في قراءة سياسية دقيقة ومتأنية للتهديدات الإسرائيلية للبنان عمومًا ولـ "حزب الله" خصوصًا، والتي أصبحت أكثر من يومية، يُمكن استشفاف ما فيها من مخاوف، ويمكن بالتالي وصفها بذاك الذي يسير وحده في ظلمات الليل فيلجأ إلى إبعاد ما ينتابه من خوف، حتى من خياله، بالتصفير ومحادثة نفسه بنفسه. 
فالمسؤولون الإسرائيليون، الذين كانوا حتى الأمس القريب يعانون من مآزق سياسية داخلية ويُتهمون بالفساد، يعرفون أكثر من غيرهم أن ما يعيشه الإسرائيليون هو أشبه بالوهم أكثر مما هو حقيقة، خصوصًا بعدما اكتشفوا هشاشة التركيبة السلطوية، التي تشمل أيضًا الجانب العسكري، وبالأخص ما له علاقة بالأمن الاستباقي، أو ما يُعرف بالأمن المخابراتي، حيث فضحت الهجمات المباغتة، التي قامت بها فصائل المقاومة الفلسطينية، "كرتونية" هذه التركيبة، التي أثبتت فشلها الذريع.

وهذا الفشل، كما يرى تردداته كثر من الخبراء في الشأن العسكري، سيمتدّ إلى أبعد مما يمكن تصوّره، خصوصًا إذا ارتكب بعض أصحاب الرؤوس الحامية في السلطة الإسرائيلية حماقة ذات وجهين: الوجه الأول يتمثّل بقيام العدو باجتياح قطاع غزّة برًّا. أمّا الوجه الثاني فهو يكمن في أي مغامرة قد يقوم بها هؤلاء إذا فكرّوا أن أي حرب ضد لبنان ستكون بمثابة نزهة. 
فمن يقرأ ما بين سطور التهديدات الإسرائيلية يدرك أن من يطلقها لا يجرؤون على تنفيذ، ولو جزء يسير من هذه التهديدات، لأنهم يعرفون في قرارة أنفسهم أنهم يفتحون على أنفسهم وعلى كل شبر من أرض فلسطين المحتلة أبواب الجحيم، وأنهم يكونون بهذه المغامرة كمن يطلق المارد من قمقمه. 
ولذلك، واستنادًا إلى هذه الواقعية، فإن هذه التهديدات تكشف ما ينتاب العدو من خوف الخوض في غمار أي مغامرة ضد لبنان، لكنه يحاول في الوقت نفسه أن يبيع الدول الغربية، التي تسعى إلى إبعاد شبح الحرب، من كيسها ومن رصيدها.  
في المقابل، فإن من تتبع المواقف، التي أطلقها وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان في جولته الأخيرة، التي شملت لبنان وقطر، يلاحظ أنه كان يتقصد أن يضمّنها بعض الالتباس، حيث كان يلجأ إلى سياسة "ضربة على الحافر وضربة على المسمار". وهذه المواقف يمكن فهمها من خلال تصريح الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي رفض اتهام إيران بأن تكون وراء الهجمات، التي شنتها كتائب "القسام"، ضد المستوطنات الإسرائيلية.  
فما يخفيه الحزب من أوراق مستورة يقلق الإسرائيليين، خصوصًا أنه يعتمد تكتيك المفاجآت التدريجية في هذا الصراع المفتوح على كل الاحتمالات، بحيث تكون جبهة الجنوب ملازمة لجبهة غزة، أو تكون بمثابة الخرطوشة الأخيرة في ساعة الحسم، وهي متروكة، كما يقول الخبراء، كورقة احتياط في المخطط الاستراتيجي، الذي يتبعه"حزب الله"حتى الآن وفق آليات ما يُسمى بـ "قواعد الاشتباك". 
فالحزب ابلغ جميع من يعنيهم الامر أن مسألة مشاركته في المواجهة المفتوحة مرهون بمسار التطورات الدراماتيكية في جبهة غزة الملتهبة، فهو سيبقى على تخوم هذه المعركة ما دامت اسرائيل خارج النطاق الجغرافي لغزة وقطاعها. اما إذا قررت اسرائيل اجتياحًا بريًا فهو سيكون حتما في حلّ من أي تعهد أو التزام بالحياد. وهذا ما يخيف إسرائيل غير المستعدة لأن تفتح على نفسها جحيم الحرب على أكثر من جبهة. 
 
