زيارة بايدن إلى إسرائيل والأردن بين حسابات الربح والخسارة
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
واشنطن- لم يكن قرار البيت الأبيض قيام الرئيس جو بايدن بزيارة إسرائيل والأردن مفاجئا لمراقبين كثيرين يدركون أن الأزمة الحالية ربما توفر معها فرصا سياسية على أصعدة عدة يجب اغتنامها.
ولم يغير البيت الأبيض موقفه الداعم للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي أكده بايدن في مناسبات عديدة منذ اللحظة الأولى لعملية "طوفان الأقصى"، وذلك رغم التذكير الخجول لإسرائيل بضرورة الحد من الخسائر في صفوف المدنيين.
وتشير تقارير إلى مقتل 30 أميركيا في هجمات حماس يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وفقدان 13 آخرين يُرجّح أنهم بين الرهائن المحتجزين لدى الحركة.
وقال الدبلوماسي السابق وخبير الشؤون الدولية ولفغانغ بوستزتاي، للجزيرة نت، إن "حرب غزة هي بالنسبة للولايات المتحدة تطور بالغ الأهمية، فمن النادر جدا أن يتدخل رئيس أميركي شخصيا في الأزمات بهذه الصورة".
أهداف
وأوضح آدم شابيرو مسؤول الملف الفلسطيني الإسرائيلي بمنظمة "الديمقراطية للعالم العربي الآن" -للجزيرة نت- أن لدى بايدن 3 أهداف هي:
إظهار مزيد من الدعم الأميركي لإسرائيل "كما لو كان ذلك ضروريا". إظهار قلقه لعائلات المواطنين الأميركيين "الذين قُتلوا أو احتجزوا كرهائن خاصة". الضغط على القيادة الإسرائيلية بشأن مخاوف واشنطن من شن أي عمل عسكري آخر وعواقبه طويلة المدى على كل من إسرائيل والولايات المتحدة، وبدرجة أقل، على الفلسطينيين.ورغم أن زيارة بايدن لإسرائيل تأتي "في لحظة حرجة لإسرائيل وللمنطقة وللعالم، ولإعادة تأكيد تضامن الولايات المتحدة معها والتزامها القوي بأمنها"، كما ذكر وزير الخارجية أنتوني بلينكن، فإن رحلته تعد في هذا التوقيت محفوفة بالمخاطر.
كما تعد بمثابة عرض دراماتيكي لدعم حليف كبير لواشنطن، بينما تحمل أخطار الفشل في حال رفض حلفاؤها العرب الطرح الأميركي للتعامل مع الأزمة.
ورجّح شابيرو "أن يكون للزيارة تأثير رمزي فقط، بما يدل على مدى ضآلة فهم حكومة الولايات المتحدة للوضع على الأرض ومدى مساهمتها في بؤس الفلسطينيين أولا وقبل كل شيء، وفي تكرار جولات الصراع المتكررة".
إشارة قوية
وأشار بوستزتاي إلى أن بايدن ينوي إظهار الدعم للحملة العسكرية الإسرائيلية البرية المتوقعة ضد حماس، واعتبر أن الزيارة إشارة قوية تجاه أي جهة تفكر في التدخل من الخارج، مثل حزب الله اللبناني وسوريا وإيران على وجه الخصوص.
وأمر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، حاملة طائرات إضافية "يو إس إس دوايت أيزنهاور" بالإبحار إلى شرق البحر المتوسط لتنضم لحاملة الطائرات "جيرالد فورد" التي وصلت قبل أيام. وجهز الجيش الأميركي حوالي 2000 جندي لأي تدخل محتمل لدعم إسرائيل.
وأفاد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، يوم الأحد، بأن الإدارة منخرطة في "دبلوماسية القنوات الخلفية" مع طهران لإرسال الرسالة نفسها التي كانت تنقلها علنا حول عدم تصعيد الأزمة أكثر.
وخلف الكواليس، يناقش بايدن وفريقه الاحتمالات المختلفة في حالة تصاعد الأزمة، وقال سوليفان "لا يمكننا استبعاد أن تختار إيران الانخراط بشكل مباشر بطريقة ما، علينا أن نستعد لكل حالة طوارئ محتملة".
واشنطن أرسلت حاملتي طائرات إلى شرق البحر المتوسط لدعم إسرائيل (الفرنسية) خياراتمن ناحية أخرى، سيركز جزء من زيارة بايدن إلى إسرائيل والأردن على الحصول على مزيد من المعلومات حول الرهائن حتى تتمكن واشنطن من "تطوير خيارات سياسية"، وفق تصريح سوليفان.
وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط السفير ديفيد ماك، والذي سبق له العمل في قنصلية بلاده بالقدس -للجزيرة نت- إن بايدن يهدف بالأساس "للتوصل لاتفاقيات بين إسرائيل ومصر تسمح لجميع المواطنين الأميركيين وغيرهم من الأجانب المحاصرين في غزة بمغادرة القطاع، مع السماح بدخول الغذاء والدواء والإمدادات الإنسانية الأخرى التي غزة في أمس الحاجة لها".
