تقرير: لماذا تآكلت السيادة الوطنية في البلاد وفقد الاستقلال الوطني معناه؟
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
(عدن الغد)خاص.
تقرير يتناول تآكل السيادة الوطنية في البلاد وفقد الاستقلال الوطني معناه.
هل تم تفريغ مفهوم السيادة الوطنية والاستقلال الوطني من محتواهما؟
هل بقي شيء للحديث عن السيادة والاستقلال الوطني واليمن واقع تحت الوصاية الدولية؟
ما الفرق بين "الاستقلال" الوطني و "الاستغلال" الوطني؟
كيف نستعيد سيادة استقلال الوطن؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(عدن الغد) القسم السياسي:
تساءل الكاتب المصري الساخر محمود السعدني ذات مرة عن معنى الاستقلال من الاستعمار الأجنبي بقوله: أيه ده الاستقلال ومعناه إيه؟
هل هو مارش عسكري بالبزات العسكرية، وبحضور جنرال على منصة وصدره مرصع بالنياشين والنجوم والصقور أم علم يرفرف فوق ماسورة أو مبنى؟!
أم الاستقلال كما حصل عند إخواننا في "السودان"، الإنجليز رحلوا وتركوا لهم 2000 كم سكة حديد لسا فاضل 70 كم عطلانه؟
أم أن الاستقلال، استقلال اقتصادي وتراكم تنموي وتحقيق معدلات نمو ورفاه للمجتمع تمس حياة المواطن وتحقق له الرخاء؟
في اليمن بلغت التهديدات الخارجية مبلغا عظيما وبات استقلال اليمن وسيادته مهددة، مع غياب قوة الدولة الشرعية التي كان عليها أن تواجه مشاريع خطيرة تهدد الشرعية الدستورية للبلاد وسيادتها الوطنية.
في خضم ذلك كله عادة ما يتردد سؤال الاستقلال والسيادة اليمنية على أفواه اليمنيين هذه الأيام بالذات، الذي يتزامن مع احتفالات الشعب اليمني بالذكرى الـ(60) لثورة الرابع عشر من أكتوبر والذكرى الـ(56) لعيد الجلاء من المستعمر البريطاني، مع غياب مشروع وطني جامع يمكن أن يحافظ على ما تبقى من سيادة البلد وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه.
معنى السيادة والاستقلال
يأتي الحديث عن الاستقلال الوطني والوطن اليمني يمر بظروف قاسية، فما تزال سلطة الانقلاب الحوثية تجثم على عدة محافظات في البلاد بما فيها العاصمة صنعاء منذ انقلابها على الدولة قبل ثماني سنوات، متسببة في أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم، بحسب الأمم المتحدة.
ووفق كثيرين، فإن اليمن تحول إلى ساحة مفتوحة لصراع الأجندات الإقليمية والدولية مع تكون نظام عالمي دولي جديد، مما أفقدها السيطرة على مواردها وعلى أرضها وعلى قرارها الوطني، وبات استقلال البلاد وسيادتها مهددة، في ظل أن هناك من يعتبر الحديث عن السيادة مجرد "ترف فكري" أما لقلة الوعي لدى النخبة ناهيك عن العامة.
ووفق فقهاء القانون الدستوري تعرف السيادة، بأنها السلطة العليا التي لا تعلوها سلطة وميزة الدولة الأساسية الملازمة لها التي تتميز بها عن كل ما عداها من تنظيمات داخل المجتمع السياسي المنظم، ومركز إصدار القوانين والتشريعات والجهة الوحيدة المخولة بمهمة حفظ النظام والأمن، وبالتالي المحتكرة للشرعية الوحيدة لوسائل القوة والحق في استخدامها لتطبيق القانون.
ووفق الباحث في علم الاجتماع عيبان السامعي، فإن للسيادة مظهرين خارجيا وداخليا، ويُعنى الأول بقدرة الدولة على إقامة علاقات تكافؤية مع الدول الأخرى وبما يحقق مصالح شعبها، أي استقلالية القرار الوطني للدولة وعدم خضوعها لأي تدخل أو تأثير أو نفوذ لدولة أجنبية، أما المظهر الثاني فيتجسد في قدرة الدولة على إدارة شؤونها الداخلية بحرية وبسط سلطتها على مواطنيها وعلى إقليمها الجغرافي براً وبحراً وجواً.
