ترجمة : فاطمة بنت ناصر -
على نقيض حب المتعة والمغامرة في الفضاء الذي يقوم به عدد من الأثرياء الذين ينفقون الملايين للتجول والاستمتاع بمركباتهم في الفضاء، نجد أن هناك سباقا آخر يحدث الآن في الكواليس، يقوده العلماء للاستفادة من الفضاء في تحقيق مكاسب علمية وصناعية.
وأدركت بعض الشركات الكبيرة أن هناك عوائد جمة من إنتاج بعض الصناعات خارج مناخ الأرض، ومن أهمها، إنتاج الأدوية وزراعة الخلايا الجذعية وصناعة الكريستال.
وقد قامت وكالة ناسا بتخصيص مبلغ مليوني دولار للعلماء الراغبين في القيام ببحوث علمية معمقة تتعلق بإمكانية إنتاج العلاجات المتعلقة بالخلايا الجذعية والجينات في ظروف انعدام الجاذبية. كما قامت شركة «نورثروب جرومان» المختصة في الأنظمة الدفاعية بالتعاون مع إحدى الشركات الناشئة لتصنيع أشباه الموصلات في الفضاء (وهي شرائح بلورية عالية الكفاءة تتمكن من توصيل الكهرباء بين المعادن والمواد العازلة، وغالبا ما تستخدم في تصنيع الإلكترونيات) قبل حلول عام 2030.
تكلفة مادية وبيئية أقل
وقال جيف بيزوس، الرئيس التنفيذي لأمازون، وثالث أغنى رجل في العالم في مقابلة تلفزيونية حديثة له أن الصناعات الثقيلة وتلك التي تنتج كميات كبيرة من العوادم الملوثة يمكن إنشاؤها ونقلها للفضاء.. قد يبدو ذلك ضرب من خيال جامح، ولكنه سيحدث.
ويؤيد المتحمسون للصناعات في الفضاء إمكانية تحقيق ذلك داعمين رأيهم بعدة أسباب أهمها: إن انعدام الجاذبية وانخفاض درجات الحرارة والفراغ الكامل تقريبا في الفضاء، هي ظروف مثالية لصناعة مكونات البلورات بجودة أكبر من تلك التي يتم إنتاجها في الأرض. كما قال جوشوا ويسترن الرئيس التنفيذي لشركة «سبيس فورج»، وهي إحدى الشركات المعروفة في تصنيع معدات تكنولوجيا الفضاء: «بسبب الجاذبية الأرضية وتبعاتها اضطر البشر لصناعة الأفران والمجمدات وأجهزة الشفط والتفريغ الهوائي، بينما لو نقلنا تلك الصناعات إلى الفضاء سنحصل على كل هذا بالمجان.
وفي عالم الصناعات الدوائية ازداد عدد الشركات التي تطمح لإنتاج أدويتها في الفضاء، ومن أبرزها شركة الصناعات الدوائية العملاقة «ميرك» التي تتعاون حاليا مع محطة الفضاء العالمية (ISS) لإنتاج بروتينات في ظروف انعدام الجاذبية. وقد لاحظ رواد الفضاء الذين يعملون لصالح هذه الشركة العملاقة أن الكريستالات الدوائية لعقار «كيترودا - «، والمستخدم في علاج السرطان تمتاز بصغر حجمها، وتناسقها مقارنة بالكريستالات التي تم صناعتها في الأرض.
قال كيفن إنجيلبرت، مدير تطبيقات الإنتاج في الفضاء بناسا لصحيفة الجارديان: إن الوكالة تعاونت مع عدد من الشركات لتمكين عملية الإنتاج والتصنيع خارج الأرض منذ عام ٢٠١٦. والهدف من كل هذا هو تطوير اقتصاد مدار الأرض المنخفض، الذي سيعزز من مركز الولايات المتحدة الأمريكية في قيادة زمام التكنولوجيا، إلا أن تحقيق ذلك لن يكون سهلا.
المصنع الفضائي العالق
وفي يوليو الماضي قامت شركة فاردا -إحدى الشركات الناشئة المختصة في صناعة أجهزة الفضاء– بإطلاق كبسولة في مدار الأرض، هي عبارة عن مصنع فضائي يقوم بتصنيع الأدوية ذاتيا دون تدخل بشري، وينتج كريستالات عقار «ريتونافير» المستخدم لعلاج فيروس نقص المناعة المكتسب HIV .
وكان من المفترض أن تهبط الكبسولة في قاعدة يوتا الجوية بالولايات المتحدة، غير أن هيئة الطيران الفيدرالي والقوات الجوية الأمريكية رفضتا نزول الكبسولة في القاعدة. وقال متحدث باسم هيئة الطيران الفيدرالي: إن شركة فاردا لم تستخرج إذنا لنزول كبسولتها قبل أن تطلقها في الفضاء. وقد قامت الشركة لاحقا في شهر سبتمبر الماضي بتقديم طلب إذن لنزول كبسولتها غير أن هيئة الطيران الفيدرالي رفضت ذلك مجددًا، بسبب عدم التزام الشركة باللوائح التنظيمية. وما زال طلبها معلقا حتى اليوم.
