يبكي مرتعداً من الخوف.. أصغر ناج من مجزرة مستشفى المعمداني يشهد ما حدث
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
"مات الطبيب والمسعف والجريح" في مشهد تحول فيه بين ليلة وضحاها، مستشفى، يداوي بأدنى إمكانات لديه مئات الجرحى من القصف الذي لا يهدأ منذ 11 يوماً، ضريحاً، هكذا حال مستشفى الأهلي العربي "المعمداني" في غزة، الذي أبكى دول العالم غرباً وشرقاً وأدمى قلوب البشرية جمعاء، بعد مجزرة جديدة ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق أبرياء عزل، داخل مشفى يخلو من سلاح أو صواريخ.
بين جثث مكدسة وأشلاء متناثرة بلا عدد ودماء متطايرة، استيقظ طفل صغير على نيران الاحتلال الإسرائيلي وأصوات القصف المدوية، غير مستوعب حجم الكارثة والمأساة التي حلت بموطنه، فصواريخ الاحتلال تلاحق شعبه حتى بعد نزوحه داخل ساحات وأروقة المستشفيات، تصفي الدماء وتبيد العائلات عن بكرة أبيها.
بجسد نحيل، يغطيه الغبار، وملامح وجه تلازمها الحزن، انخرط طفل صغير نجا من مجزرة المعمداني، في بكاء شديد، يكاد يستطيع التحدث، فجميع أطرافه ترتعد من الخوف والرعب، من الهلع الذي أصابه، لا يتذكر منها سوى أنه كان نائماً مثله مثل الأطفال والنساء والآخرين الذين كانوا نائمين في العراء، تحت الأشجار، قبل أن تشن طائرة إسرائيلية غارة على ساحة المستشفى، التي تؤوي مئات الفلسطينيين النازحين، الذين لجأوا إليها بحثاً عن مكان آمن.
عجز الطفل محمد عن وصف المشهد، فما حدث ولا يزال يحدث، تعجز الكلمات عن وصفه، فالموت يحيط به وكل من حوله ليلاً نهاراً وفي كل مكان، لا حيلة له ولا قوة سوى التضرع إلى الله والدعاء بالفرج، ولم يجد المسعف في المشهد الذي قام بتصويره عبدالله العطار، سوى احتضان الطفل وتقبيله، وتهدئته، مطمئناً إياه بأن القصف انتهى وأنه في أمان، إلا أن الطفل ظل يبكي بحرقة.
أثار هذا الفيديو تعاطفاَ شديداً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتنهال عليه الأدعية من كل حدب وصوب له وللشعب الفلسطيني بأكمله، إذ يعد هذا الهجوم الجوي الإسرائيلي الأكثر دموية في 5 حروب منذ عام 2008.
وكانت مقاطع فيديو أخرى أظهرت سيارات الإسعاف وهي تنقل الضحايا والمصابين إلى مجمع الشفاء الطبي، بعد قصف المستشفى المعمداني الذي يتبع الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس، ويعد من أقدم المستشفيات في غزة.
#فيديو يظهر طفلاً فلسطينياً ترتعد أطرافه من الخوف .. كان نائماً عندما استهدف القصف منزله pic.twitter.com/ufbOWgGxoA
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) October 18, 2023المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل المستشفى المعمداني
إقرأ أيضاً:
أصغر مراسل في غزة.. محمد يوثق دموع الأطفال بعدسة اليُتم
يحمل الطفل محمد زياد مقيّد كاميرا صغيرة، ليوثق معاناة أطفال يتحدثون بلغة الكبار ويرسمون أحلامهم بدموع الصغار.
حكاية محمد هذه كانت موضوع حلقة 2025/2/2 من برنامج "ضحايا وأبطال" الذي يبث على منصة "الجزيرة 360″، مستعرضة فيها قصة استثنائية لطفل غزي يبلغ من العمر 13 عاما يبحث عن أحلامه وسط الركام.
"أنا محمد زياد مقيّد بالصف الثامن، أحب عمل الصحافة، أحب أن أقدّم فيديوهات لأوصل رسالة للعالم كله"، هكذا يعرّف محمد عن نفسه، قبل أن يسرد قصة فقدانه عائلته في غضون ثوانٍ معدودة.
خرج محمد من بيته ليملأ الماء، وحين عاد وجد منزله مدمرا وعائلته شهداء "قعدنا يومين أو ثلاثة ونحن نجد أشلاء منهم"، يروي محمد بألم، مضيفا "كان بيتي يعني كل شيء، كان كل طفولتي فيه، عشت فيه أحلى اللحظات".
ورغم المأساة فإن محمد لم يستسلم لأحزانه، بل قرر تحويل معاناته إلى دافع لتحقيق حلمه في الصحافة "في الحرب، خلص نويت إني أخش (أدخل) الصحافة"، يقول محمد الذي تأثر بتغطية الصحفي وائل الدحدوح "شفت الصحفي الدحدوح، فأنا حبيت أقلده، حضرت له فيديوهات كتير".
وبدأ محمد مسيرته الصحفية بإجراء مقابلات مع أطفال غزة حول معاناتهم اليومية "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، اليوم سنسأل الأطفال: ماذا يأكلون؟ وكيف يعيشون في ظل هذه الأجواء وأجواء الحرب في القطاع؟"، يسأل محمد بثقة المراسل المحترف.
إعلان
لسان جيله
وفي تقييمه لتجربة محمد، يقول مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح للبرنامج "ممتاز، ما شاء الله عليه، يتحدث بطلاقة، واضح إنه عنده أساس يمكن البناء عليه، صحيح، هو اتكأ على قصته لكن في النهاية هو يحكي بلسان جيل في قطاع غزة".
وتعليقا على استهداف الأطفال في غزة، تقول المقررة الأممية الخاصة بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز للحلقة "لا أعرف حقيقة كيف أترجم فعل انتزاع الطفولة من الأطفال، ليس فقط أطفال غزة، بل كل أطفال فلسطين، لا يوجد أي مصطلح يمكن استحداثه ليعبر عن هذه الجريمة".
اليوم، يعيش محمد في دير البلح بعيدا عن والده الصحفي الذي فضل إبعاده خوفا على حياته من الاستهداف المتعمد للصحفيين، ورغم كل شيء فإن محمد يواصل حلمه في توثيق معاناة أطفال غزة، ليكون صوتا لجيل كامل فقد طفولته وسط الحرب.
"كل غفوة أتأرجح بين الحلم والكابوس" يقول محمد، لكنه يصر على مواصلة رسالته الصحفية، ليوثق قصص الأطفال الذين "يتكلمون كالكبار وكأنهم لم يعرفوا الطفولة يوما".
الصادق البديري2/2/2025