مجزرة المعمداني.. إسرائيل تحوّل مستشفيات غزة إلى مقابر
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
أضحت أروقة وساحات مستشفيات قطاع غزة، شماله وجنوبه، ملجأ لآلاف من العائلات التي كانت تأمل تجنب القصف الإسرائيلي المتواصل منذ 11 يوما، إلا أن مجزرة المستشفى المعمداني التي سقط فيها أكثر من 500 شهيد أغلبهم نساء وأطفال قلبت آمال الفارين من جحيم الحرب إلى مآس جديدة.
وحوّل القصف الإسرائيلي المستشفى الأهلي المعمداني إلى ساحة لأكبر مجزرة في تاريخ قطاع غزة، حيث أحال المئات من المرضى والنازحين إلى أشلاء مبعثرة.
ويعد "المعمداني" أقدم مشفى في قطاع غزة، وبني قبل نكبة فلسطين بأكثر من نصف قرن وسط مدينة غزة في أحد المربعات السكنية المكتظة بحي الزيتون.
مستشفيات غزة باتت عنوانا آخر لمآسي الغزيين (غيتي)وفي مستشفى ناصر في خان يونس (جنوب) نصبت مئات العائلات خياما أو أقامت سواتر من قماش أو بطانيات للحصول على بعض الخصوصية.
وجلست أميرة (44 عاما) على الأرض لإعداد بعض شطائر الجبن لأطفالها، وتقول "نشعر بحكة في أجسامنا، لم نستحم منذ أسبوع" مضيفة "الموت رحمة لنا".
في مستشفى الشفاء بغزة اضطروا لافتراش الأرض لعلاج حالات الإصابات نتيجة القصف الهمجي لقوات الاحتلال (الفرنسية) عائلات تفترش الأرضوعلى رصيف المستشفى، أكياس سوداء مليئة بالفضلات وجثث قطط وكلاب نافقة، بينما تفوح رائحة كريهة من جميع الجهات.
وقد امتلأت باحة المستشفى بمئات العائلات التي تنام أرضا رغم انخفاض درجات الحرارة والبرد في الليل، بينما ينام آخرون في السيارات، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ساحات مستشفيات غزة تحولت إلى ملجأ للنازحين (الفرنسية)وقالت منظمة الصحة العالمية بالأراضي الفلسطينية المحتلة إن المستشفيات في قطاع غزة "على وشك الانهيار، الأروقة مكتظة بأشخاص يبحثون بطريقة يائسة عن مأوى آمن، والعدد يزداد".
وأضافت "هناك أكثر من 30 ألف شخص لجؤوا لمستشفى الشفاء في مدينة غزة وحده، استنادا إلى قسم التعاون الدولي في وزارة الصحة" التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وتابع "نحن قلقون من انتشار الأوبئة بسبب النزوح والنقص في المياه والنظافة الشخصية بين الناس الذين هم في وضع مأسوي".
جرحى فلسطينيون لدى توجههم إلى أحد مستشفيات غزة (رويترز) وضع مأساويوفي أروقة مستشفى الشفاء وسط مدينة غزة، يقوم نازحون بتحضير الخبز لتوزيعه على العائلات. ويعلق آخرون ملابسهم على حبال على الجدران.
وفي هذا الوقت، لا تتوقف صفارات سيارات الإسعاف التي تصل تباعا لتنقل مصابين وقتلى إلى المستشفى الذي قصدته عائلات عديدة لإلقاء النظرة الأخيرة على أفراد منها قبل دفنهم.
ويصف أبو أسعد القدسي "الوضع بالمأسوي". ويقول "الأمور صعبة للغاية، عائلات كاملة بأطفالها، رضع، كبار وصغار وشيوخ هنا".
ويقول إبراهيم تيسير ياسين "عدد كبير من الناس في مستشفى الشفاء! لا أحد ينظر إلينا بعين الرحمة. ما ذنبنا نحن؟ ما ذنب الأطفال؟ ما ذنب النساء؟".
طبيبة بأحد مستشفيات غزة أمام جثث أطفال استشهدوا بسبب قصف الاحتلال (رويترز)
ورغم توجه عشرات آلاف الأشخاص إلى الجنوب، ينفذ جيش الاحتلال غارات على مناطق جنوبية. وقد تعرضت رفح وخان يونس للقصف.
وقال شهود لوكالة الصحافة الفرنسية إن آلاف الأشخاص في رفح وخان يونس افترشوا حدائق المستشفيات ومدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطيني (أونروا).
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مستشفى الشفاء مستشفیات غزة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
مستشفى النيل للتأمين الصحى.. مقبرة المرضى
الرعاية الصحية غائبة.. والحق فى العلاج معركة يومية يخوضها الفقراء ضد بيروقراطية مستعصية وإهمال بلا نهايةالمرضى: نتعرض لسوء معاملة من الأطباء والإداريين وأفراد الأمن وعمال النظافةمشاهد من داخل المستشفى: مصاب يوقف نزيف الدم بيديه بعد تركه ساعات دون تلقى الخدمة الطبية.. ومسن ينام على الكرسى بعد طول انتظار تلقى العلاج!طوابير المرضى الطويلة والانتظار اللانهائى أحد المعالم الرئيسية للمستشفى.. وكبار السن أول الضحاياالكوادر الطبية تفتقر إلى الإحساس بالمسئولية.. والمتسولون يطاردون المرضى فى عنابر العلاج!