يقول ويل بروي الرئيس التنفيذي لشركة فاردا أن خطة الشركة كانت تتضمن إطلاق ٤ كبسولات كل ٦ أشهر، من بعد إطلاق الكبسولة الأولى التي لا تزال معلقة حتى الآن في المدار بسبب عدم السماح لها بالنزول. ويضيف: «إثبات نجاح واحدة فقط من هذه الكبسولات سوف يمكننا من بناء أول شركة فضائية، وأقولها صراحة إذا ما فشلنا في تحقيق ذلك فإننا لا نستحق أن نبني شركة خاصة بنا في الفضاء».
الفضاء بعد 2030م
جميع التجارب السالفة ليست سوى البداية لهدف ضخم. ففي عام ٢٠٣١ سوف يتم إسقاط محطة الفضاء الدولية وإغراقها في المحيط الهادي. وسوف تقوم ناسا بعدها باستئجار مساحات في المركبات الفضائية الخاصة، وبحسب توقعات ناسا فإن هذه العملية سوف توفر مبلغا كبيرا يقدر بـ ١.٣ مليار دولار أمريكي في عام ٢٠٣١ وحده!
وحول ذلك قالت سيتا سونتي، الرئيس التنفيذي لشركة «سبيس تانغو»، -وهي شركة تعمل مع ناسا لتقديم خدمات تدعم الأبحاث والتطوير والصناعة في ظروف الجاذبية المنخفضة- أن زيادة عدد المكوكات الفضائية الخاصة سوف يزيد من طلب الإنتاج في المدار الفضائي. وأضافت: «لكم أن تتخيلوا أن كل ما تم تحقيقه حتى اليوم من أبحاث علمية تتعلق باستغلال ظروف الجاذبية المنخفضة تم من خلال محطة واحدة هي ناسا ! وبحلول عام ٢٠٣٠ سوف يكون هناك من ٤ إلى ٥ محطات، وهذا سيحقق نقلة نوعية في زيادة الأبحاث و تطوير الصناعات في الجاذبية المنخفضة، وبالتالي زيادة أعداد المنشآت الصناعية في المدار الفضائي، بسبب انخفاض التكلفة لوجود أكثر من محطة فضاء خاصة، وكلما زادت أعداد الرحلات الفضائية إلى المدار زادت الأبحاث واختبارات الخلايا والأدوية في الفضاء، ولن يمر الكثير من الوقت حتى يصبح الإنتاج التجاري في الفضاء أمر واقع.
وتتفق الشركات المتخصصة في الإنتاج الصناعي في الفضاء مع ما سبق، مضيفة: إن المنتجات التي ستنتج خارج نطاق الجاذبية الأرضية سوف يزداد بشكل ملحوظ بحلول عام ٢٠٣٠، حيث إن الشركات لن تعود مضطرة إلى اللجوء لمحطة ناسا فقط، حيث إنها لن تكون موجودة ولكن ستحل محلها محطات متعددة مملوكة من قبل القطاع الخاص، مما سيزيد من فرص إنشاء المنشآت الصناعية خارج النطاق الأرضي. ولكن كل هذا سيتطلب وجود بنية أساسية تتمثل بوجود مساحات تحاكي ظروف الفضاء وهي مساحات مكلفة جدا، غير أن ناسا هي الوحيدة حاليا التي تمتلك مساحات تحاكي ظروف الفضاء في كل من كليفرلاند و أوهايو.
ألينا ديموبولوس
صحيفة الجارديان
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الرئیس التنفیذی فی الفضاء
إقرأ أيضاً:
في ظروف غامضة.. اختطاف شيخي جامع في دمشق ومقتل أحدهم
أثارت أنباء مقتل الشيخ عمر حوري في العاصمة السورية دمشق الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي وسط مطالبات النشطاء بضرورة التعرف على منفذي الجريمة ومحاسبتهم.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن حوري قتل في دمشق بظروف غامضة، بعد مضي نحو 10 أيام على اختطافه من قبل مجهولين.
ووُجدت جثته مقتولاً على أطراف دمشق، فيما طالب العديد من النشطاء الجهات المسؤولة بالتدخل ومحاسبة مرتكبي الجريمة وتحقيق العدالة.
وبحسب وسائل إعلام سورية فإن الشيخ الحوري من حي الميدان، وكان إماماً لمسجد مصعب بن عمير في حي البرامكة.
وفي سياق متصل، انقطع الاتصال بالشيخ أسعد محمد الياسين الكحيل بشكل مفاجئ منذ مساء الجمعة وذلك إثر اختطافه على يد مجهولين في دمشق.
وفي بيان أصدرته رابطة "علماء ودعاة سوريا"، حُمِّل الخاطفون مسؤولية سلامة الشيخ الكحيل، ودعت الرابطة قيادة العمليات العسكرية للتحرك بسرعة لتحقيق العدالة وضمان حقوق جميع المواطنين حتى يعود الشيخ إلى أهله سالما.
وتشهد مناطق سورية تصاعدا مقلقاً في وتيرة جرائم قتل جماعية وفردية، لتصبح ظاهرة تهدد النسيج الاجتماعي وتعمّق معاناة المدنيين، حيث تتنوع الجرائم بين عمليات تصفية على خلفيات طائفية أو عائلية، واعتداءات عشوائية باستخدام الأسلحة.
وبحسب المرصد بلغ عدد الجرائم منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في محافظات سورية متفرقة 138 جريمة راح ضحيتها 248 شخصاً هم: 234 رجلا، 9 سيدات، 5 أطفال.