قال وكيل الأزهر الدكتور محمد الضويني إن الدِّفاع عن الأرضِ والعرضِ حقٌّ وأمانةٌ، والاستشهاد في سبيلِ الله حقٌّ وأمانةٌ، وإقامةُ كِيانٍ على زورٍ من التَّاريخِ باطلٌ وخيانةٌ، وقصف المدنيِّين الآمنين باطلٌ وخيانةٌ، وسكوت المؤسَّساتِ المعنيَّةِ باطلٌ وخيانةٌ.


جاء ذلك في كلمته بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر، نيابةً عن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أ.

د أحمد الطيب ناقلًا صادقَ دعواتِ الأزهرِ الشَّريفِ وإمامِه الأكبر إلى الشَّعبِ الفلسطينيِّ الصَّامدِ الَّذي يتمسَّكُ بأرضِه، ويقفُ بكلِّ بسالةٍ وبطولةٍ في وجهِ الآلةِ الصُّهيونيَّةِ المتغطرسةِ، وتأكيدَ فضيلتِه أنَّ استهدافَ المدنيِّين وقصفَ المؤسَّساتِ جريمةُ حربٍ مكتملةُ الأركانِ، ووصمةُ عارٍ يسجِّلها التَّاريخُ بأحرفٍ من خزيٍ على جبين الصَّهاينةِ.

 

أكد وكيل الأزهر  أنَّ العالمَ المعاصرَ يواجهُ تحدِّيَاتٍ في كثيرٍ من مجالاتِ الحياةِ اقتصادًا، وسياسةً، واجتماعًا، لافتا الى أنَّ هذه التَّحدياتِ ككرةِ الثَّلجِ كلَّما تحرَّكت زادَ حجمُها وتضاعفَ أثرُها، دون أن تتوقَّفَ عند مكانٍ بعينِه

 

التَّحدِّيَات الاجتماعيَّةَ لا تقلُّ خطرًا ولا أثرًا عن التَّحدِّيَاتِ الاقتصاديَّةِ

 

وأوضح وكيل الأزهر  أنَّ التَّحدِّيَات الاجتماعيَّةَ لا تقلُّ خطرًا ولا أثرًا عن التَّحدِّيَاتِ الاقتصاديَّةِ؛ فإنَّ المجتمعَ الدَّوْليَّ يعاني من تفكُّكٍ واضطرابٍ في نَواتِه الصُّلبةِ، وهي الأسرةُ؛ فباسمِ الحقوقِ والحرِّيَّاتِ خرجتْ علينا أصواتٌ مُنكرَةٌ شرعًا وعقلًا، وراحت تنادي مرَّةً بِعَلَاقاتٍ تأباها الفطرةُ السَّويَّةُ، وتتناقضُ مع ناموسِ الكونِ الَّذي خلقَ اللهُ فيه كلَّ شيءٍ ذكرًا وأنثى، قال تعالى: «ومِن كلِّ شيءٍ خلقْنا زوجين لعلَّكم تذكَّرون»، وراحت تعلنُ مرَّاتٍ أُخرَ ما لا ينبغي إعلانُه فهدَّدت استقرارَ الأسرةِ، وكان ما كان ممَّا تعاني مجتمعاتُنا ويلاتِه من طلاقٍ وفِراقٍ وشِقاقٍ وسوءِ أخلاقٍ.


وأمَّا التَّحدياتُ السِّياسيَّةُ فيكفي أن نقرأَ بعضَ الإحصائيَّاتِ الدَّوْليَّةِ الَّتي تكشفُ عن إنفاقٍ مرعبٍ في إنتاجِ أدواتِ تدميرِ الشُّعوبِ من أسلحةٍ ومخدِّراتٍ ورعايةِ جماعاتٍ تخريبيَّةٍ، تعملُ على إشعالِ الحروبِ، وتجذيرِ الخلافاتِ، والعبثِ بالهُوِيَّاتِ والخصوصيَّاتِ.

 

وشدد فضيلته على ضرورة أن نتأمَّلَ خريطةَ العالم لنرى ما يجري فيها من تلاعبٍ وعبثٍ ومقامرةٍ بالمجتمعاتِ وأحلامِ أهلِها، دون شعورٍ بوخزٍ من ضميرٍ حيٍّ يتألَّمُ لمشاهدِ القتلى والجرحى والثَّكلى والمهجَّرين والنَّازحين، وقد يكفينا شرَّ أن تلتزمَ المنظَّماتُ الدَّوليَّةُ بما تعلنُه في مواثيقِها ولوائحِها، ولكنَّ المواثيقَ واللَّوائحَ والمعاهداتِ لا تعرف الطَّريقَ إلى بعضِ المجتمعاتِ! ثمَّ أنَّى تكونُ عدالةُ هذه المواثيقِ والمعاهداتِ والقائمون على حراستِها يمنحون الأمنَ والسَّلامَ والرَّخاءَ من يشاءون، ويمنعونه عمَّن يشاءون؟!


