مزيد من العروض وحزب الله يرفض إعطاء أيّ تعهّد
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
كتب ابراهيم بيرم في" النهار": "لم يعد لدينا ما نقوله ونفصح عنه، فالكلمة الفصل عندنا صارت مرهونة بما يفترض أن يقرره الإسرائيلي والأميركي نهائياً خلال الساعات الـ72 المقبلة، وهي المهلة الزمنية التي نتوقع بناءً على معطيات وردتنا أن يكون الطرفان الإسرائيلي والأميركي حزما خلالها أمرهما وأنهيا رحلة الارتباك التي يعيشانها منذ صبيحة السابع من الشهر الجاري، وقررا طريقة التعاطي مع الوضع في غزة وعما إن كانت تل أبيب ستمضي في تنفيذ تهديداتها المعلنة باقتحام المدينة المنكوبة براً أم ستستوعب الضربة القوية التي تلقتها وتجنح تالياً نحو دائرة التفاوض والتسويات".
هذه هي خلاصة أي جولة أفق تُجرى مع أي قيادي في حزب الله تطلب منه الإجابة عن سؤال "متى تغادرون هوامش المواجهة التي تمارسونها على الحدود وتلجون صلب الحرب المفتوحة مع إسرائيل بعدما فتحت حركة حماس بالتنسيق معكم أبواب المنازلة الكبرى عندما شنّت هجومها الصاعق على غلاف غزة"؟
منسوب الارتياح عند الحزب يزداد عندما يعرف أن واشنطن ودولاً أوروبية مضطرة لأن تعد حساباتها بناءً على حركة الحزب ونيّاته واحتمالات ما يمكن أن يقوم به في مقبل الأيام. وعلاوة على ذلك، كان الحزب يتمعّن في قراءة التقارير الإعلامية الإسرائيلية التي تتحدث عن "أن قوته الصاروخية تعادل قوة دول أوروبية مجتمعة"، وسواء كان إطلاق هذه التقديرات من باب التهويل والتضخيم لكي تبرر عدم دخولها في أي مواجهة مع الحزب أو أنه جزء من "بروباغندا" التحريض عليه، فإن الحزب يستشعر أكثر من أي يوم مضى بأن الجهود التي يبذلها منذ عام 2006 ليرفع مستوى قواه الرادعة قد آتت ثمارها وحققت المنشود منها.
وفي الأعمق من ذلك، فإن الحزب يستشعر جدياً أنه يملك زمام المبادرة على الحدود وأن إسرائيل وفق كل حساباتها عاجزة عن فتح أبواب المواجهة مع الحزب أو أنها تحسب لذلك ألف حساب وأنها استطراداً تجنّد العالم الغربي كله وتدفعه إلى إيفاد ممثّليه إلى بيروت بهدف "التحذير والنصح والتمنّي" ليبقى الوضع على الحدود هادئاً.
وإن كان الحزب وفق هذه الرؤية يرهن مستقبل حركته الميدانية بمآلات الوضع في غزة فما هي تصوراته؟
ما تزال تلك المصادر تعتقد أن تل أبيب ما انفكت حتى الساعة تحت وطأة الصدمة ولم تنجح في استيعاب مفاعيل الضربة التي تلقّتها صبيحة السابع من الشهر الجاري. لذا فما زالت في حال ارتباك وعجز عن اتخاذ أي قرار بالمضي نحو اجتياح بري للمدينة كما تهدد، وهي في الوقت عينه غير قادرة على الجنوح نحو التهدئة والبحث عن تسويات خصوصاً أنها ترفض قبول فكرة أنها مهزومة. والواضح أن الدخول الأميركي القوي والمباشر على الخط قد أسهم في زيادة منسوب الارتباك عند الإسرائيلي ويدفعه إلى محاولات الحسم في غزة آملاً من ذلك تحسين معنوياته وورقة شروطه التفاوضية لاحقاً.
وتتحدث الدوائر عينها عن أن ثمة من الموفدين الغربيين الذين زاروا بيروت خلال الأيام القليلة الماضية بعثوا سراً إلى الحزب رسائل مفادها أن أعطونا بعض الوقت لكي نروّض الذئب الجريح وننجح في جرّه إلى دائرة التفاوض السياسي.
لكن ما لم تقله تلك المصادر أن الحزب ليس بمقدوره إعطاء أي تعهّد أو تطمينات واستطراداً لم يعد بمقدوره إلا المضيّ قدماً في ما بدأه على الحدود منذ اليوم التالي لانطلاق "طوفان الأقصى" ما يبقي الأمور على سخونتها هناك.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: على الحدود
إقرأ أيضاً:
رسائل ود من حزب الله للحكّام الجدد في دمشق
كتب ابراهيم حيدر في" النهار": مع موقف لافت أطلقه أخيراً أحد وزيري "حزب الله" مصطفى بيرم وقال فيه "إننا نحترم خيار الشعب السوري، ونحن منفتحون ومرتاحون إلى تصريحاتهم"، بدا جليّاً أن الحزب اتخذ قراره النهائي في شأن التعامل مع التحوّل السياسي الكبير في سوريا الذي تكرّس بسقوط نظام بشار الأسد، وحلول حاكمين جدد محله هم بالأساس على طرف نقيض مع الحزب.
