أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مفاوضات مع رؤساء 5 دول شرق أوسطية، منخرطة بشكل أو بآخر في عملية التسوية الفلسطينية الإسرائيلية.

وفي تقريره الذي نشرته صحيفة "إزفيستيا" الروسية، كتب فالنتين لوغينوف أن نشاط موسكو في هذه القضية يعود إلى وجود عدد كبير من المواطنين الروس في منطقة الصراع، سواء في إسرائيل أو في قطاع غزة.

وبينما تمضي إسرائيل قُدما في تحقيق هدفها الرئيس، وهو القضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى عدم المساواة بين من سماهم "المتطرفين" وجميع الفلسطينيين. في حين تتبع دول العالم العربي سياسة ضبط النفس.

وأشار الكاتب إلى سلسلة من المفاوضات التي أجراها بوتين في 16 أكتوبر/تشرين الأول، مع رؤساء الدول المشاركة في عملية تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بعد التصعيد الأخير في السابع من هذا الشهر. إذ أعلن بوتين عن مفاوضات مع رؤساء سوريا بشار الأسد وإيران إبراهيم رئيسي ومصر عبد الفتاح السيسي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ولفت لوغينوف إلى أن روسيا تحافظ على اتصال دبلوماسي مستمر مع ممثلي الأطراف المتحاربة، مع الحفاظ على نهج تقليدي بشأن ضرورة اتباع قرارات مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة بشأن التسوية الفلسطينية الإسرائيلية.

حرب طويلة
وفي هذا الصدد، يقول بوتين، إن "رأي وزارة الخارجية والخدمات الخاصة والمخابرات الأجنبية، وجميع الزملاء المجتمعين هنا مهم بالنسبة لي. مع الأخذ بعين الاعتبار تطور الوضع ووجود العديد من مواطنينا في منطقة النزاع ومعاناة السكان المدنيين، هناك حاجة لتقديم المساعدة الإنسانية في المنطقة لجميع الموجودين في المنطقة".

ولفت الكاتب إلى أن إسرائيل تستعد لحرب طويلة الأمد مع مقاتلي حماس. حيث يصف رئيس الوزراء الإسرائيلي  بنيامين نتنياهو حركة حماس بأنها نسخة جديدة من "النازية".

وأضاف أن فلسطين تعتقد أن جوهر المشكلات في الشرق الأوسط يكمن في إخفاق الولايات المتحدة في لعب دور وسيط في الحوار بين إسرائيل وفلسطين، حول قضية السلام على أساس الدولتين. ويكمن الحل في إطلاق حوار جديد بين الدول لإيجاد سبل لحل الخلاف الذي طال أمده.

جمع من الناس حول جثث الفلسطينيين الذين قُتلوا بعد انفجار هز المستشفى الأهلي العربي في وسط غزة في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (الفرنسية)

وأورد الكاتب أن الوضع في الشرق الأوسط غير مألوف، فخلال التفاقم الحالي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لم تتخذ دول العالم العربي موقفا صارما تجاه إسرائيلي. وحتى الوقت الراهن، يقتصر المشاركون في العملية الدولية على الدعوة لبدء المفاوضات. ويعزو الخبراء موقف الدول العربية إلى تأثير تطبيع العلاقات الذي جرى بين إسرائيل ودول أخرى في الشرق الأوسط خلال السنوات القليلة الماضية.

وذكر أن إسرائيل كانت قاب قوسين من إقامة علاقات دبلوماسية مع السعودية. ومع ذلك، عُلّقت المفاوضات ذات الصلة مؤقتا من الرياض الأسبوع الماضي. وتابع الكاتب، بأن هذا لا يعني إلغاءها، بل تأجيل النظر فيها.

من جهته، يشكك الباحث في معهد التقييم والتحليل الإستراتيجي الروسي سيرغي ديميدينكو، في أن تصرفات حماس ستؤدي بالفعل إلى إعادة النظر في العمليات الجارية لتطبيع العلاقات في الشرق الأوسط؛ بسبب تغير الأساليب المنهجية لبناء التواصل في المنطقة.

وحسب ديميدينكو، فإن العالم العربي تقبل منذ فترة طويلة وجود إسرائيل، ولم يعُد يسعى إلى تدميرها بعد أن أضحت تمثل واقعا "جيوسياسيا" في الشرق الأوسط، ولا يمكن فعل أي شيء حيال ذلك، مشيرا أن إيران ذاتها لا تشكك في وجود إسرائيل، كما أن القضية الفلسطينية نفسها لم تعُد عائقا أمام بناء العلاقات بين العرب والإسرائيليين.

ويعتقد ديميدينكو أن رد الفعل المقيد إلى حد ما من جانب الغالبية العظمى من اللاعبين في المنطقة، هو السبب وراء ذلك. ويضيف، أن دور الوساطة الرئيس في عملية التسوية يمكن أن تؤدي مصر أو الأردن، اللتان تحافظان على علاقات سلسة إلى حد ما مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی الشرق الأوسط فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

