قال مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان: إن قضية فلسطين ليست قضية فصيل بعينه، لكنها قضية كل شاب فلسطيني، بل قضية الأمة كلها، مُثمِّنًا كفاح الشعب الفلسطيني أمام أعتى الكيانات الإجرامية، داعيًا الجميع للوقوف مع الشعب الفلسطيني بالأعمال والمواقف وليس بالكلمات فقط.

جاء ذلك خلال كلمته بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر مضيفًا أنه بِسَبَبِ التَّشَقُّقَاتِ وَالانْشِقَاقَاتِ التي حَدَثَتْ فِي الأَزْمِنَةِ الحَدِيثَة، نَحنُ مَا نَزَالُ نَعمَلُ على الوَحْدَةِ دُونَ تَوقُّفٍ بِمُقْتَضَى الأَمْرِ الإِلَهِيّ، وَمَسَاجِدُنَا وَمُنْتَدَيَاتُنَا عَامِرَةٌ بِحَمدِ اللهِ وَعِنَايَتِهِ وَرَحْمَتِه.

وأشار المفتي إلى أننا كُلُّنا نَأتَمُّ بِالأَزْهرِ الذي نَشَرَ عُلَمَاءَه في أَنحَاءِ الأَرْضِ بِحَمدِ الله، وهذا إلى جانبِ قِيَامِ الأُسَرِ بِوَاجِبَاتِهَا، فَالإِسْلامُ مُتَأَصِّلٌ في الأَعْمَاق، لكنْ عَلَينَا كمَا ظَهَرَ فِي عُقُودِ القَرْنِ الوَاحِدِ وَالعِشرِين - وَنَحنُ نَتَحَدَّثُ عَنْ تَحَدِّيَاتِ الأَلْفِيَّة الثالثة - أَنْ نَتَمَكَّنَ بِاسْتِمْرَارِ التَّأَهُّلِ وَالتَّأْهِيل، مِنْ مُكَافَحَةِ التَّشَدُّدِ وَالتَّطَرُّفِ وَالغُلُوِّ، الذي نَهَى اللهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالى عَنهُ فِي القُرآنِ الكَرِيم، كَمَا نَهَى عَنهُ رَسُولُ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عليه.

وتابع: لقدِ اسْتَقَرَّ في وَعْيِ عُلمائِنَا وَمُؤَسَّسَاتِنَا الدِّينِيَّة، أنَّ المُهِمَّاتِ المَوكُولَةَ إلينا بِمُقْتَضَى قَولِهِ تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ تَتَمَثَّلُ في مُعظَمِ البِلادِ الإِسْلامِيَّة، وَفِي المُغْتَرَبَاتِ فِي أَربَعَةِ أُمُور، وهي الحِفَاظ على وَحْدَةِ العَقِيدَةِ وَالعِبَادَة، وأيضًا التَّعْلِيم الدِّينِيّ لِلصِّغَارِ وَالكِبَار، وكذلك الفَتوَى، وأخيرًا الِإرشَاد العَامُّ، أوِ الفَتوَى الشَّامِلَةُ.

وأكَّد مفتي لبنان أننا قدْ عَانَينَا مِنَ الاخْتِرَاقَاتِ وَالتَّطَرُّفِ فِي العُقُودِ الأَخِيرَة، وَقَدْ تَرَاجَعَ الهِيَاجُ وَالِإرهَابُ بِاسمِ الدِّين. وَعَلى مُؤَسَّسَاتِنَا الاسْتِمْرَارُ فِي نِضَالِهَا، مِن أَجلِ الاعْتِدَالِ وَالتَّوَسُّط. وَالتَّربِيَةُ في الأُسَر شريكةٌ لنا، لا يَنْبَغِي تَجَاهُلُ أَهَمِّيَتِهَا.

وأوضح فضيلته أن هناك دِرَاسَات قَامَتْ بِها مُؤَسَّساتٌ عِلمِيَّة أثبتت أَنَّ أغلب مُجتَمَعَاتِنا تَمِيلُ إِلى الْتِمَاسِ الحُلُولِ عِندَنَا في مؤسسات الفتوى، وَليسَ عِندَ المَحَاكِمِ وَمُدَوَّنَاتِ الأُسْرَةِ وَقَوَانِينِها، ولو لم يكن الأمر اسْتَوَى على سَواءِ هَذِه النَّاحِيَة، إلا أنه في حَالَةِ نُهُوضٍ مُستَمِر.

وشدَّد فضيلته على أن الدِّين قُوَّة نَاعِمَة. وَقَد جَاءَ فِي القرآن: {والصُّلْحُ خَير}. وَنَحنُ نَعتَمِدُ هذِه الوَسِيلةَ التي اخْتَارَهَا لنَا القُرآنُ الكَرِيم، وَهَذا سِرُّ نَجَاحِنَا.

وعرج فضيلتُه على التحديات التي تتعلق ببدعة تَغْيِيرِ الجِنس، مؤكدًا ضرورة أن نَعْمَدَ إِلى التَّحْصِينِ بِالتَّرْبِيَةِ العَطُوف، وَبِالتَّعَاوُنِ مَعَ الجِهَاتِ الرَّسْمِيَّة، وناصحًا بِقِرَاءَةِ وَثِيقَةِ الفَاتِيكَان، الصَّادِرَةِ عامَ 2019 عَنِ المَوضُوع.