وحيال ذلك فإن الحزب، وفق متصلين به، سيظل يتعمد اعتماد سياسة الغموض. فهو غير مضطر الى طمأنة أحد. واذ كانت تلك مسلمة يعتمدها منذ بداية الاحداث فإنه لن يتردّد في  الاعلان بأنه ماض قدمًا في ابقاء الوضع على الحدود في حال تسخين دائم حتى إذا احتاج الامر الى أكثر من ذلك، حيث يكون بكامل جهوزيته للتعامل مع أي تطور يقتضي منه أن يبدّل من طبيعة تعاطيه مع هذه التطورات.  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: أکثر من خصوص ا

إقرأ أيضاً:

الفصائل ترد على انباء خروج قياداتها الى ايران بعد التهديدات الإسرائيلية: الموساد يقف خلفها - عاجل

بغداد اليوم - بغداد 

رد مصدر مقرب من فصائل المقاومة العراقية، اليوم الخميس (21 تشرين الثاني 2024)، على انباء خروج 9 من قيادات الفصائل الى العاصمة الإيرانية طهران بعد التهديدات الإسرائيلية بضرب العراق.

وقال المصدر في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن" الفصائل لا تولي أي أهمية للشائعات التي تروج لها شبكات الحرب النفسية التي يقودها الموساد الصهيوني واذرعه في المنطقة وهي تنفق ملايين الدولارات من اجل الترويج لأكاذيب وافتراءات".

وأضاف، أن" الانباء التي تتناقلها بعض المنصات والمواقع عن خروج 9 من قيادات الفصائل العراقية الى طهران غير دقيقة، والقيادات مستمرة في اداء واجباتها ضمن مسارات مقاومة الكيان الصهيوني ".

وأشار المصدر الى، أن" الفصائل العراقية جزء من محور المقاومة في منطقة الشرق الأوسط لمواجهة اجندة الكيان الصهيوني وقيادات الفصائل تدرك خطورة الموقف الحالي وهي مستمرة في أداء واجباتها، مؤكدا أن ما يطلق من شائعات وخلط للأوراق ما هو الا اجندة صهيونية برعاية أمريكية معروفة الدوافع والراي العام لن تنطلي عليه هذه الأكاذيب".

وأعلنت مواقع عربية وإسرائيلية يوم السبت الماضي،  خروج عدد من قادة الفصائل العراقية المسلحة المدعومة من طهران، من العراق والتوجه نحو إيران بعد تهديدات عن عزم إسرائيل تصفيتهم.

ووفقا لموقع "العين الإخبارية" فأن" القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أبلغ قادة تلك الفصائل وبعضهم قيادات في الإطار الشيعي التنسيقي (الحزب الحاكم) بضرورة الخروج من العراق، وفق مؤشرات وتهديدات على عزم إسرائيل استهداف قادة تلك الفصائل المسلحة.

ووفق المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن هويته إن "الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي كان أول الشخصيات التي غادرت العراق واستقرت في مدينة مشهد شمال شرق إيران، وقد ظهر في خطبة صلاة الجمعة الماضية بطهران في الصف الأول، وهي الصلاة التي أداها المرشد علي خامنئي".

وأضاف المصدر أن "زعيم جماعة حركة كتائب سيد الشهداء أبو آلاء الولائي خرج هو الآخر من العراق عبر المنافذ البرية باتجاه إيران"، مبينا أن الولائي خرج مساء اليوم عبر منفذ مهران الحدودي بين إيران والعراق.

