قال جاستن كونراد، مدير مركز التجارة الدولية والأمن وأستاذ الشؤون الدولية في جامعة جورجيا: ربما تشكل الأحداث التي وقعت نهاية الأسبوع الماضي في إسرائيل أكبر هجوم إرهابي انتحاري في التاريخ.. لذلك، فمن شبه المؤكد أنها ستفضي إلى دمار حماس.
استعراض القوة والمصداقيةوأضاف الكاتب في مقاله بموقع مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية: كان الغرض من هذه الهجمات الإرهابية استعراض القوة والمصداقية، ومن المؤكد أن هجوم حماس أثبت مستوى معيناً من القوة.
واستدرك الكاتب بقوله: غير أن الواقع مختلف كل الاختلاف.. فحركة حماس منظمة في مرحلة أفول راهنت بكل شيء على هجوم واحد جريء.. وكان القصد من هذا الهجوم تبديد الشكوك التي تحوم حول شرعتها وضمان احتفاظها بالسلطة في قطاع غزة، ولم يكن الهدف من الهجوم الإطاحة بالحكومة الإسرائيلية أو هزيمة الجيش الإسرائيلي، وإنما تعزيز الدعم المقدم لمنظمة ضامرة من طرق عديدة.
ورأى الكاتب أن الدعم لحماس سيزداد مؤقتاً لأنها تقتات على العنف.. حلت حماس محل منافستها حركة فتح بصفتها منظمة سياسية فلسطينية رائدة لأن موجة العنف التي تشنها ضد إسرائيل استمالت الفلسطينيين الذين ظنوا أن فتح جنحت إلى اللين في تعاطيها مع القضية الفلسطينية.
وساعد عنف حماس البشع ضد المدنيين خلال الانتفاضة الثانية، في إقناع إسرائيل بالتخلي من جانب واحد عن السيطرة على قطاع غزة في عام 2005.. ثم في عام 2007، شنت الحركة حملة عنيفة ضد الفلسطينيين للسيطرة الكاملة على غزة.
والواقع أن المرات الوحيدة التي شهدت فيها حماس عودة لشعبيتها هي التي اصطدمت فيها بعنف مع إسرائيل.. ففي عام 2021، كشف استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أن تراجع شعبية حماس بين الفلسطينيين قد انقلب رأساً على عقب، بعد أن شنت هجمات صاروخية على إسرائيل.. وهذا نمط متكرر، ففي ثلاثة صراعات كبرى قبل عام 2021، نجح القتال مع إسرائيل في إحياء شعبية الحركة.
سمعة حماس الدوليةوالأمر نفسه يسري على سمعة حماس الدولية.. فقبل حرب غزة عام 2008، تضاءلت صورة حماس في البلدان الإسلامية في جميع أنحاء العالم. فثمة دولة مسلمة واحدة فقط شملها استطلاع أجراه مشروع "بيو" لاستطلاع المواقف العالمية ذاك العام كان موقفها إيجابياً من حماس، غير أن ذلك تغير عندما اجتاحت إسرائيل قطاع غزة في وقت لاحق من ذاك العام.
مقامرة محسوبةوقال الكاتب: خُلقت حماس من رحم العنف.. وهذا هو السبب في أن هجومها في العمق الإسرائيلي مقامرة محسوبة العواقب، فمن الممكن لهجوم بربري واحد أن يقلب إلى حد كبير رؤية العالم الإسلامي لحركة متداعية.
وفي مواجهة فقدان الشرعية في الداخل والخارج، خططت حماس لهجوم إرهابي "شامل" ضخت فيه كل مواردها.. كانت قيادة حماس تعلم أن هذا القرار يمكن أن يفضي إلى هلاكها، لكنها راهنت على أن تلك هي الفرصة الأخيرة والأفضل على الإطلاق لترسيخ سلطتها.
مغامرة الإحياءوقبول قادة حماس لهذا المستوى الجنوني من المخاطر يثبت لنا أن المنظمة أمست واهنة.. يشير علماء السياسة إلى هذا التكتيك باسم "مغامرة الإحياء".. وإذا شئنا الصراحة والدقة، فالهجوم على النساء والأطفال وكبار السن ما هو سوى استعراض للضعف لا للقوة.
لا شك في أن حماس أنفقت موارد كثيرة، وضحّت بأفراد كُثر لتنفيذ هذا الهجوم.. وأملها الوحيد هو تحفيز الفلسطينيين وغيرهم في جميع أنحاء العالم على العمل، وهذه هي المقامرة والخطة برمتها.
لذلك عندما نسمع قادة حماس أمثال إسماعيل هنية وهم يَعِدون بهجمات مثيلة، فإننا نرى أنهم لا يتمتعون بالمصداقية.. فقد ظل تنظيم القاعدة الإرهابي يعد بهجمات مثيلة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر "أيلول"، غير أنه ظل يستمد قوته وسمعته من هذا الهجوم الوحيد.
تتلمس حماس الآن عواقب إقدامها على تلك المخاطرة.. صحيح أن هناك كثيراً من الانتقادات الموجهة لإسرائيل، غير أن إغراء إسرائيل بارتكاب أعمال عنف قاسية ما هو سوى جزء من إستراتيجية حماس.
وأشار الكاتب إلى أنه من بين العوامل القليلة التي منعت إسرائيل من شن حرب شاملة ضد فلسطين في الماضي خوفها من صورتها أمام عموم الناس، "وأعني ردود الأفعال المحلية والدولية التي يمكن أن تقوض هذه الجهود.. ولكن، لم تَعد إسرائيل تواجه هذا القيد بعد. لدى إسرائيل الآن دعم مؤقت مهول، وتعلم أن لديها فرصة محدودة وحسب لتحقيق مآربها".
هل عجّلت حماس بهلاكها؟واختتم الكاتب مقاله بالقول: لن تتمكن إسرائيل من إطفاء جميع النيران التي أُشعِلَت.. ولن تختفي المعارضة الفلسطينية بسبب عملية عسكرية واحدة أو حتى سلسلة من العمليات العسكرية، فأعضاء حماس الذين سينجون من الهجمات الإسرائيلية سيوجهون جهودهم إلى منظمات إرهابية وأحزاب سياسية جديدة.. غير أن حماس التي نعرفها اليوم لن يكون لها وجود، تراهن حماس على العنف لضمان بقائها، لكنها عجَّلت بهلاكها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل هذا الهجوم غیر أن
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يكشف 3 أسباب لقبول إسرائيل وقف إطلاق النار في لبنان
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، موافقة المجلس الوزاري المصغر “الكابينيت” على اتفاق لوقف إطلاق النار مع “حزب الله” في لبنان.
اتفاق وقف النار لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسيةوأكد نتنياهو خلال إفادة صحفية أن القرار جاء لتحقيق ثلاثة أهداف استراتيجية:
1. التركيز على التهديد الإيراني.
2. إعادة تنظيم صفوف القوات الإسرائيلية.
3. فصل جبهة غزة عن جبهة لبنان وعزل حركة “حماس”.
وأشار إلى أن مدة وقف إطلاق النار “تعتمد على الوضع في لبنان”، مؤكدًا أن الجيش الإسرائيلي يحتفظ بحرية الرد على أي خرق للاتفاق.
إسرائيل تعيد تقييم التوازن العسكريشدد نتنياهو على أن “حزب الله” لم يعد بالقوة التي كان عليها قبل عام من المواجهات، موضحًا أن العمليات الإسرائيلية أعادت الحزب عقودًا إلى الوراء.
وأعلن اغتيال الأمين العام السابق حسن نصر الله والقضاء على كبار قيادات التنظيم، بالإضافة إلى تدمير معظم صواريخ الحزب وبنيته التحتية قرب الحدود.
وأضاف: “حققنا إنجازات كبيرة على 7 جبهات قتال، منها إيران، غزة، الضفة الغربية، سوريا، العراق، اليمن، ولبنان”.
وأوضح أن الجيش الإسرائيلي تمكن من تدمير أجزاء من دفاعاتها الجوية ومكونات في برنامجها النووي في إيران، بالإضافة للقضاء على 20 ألف عنصر من “حماس” وإعادة 154 رهينة مع التزام باستعادة 101 آخرين.
إدارة الصراع وسط التوترات الإقليميةهذا وتأتي موافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار وسط تدخلات دولية، حيث أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن موافقة الطرفين على إنهاء القتال، ودخل الاتفاق حيز التنفيذ في الساعات الأولى من اليوم الأربعاء، بعد أكثر من عام من نزاع عنيف ومناوشات تحولت إلى حرب شاملة.
رسائل سياسية وعسكريةوجه نتنياهو رسائل حاسمة للأطراف الإقليمية والدولية، مؤكدًا التزام إسرائيل بالقضاء على “حماس” وضمان ألا تشكل غزة تهديدًا جديدًا، مع ضمان إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان. كما حذر النظام السوري من مغبة دعم إيران وحزب الله، قائلًا: “الأسد يلعب بالنار”.
و بهذا الاتفاق، تضع إسرائيل خطوطًا حمراء جديدة في معادلات الصراع الإقليمي، بينما تواصل توظيف قوتها العسكرية لتحقيق مكاسب استراتيجية طويلة المدى.