاعدة بيانات "Books3"، وفقًا لمجلة "ذا أتلانتيك". وهذا الرقم يُعد الأعلى لأي مؤلف على قيد الحياة، ويأتي في المرتبة الثانية بعد ويليام شكسبير.
ووصفت قاعدة البيانات واستخدامها من قبل شركات التكنولوجيا بأنها "خطأ من كل النواحي".
وقالت روبرتس في بيان لـ CNN: "نحن بشر، نحن كتّاب، ويتم استغلالنا من قبل أشخاص يريدون استخدام أعمالنا، مرة أخرى من دون إذن أو تعويض، من أجل كتابة كتب ونصوص ومقالات لأنها وسيلة رخيصة وسهلة".
وهذا الاستغلال للكتّاب لم يصدم المؤلف نيك شارما، صاحب كتاب الطهي الخاص به وعنوانه "Season"، إذ كتب في منشور على منصات التواصل الاجتماعي: "أشعر بالرعب ولكني لست متفاجئًا من استغلالي. من الواضح أنه لم يُطلب حتى الحصول على إذن مني أو على أي تعويض مقابل استخدام عملي لتدريب الذكاء الاصطناعي".
وقال شارما لاحقًا في رسالة بالبريد الإلكتروني إن "الذكاء الاصطناعي أمر لا مفر منه، لذلك لم أتفاجأ".
وتابع أن الأمر الأكثر إثارة للغضب هو أنه لم يتم التواصل مع أي شخص بشأن إذن الاستخدام أو دفع أي مقابل. وقال إن التعليم في نهاية المطاف ليس مجانيا في الولايات المتحدة؛ ويتم دفع أجور للمعلمين، كما يتم شراء الكتب المدرسية.
ولفت شارما إلى أن السياسة الحكومية بشأن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لا تزال في مهدها، مضيفا: "بالتالي، تستفيد شركات التكنولوجيا استفادة كاملة قدر استطاعتها".
ولم تستجب شركة "ميتا"، التي استخدمت قاعدة بيانات "Books3" وفقًا لمجلة "ذا أتلانتيك"، لطلب التعليق.
وأشار متحدث باسم "بلومبيرغ" في بيان له إلى أن الشركة "استخدمت عددًا من مصادر البيانات المختلفة"، بما في ذلك "Books3"، لتدريب نموذج "BloombergGPT" الأولي، وهو نموذج للذكاء الاصطناعي للقطاع المالي. ولكن وفقًا لما قاله المتحدث الرسمي، فإن "بلومبيرغ لن تُدرج مجموعة بيانات Books3 ضمن مصادر البيانات المستخدمة لتدريب الإصدارات التجارية المستقبلية من BloombergGPT".
وعلى ما يبدو، ليس كل المؤلفين يشعرون بالانزعاج من استخدام الذكاء الاصطناعي لأعمالهم. إذ كتب جيمس تشابل، الذي استخدم كتابه الأكاديمي عن الكنيسة الكاثوليكية الحديثة في قاعدة البيانات، على منصات التواصل الاجتماعي إنه “لا يهتم لهذا الأمر على الإطلاق”، بل يريد أن يُقرأ كتابه.
ولم يستجب تشابل لطلب الحصول على مزيد من التعليقات.
وسرعان ما تحول الذكاء الاصطناعي، في أيدي الشركات الكبيرة، إلى مصدر قلق كبير للعديد من الكتّاب.
وقد قامت نقابة الكتاب الأمريكية بإضراب جزئي هذا الصيف للمطالبة بفرض قيود على استخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة الأفلام والبرامج التلفزيونية.
وتستخدم أداة "شات جي بي تي" (ChatGPT) على وجه الخصوص في مختلف المجالات بدءًا من كتابة المهام وحتى الملخصات القانونية.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي كتب التواصل الاجتماعی الذکاء الاصطناعی قاعدة البیانات
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي والبطالة.. هل اقتربت الروبوتات من السيطرة على سوق العمل؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يشهد العالم مع كل تطور جديد في تقنيات الذكاء الاصطناعي، تزداد المخاوف من تأثير الأتمتة على سوق العمل، ليس فقط في الدول المتقدمة، بل في دول مثل مصر التي بدأت بدورها في التحول الرقمي والاعتماد على التكنولوجيا في قطاعات مختلفة.
الذكاء الاصطناعي والبطالةفي السنوات الأخيرة، أصبح واضحًا أن بعض الوظائف التقليدية تواجه خطر الانقراض، خاصة تلك التي تعتمد على التكرار والروتين، مثل خدمة العملاء، إدخال البيانات، وحتى بعض المهام الصحفية والتحليلية. هذا ما أكد عليه تقرير "مستقبل الوظائف" الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2023، والذي أشار إلى احتمال فقدان نحو 85 مليون وظيفة حول العالم بسبب الأتمتة بحلول عام 2025، مقابل خلق 97 مليون وظيفة جديدة تتطلب مهارات مختلفة مثل تحليل البيانات والبرمجة والأمن السيبراني.
في السياق المصري، بدأت بعض البنوك والمؤسسات باستخدام أنظمة ذكاء اصطناعي في التعامل مع العملاء، كما أطلقت وزارة الاتصالات مبادرة "بُناة مصر الرقمية" لتأهيل الشباب لسوق العمل الجديد. رغم ذلك، لا تزال الفجوة قائمة بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق المتسارعة.
يرى خبراء أن الخطر الحقيقي لا يكمن في الذكاء الاصطناعي نفسه، بل في التباطؤ في مواكبة التطور. فالروبوتات لن تأخذ مكان الجميع، لكنها ستزيح من لا يملك المهارات المطلوبة.
وفي وقت يشهد فيه العالم سباقًا نحو الرقمنة، يبقى السؤال: هل نمتلك في مصر القدرة على التحول السريع، أم أننا سنظل نُلاحق التكنولوجيا بدلًا من أن نصنعها؟