المتحامقون المحترفون طرقوا كل المجالات فدخلوا عالم الأدب والشعر من باب السرقة، ونشروا كتباً وقصائد وعادوا مبدعين وكتّاباً.
المتحامقون الجدد دخلوا البرلمان وتكلموا خطباء باسم أحزاب واعتلوا المناصب
قررت أن أصحب ضميري إلى الحانة وأجعله لا يصحو من سكره لعله يدفعني لأجد مكاني بين المتحامقين الجدد كي أعيش في هذا العصر والجغرافيا.
يقول الشاعر:
الروح والراحة في الحُمق
وفي زوال العقل والخرق
فمن أراد العيش في راحة
فليلزم الجهل مع الحُمق
ربما إذا غاب الضمير عن صحوه عدل عن الجد وأهمل العقل والتحق بركب التحامق على صفحات الجهل الطاغي في حانوت أزرق بلا كتب ولا علم.
وإذا كان الحمقى في قديم الزمان يثيرون ضحك الناس بمواقفهم ونكتهم العفوية فما أحوج هؤلاء إلى ابتسامة قلوبهم التي ربما كلّت وتعبت من هم الحياة، وفي تاريخ الأدب العربي حمقى كثر كانوا يسترزقون من حكاياتهم وقصصهم الساخرة في مجالس الملوك والأمراء.
أما المتحامقون الجدد فقد دخلوا البرلمان وتكلموا خطباء باسم أحزاب واعتلوا المناصب والكراسي وتربعوا في التلفزيونات يحللون ويعارضون ويدعمون، ومن لم يسعفهم الحظ تمددوا على منصات التواصل الاجتماعي يثيرون اشمئزازاً يدمي القلوب من حكاياتهم ومواقفهم.
أريد من ضميري ألا يصحو حتى أرسم فلسطين وشماً على جسدي، وأعلن أن نبيذي أقدم من دولة إسرائيل لأجمع "لايكات" بدم شعب صار تحت الأنقاض.
المتحامقون المحترفون طرقوا كل المجالات فدخلوا عالم الأدب والشعر من باب السرقة، ونشروا كتباً وقصائد وعادوا مبدعين وكتّاباً، وفازوا بدور البطولة في الأفلام والمسلسلات، أما المسرح فلا يغريهم لأن خشبته قاسية على أقدامهم الناعمة وجمهوره قليل.
غنوا "بوس الواوا" و"تجي نتجوز بالسر.. أهلي وأهلك ما يدرون"، وغنوا "الدنيا بنك" في دنيا عزّ فيها الفلس والرغيف والماء، وقريباً سيعز الهواء والدواء.
المتحامقون يحتفلون ولا يعملون، ينزلون إلى الشوارع في عيد العمال ويرفعون شعارات تذكرنا بأول إنسان سيّج قطعة أرض وقال "هذه لي".. يحتفلون بيوم البنات وبعيد الأمهات.. كم جميل أن نتذكرهن ولكن ليس ليوم واحد من السنة.. يرقصون في الكريسمس ويشربون نخباً في منتصف ليل رأس السنة وينتظرون هدايا أعياد ميلادهم، ويصنعون الحلوى والعصائد في المولد النبوي.
لا يضيّعون يوماً يمكن أن يقضونه بعيدا عن العمل، وإذا لم يجدوا شيئاً يحتفلون به يتذكرون جمعة النحس ويخافون ذلك اليوم ويختفون فيه لأنهم يعيشون بضربات الحظ.
أنا لا أذمهم لأنهم موجودون في كل عصر وبلد، لكنهم يتكاثرون حتى أصبحوا أسياد الواقع الذي تزيّن بالتفاهة يصولون ويمرحون فيه، لا يهم من يقود العالم ومن يهندس مصيره واقتصاده وحروبه.
أنا فقط أريد أن أخلل ضميري في النبيذ لعلي أصير يوماً بلا ضمير مثلهم، على الرغم من أن ملعبهم سيحتاج مراساً ودربة وتمارين عسيرة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة السوشال ميديا غزة
إقرأ أيضاً: