دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أدّى ظهور روبوت الدردشة "تشات جي بي تي" (ChatGPT) والمنصات المماثلة إلى التسبب بضجة حول الذكاء الصناعي، المُدرّب على مجموعات واسعة من البيانات على الإنترنت للاستجابة للأوامر النصية.

ورُغم الاهتمام المتزايد بالذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط، إلا أن نماذج اللغة العربية تخلفت عن الركب.

ولكن، كشف فريق من الأكاديميين، والباحثين، والمهندسين في دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا عن أداة قوية مصممة خصيصًا للمتحدثين باللغة العربية في العالم، والتي يقول مبتكروها إنّها قد تمهّد الطريق لنموذج لغوي كبير (أنظمة LLM) بلغات أخرى "أقل تمثيلاً في الذكاء الاصطناعي السائد".

أُطلق على الأداة اسم "جيس" تيمنًا باسم أكبر جبل في دولة الإمارات. ويعتبرها صنّاعها النموذج اللغوي الكبير للغة العربية الأعلى جودة في العالم. Credit: Gifty Sahany/CNN

وأُطلق على الأداة اسم "جيس" تيمنًا باسم أكبر جبل في دولة الإمارات، وتم إنشاؤها بالتعاون بين جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي (MBZUAI) في أبوظبي، وشركة "Cerebras Systems"، ومقرّها "سيليكون فالي"، و"Inception" التابعة لشركة "G42" للذكاء الصناعي، ومقرها الإمارات.

ورغم أنّ "ChatGPT"، و"LLaMA" التابعة لشركة "ميتا"، وغيرها من أنظمة "LLM" تتمتع بقدرات لغوية عربية، إلا أنّها مُدرَّبة في الغالب على بيانات باللغة الإنجليزية على الإنترنت، وفقًا لما ذكره تيموثي بالدوين، عميد الجامعة بالإنابة، وأستاذ معالجة اللغات الطبيعية في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.

وبدلاً من ذلك، استخدمت أداة "جيس" مجموعات البيانات باللغتين الإنجليزية والعربية، مع التركيز على المحتوى القادم من الشرق الأوسط، ما سمح لها بالذهاب لأبعد "ممّا تمكّن أي شخص آخر من تحقيقه باللغة العربية"، بحسب ما أوضحه بالدوين.

وتُهيمن اللغات التي تستخدم الحروف اللاتينية على الإنترنت، واللغة الإنجليزية هي الأكثر استخدامًا حتّى الآن.

وقال مدير التقنيات الاستراتيجية وبرامج الأمن السيبراني في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، محمد سليمان. إن ذلك يعني أنّ مجموعات البيانات تكون أكبر بهذه اللغات.

وأضاف لـCNN أنّ "جعل الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي حكرًا على أولئك الذين يمكنهم التحدث بلغات معينة قد يمنع شريحة كبيرة من المجتمعات المحرومة من جني فوائد الذكاء الصناعي".

وتحتوي النماذج اللغوية المُدرَّبة باللغة الإنجليزية عادةّ على مجموعات من البيانات المتمحورة حول الغرب. وأوضح سليمان أن "(أنظمة LLM هذه) تفتقر إلى الوعي بالثقافات الأخرى، ما يؤثر سلبًا على تجربة المستخدم بالنسبة للأشخاص من خلفيات متنوعة".

وبفضل التدريب الذي تمتعت به، تفهم "جيس" الفروقات الثقافية، واللهجات، وفقًا لما أشارت إليه جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، ويتيح ذلك استخدامها على نطاق أوسع في مختلف الصناعات.

وفي الإصدارات المستقبلية، يهدف الفريق إلى جعل "جيس" تعمل مع الصور، أو الرسوم البيانية، أو جداول البيانات بدلاً من النصوص فقط، وسيؤدي ذلك إلى توسيع نطاق استخداماتها، وربما تمكينها من تفسير المسوحات الطبية، أو البيانات الاستثمارية، أو البيانات الواردة من الأقمار الصناعية.

اللهجات المختلفة

وذكر بالدوين أنّ اللغة العربية هي اللغة السادسة الأكثر استخدامًا في العالم، وهي غنية بـ "مجموعة" من اللهجات المختلفة، ما يزيد من تعقيد تدريب نموذج اللغة. وتُستخدم اللغة العربية الفصحى الحديثة عادةً في الوثائق والكتابات الرسمية، ولكن غالبًا ما تُستخدم اللهجات المحلية في المدونات، أو وسائل التواصل الاجتماعي. وخلال تدريبها على مجموعة متنوعة من البيانات، أشار بالدوين إلى تمكّن "جيس" من التنقل بين اللهجات المختلفة.

وأضاف بالدوين: "هناك مجال للتحسّن بالتأكيد، ولكن جرى التركيز بشكلٍ أكبر على القوة، من حيث القدرة على فهم ما إذا كان لدينا المزيد من المدخلات غير الرسمية للنموذج".

ويسمح التحديث الأخير لـ"Bard" من "غوغل" أيضًا بفهم الأسئلة بأكثر من 12 لهجة عربية، بما في ذلك اللغة العامية المصرية، والسعودية، ومن ثم يكون الرّد باللغة العربية الفصحى الحديثة.

وقال بالدوين إنّ "جيس" تتمتّع بـ13 مليار متغير، ويجري العمل على تحديث 30 مليار متغير.

وتحدّد المتغيرات حجم نموذج اللغة، ولكن ليس بالضرورة دقتها.

وتتمتع منصة "ChatGPT-3.5" بـ175 مليار متغير تقريبًا، وفقًا لما ذكرته "OpenAI".

وقال بالدوين إنّ "جيس" تستخدم ضبط التعليمات لمنعها من إنشاء إجابات "سامة" أو "ضارة" تمامًا مثل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الأخرى.

ولن تولّد الأداة أي شيء قد يؤدي إلى إيذاء النفس، أو إلحاق الضرر بالآخرين، أو يوحي بالإدمان.

وتلتزم الإجابات التي تولدها بالقواعد والعادات المحلية بشأن مواضيع مثل المثلية الجنسية، والمخدرات.

وأجرت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي "حوارات مختلفة" مع حكومة الإمارات، والمؤسسات الأخرى حول الذكاء الاصطناعي المسؤول، والتي أُخِذت بعين الاعتبار عند تطوير "جيس"، وفقًا لما ذكره بالدوين.

التطورات الإقليمية

شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة جهودًا متزايدة لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية.

وكانت الإمارات أول دولة في العالم تعين وزيرًا للذكاء الاصطناعي في عام 2017.

وفي مارس/آذار، كشف مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي ومعهد الابتكار التكنولوجي (TII) عن أكبر نموذج للذكاء الاصطناعي في المنطقة، وهو "فالكون"، مع إصدار نسخة جديدة في سبتمبر/أيلول.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا جامعة محمد بن زاید للذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی باللغة العربیة اللغة العربیة دولة الإمارات الاصطناعی ا فی العالم

إقرأ أيضاً:

رحلة ثرية يقودها مركز أبوظبي للغة العربية حتى نهاية 2025

أبوظبي (الاتحاد)
في إطار جهوده لترسيخ دور اللغة العربية في تعزيز الحوار المثمر والبنّاء بين الثقافات، وإبراز مكانتها كإحدى أهم لغات التواصل على المستوى العالمي، يعمل مركز أبوظبي للغة العربية انطلاقاً من رؤية إماراتية تؤمن بأن اللغة جسر معرفة، ورسالة سلام تتجاوز الحدود.
تنطلق رحلة المشاركات من عاصمة النور باريس، وتحط رحالها في «مهرجان أيام العربية» الذي يختتم برنامج الأنشطة السنوية للمركز، في احتفالية سنوية تسلط الضوء على جماليات الإرث العربي، تُثري جهود اليونسكو في الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية.
وبين المحطتين، تتوالى المشاركات بين بلدان العالم وثقافاتها. فمن فرنسا، إلى اليونان، فالسعودية، وكازاخستان، وأندونيسيا، وألمانيا، واليابان، والكويت، في مشاركات تتعدد طبيعتها بين معارض كتاب دولية، ومؤتمرات في علوم المكتبات والمعلومات، وندوات، وجلسات نقاش تحتفي بجماليات اللغة العربية، امتداداً لجهود المركز الحثيثة في نشر اللغة، وتعميق حضورها على الساحة الدولية، وتعزيز جسور الحوار الخلّاق بين الحضارات.
وقال الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية «إن أعظم ما يمكن أن تقدّمه أيّ حضارة للعالم قدرتها على فتح نوافذ الحوار، وبناء الجسور بين الشعوب والعطاء ونقل الأثر الطيب، والحوار هو الأداة التي لا غنى عنها لاستمرار هذا النهج. ومن هنا، يحرص مركز أبوظبي للغة العربية على تنويع مشاركاته في الفعاليات العالمية من مؤتمرات وندوات علمية، ومعارض كتاب، ومهرجانات ثقافية وفنية تنظمها جهات بارزة في العالم نتشارك معها الأهداف والرؤية المتعلقة باعتبار اللغات هي المُعبّر الأصيل عن ثقافات الشعوب وهوياتها، وحاملة رسالة التنوع الثقافي وأداة الحوار الذي يكفل للمجتمعات تحقيق التقدم والتطور».
تمثيل عالمي 
في 12 يوليو الجاري، يمثل مركز أبوظبي للغة العربية بالتعاون مع معهد العالم العربي بباريس، حضورَ اللغة العربية، ضيفَ شرفٍ للنسخة الـ79 من مهرجان أفينيون الدولي، الذي تختتم فعالياته في 26 من شهر يوليو الجاري.
تتضمن المشاركة أمسيةً فنية بعنوان «صوت النساء- تحية لكوكب الشرق أم كلثوم»، في ساحة الشرف بقصر البابوات (14 يوليو)، بمناسبة مرور 50 عاماً على رحيل كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي أم كلثوم. كما تتضمن المشاركة فعالية فنية تستضيفها ساحة سان جوزيف، (15 يوليو)، بعنوان «نور- احتفاء شعري وموسيقي باللغة العربية» يحييها شعراء وفنانون يوظفون اللغة العربية في أعمالهم، ويعبّرون عن إرثها الثقافي بأساليب فنية معاصرة.
وينتقل مركز أبوظبي للغة العربية ممثلاً كذلك لحضور اللغة العربية في معرض «إكسبو اليابان- أوساكا»، المستمر حتى منتصف شهر أكتوبر المقبل، إذ ينظم المركز، ضمن مشروع اليونسكو الخاص بالذكرى المئوية للتعليم العام باللغة العربية في اليابان، فعالية تستمر يومين في «المتحف الوطني للإثنولوجيا» في أوساكا، دعماً للغة والثقافة العربية، وتكريساً لحضورهما عالمياً. تتضمن الفعالية عروضاً بحثية تسلط الضوء على تاريخ تعليم اللغة العربية، وحالته الحاضرة في المنطقة، وحلقة نقاشية لاستكشاف الوضع القائم لتعليم اللغة العربية وتعلمها في العالم.
أنشطة ومشاركات
وتتعدد المشاركات. ففي اليونان، يشارك المركز في المؤتمر الدولي الثاني عشر في علوم المكتبات والمعلومات (28-31 يوليو)، وفي المؤتمر العالمي للمكتبات والمعلومات (WLIC) بكازاخستان (18-22 أغسطس)، وفي مؤتمر جمعية المكتبات المتخصصة، فرع الخليج العربي، بالسعودية (16-18 سبتمبر)، وفي معرض إندونيسيا الدولي للكتاب، إندونيسيا (24-28 سبتمبر)، وفي معرض الرياض الدولي للكتاب، السعودية (2-11 أكتوبر)، ثم معرض فرانكفورت للكتاب، ألمانيا (15-19 أكتوبر)، ومعرض الكويت الدولي للكتاب- الكويت (20-30 نوفمبر)، ومعرض جدة للكتاب، السعودية (12-22 ديسمبر).
وفي ديسمبر 2025، تنطلق فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان أيام العربية، الذي ينظمه مركز أبوظبي للغة العربية، بالتزامن مع احتفال اليونسكو باليوم العالمي للغة العربية. وهو حدث تفاعلي صار ركيزة أساسية في المشهد الثقافي المزدهر في أبوظبي، يستهدف إلهام الجمهور، وإعادة تعريف المفاهيم حول اللغة العربية، وتأكيد دورها كلغة حديثة ومبدعة. ويثري المهرجان كل عام الموضوع الذي تحدده «اليونسكو»، باحتفالية استثنائية تسلط الضوء على غنى اللغة والثقافة العربية، مع التركيز على إرثها وأهميتها ومستقبلها في مجالات الشعر والأدب والفنون الإبداعية والعلوم والحياة اليومية.

أخبار ذات صلة الجائزة الدولية لأدب الطفل العربي تواصل استقبال المشاركات حتى 31 أغسطس صدور النسخة العربية لكتاب «حركة الترجمة والمثاقفة في العالم الإسلامي»

مقالات مشابهة

  • «سبيس إكس» تستثمر ملياري دولار في شركة إيلون ماسك للذكاء الاصطناعي
  • تواصل تميزها العالمي.. المملكة تعزز الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي
  • السعودية.. إدراج منهج للذكاء الاصطناعي في جميع مراحل التعليم العام
  • «المالية» تفوز بجائزة «الابتكار من أجل الأثر» في تطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • نظمته جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.. 57 طالباً في برنامج التدريب البحثي
  • الإمارات تطلق منظومة حكومية ذكية لرصد وتحليل الأداء باستخدام «الذكاء الاصطناعي»
  • رحلة ثرية يقودها مركز أبوظبي للغة العربية حتى نهاية 2025
  • منهج جديد للذكاء الاصطناعي.. تفاصيل التطبيق لجميع مراحل التعليم العام
  • إدراج منهج للذكاء الاصطناعي في جميع مراحل التعليم العام من العام القادم
  • بدءًا من العام الدراسي القادم.. إدراج منهج للذكاء الاصطناعي في جميع مراحل التعليم العام