وأوضح فضيلته أن ما يحملُه الرُّبْعُ الأوَّلُ من المائةِ الأولى من الألفيَّةِ الثَّالثةِ من تحدياتٍ ضاغطةٍ ينذرُ بتحدِّياتٍ أكبرَ منها في بقيَّةِ الألفيَّةِ، وبالرَّغم من هذه التَّوقُّعاتِ الصَّعبةِ فإنَّ فتاوى الأملِ والتَّفاؤلِ لا تتركُنا نتوقَّفُ عند جَلْدِ ذواتِنا، وإنَّ فتاوى الإيجابيَّةِ لا تدعُنا نستغرقُ في الشَّكوى والأنينِ دونَ طلبِ العلاجِ؛ ولذا؛ فإنَّ من المهمِّ أن نحاولَ وضعَ حلٍّ لهذه التَّحدِّيَاتِ والأَزَمَاتِ، وأن يؤسِّسَ العلماءُ والمفتونَ لعهدٍ جديدٍ من «الإفتاءِ الواعي» تُرتَّبُ فيه الأولويَّاتُ، وتُراعَى فيه المقاصدُ والأعرافُ حتَّى نتمكَّنَ من مواجهةِ الواقعِ والمستقبلِ وتحدِّياتِه ومستجدَّاتِه بفتاوى تقودُ المجتمعاتِ إلى الأمنِ والسَّلامِ.


ووجَّه فضيلتُه حديثَه إلى العلماء والفقهاء قائلًا: إنَّ مِن حقِّ النَّاسِ عليكم أنْ تُوحِّدوا المناهجَ، بحيث ينحسمُ داءُ الفتوى بغير علمٍ، ويستغني النَّاسُ

أوَّلًا عن فتاوى المولَعينَ بالتَّكفيرِ والتَّفسيقِ والتَّبديعِ، الَّتي أدَّت بنا إلى إزهاقِ الأنفسِ المعصومةِ واستحلالِ الأموالِ المصونةِ، إضافةً إلى ما تركتْه فينا من كراهيةٍ وشقاقٍ، وإشغالٍ للمجتمعاتِ والأوطانِ عن أهدافِها.

وثانيًا عن حاملي لواءِ التَّيسيرِ الَّذين ميَّعوا باسم التَّيسيرِ الثَّوابتَ والأصولَ.

وثالثًا عن متصيِّدي الغرائبِ الَّذين يُجرِّدون الفتاوى من ملابساتِها وسياقاتِها الزَّمانيَّةِ والمكانيَّةِ.

ورابعًا عمَّن يبيحون لكلِّ إنسانٍ أن يفتيَ نفسَه بما شاء، فيعطون بذلك صكَّ الشَّرعيَّةِ لكلِّ عملٍ وإن كان مخالفًا لما استقرَّ عليه العلماءُ.
وشارك فضيلته الحضور ما يدورُ في رأسه من تساؤلاتٍ قائلًا:

تسائل وكيل الأزهر كيف  يتجرَّأُ آحادُ النَّاسِ فيفتون في مسائلِ الشَّأنِ العامِ ممَّا لو عُرِضَت إحداها على عمرَ رضي الله عنه لجمعَ لها أهلَ بدرٍ؟
وكيف يتبنَّى إنسانٌ الاحتياطَ في الفتوى مطلقًا، وينسى أن يُزاوِجَ بين الاحتياطِ وقواعدِ التَّيسيرِ الكلِّيَّةِ: «إذا ضاق الأمرُ اتَّسع»، و«المشقَّةُ تجلبُ التَّيسيرَ»؟


وإذا كان من حقِّ كلِّ إنسانٍ أن يفتيَ نفسَه بما يشاءُ وأن يختارَ من الفتوى ما يهوى فما الحاجةُ عندئذٍ لهذه المجامعِ الفقهيَّةِ وكلِّيَّاتِ الشَّريعةِ ودورِ الإفتاءِ؟ بل ما الحاجةُ لمن يحاولُ إقناعَ النَّاسِ بهذا الرَّأيِ الأعرجِ؟

.
وأشارَ إلى أنَّ الجُرأةَ على الفتوى في شأنِ النَّاسِ والمجتمعاتِ والأممِ ممَّن لا علمَ له آفةٌ خطيرةٌ، وكثيرًا ما تكلَّمَ عنها العلماءُ، ولكنَّ من الآفاتِ أيضًا أن يسكتَ الأمناءُ عن بيانِ الحقِّ، فلا تسمعُ لهم همسًا.