وأضاف فضيلته: لقدْ صَارَ الِإرشَادُ العَامُّ، أوِ الفَتوَى الشَّامِلَةُ ضَرُورَةً قُصْوَى، مِثلَ الفَتَاوَى الجُزْئِيَّةِ أَوِ الخَاصَّة، وَسَتُعَالِجُهُ المَجَامِعُ الفِقهِيَّة، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِمُؤَسَّسَتِنَا رِيَادَةٌ فِي ذلك.

وأوضح فضيلته أننا قَدْ أَهْمَلْنَا التَّطَرُّف، وَقَصَرْنَا مُكَافَحَتَهُ على السُّلُطَات، فَصَارَ إِرهَابًا وَانْشِقَاقَاتٍ فِي الدِّين، فَلْنَعُدْ إِلى مُوَاجَهَةِ المَوجَةِ الجَدِيدَةِ بِوَعْيٍ وَحِكْمَة، لِكَي يَحْصُلَ التَّجَاوُز: ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ صدقَ اللهُ العظيم.

واختتم فضيلتُه كلمتَه بتوجيه التحية لِلمُؤْتَمَرِ مُثمِّنًا التشاورَ في أَمْرِ مُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَات، مِنْ أَجْلِ الحُلُولِ وَالتَّجَاوُز.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الشعب الفلسطيني قضية فلسطين مفتي لبنان قضية الأمة الكيانات الإجرامية

إقرأ أيضاً:

برلماني: فلسطين قضية سياسية وخطط ترامب بشأن غزة مرفوضة عربيا

قال النائب الدكتور أحمد عبد المجيد وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، إن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يكمن في إنهاء الاحتلال وتمكين الفلسطينيين من حقوقهم الشرعية، وليس طردهم أو تهجيرهم من أرضهم، قائلا: تصريحات وخطط الرئيس الأمريكي ترامب بخصوص قطاع غزة مرفوضة مصريا وعربيا وإسلاميا.

ونوه عبد المجيد، في تصريح صحفي له اليوم، أن القضية ليست مشكلة إنسانية تتطلب "إعادة توطين"، وتوفير فرص عمل ولكنها قضية وطن مفقود ودولة فلسطينية مستقلة يبحث أهلها عن اعلانها، موضحا أن فلسطين قضية سياسية تحتاج إلى احترام القانون الدولي ووقف السياسات العدوانية الاسرائيلية والأمريكية الهمجية بشأنها.

وأوضح وكيل اسكان البرلمان، أن تصريحات ترامب خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن "نقل سكان غزة" إلى دول أخرى كحل للأزمة الراهنة، هلاوس لا يمكن تنفيذها ولن يقبل بها أي أحد، والدولة الفلسطينية عمادها الضفة الغربية وقطاع غزة وليس فقط الضفة العربية بحسب تصريحات المسؤولين في ادارة ترامب.

وتابع احمد عبد المجيد أن التصريحات الأمريكية، تتسق تماما مع العدوان الإسرائيلي وادارة ترامب بإعلانها هذه المواقف تتنصل من دورها الداعم للسلام.

وأوضح النائب، أن الحديث عن تهجير سكان غزة في ظل الظروف الحالية يعد محاولة ممنهجة لإجبارهم على الرحيل، وهو فعليا جريمة حرب وفق اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر النقل القسري للسكان تحت أي ظرف من الظروف.

وحذر نائب الاسكندرية، أن تصريحات ترامب ونتنياهو ليست مجرد أفكار عشوائية، بل تتماشى مع مشروع سياسي طويل الأمد يهدف إلى تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها، لذلك فإن ترامب وبعدما طرح من قبل صفقة القرن خلال ولايته الأولى عاد للحديث عن مشاريع تهجير الفلسطينيين خلال ولايته الثانية.

واختتم الدكتور أحمد عبد المجيد، بدعوة الدول العربية لعقد قمة عربية طارئة تتبنى مواقف جادة حازمة مع الادارة الأمريكية للتراجع عن مواقفها بخصوص غزة، مشددا أن العالم العربي والأمة الاسلامية ومصر في مقدمتهم جميعا لن تتخلى عن غزة او الشعب الفلسطيني.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية:العبادة في الإسلام ليست مجرد أفعال شخصية بل هي توقيفية
  • تركي الفيصل: المشكلة في فلسطين ليست الفلسطينيين
  • سكان غزة يتشبثون بأرضهم.. والرئاسة الفلسطينية: فلسطين ليست للبيع
  • بالفيديو .. مفتي ليبيا: لا علاج للاحتلال في فلسطين إلا بالمقاومة
  • برلماني: فلسطين قضية سياسية وخطط ترامب بشأن غزة مرفوضة عربيا
  • مفتي ليبيا: لا علاج للاحتلال في فلسطين إلا بالمقاومة (شاهد)
  • الرئاسة: فلسطين ومقدساتها ليست مشروعا استثماريا
  • المرشد الإيراني: "فلسطين كلها من النهر إلى البحر للشعب الفلسطيني"
  • سمير راغب: أمريكا ليست على استعداد لخوض حرب في فلسطين
  • فلسطين أرض الرباط والصمود والبطولات..