وتجري واشنطن محادثات مع مصر وإسرائيل منذ عدة أيام للتوصل إلى اتفاق بشأن إعادة فتح معبر رفح الحدودي مؤقتا. وصرح وزير الخارجية الأميركي بلينكن بأن بلاده وإسرائيل "اتفقتا على وضع خطة تمكن المساعدات الإنسانية من الدول المانحة والمنظمات متعددة الأطراف من الوصول إلى المدنيين في غزة".
وأضاف أن بايدن خلال الرحلة "سيسمع من إسرائيل كيف ستدير عملياتها بطريقة تقلل من الخسائر في صفوف المدنيين وتمكن من تدفق المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة بطريقة لا تفيد حماس".
سيركز بايدن خلال زيارته على الحصول على أكبر قدر من المعلومات عن الأميركيين المأسورين لدى حماس (الأوروبية) ضغطويضغط المسؤولون الأميركيون على نظرائهم في مصر لإنشاء ممر إنساني يسمح للمدنيين -بمن فيهم مئات المواطنين الأميركيين- بالخروج إلى سيناء. لكن تلك الجهود لم تثمر بعد عن أي ترتيبات في هذا الاتجاه رغم تعهد بلينكن خلال زيارته للقاهرة بأن "رفح ستكون مفتوحة".
واعتبر السفير ماك أن "الضغط على حماس لإجراء مفاوضات تؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن مقابل إنهاء الإجراءات العسكرية الإسرائيلية التي تسبب معاناة لأكثر من مليوني مدني فلسطيني في غزة، إضافة للهجمات على فلسطينيي الضفة الغربية"، سيكون بمثابة نجاح لجهود بايدن.
وأوضح بوستزتاي أن بايدن سيشرح الموقف الأميركي لزعماء مصر والسلطة الفلسطينية والأردن من الصراع المتفجر، ويعد بتقديم الدعم في حال حدوث أي أزمة إنسانية ناجمة عن الصراع الذي يؤثر على القاهرة وعمان.
ويضيف "وبطبيعة الحال، يدرك الرئيس بايدن تماما أن نقل عدد كبير من اللاجئين من غزة قد يكون له تأثير على مصلحة الأمن القومي لمصر والأردن. وأعتقد أنه سيعد أيضا بتقديم مساعدات مالية كبيرة للسلطة الفلسطينية".
ويقول بوستزتاي إن "بايدن سيوضح أيضا للقيادة الإسرائيلية أن أميركا لن تقبل بوقوع خسائر كبيرة بين المدنيين الفلسطينيين، وأنه يجب السماح بالمساعدات الإنسانية وأن الحملة العسكرية يجب أن تنتهي سريعا. وهناك فرصة جيدة لأن يحقق بايدن هذا الهدف، لأن إسرائيل تعتمد إلى حد كبير على دعم واشنطن".
إجبار
وتم إلغاء زيارة بايدن، الاثنين، إلى كولورادو ويمثل هذا الإلغاء غير المعتاد مثالا آخر على أن عملية "طوفان الأقصى" قد أجبرت البيت الأبيض على إعادة توجيه فوري لأولويات الرئيس وجدوله الزمني، بينما يواجه حقائق حرب جديدة لا يبعد صداها كثيرا عن الشأن السياسي الأميركي الداخلي.
كما تفرض أزمة غزة واحتمال استمرار القتال لأسابيع، تغييرا كبيرا في أولويات البيت الأبيض، حيث يشغل الشرق الأوسط الجزء الأكبر من وقت الرئيس على الأقل في المدى القريب.
ومع تراجع نسبة شعبية بايدن في مختلف استطلاعات الرأي لما دون الـ 40%، يرى بعض المراقبين أن أزمة غزة قد تلعب دورا في إظهاره رئيسا قويا لا يجنبه عمره المرتفع من اتخاذ مواقف وقرارات حاسمة، وزيارة مناطق التوتر عند الضرورة.
وتدرك إدارة بايدن كذلك أن تزايد المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في مدن وجامعات أميركية عديدة، دفعت إلى بعض التحول في سرد الإعلام الأميركي للأحداث، ولذلك تبعات واضحة على الرأي العام الأميركي.
من هنا يخشى فريق بايدن للأمن القومي من أي مفاجآت غير سارة أثناء الزيارة أو عقبها. ويلوح خطر نشوب صراع أوسع، خاصة مع إيران، بشكل كبير في حسابات السياسة الخارجية لبايدن، ويمكن أن يضر أيضا بمكانته المحلية في الوقت الذي يواجه فيه حملة إعادة انتخابه.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة "سي إن إن"، يوم الأحد الماضي، أن أقل من نصف الأميركيين (47%) يثقون في قدرة بايدن على اتخاذ القرارات الصحيحة في الصراع.
