في السابع من تشرين الأول كانت البداية. وفي 17 منه ستكون بداية النهاية. فالحرب المعلنة ضد غزة لم تعد مجرد حرب ضد حماس"، بل أصبحت حربًا ضد الإنسانية جمعاء. القذائف التي انهمرت على مستشفى المعمداني في القطاع، والذي لجأ إليه الأطفال والنساء والشيوخ ليحتموا من "نار جهنم"، لم تصبه وحده، ولم توقع فيه ما أوقعته من ضحايا بريئة بلغ عددها المئات، بل أصابت كل انسان في العالم كله لا يزال يؤمن بأن الانسان هو على صورة الله ومثاله، أيًّا كان لونه أو دينه أو عرقه أو موطنه.
إنها "هولوكست" العصر. ارتكبتها إسرائيل بدم بارد ضد الأطفال والنساء والشيوخ العزّل، الذين صدّقوا للحظة أن من يقف وراء ذاك المدفع الجبان لن يستهدف دور العبادة أو المستشفيات أو مآوي العجز. لجأوا إلى ذاك المستشفى هربًا من القذائف الحاقدة، التي لا تميّز بين رضيع وطفل وعجوز ومسلح، فلاحقتهم ومزّقت أجسادهم إربًا.
فهذه الحرب القذرة والبشعة لم تعد حرب مواجهة بين جيش وجيش، بل أصبحت حرب إبادة يدينها جميع أحرار العالم، حيثما وجدوا، وهم كثر. هي حرب ضد شعب لا ذنب له سوى أنه يطالب بحقّه في أن يعيش في دولة معترف بها، يمارس فيها دوره كمواطن له كامل الحقوق، وعليه كامل الواجبات.
فمن مجزرة دير ياسين، وما قبلها من عشرات المجازر، التي سبقت النكبة في العام 1948على رغم كل المحاولات لطمس الحقيقة وإخفاء معالمها. وهذا ما اعترفت به صحيفة "معاريف" في العام 2019، حيث أفادت بأن فرقًا من وزارة الدفاع الاسرائيلية أزالت منذ أوائل العقد الماضي مجموعات من الوثائق التاريخية لإخفاء دليل النكبة والفظائع التي رافقتها، كما حاولت إخفاء شهادة من جنرالات حول قتل المدنيين وهدم القرى.
وبحسب مركز "الزيتونة" للدراسات والاستشارات فإن عدد المجازر التي ارتكبتها اسرائيل في الفترة بين 1937 و1948، زادت عن 75 مجزرة، راح ضحيتها أكثر من 5 آلاف شهيد فلسطيني، فضلا عن إصابة الآلاف.ومن بين هذه المجازر، التي سبقت النكبة، يذكر مجزرة فندق "سميراميس" في القدس، ومجزرة بوابة يافا في مدينة القدس، ومجزرة "السرايا العربية" في مدينة يافا، ومجزرة "السرايا العربية" الثانية، و مجزرة عمارة المغربي في مدينة حيفا، ومجزرة قرية يازور في قضاء يافا، ومجزرة شارع عباس في حيفا، و مجزرة قرية "سعسع" قضاء حيفا، ومجزرة "بناية السلام" في القدس، ومجزرة قطار حيفا، ومجزرة "دير ياسين"، ومجزرة قرية "قالونيا"، ومجزرة قرية "ناصر الدين"، ومجزرة قرية "الحسينية" شمال صفد، ومجزرة حيفا، ومجزرة قرية "عين الزيتون"، ومجزرة قرية "أبو شوشة" شرق الرملة، ومجزرة "بيت دراس"، و مجزرة "الرملة"، ومجزرة اللد، و مجزرة "الدوايمة".
وأن ننسى فلن ننسى مجزرة قانا في جنوب لبنان، وما سبقها وما تلاها من مجازر تُرتكب كل يوم في حق الإنسانية، فيما ضمير العالم المسمّى "حرًّا" في سبات عميق.
إنه زمن الحقد الأعمى. إنه زمن الذئب والحمل. إنه زمن الضحية والجلاّد. إنه زمن "نيرون" القرن الحادي والعشرين.
هذه المجزرة ستغيّر وجه الحرب. هذه المجزرة ستجعل من جميع أحرار العالم بندقية في وجه كل ظالم وطاغية في الأرض. إنه زمن التغيير. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: إنه زمن
إقرأ أيضاً:
الخضيرة.. قصة أرض فلسطينية جميلة من حيفا باعها تاجر لبناني لمهاجرين روس
الخضيرة مدينة تقع في منطقة حيفا على بعد حوالي 45 كيلو مترا من كل من تل أبيب وحيفا وبالقرب من الساحل الفلسطيني. تتبع قضاء حيفا وتعد ثانية أكبر مدنه، تمتد المدينة على مسافة 7 كم على طول السهل الساحلي للبحر الأبيض المتوسط.
وأخذت اسمها من جمال أرضها الخضراء، كما تم تسمية المدينة نسبة إلى وادي الخضيرة، القريب من نهر الخضيرة.
كانت الخضيرة أرضا عربية يمتلك أراضيها الثري اللبناني سليم الخوري الذي اشترى أراضي المنطقة من أصحابها العرب وأسس مزرعة زراعية فيها، وعلى وقع ما جرى لليهود في روسيا من مذابح، باع الخوري الأرض إلى يهوشوع حنكين في عام 1890، وكانت هذه أكبر عملية شراء للأراضي في فلسطين المحتلة من قبل مجموعة يهودية روسية، على الرغم من أن الأرض كانت منخفضة الجودة.
أحد الأحياء في مدينة الخضيرة.
وكانت الأرض المحيطة بالقرية مستنقعات في حين أن سكانها كانوا من البدو والرعاة العرب الذين كانوا يرعون مواشيهم في أرض القرية، وكان يسكن المنطقة عدد من العائلات من الفلاحين والبدو التي تربي الجاموس المائي وتبيع قصب البردي.
وبعد عام واحد فقط من عملية الشراء تأسست مستعمرة الخضيرة كمستعمرة زراعية من قبل أعضاء مجموعة صهيونية تدعى "أحباء صهيون" من ليتوانيا ولاتفيا.
وفي أواخر القرن التاسع عشر، كانت الخضيرة مأهولة بثلاث مجموعات رئيسية من السكان: الشركس، البوسنيين، واليهود الروس.
عاش المستوطنون اليهود الأوائل في مبنى يعرف بـ "الخان" بالقرب من الكنيس الرئيسي. وفي عام 1896، احضر البارون إدموند جيمس دي روتشيلد العمال لحفر الخنادق اللازمة لتجفيف المستنقعات، مما أدى إلى وفاة العديد منهم بسبب الملاريا، وتشير القبور القديمة في المقبرة المحلية إلى أن من بين 540 ساكنا، توفي 210 بسبب المرض.
وفي أوائل القرن العشرين، أصبحت الخضيرة مركزا اقتصاديا إقليميا، وضمت المستوطنة 40 أسرة، وكروم العنب، بمساحة تزيد على 30,000 دونم.
ووقعت نزاعات كثيرة بين المستوطنين وسكان المنطقة العرب الأصليين وتم حل النزاعات على الأراضي في المنطقة بحلول الثلاثينيات من القرن الماضي.
وفي فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، أظهر تعداد عام 1922 أن عدد سكان الخضيرة كان 540 نسمة، منهم 90 مسلما ومسيحيا و450 يهوديا.
ويعيش في مدينة الخضيرة حاليا نحو 85 ألف نسمة، بمن فيهم السكان الذين يعيشون في القرى التي ألحقت بالمدينة على مر السنين، إضافة إلى الأحياء التي أنشئت حول المستوطنة الأصلية.
شاطىء الخضيرة على الساحل الفلسطيني..
وبعد حرب عام 1948، توسعت الخضيرة وزاد عدد سكانها بشكل كبير مع توافد المهاجرين اليهود، ومعظمهم من أوروبا. وحصلت الخضيرة على وضع المجلس البلدي عام 1936، وتم إعلانها مدينة عام 1952.
واعتمد المستوطنون الأوائل على زراعة بيارات الحمضيات والموز، ولكن مع ازدياد عدد السكان وتحويل الأرض للسكن أخذ المجال الزراعي بالتراجع لصالح الصناعي إذ يعمل سكان الخضيرة حاليا في التجارة والصناعة وقطاع السياحة.
وافتتح أول مصنع للورق في الخضيرة، بتمويل من مستثمرين من الولايات المتحدة، البرازيل واستراليا، وتم تصميم هذا المصنع لتلبية جميع احتياجات دولة الاحتلال من الورق، إضافة إلى مصنع للإطارات، كما توجد مصانع لمعالجة المعادن، وتجهيز الحمضيات، وتعليب الخضراوات.
كما تقع محطة توليد الطاقة "أوروت رابين"، أكبر محطة طاقة في البلاد، في مدينة الخضيرة، وتحتوي الخضيرة أيضا على أكبر محطة تحلية في العالم.
محطة توليد الطاقة في الخضيرة كما تبدو من منطقة المنتزه.
وفي السنوات الأخيرة، تم تجديد مركز المدينة وبناء منتزه، كما يجري تطوير أحياء جديدة في الجزء الشمالي الشرقي من المدينة، وإنشاء حديقة كبيرة ومراكز تسوق وفنادق.
ويصب في البحر الأبيض المتوسط عند مدينة الخضيرة، نهر الخضيرة ويعرف أيضا باسم نهر المفجر، ووادي عارة، ووادي أبو نار، وهو مجرى مائي موسمي يتدفق من المرتفعات في الأجزاء الشمالية الغربية من جبال نابلس في الضفة الغربية .
وعلى مر السنوات، أدى النمو السريع وإقامة المصانع في منطقة الخضيرة إلى تدفق مياه الصرف الصحي والمصانع إلى نهر الخضيرة، مما أدى إلى تلوث المقطع الغربي منه وتلوث المنطقة بفعل مخلفات المصانع ومحطات الطاقة والتحلية وغيرها.
وتردد اسم مدينة الخضيرة في الآونة الأخيرة على وقع عدد من العمليات التي استهدفت المستوطنين على وقع ما يشهده قطاع غزة من حرب إبادة جماعية يشنها الاحتلال الإسرائيلي بدعم غير مشروط من الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية على رأسها بريطانيا.
المصادر
ـ "مدينة الخضيرة..أرض العمليات الفدائية ضد المستوطنين"، الجزيرة نت، 9/10/2024.
ـ موسوعة المصطلحات (الخضيرة)، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار).
ـ قسطنطين خمار، موسوعة فلسطين الجغرافية، ط3، 1988.
ـ وادي عارة، الموسوعة الفلسطينية، 29/5/2020.