وكيل الأزهر: الدِّفاع عن الأرضِ والاستشهاد في سبيلِ الله حقٌّ وأمانةٌ
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
قال وكيل الأزهر الدكتور محمد الضويني إن الدِّفاع عن الأرضِ والعرضِ حقٌّ وأمانةٌ، والاستشهاد في سبيلِ الله حقٌّ وأمانةٌ، وإقامةُ كِيانٍ على زورٍ من التَّاريخِ باطلٌ وخيانةٌ، وقصف المدنيِّين الآمنين باطلٌ وخيانةٌ، وسكوت المؤسَّساتِ المعنيَّةِ باطلٌ وخيانةٌ.
جاء ذلك في كلمته بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر، نيابةً عن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أ.
أكد وكيل الأزهر أنَّ العالمَ المعاصرَ يواجهُ تحدِّيَاتٍ في كثيرٍ من مجالاتِ الحياةِ اقتصادًا، وسياسةً، واجتماعًا، لافتا الى أنَّ هذه التَّحدياتِ ككرةِ الثَّلجِ كلَّما تحرَّكت زادَ حجمُها وتضاعفَ أثرُها، دون أن تتوقَّفَ عند مكانٍ بعينِه
التَّحدِّيَات الاجتماعيَّةَ لا تقلُّ خطرًا ولا أثرًا عن التَّحدِّيَاتِ الاقتصاديَّةِ
وأوضح وكيل الأزهر أنَّ التَّحدِّيَات الاجتماعيَّةَ لا تقلُّ خطرًا ولا أثرًا عن التَّحدِّيَاتِ الاقتصاديَّةِ؛ فإنَّ المجتمعَ الدَّوْليَّ يعاني من تفكُّكٍ واضطرابٍ في نَواتِه الصُّلبةِ، وهي الأسرةُ؛ فباسمِ الحقوقِ والحرِّيَّاتِ خرجتْ علينا أصواتٌ مُنكرَةٌ شرعًا وعقلًا، وراحت تنادي مرَّةً بِعَلَاقاتٍ تأباها الفطرةُ السَّويَّةُ، وتتناقضُ مع ناموسِ الكونِ الَّذي خلقَ اللهُ فيه كلَّ شيءٍ ذكرًا وأنثى، قال تعالى: «ومِن كلِّ شيءٍ خلقْنا زوجين لعلَّكم تذكَّرون»، وراحت تعلنُ مرَّاتٍ أُخرَ ما لا ينبغي إعلانُه فهدَّدت استقرارَ الأسرةِ، وكان ما كان ممَّا تعاني مجتمعاتُنا ويلاتِه من طلاقٍ وفِراقٍ وشِقاقٍ وسوءِ أخلاقٍ.
وأمَّا التَّحدياتُ السِّياسيَّةُ فيكفي أن نقرأَ بعضَ الإحصائيَّاتِ الدَّوْليَّةِ الَّتي تكشفُ عن إنفاقٍ مرعبٍ في إنتاجِ أدواتِ تدميرِ الشُّعوبِ من أسلحةٍ ومخدِّراتٍ ورعايةِ جماعاتٍ تخريبيَّةٍ، تعملُ على إشعالِ الحروبِ، وتجذيرِ الخلافاتِ، والعبثِ بالهُوِيَّاتِ والخصوصيَّاتِ.
وشدد فضيلته على ضرورة أن نتأمَّلَ خريطةَ العالم لنرى ما يجري فيها من تلاعبٍ وعبثٍ ومقامرةٍ بالمجتمعاتِ وأحلامِ أهلِها، دون شعورٍ بوخزٍ من ضميرٍ حيٍّ يتألَّمُ لمشاهدِ القتلى والجرحى والثَّكلى والمهجَّرين والنَّازحين، وقد يكفينا شرَّ أن تلتزمَ المنظَّماتُ الدَّوليَّةُ بما تعلنُه في مواثيقِها ولوائحِها، ولكنَّ المواثيقَ واللَّوائحَ والمعاهداتِ لا تعرف الطَّريقَ إلى بعضِ المجتمعاتِ! ثمَّ أنَّى تكونُ عدالةُ هذه المواثيقِ والمعاهداتِ والقائمون على حراستِها يمنحون الأمنَ والسَّلامَ والرَّخاءَ من يشاءون، ويمنعونه عمَّن يشاءون؟!