واعتبر شابيرو أن "بايدن يواجه خطرا حقيقيا يتمثل في الوجود على الأرض في تل أبيب عندما تدخل الدبابات الإسرائيلية إلى غزة، مما يعزز الانطباع، إن لم يكن المسؤولية الفعلية، بأن الولايات المتحدة دعمت وشاركت في جهود الإبادة الجماعية التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: البیت الأبیض زیارة بایدن فی غزة
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: إسرائيل تهدم شمال غزة وتعزز مواقعها العسكرية
أظهرت صور الأقمار الصناعية ومقاطع فيديو مؤكدة وتقارير، أن إسرائيل تقوم بهدم واسع النطاق في مناطق سكنية بشمال غزة وتعزيز مواقع عسكرية، مما أجبر عشرات الآلاف من الفلسطينيين على مغادرة منازلهم، حسبما نشرت واشنطن بوست.
الهجمات العسكرية الإسرائيلية والتهجير القسريتقول الصحيفة، أعلنت قوات الدفاع الإسرائيلية (IDF) أنها بدأت هجومًا جويًا وبريًا في 5 أكتوبر على المناطق الشمالية من غزة، بما في ذلك جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، لإخراج مقاتلي حماس الذين أعادوا تجميع صفوفهم هناك. وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 100 ألف فلسطيني أُجبروا على مغادرة المناطق المتضررة خلال الأسابيع الـ11 الماضية.
مخيم جباليا صور الأقمار الصناعية تكشف حجم الدماروفقًا لتحليل صور الأقمار الصناعية عالية الدقة من واشنطن بوست، فقد تم تدمير ما يقرب من نصف مخيم جباليا للاجئين أو تطهيره بين 14 أكتوبر و15 ديسمبر.
وقد أظهرت الصور إنشاء محور عسكري يمتد من البحر إلى السياج الحدودي مع إسرائيل، وهو ما يعكس تحويل منطقة ممر نتساريم العسكرية وسط غزة.
صورة جوية تظهر الدمار في جبالياإنشاء ممر عسكري وتدمير مدن فلسطينية
بينما لم تقدم إسرائيل تفسيرًا علنيًا لعمليات الهدم والتحصين هذه، يشير المحللون إلى أن المحور الجديد قد يساعد في فصل الشمال عن مدينة غزة، مما يخلق منطقة عازلة لحماية المجتمعات الإسرائيلية الجنوبية من الهجمات.
تصاعد الدمار وفقًا لبيانات الأمم المتحدةبحسب مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة، تم تدمير ثلث المباني في محافظة شمال غزة منذ بداية الحرب، بما في ذلك أكثر من 5 آلاف مبنى في جباليا و3 آلاف في بيت لاهيا و 2000 في بيت حانون.
غزة حسب القمر الصناعي الظروف الإنسانية المتدهورة وشهادات السكانيشير السكان إلى أن الحياة في شمال غزة أصبحت مستحيلة، وقال سعيد الكيلاني من بيت لاهيا: “لا يوجد شيء هنا يدعم الحياة. كل شيء تم تدميره لإجبار الناس على المغادرة”.
دبابة اسرتئيلية على الحدود مع غزة إخلاء قسري ومآسي إنسانيةروى سكان شمال غزة كيف أجبروا على الفرار بعد تعرضهم لقصف مكثف، بما في ذلك استهداف المنازل والمدارس التي لجأت إليها العائلات.
وأكدت صور الأقمار الصناعية وجود آليات عسكرية إسرائيلية حول المستشفيات والمدارس، حيث تم فصل الرجال عن النساء والأطفال في عمليات تفتيش واسعة.
شهادات عن العنف والانتهاكاتذكر العديد من السكان أنهم تعرضوا للضرب والإهانة أثناء محاولات الفرار، كما أشار بعضهم إلى أن القوات الإسرائيلية صادرت ممتلكاتهم وأجبرتهم على البقاء لساعات في مواقع عسكرية مؤقتة.
إعادة تشكيل الجغرافيا العسكرية في شمال غزةأظهرت الصور الملتقطة من الأقمار الصناعية إنشاء تحصينات عسكرية جديدة، بما في ذلك سواتر ترابية وطرق تم شقها عبر المناطق المدمرة.
ووفقًا للخبراء، تهدف هذه التحركات إلى إنشاء خط دفاعي جديد يجلب المناطق الشمالية تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية.
السيطرة العسكرية طويلة الأمد؟قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إنه حتى بعد القضاء على حماس، ستواصل إسرائيل السيطرة الأمنية على غزة مع “حرية كاملة للتحرك”.
تشير البيانات والصور إلى أن الحملة الإسرائيلية في شمال غزة مستمرة بوتيرة متسارعة، مع تزايد الدمار والتهجير، ما يثير تساؤلات حول الأهداف العسكرية والإنسانية لهذه العمليات.
اقرأ أيضاًشرق غزة.. 3 شهداء ومصابون في قصف الاحتلال لفلسطينيين بحي الشجاعية
ارتفاع عدد ضحايا العدوان على غزة لـ45317 شهيدًا.. والاحتلال يرتكب 5 مجازر خلال 24 ساعة
استشهاد 3 فلسطينيين في قصف إسرائيلي لمستشفى كمال عدوان شمال غزة