إذا كان تحسين الصورة الاقتصادية لتركيا أمام الخارج من أولويات الحكومة التركية، فإنه يبقى من المهم أيضا تحسين الصورة الداخلية بحماية الناس من طوفان الغلاء، فالتضخم نقيض الاستقرار وعدو التنبؤ ولا ثقة بدون استقرار.

وإذا كان البرنامج الاقتصادي التركي متوسط الأمد يتضمن السياسات النقدية والمالية والهيكلية معا، فإنه يتوجب التركيز على السياسة الهيكلية بتعزير الاقتصاد الحقيقي وزيادة الإنتاج، وترشيد الإنفاق الاستهلاكي، وحل مشكلة نقص العمالة في القطاع الصناعي بالاستفادة من العمالة المهاجرة، وفتح أسواق جديدة للصادرات، وجعل السياسة النقدية والسياسة المالية خادمة للسياسة الهيكلية لا العكس.



ولا ينبغي الركون إلى سياسة سعر الفائدة كأنها الحل السحري، وخاصة أن توجهات الحكومة في الاستمرار في سياسة التشديد النقدي من خلال رفع سعر الفائدة -الذي قد يصل عند 40 في المئة أو أكثر في نهاية العام- لا سيما في ظل وجود أدوات متعددة لإدارة السياسة النقدية منها نسبة الاحتياطي القانوني ونسبة السيولة وسياسة السقوف الائتمانية والإقناع الأدبي وغيرها.

لا ينبغي الركون إلى سياسة سعر الفائدة كأنها الحل السحري، وخاصة أن توجهات الحكومة في الاستمرار في سياسة التشديد النقدي من خلال رفع سعر الفائدة -الذي قد يصل عند 40 في المئة أو أكثر في نهاية العام- لا سيما في ظل وجود أدوات متعددة لإدارة السياسة النقدية منها نسبة الاحتياطي القانوني ونسبة السيولة وسياسة السقوف الائتمانية والإقناع الأدبي وغيرها
كما أن ترك الليرة التركية ألعوبة في أيدي المضاربين من خلال عقود المشتقات المالية هو أمر يحول بينها وبين الاستقرار، فضلا عن أن استخدام عقود المبادلة كأحد أدوات المشتقات ما هو إلا مسكنات ومقامرات. فعقود مبادلات العجر الائتماني ما هي إلا متاجرة في المخاطر، وهي أدوات مالية وجودها يمثل مؤشرا سيئا للاقتصاد، حيث تنشط أثناء اضطرابات الأسواق والبؤس الاقتصادي، وقد لعبت دورا كبيرا في الأزمة المالية العالمية 2008، وأزمة الديون السيادية الأوروبية عام 2010.

ومع ذلك فإن برنامج الحكومة أثار نقاطا هامة؛ منها العمل على إصدار الليرة التركية الرقمية، ودعم التمويل التشاركي، وجعل المركز المالي في إسطنبول مركزا عالميا في ذلك، وهذا هو حل مناسب وبديل منطقي للخروج من عباءة النظام الرأسمالي بالتدرج، ومراعاة الواقع، بإحلال أدوات مالية إسلامية تدعم الاقتصاد الحقيقي، وتقيم المعاملات المالية على العدل جهدا ومالا، غُنما وغُرما.

كما أن سعي الحكومة للإسراع في استخراج موارد الطاقة وجعل في مركز إسطنبول المالي مركزا لتسويق الطاقة، واللجوء كذلك للطاقة المتجددة يخفض كثيرا من فاتورة الاستيراد وعجز الميزان التجاري، وفي هذا الإطار وقعت تركيا اتفاقية مع البنك الدولي لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة بقيمة 895 مليون يورو، وما زالت تتجه بخطوات متسارعة لتعزيز استخراج موارد الطاقة المحلية.

وإذا كانت الحكومة حريصة على السياحة التي قوامها الثقة والاحترام لا بد أن تترك جانبا الأيدي المرتعشة في التعامل مع العنصرية، لا سيما ضد العرب، والضرب بيد من حديد على كل من يغذيها، وقد اتخذت الحكومة إجراءات ضد العنصرية مؤخرا، وأن تعالج الأمر متأخرا خير من أن تتركه يتفاقم.

إن تركيا محضن الدولة العثمانية وهي محل جذب للعرب والمسلمين، ومعاملتهم بعنصرية يعني ضربا لمصدر مهم من مصادر الدخل التركي وهو السياحة، وقد استقبلت تركيا 36.426 مليون سائح خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، وارتفع عدد السياح في تركيا خلال الفترة المذكورة بنسبة 13.95 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وقد أعلنت شركة ماستركارد العالمية الرائدة في قطاع المدفوعات أن إنفاق السياح الأجانب الذين زاروا تركيا في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي عبر بطاقاتهم المصرفية زاد بنسبة 19 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأن عدد البطاقات المستخدمة في المدفوعات زاد بنسبة 25 في المئة توازيا مع زيادة عدد السياح في تركيا، وكان أعلى إنفاق لكل بطاقة في البطاقات الكويتية، بمعدل 1280 دولار.

