قال الأنبا أرميا إن الوَحدة الوَطنية هي رباطُ أمنِ الوطن، فهي قدرةُ أفرادِ المجتمعِ الواحدِ المتنوعينَ من حيثُ الأفكار - سواء أكانت دينيةً أم سياسيةً أم ثقافية - والمختلفينَ من حيثُ القدرات والسمات، على التعايشِ معًا على أرضِ الوطنِ الواحدِ في سلامٍ ووئام، يجمعُهمُ العملُ والإخلاصُ وحبُّ الوطن، فيصير نسيجُهم الوطنيُّ ثوبًا واحدًا غيرَ قابلٍ للتمزيق، أمّا إنِ انسَلَّتْ خيوطُه، فهنا يكمنُ الخطر، إذ يصبحُ من السهلِ تفتيتُ الأمةِ والقضاءُ عليها.

جاء ذلك خلال كلمته بالمؤتمر، التي ألقاها نيابةً عن الكنيسة المصرية، مضيفًا أنه في غيابِ الوَحدةِ الوطنيةِ تنتشرُ الانقساماتُ والنزاعات، كما قيل: "كلُّ مملكةٍ منقسمةٍ على ذاتِها تُخرَب" (إنجيل متى 12: 25).

واستعرض قداسته بعض النماذج والحالات للمحبة والإخاء والعملِ المشتركِ والكفاحِ في سبيلِ الوطن بين أبناء الوطنِ بمسلميهِ ومسيحيِّيه، على مر العصور والأزمان.

وأشار إلى أن التعاونَ والتواصلَ بين دارِ الإفتاءِ المِصريةِ والكنيسةِ المِصرية، هو عملٌ دؤوبٌ من أجلِ دعمِ أواصرِ المحبةِ بين أبناءِ الشعبِ المِصريّ، وفي عديدٍ من القضايا والمشكلاتِ التي تعرَّضَ لها الوطن، وهذا على مرِّ التاريخ.

وأكد على الدور المهم لعلماءِ الدينِ المسيحيينَ والمسلمين الذي يدور حول تصحيح المفاهيم، وبث روحِ التسامحِ والتعايش، ومحاربة الفكرِ المتطرف، من أجلِ بناءِ الوطنِ وازدهارِه مشيرًا إلى ضرورة فَهم وإدراك معاني القيمِ الدينيةِ الصحيحة، والقيمِ المشتركةِ التي تبني المجتمعات.

وأوضح أننا عندما نتحدثُ عن الألفيةِ الثالثة، يواجهُنا عدد من التحديات: منها التحدياتُ السكانية، والتغيراتُ المُناخية، والإلحاد، والشذوذُ الجنسيُّ ما يؤدي إلى فقدانِ القيمِ الدينيةِ والأخلاقية، إضافةً إلى التحدياتِ التِّقْنيةِ الحديثة، وأخطرُها الذكاءُ الاصطناعيُّ، مستعرضًا العديدَ من الأدلة من القرآن والكتاب المقدس المحذرة من هذه التحديات، ومشيرًا إلى ضرورة وضع ضوابط للتقدمِ التِّقْنيِ، من أجلِ الحفاظِ على الإنسانِ وكرامتِهِ وخصوصيتِه ومشددًا على ضرورة التمسكِ بالقيمِ والأخلاقِ الحميدة، ومواجهةِ السيولةِ الأخلاقيةِ والفكرية في محاولاتِ طمسِ الفطرةِ السليمةِ التي خلقَ اللهُ الناسَ عليها.

وأشار إلى عدة أدوار ينبغي لرجال الدين القيام بها منها تأكيد القيمِ العليا والقواسمِ المشتركةِ بين الأديانِ والثقافاتِ والحضاراتِ الإنسانيةِ المتعددة، وتشجيع الشبابِ على التعمقِ في ثقافةِ السلامِ ونبذِ الكراهيةِ والعنف، فضلًا عن تأكيد قيمِ محبةِ الوطنِ وبنائِه، وكذلك تصحيحُ الأفكارِ المغلوطةِ في تفسيرِ التعاليمِ الدينية، وعنِ الآخَر، من خلالِ تأكيدِ القيمِ المشتركةِ بينَ الأديان.