الفوضى تُهدد المنطقة العربية

محمد بن سالم التوبي

أجزاء كبيرة من الشّرق الأوسط تحترق بسبب الأجندة الأمريكية المُمنهجة من أجل المصالح، وما يحدث الآن في سوريا ما هو إلّا استكمال للمُخطّط الفوضوي الذي تُدير به واشنطن المنطقة، وما إشعال الحرائق هنا وهناك سوى من أجل حماية الكيان الصهيوني الغاصب الذي تقف وراءه الدول الأوروبية الكبرى كفرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها من الدول التي لها مصالح مؤمّنة في المنطقة بسبب الثروات الكامنة في باطن تلك الدول.
وما يجعل منطقتنا منطقة صراع، توفُّر الأرضية الخصبة والمناسبة للصراع الجيوسياسي؛ فالتقسيم الذي وضعته يد الاستعمار في القرن الماضي ما زالت يده مبسوطة بشكل أو آخر، وما زال الاستعمار حاضرًا- وإن لم توجد له جيوش جرّارة في المنطقة- إلّا أنها استُبدِلَت باتفاقيات أمنية مع الكثير من الدول؛ فهُم يملكون الكثير من وسائل الضغط من أجل الحصول على المكاسب الاقتصادية التي هي أساس فكر الاستعمار.
لقد قامت فكرة الوجود الإسرائيلي في المنطقة كبديل ناجح لإحداث الفوضى فيها بعد تقسيمها، وهذا ما يجعل يد الاستعمار حاضرة في اللعب بأحجار النرد التي يملكها ويوظفها بالطريقة المثلى لمصالحه، فما زالت الطاقة هي الأيقونة الجاذبة للجيوش وهي المسبب الأول للحروب في المنطقة- وإن بُيّضت بأسباب واهية لا يصدقها عاقل- ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينسحب المستعمر من منطقة بهذا الثراء النفطي الذي جعل منها منطقة غنية يسيل لها لعاب اللاعبين الكبار الذين يسيطرون على اقتصاديات العالم.
إن سقوط النظام السوري بهذا الشكل فيه دلالة كبيرة على أنَّ أنظمة أخرى سوف تسقط، بالتوالي، بعد سوريا التي وقعت في أيدي من كانوا "داعشيين" في يوم من الأيام، ومن يعلم تاريخ إنشاء وتأسيس داعش يعلم جليًا أنها صنيعة المخابرات الصهيونية على إثر الأحداث في العراق وما تبعها من تقسيم طائفي ومُحاصَصَة وفئوية سوف يرزح تحت وطأتها العراق لسنين طويلة وسوف تبقى الفوضى متمكنة في العراق ما لم ينتبه لها أبناؤه الأوفياء.
لن تكون سوريا أقوى من ذي قبل، ولن تكون ندًا لإسرائيل بعد اليوم؛ بل على العكس فمن اليوم الأول قد صرّح أبو محمد الجولاني- الذي عرّف نفسه لاحقًا بأنَّه أحمد الشرع- بأنَّ إسرائيل لن تكون عدوًا للنظام الجديد في سوريا، وها هي إسرائيل تتمدد في الأراضي السورية وتدمر الجيش السوري والقواعد السورية وكأنَّ الأمر لا يعني القيادة الجديدة بأي شكل من الأشكال.
المنطقة تُسيَّر في حروب متتالية بهدف إضعافها والسيطرة عليها وعلى مقدراتها، بعد أن وجد الغرب أن المنطقة تزخر بالكثير من المقومات وأن أوروبا أصبحت قارّة عجوز لا تملك الموارد الكافية للحياة في المستقبل، وسوف يصبح اعتمادها على الموارد الموجودة في الشرق الأوسط، وهذا سوف يكون مُكلف ماديًا على اقتصادها. لكن الطريق الأسهل هو صناعة الحروب وزعزعة المنطقة وخلخلة تماسكها حتى يسهل السيطرة عليها وعلى صناعة القرار فيها من أجل المصالح الغربية التي لا تتوانى في نشر الفوضى من أجل ذلك. ولا يُستبعد أن تأتي بريطانيا مرة أخرى إلى الخليج بخيلها ورجلها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي التي وجدت أنه اتحاد لا يأتي لها بالمنافع، ولا شك أنها ستتوجه إلى الشرق مرة أخرى وتحديدًا إلى الخليج العربي الذي يتميز بموارده الطبيعية الجاذبة.
الدول العربية وبالأخص دول المحور تنتظر على من سيأتي الدور؟ فقد استغرق تسليم سوريا 12 عامًا فقط خسر فيها الشعب السوري الكثير من الموارد لوقفته أمام العدو الصهيوني ما يزيد عن 70 عامًا، ولا شك أنَّ بشار الأسد ونظامه القمعي لم يكن خيار الشعب السوري، ولكن كان حجرًا وسدًا منيعًا أمام المخططات الإسرائيلية عقودًا من الزمن، واليوم إسرائيل على مرمى حجر من دمشق التي وقفت في وجه الطغيان الصهيوني المقيت.
"وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰۤ أَمۡرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ" صدق الله العظيم.
 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • التغييرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط بين المد والجزر
  • الأمم المتحدة: الشرق الأوسط يشهد تصعيدًا خطيرًا للأعمال العدائية بين إسرائيل والحوثيين
  • خبير: إسرائيل تعيد رسم خريطة الشرق الأوسط دون محاسبة
  • صحفي: إسرائيل تستغل الأحداث لتنفيذ أجندتها في الشرق الأوسط
  • 5 مشاهد من سيناريو الفتنة الكبرى في الشرق الأوسط
  • أبو شامة: إسرائيل تستغل الأحداث لتنفيذ أجندتها في الشرق الأوسط
  • الفوضى تُهدد المنطقة العربية
  • فوز "ميتسوبيشي" بـ3 ألقاب ضمن جوائز "سيارة العام في العالم العربي"
  • خبيرة أبراج: مصر ستصبح واحدة من أكبر الدول الصناعية في منطقة الشرق الأوسط
  • الشرق الأوسط الجديد والفوضى اللاخلَّاقة