ويرى السامعي أن الحديث عن السيادة الوطنية في اللحظة الراهنة، حديثٌ شائك تحوطه الكثير من الإشكاليات المتأتية من مستويين: المستوى الأول هي السمة الراهنة للعصر وما أحدثته العولمة من تغيُّرات جوهرية في مفهوم السيادة الوطنية، وتقويض الحدود القومية التقليدية، حتى بات العالم أشبه بقرية كونية واحدة (Global village) ما دفع بعض المفكرين الغربيين للتبشير بنهاية السيادة، جرياً على سردية النهايات، نهاية التاريخ، والإنسان الأخير، ونهاية الأيديولوجيا، ونهاية اليوتوبيا.
أما المستوى الثاني فهو الأزمة الوطنية الراهنة وتعقيداتها، حيث باتت اليمن ساحة مفتوحة لصراع الأجندات الأجنبية (الإقليمية والدولية)، وبين شقي رحى حرب دامية تسببت في أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم، وفقدت معها البلد السيطرة كلياً على مواردها وعلى أرضها وعلى قرارها الوطني.
وتخضع اليمن منذ 26 فبراير 2014م وحتى اليوم تحت وصاية مجلس الأمن الدولي والفصل السابع، ولا يبدو أن الحل ممكنا إلا وفق المرجعيات المتفق عليها وطنياً ودولياً والمتمثلة بمخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن رقم (2216)، كأساس لحل الصراع الدامي في اليمن، ولم يأت هذا القرار صدفة بل جاء ثمرة مسار تراكمي طويل من التبعية السياسية والارتهان للخارج وضياع الدولة.
ووفق مراقبين، فإن المراهنات على الخارج لحل القضية الوطنية هي مراهنات خائبة، فالخارج لا يتدخل إلا وفقاً لمصالحه الخاصة التي هي على الضد من مصالح الشعب اليمني.
كيف تآكلت السيادة الوطنية؟
إن ظاهرة خضوع اليمن للخارج لم تكن تحصل إلا في ظل التناحر، والاقتتال على السلطة، والذي كان بدوره يساعد على تجزؤ البلد وتفككها، الأمر الذي يغري القوى الأجنبية لاقتطاع جزء من مناطقها ووضعها تحت سيطرته- يقول الباحث والكاتب السياسي محمد صلاح.
ويضيف صلاح أن ظاهرة الصراع والاقتتال على السلطة في بلادنا تنتج ظاهرتين هما: بداية التفكك والتجزؤ، والأخرى التدخل الخارجي متعاونا مع أحد أطراف الصراع الداخلي، أو مستغلا لحالة الانقسام وتفكك البلاد نتيجة للصراعات، مستدركا أن دخول القوى الأجنبية كان يثير حفيظة اليمنيين، وسرعان ما يتم رفع راية الاستقلال لمواجهة الخارج وهذه كان يرافقها صعود نزعة التوحد.
ويرى الكاتب والباحث عيبان السامعي أن من عوامل تآكل السيادة في اليمن عوامل خارجية، وعوامل داخلية، فالعامل الخارجي يتمثل في التنافس بين أطراف دولية وإقليمية للسيطرة على اليمن، ويكمن وراء هذا التنافس عاملان هامان الأول يتمثل بالموقع الحيوي لليمن وأهميته الاقتصادية والاستراتيجي، أما الثاني ما يمكن أن نسميها "القابلية للتبعية والارتهان للخارج" ويتمثل في ضعف الكيان الوطني وغياب سيادة القانون، وتسلُّط أنظمة سياسية فاسدة وتابعة ومرتهنة لأطراف سياسية محلية للخارج، فضلاً عن الانقسامات الداخلية والصراعات الأهلية وتنامي الشعور العام بالتهميش والضيم، وغيرها من مظاهر الاختلال الوطني العام.
وما ضاعف من تآكل الحس الوطني هو هيمنة طبقة طفيلية على الاقتصاد والمجتمع، والتقاء مصالحها والمصالح الرأسمالية العالمية، وقيامها باكتناز الأموال وتهريبها إلى الخارج لاستثمارها في مشاريع عقارية وخدمية بعيدا عن مصالح الوطن.
بين الاستقلال والاستغلال؟
ساهمت العوامل المحلية في تمكين الخارج من لعب أدوار سلبية في البلد، ويأتي في مقدمة ذلك طبيعة النظام العصبوي الاستبدادي الذي جثم على اليمنيين منذ عقود من الزمن، فضلا عن سياسات الإقصاء والتهميش والتنصل عن الوظائف التنموية للدولة.
واستفادت إيران من هشاشة الدولة اليمنية والفراغ السياسي الذي تركته الأحزاب السياسية، وغياب المشروع الوطني الجامع والانقسام السياسي الحاد في البلاد بدعمهم الانقلاب الحوثي في عام 2014م، مما ألحق الضرر بالدولة اليمنية وبالكيان الاجتماعي الوطني.
ويرى الكاتب السياسي محمد جميح إن الحوثيين أجادوا توظيف العوامل الخارجية والشعارات والزعم أنهم يسعون إلى استقلال البلاد ضد "المحتل الأجنبي"، ثم لا تلبث أن تتحول هذه الشعارات إلى احتلال داخلي بغيض بثوب كهنوتي بشع.
ويضيف جميح هناك فرق كبير بين "الاستقلال" و "الاستغلال"، إنهم يرفعون شعار استقلال البلاد ويمارسون استغلالها بشكل لم يعرف اليمنيون له مثيلا.
ثم يقدم جميح نصيحته قائلا: "لا تصدقوا من يدعو للسلام ويعمل للحرب، احذروا من يسعى لولاية الفرد باسم سيادة الوطن، تنبهوا لمن يريد ممارسة الاستغلال تحت شعار الاستقلال".
وتساءل جميح: "إذا كان هؤلاء يقاتلون دفاعاً عن الوطن، فما معنى شعارهم "اللهم إنا نتولى من أمرتنا بتوليه سيدي ومولاي عبدالملك بدرالدين الحوثي"، فهل يقاتلون من أجل "سيادة اليمن" أم من أجل "ولاية عبدالملك؟
وهل أصبح "عبدالملك" هو معيار الولاء والبراء، وكيف يستقيم ذلك مع دعاوى الدفاع عن السيادة؟!".
كيف نستعيد السيادة؟
إن طرح مسألة السيادة الوطنية في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ وطننا ليست قضية هامشية أو ترفاً فكرياً -كما يتوهّم البعض- بل هي من صميم القضية الوطنية، فلا يمكن وضع حل فعلي للقضية الوطنية العامة بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا من خلال الاعتماد على النفس وتعبئة الطاقات والموارد الذاتية لمواجهة مختلف التحديات الماثلة- يقول الباحث والكاتب عيبان السامعي.
ويرى السامعي أن استعادة السيادة مرهون بامتلاك مشروع وطني ديمقراطي تنموي واضح لاستعادة السيادة الوطنية يأخذ في اعتباره حقائق عدة.
الحقيقة الأولى إن المضمون الجوهري للسيادة الوطنية يرتبط ارتباطاً عضوياً بسيادة الشعب على السلطة والثروة وصون كرامته، كما ترتبط بقضية جوهرية وحساسة ألا وهي قضية السيادة على الغذاء، ومن نافلة القول إن قدرة الدولة على توفير الغذاء لمواطنيها وتأمين حاجياتهم الأساسية يمثل ترمومتراً معيارياً على استقلاليتها، وإن الاستعادة الفعلية للسيادة الوطنية مشروطة بتحقيق تنمية شاملة بمشاركة شعبية واسعة سعياً لبلوغ مجتمع "يأكل مما يزرع.. ويلبس مما يصنع".
أما الحقيقة الثانية ترتكز السيادة الوطنية على مبدأ الاعتماد على النفس، لكن لا يعني هذا الانعزالية أو التقوقع حول الذات، فهذا الأمر صار مستحيلاً في عالم متشابك المصالح، وفضاء مفتوح على أوسُعِهِ، وهو ما يقتضي بناء علاقات مع الخارج على قاعدة الندية والتكافؤ والتعاون الخلاق والإفادة من المعرفة والتكنولوجيا الجديدة، وبما تمليها المصلحة الوطنية أولاً وقبل كل شيء.
وتتلخص الحقيقة الثالثة في إن الطبيعة المتوحشة للنظام العالمي السائد يفرض على اليمن وعلى كل بلدان العالم النامي الانخراط في إطار تكتلات وتحالفات على أساس قومي وإقليمي ودولي لمواجهة صلف هذا النظام، واستعادة زمام المبادرة الوطنية والقومية باتجاه الخلاص من ربقة هذا النظام الاستغلالي الجائر وتأسيس نظام عالمي جديد يقوم على أساس العدالة والمساواة بين كافة الشعوب والأمم في أصقاع الكوكب، وكل ما سبق مرهون بإيقاف الحرب وإحلال محلها سلطة وطنية ديمقراطية جامعة لليمنيين كافة.
وبدوره يقول الكاتب والباحث السياسي محمد صلاح في حسابه فيس بوك "إن أكبر طعنة يمكن أن يتلقاها الاستقلال هي استمرار رفع الشعارات المناطقية الضيقة، وإطلاق دعوات التشرذم وتبني مشاريع التفتيت والتجزئة التي تضيف ضعفاً إلى ضعف، والتي تقوض معاني الاستقلال الحقيقية، فلا استقلال ولا استقرار ولا تنمية دون عودة التماسك الوطني وتوحيد جهود جميع القوى والمكونات في إطار مشروع وطني كبير يقوم أولاً على أولوية استعادة الدولة المختطفة وتحريرها من النفوذ الإيراني، وبنائها في إطار هويتها الوطنية وحضنها العربي وعمقها القومي والإسلامي.
ختاما.. يؤكد باحثون وسياسيون إن المهمة الملحة لليمنيين الآن هي إعادة طرح مسألة السيادة الوطنية على جدول الأعمال بأسس تستوعب الشروط الجديدة للعصر وبما يعيد زمام المبادرة للشعب، وتغليب منطق الاعتماد على النفس، بدلاً من منطق الارتهان والاتكال على الخارج في حل أزماتنا.
كما أن السيادة الوطنية مشروطة بتحقيق حرية المواطن وصيانة كرامته، وامتلاك القدرة على التعامل مع الآخرين من منطلق الندية والمصلحة الوطنية، وبغير ذلك تصبح السيادة إما ستار أيديولوجي مخاتل يخفي الطابع الديكتاتوري للطبقة المسيطرة، أو عودة إلى الماضي البغيض.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: السیادة الوطنیة فی الاستقلال الوطنی السیادة الوطنی سیادة الوطن عن السیادة فی البلاد
إقرأ أيضاً:
هجمات إسرائيل على اليمن.. هل تردع الحوثي أم تمنحه الشرعية والقوة؟ (تقرير)
لاقت الضربات التي شنتها دولة الاحتلال الإسرائيلي، واستهدفت منشآت حيوية، في العاصمة صنعاء ومحافظة الحديدة الخاضعتين لسيطرة الحوثيين، ردود فعل متباينة، بين أوساط اليمنيين.
الغارات التي بدأت عند الساعة الرابعة والنصف من فجر الخميس، تركزت على منشآت مدنية حيوية في كل من العاصمة اليمنية صنعاء، ومدينة الحديدة، حيث استهدفت محطات الكهرباء والطاقة في شمال وجنوب صنعاء، فيما استهدفت ميناء الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي بالحديدة.
وتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الحوثيين بالمزيد من الهجمات، وقال إن من يمس إسرائيل "سيدفع ثمنا باهظا للغاية"، بعد ساعات من شن تلك الغارات.
وقال نتنياهو في بيان إنه "بعد حركة حماس وحزب الله ونظام الأسد في سوريا، أصبح الحوثيون تقريبا الذراع الأخير المتبقي لمحور الشر الإيراني". وأضاف "يتعلم الحوثيون وسيتعلمون بالطريقة الصعبة أن من يمس إسرائيل سيدفع ثمنا باهظا للغاية".
ويعد هذا ثالث هجوم تشنه إسرائيل على اليمن منذ بداية الإبادة بغزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وكان الأول في يوليو/ تموز الماضي، والثاني في سبتمبر/ أيلول الفائت، عبر استهداف ميناء الحديدة ومنشآت الوقود في محطة توليد الكهرباء بالمدينة.