وتابع المصدر أن "زعيم منظمة بدر والقيادي في الإطار الشيعي هادي العامري هو الآخر خرج الجمعة الماضية من مطار النجف الدولي باتجاه طهران، بعدما زار محافظة كربلاء المقدسة لدى الشيعة وقام بزيارة مرقد الإمام الحسين وأخيه أبوالفضل العباس".

وأشار المصدر العراقي إلى أن "قائد كتائب الإمام علي شبل الزيدي هو الآخر خرج من بغداد باتجاه العراق الجمعة عبر منفذ المنذرية، الذي يربط محافظة ديالى العراقية مع محافظة كرمنشاه غرب إيران".

ويؤكد المصدر أن "زعيم كتائب حزب الله أبوحسين الحميداوي موجود في العاصمة طهران منذ قرابة ثمانية أيام، تحسباً لهجمات إسرائيلية"، منوهاً أن "زعيم حركة النجباء أكرم الكعبي مستقر في محافظة قم وسط إيران منذ فترة طويلة".

وتعد كتائب حزب الله والنجباء وكتائب سيد الشهداء من الجهات التي تشن هجمات بالطائرات المسيرة على إسرائيل وكذلك القوات الأمريكية، وهي تنشر بيانات تحت مسمى "المقاومة الإسلامية في العراق".

ويرى مراقبون أن استمرار الهجمات من قبل الفصائل العراقية تحرج رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أمام الولايات المتحدة التي تعمل على ضبط تحركات إسرائيل تجاه العراق.

وقبل حوال أسبوع تلقى السوداني رسالة أمريكية تطالبه بضبط تحركات تلك الفصائل، وإلا فإن الولايات المتحدة ربما لا تستطيع إقناع إسرائيل بعدم توجيه ضربات على مواقع عسكرية للفصائل والحشد الشعبي.

ويتابع المصدر حديثه أن "السوداني طلب من زعيم تيار الحكمة الوطني المعتدل عمار الحكيم، التدخل لإقناع الفصائل بعدم التصعيد لتجنب الانخراط في صراع مشابه لحرب لبنان وغزة".

فيما يقول مصدر في كتائب حزب الله العراقية لـ"العين الإخبارية" "لقد اتخذنا كافة الإجراءات الاحترازية لحماية المواقع العسكرية في عموم العراق تحسباً لهجمات معادية"، منوهاً "الفصائل عززت التنسيق والتعاون فيما بينها لمواجهة الضربات المحتملة على العراق".

وأوضح "لقد أبلغنا السوداني أن الفصائل المقاومة تعتبر أي عدوان على العراق يعني نقض الهدنة مع القوات الأمريكية الموجودة في العراق، وسوف نقوم بهجمات غير مسبوقة على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا".

 

 

 

مقالات مشابهة

  • اجتماع طارئ للجامعة العربية غدا لبحث التهديدات الإسرائيلية ضد العراق
  • اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية لبحث التهديدات الإسرائيلية ضد العراق
  • لبحث التهديدات الإسرائيلية ضد العراق.. جامعة الدول العربية تعقد دورة غير عادية على مستوى المندوبين الدائمين غدًا
  • العراق يراسل منظمات دولية ردا على التهديدات الإسرائيلية
  • وزير الخارحية العراقي يكشف حقيقة التهديدات الإسرائيلية لبلاده
  • العراق يطلب دورة غير عادية لجامعة الدول العربية بعد التهديدات الإسرائيلية
  • العراق يطلب عقد دورة غير عادية لمجلس جامعة الدول العربية لمواجهة التهديدات الإسرائيلية ضده
  • أكثر من 44 ألف شهيد في اليوم الـ412 لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة
  • الفصائل ترد على انباء خروج قياداتها الى ايران بعد التهديدات الإسرائيلية: الموساد يقف خلفها
  • الفصائل ترد على انباء خروج قياداتها الى ايران بعد التهديدات الإسرائيلية: الموساد يقف خلفها - عاجل