والواضح أن هذا القرار قائم على إبداء الاستعداد لفتح صفحة جديدة مستقبلاً مع الحكام الجدد في عاصمة الأمويين.
لم يكن كلام الوزير بيرم الرسالة الإيجابية الأولى من جانب الحزب إلى السلطة الوليدة في سوريا، إذ ثمة من يعتبر أن الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أصدر مقدمات انفتاحية عندما صدر عنه في إطلالته الإعلامية الأخيرة كلام ليّن بدا فيه وكأنه يقول: لقد أخذنا علماً بأمرين:
الأول أننا خسرنا بهذا التحوّل طريق الإمداد الأساسي لنا.
والثاني أننا ننتظر مآلات المخاض السوري لنبني على الشيء مقتضاه.
وبهذا المعنى كان واضحاً أن الحزب يقر أمام جمهوره المفجوع والعالم الخارجي بفقدان حليف تاريخي ثابت دافع عنه ودفع أثماناً باهظة للحيلولة دون سقوطه سابقاً، وهو نظام بشار الأسد، وخسرنا استطراداً جغرافيا أساسية كانت إضافة إلى أنها خط إمداد أساسي، قاعدة ارتكاز خلفي مكين.
فضلاً عن ذلك كان الحزب بهذا الكلام يأخذ لنفسه مهلة لتقليب الأمر المستجد، في العاصمة السورية على وجوهه كافة. وللأهمية شكل الحزب خلية من ذوي الاختصاص والمعرفة أوكل إليها مهمة إصدار الحكم النهائي على أداء الحكام الجدد الذين نجحوا في تحقيق غلبة وحسموا صراعات ممتدة منذ عام 2011 وبالتالي نجحوا في قلب كل المعادلات القديمة، وقضى القرار النهائي بـ:
- طيّ صفحة معاداة الحكام الجدد خصوصاً وقد أطلقوا منذ دخولهم دمشق خطاباً رصيناً ينمّ عن وعي وإحاطة.
- أن الحزب تلقى عبر قنوات عدة خفية معطيات تشفّ عن رغبة الحكام الجدد في المضيّ قدماً في نهج تعامل جديد يقوم على التصالح سعياً منهم إلى نيل الاعتراف بشرعية حكمهم.
وبناءً على ذلك بدا الحزب كأنه يقرّ بالأمر الواقع المستجد وبالمعادلات الآتية معه، وأقر أيضاً بضرورة الأخذ بسياسة تقنين الخسائر وتضييق دائرة المعادين والاستعداد لمرحلة انفتاح مستقبلية على دمشق الجديدة يجب العمل لفتحها بهدوء وتدرّج.
وإن كان أمراً ثقيل الوطأة على الحزب أن يعترف دفعة واحدة بأنه بات لزاماً عليه الإذعان للأمر الواقع الفارض نفسه بعناد في سوريا وأنه بات عليه استطراداً بعث رسائل إيجابية للحاكمين الجدد في دمشق وصفها البعض بأنها "رسائل غزل"، فإن الأمر كان قليل الوطأة وخفيف الحمل عند الطرف الآخر من الثنائي الشيعي أي حركة "أمل"، إذ لم يكن صعباً على رموز الحركة أن يتجاهلوا الحدث السوري رغم حماوته وأن يعتصموا بحبل الصمت حيال التحوّل الذي هزّ المنطقة. الذين اعتادوا التعبير عن موقف الحركة قالوا صراحة إنهم يلتزمون بتوجيهات أتتهم من رئيس الحركة الرئيس نبيه بري، ومع ذلك كان واضحاً للراصدين أن الحركة لم تعد منذ زمن المعتمد الأول للنظام في دمشق ما يوجب عليها التحرك، وتحديداً مع تسلم الرئيس بشار الأسد الحكم خلفاً لوالده إذ من يومها ساد فتور أقرب إلى البرودة بين الطرفين، وانحدر الأمر إلى قطيعة في الآونة الأخيرة بفعل تطورات كثيرة.
ولكن هذا الصمت من جهة عين التينة لا ينفي أن في أوساطها كلاماً مكتوماً ينطوي على انتقادات توجّه لأداء عنوانه "سوء تقدير" حمّل كلّ الساحة الشيعية أوزاراً وأثقالاً وخسائر كارثية.