إذا كانت الحكومة حريصة على السياحة التي قوامها الثقة والاحترام لا بد أن تترك جانبا الأيدي المرتعشة في التعامل مع العنصرية، لا سيما ضد العرب، والضرب بيد من حديد على كل من يغذيها، وقد اتخذت الحكومة إجراءات ضد العنصرية مؤخرا، وأن تعالج الأمر متأخرا خير من أن تتركه يتفاقم
كما تبدو أهمية إصلاح النظام الضريبي بصورة لا تكون عبئا على الشركات بقدر ما تكون دافعا لها للإنتاج، فالأولى تخفيض نسبة الضريبة مع توسيع وعائها على عدد كبير من الخاضعين لها، وبذلك تزداد حصيلتها بصورة تجمع بين العدالة والمواءمة.

وإذا كان البرنامج يركز على إنشاء منطقة زراعية منظمة، لضمان تحقيق معدلات الكفاية في المنتجات الزراعية الاستراتيجية، فهذا شيء من الأهمية بمكان، ولكن من الأهمية كذلك تفعيل الرقابة على أسعار المواد الغذائية بصورة يومية، والقضاء على مافيا سماسرة العقارات الذين جعلوا المضاربة فيها من أكبر مغذيات التضخم، مع إلزام البائع والمشتري ببيع العقارات بسعر لجنة مخصصة لتسعير العقارات حماية للمستأجرين، وإلزام الجميع بسعر عادل في زيادة الإيجار، وغلق الأبواب على التحايل الذي يفعله الملاك بتزيين السماسرة غير الأمناء، وطرح أراضٍ وعقارات بالقرعة بعيدا عن المزادات التي ساهمت في تغذية التضخم، ومنع التعامل داخليا بالدولار في عمليات البيع والشراء للسلع والخدمات.

كما أنه من المهم تعزيز العلاقات الاقتصادية التركية العربية والإسلامية والأفريقية، والتعامل مع الغرب في الفرص التمويلية والاقتصادية وفق المصالح المتبادلة. ويبقى بعد كل ذلك أهمية الالتزام بالحلول الاقتصادية للمشكلة الاقتصادية التركية بعيدا عن تجاوزات المعارضة، والأبعاد السياسية للانتخابات المحلية.

twitter.com/drdawaba

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاقتصادية تركيا السياحة العنصرية التضخم اقتصاد تركيا سياحة التضخم العنصرية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سعر الفائدة من العام فی المئة لا سیما

إقرأ أيضاً:

معالي سلطان المنصوري يزور تركيا مبعوثاً لسمو وزير الخارجية ويلتقي مع وزير النقل والبنية التحتية وعدد من المسؤولين الأتراك تعزيزاً للعلاقات

ترأس معالي سلطان بن سعيد المنصوري، مبعوث سمو وزير الخارجية، وفداً رفيع المستوى إلى الجمهورية التركية تركزت على استكشاف فرص تعزيز التعاون بين البلدين بما يسهم في رفع مستوى العلاقات في جميع المجالات، ويعكس طموحات القيادة في البلدين الصديقين في تنميتها وتوطيدها.
وعقد معالي المنصوري اجتماعات رفيعة المستوى مع شخصيات بارزة بما في ذلك معالي عبدالقادر أورال أوغلو، وزير النقل والبنية التحتية، وسعادة مصطفى توزجو، نائب وزير التجارة، والدكتور هاكان يورداكول، عضو المجلس الاقتصادي الرئاسي التركي، والسيد محمد علي أكارجا، رئيس الجانب التركي في مجلس رجال الأعمال الإماراتي – التركي، والسيد مصطفى غولتيبي، رئيس جمعية المصدرين الأتراك (TIM)، والسيد بوراك داغلي أوغلو، رئيس مكتب الاستثمار. حيث تم خلال اللقاءات بحث سبل تعزيز التعاون المشترك لاسيما العلاقات الاقتصادية والاستثمارية في عدة مجالات كالأمن الغذائي والمائي، ومشاريع تطوير البنية التحتية والتعاون في السكك الحديدية، والطيران المدني، واستكشاف فرص الاستثمار.

وأكد الجانبان على التزامهما بتعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية، والتعاون المتبادل بما يتماشى مع رؤيتي البلدين الصديقين وقيادتيهما للتنمية المستدامة والنمو الاقتصادي.
وأكد معالي المنصوري أهمية الشراكة الإماراتية التركية في دفع النمو الاقتصادي والمبادرات ذات المنفعة المتبادلة التي من شأنها أن تساهم في ازدهار البلدين.


مقالات مشابهة

  • “الدبيبة” يبحث مع السفير التركي التعاون الاقتصادي والأمني وملف الإنتخابات
  • «موازنة النواب»: خطة مواجهة عجز الموازنة وزيادة النمو الاقتصادي وتقليل حجم الديون
  • اقتصادي تركي: الدولار سيشهد ثباتًا أمام الليرة لمدة عامين
  • قيادي بـ«حماة الوطن»: برنامج الحكومة الجديدة يرفع معدلات النمو الاقتصادي
  • بعد اليأس من الحكومة.. نوايا تحرّك برلماني ضد الاقتصاد والشركات التركية في العراق
  • موكب أردوغان في برلين يثير جدلا
  • سلطان المنصوري يبحث تعزيز التعاون مع تركيا
  • معالي سلطان المنصوري يزور تركيا مبعوثاً لسمو وزير الخارجية ويلتقي مع وزير النقل والبنية التحتية وعدد من المسؤولين الأتراك تعزيزاً للعلاقات
  • كيف أسهم السوريون في تعزيز الاقتصاد التركي؟
  • تركيا.. ديون بطاقات الائتمان تسجل 2 تريليون ليرة