واختتم كلمته بالتأكيد على ضرورة الصلاة والدعاء إلى الله لوقف الحروب والمنازعات، وأن يَعُمَّ السلامُ العالمَ أجمع، طالبًا رفع ابتهالاتٍ خاصة من أجلِ الشعبِ الفلسطيني، والمطالبة بوقف التصعيدِ العسكريِّ، ومناشدة المجتمعِ الدُّوليِّ أن ينظرَ بعينِ الحكمةِ والعدالةِ لإنهاءِ أطولِ احتلالٍ في التاريخِ الحديث، مشيدًا بالمساعي والجهودِ الحثيثةِ التي تبذُلُها الدولةُ المِصريةُ، على رأسِها الرئيسُ عبد الفتاح السيسي، للوصولِ إلى حلٍّ يحفظُ حقوقَ الشعبِ الفلسطينيِّ وحياتَه، ويحققُّ السلامَ والاستقرار.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الرئيس السيسي الدولة المصرية الكنيسة المصرية الوحدة الوطنية حقوق الشعب الفلسطيني المؤتمر العالمي الثامن للإفتاء الأنبا أرميا من أجل

إقرأ أيضاً:

العيسوي: الملك يقود المسيرة الوطنية برؤية راسخة تُعزز الثقة وتصون السيادة والكرامة

صراحة نيوز- أكد رئيس الديوان الملكي الهاشمي يوسف حسن العيسوي أن الأردن يواصل، بتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، تنفيذ مسارات التحديث الشامل ضمن رؤية متكاملة تضع الإنسان في صلب الأولويات، وتستند إلى تمكين المواطن وتعزيز دوره في صياغة المستقبل.

وأشار العيسوي إلى أن مسيرة التحديث السياسي والاقتصادي والإداري تسير بإرادة راسخة، وضمن إطار إصلاحي يهدف إلى رفع كفاءة الأداء العام، وتوسيع دائرة المشاركة المجتمعية، خصوصًا بين الشباب، من خلال بيئة داعمة للابتكار والمبادرة.

جاء ذلك خلال لقائه، اليوم السبت، في الديوان الملكي الهاشمي، وفدا من المجلس المحلي الأمني لمنطقة وادي السير.

وشدد على أن قوة الأردن تنبع من حكمة قيادته الهاشمية ووعي شعبه ووحدته الوطنية، وهي العوامل التي مكّنت الأردن من الحفاظ على أمنه واستقراره وسط أزمات إقليمية متلاحقة، وتحديات معقدة تجاوزها بثقة واتزان.

وبيّن أن الأردن، بقيادة جلالة الملك ، يواصل القيام بواجبه تجاه الأشقاء في قطاع غزة على أساس راسخ يجمع بين الالتزام السياسي والموقف الإنساني، إذ تنطلق توجيهات جلالة الملك في هذا الإطار من نهج هاشمي عميق الجذور، يجعل من دعم الشعب الفلسطيني أولوية وطنية لا تخضع لمعادلات المصالح أو تبدلات السياقات الإقليمية.

وأوضح أن الاستمرار في إرسال المساعدات الإغاثية والطبية إلى غزة، رغم القيود والتحديات الميدانية واللوجستية، يعكس ثبات الموقف الأردني، الذي يرى في نصرة الشعب الفلسطيني جزءًا لا يتجزأ من الدور السياسي والتاريخي الذي يضطلع به الأردن في الدفاع عن القضايا العادلة لأمته، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

ولفت إلى أن هذا النهج لا يُقرأ فقط باعتباره تضامنًا إنسانيًا، بل يُمثّل أيضًا تعبيرًا عن رؤية سياسية متوازنة، تعكس الثوابت الأردنية وتترجم الوصاية الهاشمية على المقدسات، وتؤكد أن الأردن سيبقى، بقيادته، صوتًا نزيهًا وفاعلًا في وجه كل محاولات تهميش القضية الفلسطينية أو تجاوز حقوق شعبها.

ونوّه إلى أن المكانة الرفيعة التي يحظى بها الأردن على المستويين الإقليمي والدولي هي ثمرة مباشرة للجهود الدبلوماسية التي يقودها جلالة الملك، دفاعًا عن مصالح الوطن وثوابته، وتعزيزًا لصورة الأردن كدولة تحظى بالاحترام، ولها حضور فاعل ومؤثر في القضايا الإقليمية والدولية.

ونوّه إلى الدور الحيوي الذي تضطلع به جلالة الملكة رانيا العبدالله في دعم مسارات التعليم وتمكين المرأة، والذي يترجم رؤى ملكية تنموية شاملة.

كما أشار إلى أن سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، يشكل نموذجًا وطنيًا ملهمًا للشباب، بما يُجسّده من وعي عميق، وروح مبادرة، وانخراط فاعل في مختلف الميادين لخدمة الوطن وتعزيز مسيرته.

وأكد أن القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، هي الركيزة الأساسية لحماية الوطن، بما تقدمه من تضحيات وجهود متواصلة في ميادين الواجب، وبما تتحلى به من انضباط وكفاءة شكلت عبر السنين مصدر فخر لكل الأردنيين.

من جهتهم، أكد المتحدثون أن الأردن بقيادة جلالة الملك ، وبفضل حكمته ورؤيته العميقة، يشكل واحة أمن واستقرار في محيط إقليمي ملتهب بالصراعات والتحديات.

ولفتوا إلى أن الأردن يواصل مسيرته الإصلاحية والتنموية بحزم وثبات رغم الظروف الإقليمية الصعبة، معتمدًا على قيادة هاشمية فذة وشعب وفي ومؤسسات صلبة تعزز مسيرة البناء والتنمية، ما جعله نموذجًا يحتذى به في المنطقة.

وعبروا عن فخرهم واعتزازهم بالدور التاريخي والراسخ الذي يضطلع به جلالة الملك في نصرة القضية الفلسطينية ودعم الأشقاء في قطاع غزة، مؤكدين أن الأردن يمثل الصوت الصادق الرافض لكل أشكال العدوان والحصار، وحامي المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.

وأشادوا بالدور الفاعل للأردن في إيصال المساعدات الإنسانية إلى أهل غزة عبر البر، متحديًا العقبات السياسية واللوجستية، ما يعكس الموقف الأخلاقي والإنساني الثابت للمملكة والتزامها العميق تجاه الأشقاء في غزة.

وأشارت إحدى الحضور إلى اتصال تلقته مؤخرًا من صديقتها في غزة، التي قالت لها بكل وضوح إن “الدم الأردني وصل”، في إشارة واضحة وصريحة إلى المساعدات الإنسانية التي أرسلها الأردن رغم كل العقبات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، والتي تجسد الروح الهاشمية الأصيلة التي تقف صلبة إلى جانب أشقائها، وتؤكد أن الأردن حاضر بقلبه وروحه، ولن يترك اهل غزة وحيدا.

كما عبّروا عن تقديرهم للجهود الأردنية في تقديم المساعدات الإنسانية للأشقاء في سوريا، معتبرين أن ذلك يعكس قيم التضامن العربي والإسلامي، ودور المملكة الفاعل والمسؤول في دعم الأمن والاستقرار الإقليمي.

كما نوهوا بالدور المميز الذي يقوم به سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، في السير على خطى جلالة الملك، معبرين عن اعتزازهم بنموذج الشباب الأردني الواعي الذي يجسده سموه، وروح المبادرة والانخراط الفاعل في خدمة الوطن.

وأكد المتحدثون أن الأردن بقيادته الهاشمية ثابت على مبادئه، لا يتراجع عن دوره الوطني والقومي، ومواقفه تجاه قضايا الأمة لا تعرف التردد أو التراجع، مشددين على أن عهد الأردن مع شعبه عهد لا ينكث.

وأشاروا إلى أن التقدم الحقيقي يصنع بتكاتف الجهود والعمل الجماعي تحت قيادة حكيمة تضع مصلحة الوطن في المقدمة، مؤكدين أن مسيرة الإصلاح والتطوير في الأردن تسير بخطى ثابتة نحو المستقبل.

وأشادوا بالتضحيات والجهود الكبيرة التي تقدمها القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، معتبرين أنها تشكل الدرع الحصين والسند القوي الذي يحافظ على أمن الوطن واستقراره.

ووجه المتحدثون رسالة واضحة إلى العالم تؤكد أن الأردن عصي على كل من يحاول المساس بأمنه أو العبث باستقراره، مؤكدين وقوف جميع الأردنيين صفًا واحدًا خلف قيادتهم الهاشمية الرشيدة لمواجهة كل التحديات والصعاب.

مقالات مشابهة

  • محمد معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة
  • المؤتمر الجماهيري للجبهة الوطنية في الجيزة يتحول إلى تظاهرة حاشدة في حب الوطن والاصطفاف خلف القيادة السياسية
  • معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة المصرية
  • قيادى بحزب الجبهة الوطنية: نعاهد الله والقيادة السياسية على بذل أقصى الجهد لخدمة الوطن
  • هزاع بن زايد يشهد عروضاً تخصصية قدّمها مجندون من برنامج الخدمة الوطنية
  • أمين تنظيم حماة الوطن: أهل الصعيد رمز الوطنية
  • نهيان بن مبارك: حريصون على تجسيد قيم الهوية الوطنية
  • برنامج "حكايا الشباب" يستعرض في يومه الأول التحديات التي تواجه الرياضيين
  • الرئاسي يبحث التحديات التي تواجه شركة الخطوط الجوية اليمنية
  • العيسوي: الملك يقود المسيرة الوطنية برؤية راسخة تُعزز الثقة وتصون السيادة والكرامة