وأدان مجلس القيادة الرئاسي، العدوان الاسرائيلي الجديد على الاراضي اليمنية، محملا في ذات الوقت جماعة الحوثي، مسؤولية التصعيد والانتهاك للسيادة الوطنية، داعيا إياها الى تغليب مصلحة الشعب اليمني على أي مصالح اخرى.
وقد دانت جماعة الحوثي "الهجمات الإسرائيلية الأميركية وقالت إنها "جرائم حرب إرهابية، تأتي استمرارا لمسلسل الإجرام في المنطقة. وذكرت أن "القصف الأميركي الإسرائيلي للمنشآت المدنية كمحطات الكهرباء والموانئ يكشف حقيقة نفاق الغرب، ويسقط كل ادعاءاته الإنسانية".
وحظيت الغارات الإسرائيلية، بردود فعل متباينة في أوساط اليمنيين، منهم من اعتبرها انتهاك للسيادة وتدخل سافر، هدفها الإضرار بالمصالح الحيوية لليمن، فيما يرى آخرون أنها انقاذ للحوثيين ومنحهم الشرعية، اذ من المفترض أن توجه تلك الضربات لاستهداف قيادات الجماعة كما فعلت إسرائيل في جنوب لبنان واستهدافها قيادة حزب الله.
تخادم حوثي إسرائيلي
وفي السياق قال سفير اليمن في لندن، الدكتور ياسين سعيد نعمان، إن "على الاسرائيليين وهم يستعرضون عضلاتهم بتدمير مقدرات الشعب اليمني، أن يدركوا أنهم يقدمون هدية لا تقدر بثمن للحوثيين الذين لا يعنيهم شيء من أمر اليمن واليمنيين، وما شيدوه بعرقهم وكفاحهم طوال حياتهم، جيلاً وراء جيل".
وأضاف نعمان "الحوثي عصابة خارجة عن القانون سيطرت على جزء من اليمن، وهي تبحث عن شرعية لتبرير هذه القرصنة بتشغيل صواريخ إيران ومسيراتها تحت يافطة "غزة"، وتنتظر بفارغ الصبر القصف الاسرائيلي للمنشآت اليمنية بمثل تلك الصورة التي لم تعد تتسع لها قلوب تعج بالأحزان والأوجاع".
وقال "اسرائيل تسوق الحوثي ضمن عملية تخادم بين الطرفين، تستغفل العقل العربي المنفعل بمأساة غزة، فاسرائيل تبحث عن أي مبرر لمواصلة ذبح غزة وتدميرها، والحوثي يبحث عن شرعية لعصابته، ويقدم مقدرات اليمن ثمناً لصاروخ ضال يقال إنه أطلق على تل أبيب".
ذبابة تصارع وحشاً كاسراً
الكاتب والدبلوماسي اليمني السابق، مصطفى احمد نعمان يقول "لا يمكن ولا يجوز أن يمنيا يعلن عن رضاه أو سعادته أو أن يتغاضى عما قامت به إسرائيل من قصف لمنشآت مدنية مملوكة لكل الشعب اليمني".
وأضاف "لكن هذا الفعل الاسرائيلي القبيح والمدان هو نتيجة حتمية للعبث المدمر الذي يمارسه الحوثيون من استدعاء صريح ودعوة مفتوحة لقصف بلادهم وتدمير ما تبقى من بناها التحتية".
ويرى أن الحوثيين مازالوا يعيشون وهم أنهم قوة تستطيع مقارعة الكبار في هذا العالم، ولا يدرك عبدالملك الحوثي أنه مجرد ذبابة تصارع وحشا كاسرا"، متابعا "الذبابة قد تزعج لكنها حتما ستقتل".
وزاد النعمان "لقد انتهكت أعراض الناس ونهبت مدخراتهم وأوقفت مرتباتهم ونسفت بيوت كثير منهم، وهكذا تسبب الحوثيون بغرورهم وتعاليهم في جلب كل الشر إلى اليمن، واليوم يدفع كل اليمنيين ثمن هذه العنجهية والتكبر، ولم ينفعوا الفلسطينيين بشيء".
الانتشاء والقوة
في حين قال الباحث مصطفى الجبزي، قال إن الجماعة الحوثية تتشابه مع إسرائيل حد التطابق في استعراض القوة لمجرد الاستعراض.