وأوضح فضيلته أن ما يحملُه الرُّبْعُ الأوَّلُ من المائةِ الأولى من الألفيَّةِ الثَّالثةِ من تحدياتٍ ضاغطةٍ ينذرُ بتحدِّياتٍ أكبرَ منها في بقيَّةِ الألفيَّةِ، وبالرَّغم من هذه التَّوقُّعاتِ الصَّعبةِ فإنَّ فتاوى الأملِ والتَّفاؤلِ لا تتركُنا نتوقَّفُ عند جَلْدِ ذواتِنا، وإنَّ فتاوى الإيجابيَّةِ لا تدعُنا نستغرقُ في الشَّكوى والأنينِ دونَ طلبِ العلاجِ؛ ولذا؛ فإنَّ من المهمِّ أن نحاولَ وضعَ حلٍّ لهذه التَّحدِّيَاتِ والأَزَمَاتِ، وأن يؤسِّسَ العلماءُ والمفتونَ لعهدٍ جديدٍ من «الإفتاءِ الواعي» تُرتَّبُ فيه الأولويَّاتُ، وتُراعَى فيه المقاصدُ والأعرافُ حتَّى نتمكَّنَ من مواجهةِ الواقعِ والمستقبلِ وتحدِّياتِه ومستجدَّاتِه بفتاوى تقودُ المجتمعاتِ إلى الأمنِ والسَّلامِ.
ووجَّه فضيلتُه حديثَه إلى العلماء والفقهاء قائلًا: إنَّ مِن حقِّ النَّاسِ عليكم أنْ تُوحِّدوا المناهجَ، بحيث ينحسمُ داءُ الفتوى بغير علمٍ، ويستغني النَّاسُ
أوَّلًا عن فتاوى المولَعينَ بالتَّكفيرِ والتَّفسيقِ والتَّبديعِ، الَّتي أدَّت بنا إلى إزهاقِ الأنفسِ المعصومةِ واستحلالِ الأموالِ المصونةِ، إضافةً إلى ما تركتْه فينا من كراهيةٍ وشقاقٍ، وإشغالٍ للمجتمعاتِ والأوطانِ عن أهدافِها.
وثانيًا عن حاملي لواءِ التَّيسيرِ الَّذين ميَّعوا باسم التَّيسيرِ الثَّوابتَ والأصولَ.
وثالثًا عن متصيِّدي الغرائبِ الَّذين يُجرِّدون الفتاوى من ملابساتِها وسياقاتِها الزَّمانيَّةِ والمكانيَّةِ.
ورابعًا عمَّن يبيحون لكلِّ إنسانٍ أن يفتيَ نفسَه بما شاء، فيعطون بذلك صكَّ الشَّرعيَّةِ لكلِّ عملٍ وإن كان مخالفًا لما استقرَّ عليه العلماءُ.
وشارك فضيلته الحضور ما يدورُ في رأسه من تساؤلاتٍ قائلًا:
تسائل وكيل الأزهر كيف يتجرَّأُ آحادُ النَّاسِ فيفتون في مسائلِ الشَّأنِ العامِ ممَّا لو عُرِضَت إحداها على عمرَ رضي الله عنه لجمعَ لها أهلَ بدرٍ؟
وكيف يتبنَّى إنسانٌ الاحتياطَ في الفتوى مطلقًا، وينسى أن يُزاوِجَ بين الاحتياطِ وقواعدِ التَّيسيرِ الكلِّيَّةِ: «إذا ضاق الأمرُ اتَّسع»، و«المشقَّةُ تجلبُ التَّيسيرَ»؟
وإذا كان من حقِّ كلِّ إنسانٍ أن يفتيَ نفسَه بما يشاءُ وأن يختارَ من الفتوى ما يهوى فما الحاجةُ عندئذٍ لهذه المجامعِ الفقهيَّةِ وكلِّيَّاتِ الشَّريعةِ ودورِ الإفتاءِ؟ بل ما الحاجةُ لمن يحاولُ إقناعَ النَّاسِ بهذا الرَّأيِ الأعرجِ؟
.