أكد على ضرورة من الاعترافِ بأنَّ التَّحدِّياتِ الَّتي حملتْها بواكيرُ الألفيَّةِ الثَّالثةِ توجبُ النَّظرَ والتَّأمَّلَ والبحثَ الدَّقيقَ الرَّصينَ، وتفرضُ على العلماءِ والمفتينَ أن يجمعوا إلى الكتبِ والمقرَّراتِ والتَّدريبِ والتَّأهيلِ المعتادِ قلوبًا مؤمنةً وبصيرةً نَافذةً وعقولًا مسدَّدةً.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: وكيل الأزهر قصف المدنيين وکیل الأزهر

إقرأ أيضاً:

أحمد عمر هاشم: فعاليات نقابة الأشراف ترسخ قيم الانتماء وحب الوطن

أشاد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف وعضو اللجنة العلمية بنقابة الأشراف، بجهود نقابة الأشراف في عقد الندوات التوعوية والدينية والوطنية، موجها الشكر لنقيب الأشراف محمود الشريف لاهتمامه ورعايته لهذه الفعاليات التي تحث على حب الوطن والانتماء.

دور الشباب في حفظ الأمن القومي

وأضاف عضو اللجنة العلمية بنقابة الأشراف، خلال ندوة «دور الشباب في حفظ الأمن القومي»، أن هذه الفعاليات تدعو لحماية الوطن وتؤكد مصداقية النقابة في رسالتها نحو الدعم للقيادة السياسية في الدولة المصرية.

وتحدث «هاشم» عن معجزة الإسراء والمعراج، وأكد أنه اتَّفق جمهور العلماء على أَنَّ الإسراء حَدَث بالروح والجسد؛ لأنَّ القرآن صرَّح به؛ لقوله تعالى: ﴿بِعَبْدِهِ﴾ والعبد لا يطلق إلَّا على الروح والجسد، وجمهور العلماء من المحققين اتفقوا على أنَّ المعراج وقع بالجسد والروح يقظةً في ليلة واحدة.

وما يراه البعض من أَنَّ المعراج كان بالروح فقط أو رؤيا منامية؛ فإنَّ هذا الرأي لا يعوَّل عليه؛ لأنَّ الله عزَّ وجلَّ قادرٌ على أن يعرج بالنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم بجسده وروحه كما أسرى به بجسده وروحه، وتعجُّب العرب وقتها دليل على القيام بالرحلة روحًا وجسدًا؛ فلو كانت رؤية منامية ما كانت تستحقُّ التعجُّب منهم، بحسب «هاشم».

أبيات شعرية في حب النبي

وألقى الدكتور أحمد عمر هاشم، أبياتا شعرية في حب سيدنا النبي، مؤكدا أن اجتماعنا اليوم حبا لسيدنا النبي ونجتمع في حب سيدنا النبي، موجها الشكر والثناء لجهود نقيب الأشراف في هذه الجلسات التي يذكر فيها سيرة النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

مقالات مشابهة

  • لا يدركون معنى أمومة الأرض.. الأزهر يرفض بشكل قاطع مخططات تهجير الفلسطينيين
  • الخطاب الديني
  • مرصد الأزهر يطلع وكيل وزارة الدفاع الماليزية على جهوده في مكافحة التطرف
  • أحمد عمر هاشم: فعاليات نقابة الأشراف ترسخ قيم الانتماء وحب الوطن
  • عمر هاشم: فاعليات نقابة الأشراف تحث على الانتماء وحب الوطن
  • الإلحاد والتشدد الديني والنزاع الأسري.. ركن الفتوى بجناح الأزهر سبيل النجاة
  • 27 كتابًا تتصدر مبيعات جناح الأزهر بمعرض الكتاب
  • وكيل الأزهر يلتقي رئيس الشؤون الإسلامية والأوقاف الإماراتي لبحث سبل التعاون
  • وكيل الأزهر يلتقي رئيس الشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة الإماراتي
  • وكيل الأزهر ورئيس الشؤون الإسلامية الإماراتي يبحثان تعزيز التعاون وتبادل الخبرات