وأشار إلى أن هناك ثلاثة مواقف يمنية تجاه الضربات الاسرائيلية: الحوثيون ينتشون لهذه الضربات يستجلبونها لإنها تخرجهم من ورطة سياسية واخلاقية يمنية وتضعهم في موضع الفاعل الدولي الذي يناطح أمريكا واسرائيل.
وذكر أن أغلبية يمنية لا تناصر الحوثي، لكن موقفها المبدئي من القضية الفلسطينية يجعلها تتحسس من التدخل الإسرائيلي في اليمن الذي يجرح كرامتها، لأنه لا يحقق هدف غير مضاعفة معاناة اليمنيين وهدم مقدراتهم، يتمنون الخلاص ولكن على إلا يكون على يد إسرائيل".
وتابع الجبزي "موقف ثالث أقل لا يكترث لمن سيقوض الحوثيين"، مردفا "لن تزيد إيران عن اكثر من بيان ادانة. إسرائيل تتدخل لتؤكد تفوقها العسكري امام عمليات حوثية ليست أكثر من رمزية".
مقامرة بمقدرات اليمن
المحلل السياسي غمدان اليوسفي "هذا الدمار الذي يستدعيه الحوثي لتدمير بنيتنا التحتية هو دعوة لسوق سوداء سيتاجر بها هو ومشرفيه ويستخرجون بها مبالغ من المساكين".
وأكد أن كل قذيفة إسرائيلية هي عبارة عن سوق سوداء للحوثي، فاليمنيون يخسرون مع كل صاروخ يطلقه الحوثي باتجاه الفضاء وهو يربح".
وقال اليوسفي "لم يخوله أحد بحرب إسرائيل، بينما نحن من يدفع الثمن"، مشيرا إلى أن هذه المناظر (التدمير) هي التي تفرح قلب الحوثي.
وأفاد "مناظر بلدنا تدمر وهو يحاول فرض هذه المسرحية على اليمنيين وأنه يحارب إسرائيل وهو يأكل أقواتهم ويدمر مؤسساتهم ويسجنهم ويقتلهم".
ورقة ضغط
الإعلامي عبدالله اسماعيل كتب "يعرف الحوثي جيدا أن هياطه وخردواته التي يعلن اطلاقها على الكيان الصهيوني، وارهابه على الشحن البحري في البحر الأحمر، ستكون نتائجها ضرب اليمن، وتدمير مقدراته".
وأضاف "هو يعرف ويدرك جيدا انه لا يمتلك القوة الرادعة، وأن قوته الوحيدة لم تنفعه الا في قتل اليمنيين تدمير بلادهم، ولا يملك دفاعا جويا، او قدرة على إطفاء حريق لطيران الاحتلال في ميناء الحديدة، والذي انتظره الى ان تم اخماده ذاتيا".
واستدرك "لكنه يعرف جيدا كيف يختبئ، ويراهن على بقائه ورقة وظيفية لم تستغن عنها قوى دولية، ترى في بقائه خدمة لأهداف زعزعة المنطقة، وخدمة التفاهمات مع ايران، وتسليمه الكامل لأوامر ايران التي تستخدمه لتحويل اليمن الى ساحة للهمجية الصهيونية والغربية بعيدا عن أرضها ومصالحها".
وزاد "لا أحد يرضى أن تضرب بلاده، ولا أن تدمر مقدراتها، ولا أن يتحول اليمنيون في مناطق الاحتلال الحوثي الى دروع بشرية، يستثمر الحوثي الإيراني دماءهم لتعظيم الحاجة اليه، بعيدا عن تحوله هو الى هدف".
جرائم حرب
من وجهة نظر أخرى قال الصحفي المولي للحوثيين رشيد الحداد "العدوان أمريكي بريطاني، واستهداف مصالح خدمية من قبل واشنطن، يندرج في إطار جرائم الحرب".
وأضاف "لن يضروكم إلا أذى، أمريكا أكدت بهذا الهجوم الذي يمكن وصفة بالعنيف أنها موجوعة". مستدركا "لا خطوط حمراء في البحر الأحمر، انتهى زمن الغطرسة والهيمنة الأمريكية والصهيونية".