فى ميدان المؤسسة أحد أشهر ميادين القليوبية، يقف مستشفى النيل للتأمين الصحى.. اسمه وحده يثير الإحساس بالعطاء، فمن فى مصر أكثر عطاء من نهر النيل العظيم..
مبانى المستشفى من الخارج فخمة وما إن ينتهى تطويرها وتجديدها حتى يبدأ تطوير جديد..
ولكن إذا ما تجاوزنا الاسم العظيم والمبنى المتجدد باستمرار، لا تجد إلا واقعا مؤلما لمرضى يواجهون الموت دون محاولة إنقاذ أو تقديم أدنى رعاية طبية!..مشهد يتكرر يوميًا فى أرجاء المستشفى، لمرضى وذويهم يعانون منظومة صحية متدهورة تغيب فيها الرعاية الإنسانية والصحة، ويتحول الحق في العلاج إلى معركة يخوضها الفقراء ضد بيروقراطية مستعصية، وإهمال لا مبرر له، وكوادر طبية تفتقر إلى الإحساس بالمسئولية. كان من المفترض أن يكون مستشفى النيل للتأمين الصحى أحد أكبر معاقل تقديم الرعاية الصحية لأبناء شبرا الخيمة والمحافظات المجاورة، ولكنه صار بؤرة للإهمال والفوضى ويجد المترددون عليه من المرضى أنفسهم بين مطرقة البيروقراطية وسندان الإهمال الطبى الصارخ، ولا يقتصر الأمر على نقص الكوادر الطبية، بل تجاوز ذلك إلى غياب الرقابة والإشراف على سير العمل داخل المستشفى. تروى بعض الحالات التى مرت بهذا المستشفى قصصًا تفوق الخيال فى فظاعتها، فالمواطنون الذين يحتاجون إلى تدخلات طبية عاجلة يتركون ساعات، بل فى بعض الأحيان أياما، دون أن يلتفت إليهم أحد، الطاقم الطبى يبدو إما منشغلًا بأمور شخصية وإما غارقا فى الروتين الإدارى الذى يقتل أرواح المرضى ببطء، أصبحت الطوابير الطويلة والانتظار اللانهائى مشهدًا يوميًا فى المستشفى، حيث يتجمع المرضى على الكراسى، ينتظرون دورهم وسط تدهور أحوالهم الصحية. الحالات التى رصدها محرر الوفد ليست حالات فردية، إنها نمط متكرر داخل المستشفى حيث المعاناة ليست مقتصرة على فرد أو اثنين، بل هى حالة عامة تطول الجميع، وعلى رأسهم كبار السن، الذين يفترض أن يكونوا على رأس أولويات الرعاية الطبية بسبب ضعف حيلتهم واحتياجهم إلى علاج فورى، وأدنى إهمال طبى يجعلهم وجها لوجه أمام الموت. الكثير من المرضى أشاروا إلى أنهم تعرضوا لسوء معاملة من جميع العاملين فى المستشفى، سواء من الطاقم الطبى أو الإداريين، وأفراد الأمن وعمال النظافة.. الشكاوى المقدمة من المرضى لا تلقى أى استجابة، حيث يبدو أن هناك اتفاقا غير مكتوب بين الموظفين على تجاهل معاناة الناس، النتيجة هى أن المستشفى أصبح مكانا يتجنب الكثيرون الذهاب إليه خوفا من التدهور الصحى بدلاً من العلاج. فى جولة ميدانية لمحرر الوفد، رصد مشاهد مؤلمة وصرخات متتالية ووقائع من داخل وخارج مستشفى النيل تعكس حقيقة مريرة عن مستوى الخدمة الطبية المقدمة للمرضى وكبار السن، أول المشاهد كان لرجل مصاب بجروح وكسور مضاعفة فى ساقه، يجلس على السلالم الخارجية للمستشفى محاولًا بيديه العاريتين إيقاف نزيف جروحه بمواد أولية لا تكاد تحميه من العدوى القاتلة.
مشهد آخر لرجل يصرخ من شدة الألم يجلس على الرصيف، مهملًا من الطاقم الطبى الذى من المفترض أن يتدخل لإنقاذه وتقديم الرعاية اللازمة له، هذا المشهد يجسد فشل المستشفى فى القيام بأبسط واجباته وهو تقديم العلاج السريع والفعال للمصابين.
مشهد آخر يجسد الإهمال الصارخ داخل الصرح الطبى، نرى موظفتين، الأولى طبيبة والثانية عاملة تجلسان فى مكتب صغير، متكئتين على مكتبيهما فى حالة من اللامبالاة والكسل، وهكذا تبدو الكوادر الطبية فى استرخاء بينما المرضى خارج الغرفة يتألمون وينتظرون بصبر يعكس الفجوة الشاسعة بين ما يتوقعه المواطنون من المستشفى، وبين ما يواجهونه على أرض الواقع، إنها صورة تعكس حجم التراخى والتقاعس فى أداء الواجب المهنى، حيث يتضح أن الرعاية الطبية أصبحت آخر اهتمامات القائمين على المستشفى.