وأشارَ إلى أنَّ الجُرأةَ على الفتوى في شأنِ النَّاسِ والمجتمعاتِ والأممِ ممَّن لا علمَ له آفةٌ خطيرةٌ، وكثيرًا ما تكلَّمَ عنها العلماءُ، ولكنَّ من الآفاتِ أيضًا أن يسكتَ الأمناءُ عن بيانِ الحقِّ، فلا تسمعُ لهم همسًا.
أكد على ضرورة من الاعترافِ بأنَّ التَّحدِّياتِ الَّتي حملتْها بواكيرُ الألفيَّةِ الثَّالثةِ توجبُ النَّظرَ والتَّأمَّلَ والبحثَ الدَّقيقَ الرَّصينَ، وتفرضُ على العلماءِ والمفتينَ أن يجمعوا إلى الكتبِ والمقرَّراتِ والتَّدريبِ والتَّأهيلِ المعتادِ قلوبًا مؤمنةً وبصيرةً نَافذةً وعقولًا مسدَّدةً.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وكيل الأزهر قصف المدنيين وکیل الأزهر
إقرأ أيضاً:
طاعات بعد رمضان.. عبادات احرص عليها في هذه الأيام
من الطاعات التي تعقب شهر رمضان صيام الست من شوال، فعن ثوبان مولى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها» [رواه ابن ماجه].
يقول ابن حجر الهيتمي: «لأن الحسنة بعشر أمثالها، كما جاء مفسرا في رواية سندها حسن ولفظها «صيام رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام – أي: من شوال – بشهرين فذلك صيام السنة» أي: مثل صيامها بلا مضاعفة نظير ما قالوه في خبر: ﴿قل هو الله أحد﴾ تعدل ثلث القرآن وأشباهه، والمراد ثواب الفرض وإلا لم يكن لخصوصية ستة شوال معنى؛ إذ من صام مع رمضان ستة غيرها؛ يحصل له ثواب الدهر لما تقرر فلا تتميز تلك إلا بذلك.
واستطرد: حاصله أن من صامها مع رمضان كل سنة تكون كصيام الدهر فرضاً بلا مضاعفة ومن صام ستة غيرها كذلك؛ تكون كصيامه نفلا بلا مضاعفة كما أن يصوم ثلاثة من كل شهر تحصله أيضا» [تحفة المحتاج].
الذكر بعد رمضان
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن المأثور من الذكر المساعد على الثبات على العبادة بعد رمضان، هو ترديد ذكر "يا وارث" 1000 مرة ما بين المغرب والعشاء، وهذا ما ورد من المجربات عن العلماء السابقين.
وقال “جمعة”: عليك أخي الكريم بذكر الله؛ لما ورد فى قوله- تعالى-: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.. [الرعد : 28].
علامات قبول الطاعة بعد رمضانقال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن المخاصمة سبب لعدم قبول الأعمال عند الله أو التوبة من الذنوب، ففي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس؛ فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا".
وطالب عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، خلال أحد الدروس الدينية، بالتخلق بخلق المسامحة، حتى ولو أخطا الآخر في حقنا، وأضاف: "فقد كنا قديما عندما يعتدى علينا أحد؛ نقول له: "الله يسامحك" التي لم نعد نسمعها الآن، وأيضًا كنا نقول "صلي على النبي-صلى الله عليه وسلم-"، وأيضًا: "وحدوا الله"، فنحتاج هذه الأدبيات والأخلاق، وتراثنا الأصيل المشبع بأخلاق الإسلام يجب أن يعود مرة أخرى".
واستطرد: "القصاص لا نستوفيه من أنفسنا، وإنما يكون من خلال القضاء الذي وضعه الشرع لنا كضابط، فعندما يظلمنا أحد؛ لا نقتص منه بأيدينا، وإنما نلجأ للقاضي؛ ليقتص لنا".