ونرى رجلاً مسنا جالسا فى ردهة الانتظار، متكئا على عصاه، تبدو عليه ملامح الإنهاك الشديد واليأس الصارخ من الإهمال المتفشى داخل مستشفى النيل للتأمين الصحى، قد يكون انتظر ساعات طويلة، إن لم يكن أياما، لتلقى العلاج، لكنه على ما يبدو ترك ليواجه ألمه وحده فى طابور طويل من الانتظار المجهول والأوجاع الصارخة.
وفى مشهد يعكس قسوة الإهمال الطبى بمستشفى النيل للتأمين الصحى، يظهر رجل مسن، يرتدى سماعة أذن طبية منهكا من الآلام، وهو جالس على كرسى الانتظار، جاء طالبا العلاج، ولكنه وجد نفسه مضطرًا للانتظار ساعات طويلة دون أى رعاية، فغلبه التعب ونام وهو جالس وسط المرضى.
المشهد يعكس الواقع المأساوى الذى يعيشه المرضى المترددون على المستشفى، حيث يترك كبار السن الذين هم فى أمس الحاجة إلى العلاج الفورى ليواجهوا مصيرهم فى انتظار غير معلوم النهاية.
الإهمال الطبى فى «النيل للتأمين الصحى» ليس مجرد تأخير فى تقديم العلاج، بل هو إهدار كامل لحقوق المواطنين فى تلقى الرعاية الصحية، كبار السن، الذين يفترض أن يعاملوا بأولوية ورعاية خاصة، يتركون فى ردهات المستشفيات بدون أى اهتمام، ليست حالة فردية، بل هو واقع يعانى منه مئات المرضى الذين يعانون يوميا بسبب التكدس فى المستشفى، وغياب الكوادر الطبية المؤهلة التى تهتم بحالاتهم الحرجة.
ما يفاقم المأساة هو غياب الرقابة والإشراف على سير العمل داخل المستشفى، حيث أصبحت تلك المواقف اليومية مشاهد عادية فى ظل تجاهل المسئولين للمرضى الذين يتركون ساعات طويلة فى الانتظار، بينما الطاقم الطبى منشغل بأمور أخرى، دون أى إحساس بالمسئولية تجاه من يحتاجون إلى علاج سريع، هذه المشاهد المروعة يجب أن تكون ناقوس خطر يستدعى تحركا فوريا من الجهات المعنية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن يصبح مستشفى النيل رمزا لفشل الرعاية الصحية فى مصر.
متسولون فى المستشفى!
وصل الحال بالصورة القاتمة للمستشفى إلى انتشار التسول داخل المستشفى، أحد المتسولين طفل لا يتجاوز عمره 15 عاما، يقف بجرأة على درجات السلم الداخلى للمستشفى، يحصى نقودًا تبدو «مكرمشة»، قد تتجاوز 3000 جنيه، جمعها من جيوب المرضى وذويهم الذين بالكاد يملكون ما يكفيهم للعيش فى ظل الظروف الاقتصادية الطاحنة والمريرة.
هذا الوضع يتجاوز مجرد حالة تسول عابرة، إذ يكشف عن تساهل مروع تجاه هذه الممارسات، ما يعكس غيابا تاما لأى نوع من الرقابة أو الإشراف على المنظومة الصحية، ما جعل طفلا يقوم بجمع مثل هذه المبالغ دون أدنى شعور بالخوف أو الخجل، ودون أن يلتفت له أحد من العاملين أو الأمن، هو مؤشر خطير على حالة الفوضى التى يعيشها مستشفى النيل للتأمين الصحى بشبرا الخيمة، المكان الذى يفترض أن يكون ملاذًا للمرضى أصبح مركزًا لهذه الأنشطة غير المشروعة، دون أى رادع أو متابعة من مدير المستشفى والذى طالب المرضى بإقالته بسبب الإهمال المتفشى من داخل المستشفى، فكيف يترك طفل فى سن المراهقة يتنقل بحرية بين المرضى والمرافقين، يجمع المال كما لو كان فى سوق شعبى؟ وما دور الأمن الداخلى للمستشفى فى التصدى لمثل هذه التجاوزات التى جعلت المرضى لا يواجهون فقط معاناة الحصول على العلاج، بل أيضًا تعرضوا لمواقف مهينة بسبب التسول المستشرى داخل المستشفى.
استمرار مثل هذه الممارسات داخل المؤسسات الصحية يلقى بظلال قاتمة على مصداقية المنظومة الصحية داخل المستشفى، ويضع علامات استفهام ضخمة حول مسئولية الجهات الرقابية والصحية، التى سمحت بانتشار التسول داخل الأماكن التى تفترض أن تكون مقرا للدواء والعلاج والشفاء!