أعلنت الإدارة العامة للتعليم بمحافظة المخواة اليوم، ترشيح ثلاثة طلاب من تعليم المخواة لمبادرة الموهوبين العرب في نسختها الثالثة.

وقدم مدير تعليم المخواة علي بن محمد الجالوق التهنئة للطلاب المرشحين ومدارسهم وأولياء أمورهم، فيما وجه قسم الموهوبين والموهوبات، بمتابعة دعم وتسخير جميع الإمكانات بما يحقق رفع جودة المشاركة.

وتعمل مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع "موهبة"، على اكتشاف ورعاية الموهوبين، والإسهام في بناء منظومة للموهبة والإبداع محلياً وإقليمياً وعالمياً، مستمدةً ذلك من رؤيتها بتمكين الموهبة والإبداع؛ كونهما الرافد الأساس لازدهار البشرية، ورسالتها الجلية نحو إيجاد بيئة محفزة، وتعزيز الشغف بالعلوم والمعرفة لبناء قادة المستقبل، وخلال مسيرتها التي تمتد لأكثر من 20 عاماً تخطى عطاء موهبة الحدود، بعد أن باتت صاحبة النهج الأكثر شمولاً في العالم في اكتشاف ورعاية وتمكين الموهوبين.

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: مبادرة الموهوبين العرب

إقرأ أيضاً:

محمد جبريل.. ختام 6 عقود من التجريب والإبداع

يقف الروائي محمد جبريل منفردا بين أبناء جيله، فقد قرأ للمتعة الذاتية، وكتب لنفسه، ولم يكن النشر يوما غايته، بقدر ما كان استجابة لنداء داخلي يدفعه للكتابة. 60 عاما قضاها في عزلته مع القراءة والتأمل والإبداع، و88 عاما مرت وهو يحيا، ومع ذلك لم تستوعب صحائفه كل أحلامه. فقد ترك إرثا أدبيا ضخما يزيد على 70 كتابا، جعلت منه أحد أعمدة السرد العربي المعاصر.

كان التاريخ قبلته، والكتابة مبدأه، والجغرافيا متكأه، والأحداث الساخنة محرابه. كتب عن عشاق مصر في كل وقت وفي أي مكان، وأصابته المرارة والحزن على مصيرهم البائس، لكنه لم يقف عند حدود التأريخ أو الرصد، بل واجه أعداء الوطن بكتاباته، فكان من أبرز أعماله: "مصر.. من يريدها بسوء؟".

استطاع محمد جبريل في روايته تلك أن يكون صورة حية عن حياة الزعيم "عمر مكرم"، وقدمها في قالب أدبي يجمع بين السرد الروائي والتوثيق التاريخي (الجزيرة)

المكان كان لعبته الكبرى، فكتب عن مدينتيه الأثيرتين، القاهرة والإسكندرية، وسرد قصة عشقه لهما، مجسدا تفاصيل الحياة اليومية في أحيائهما العريقة. كانت الإسكندرية، وخاصة منطقة بحري، مصدر إلهامه، حيث صادق أهلها ونقل صورا نابضة عنهم، بأسلوب يقترب من الواقعية السحرية.

ارتبط بعلاقة وثيقة بـ"آباء الكتابة" من أعضاء لجنة النشر للجامعيين، وعاش عصرهم، وكان شاهدا على معاناتهم وأحلامهم ودموعهم، لكنه أيضا عايش الصراعات الفكرية التي لاحقته لاحقا بـ لعنات الأبناء وأحقاد الأحفاد، كما كان يصفها.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2“شرفة آدم”.. حسين جلعاد يستكشف الأدب والوجود في عمل تأملي جديدlist 2 of 2أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثينend of list إعلان

ولد محمد جبريل عام 1938، لكنه لم يبدأ الكتابة إلا في أواخر الخمسينيات. ومع ذلك، كان يرى نفسه "كاتبا من أبناء السبعينيات"، رغم انتمائه إلى جيل الستينيات. يقول عن تجربته: "قضيت 30 عاما في القراءة، و50 عاما في كتابة ما قرأت، ومع ذلك لم أنتهِ بعد."

نال المرض من الروائي الكبير في سنواته الأخيرة، حتى أصبح جسده رهين المقعد المتحرك، لكن روحه ظلت وثابة، وعقله متقدا، وابتسامته لا تفارق وجهه. ظل يكتب ويفكر وكأنه يسابق الزمن، فلم تمنعه القيود الجسدية من مواصلة إبداعه.

قبل وفاته بفترة، التقيناه في منزله بمصر الجديدة، حيث أجرينا معه حوارا خاصا يعد شهادة على 3 أجيال من الكتّاب، تحدث خلاله عن عشقه للتاريخ، والصحافة التي أعطته أكثر مما أعطاها، وعن علاقته برموز لجنة النشر للجامعيين، مثل محمد عبد الحليم عبد الله، وعبد الحميد جودة السحّار، ونجيب محفوظ.

استعاد جبريل في حديثه ذكرياته، التي طارت بجناحين من الفخر والوفاء، متنقلة بين الأزمنة والأمكنة، وكان للجزيرة نت هذا اللقاء بحضور زوجته، الأديبة والكاتبة زينب العسال.

كان التاريخ للكاتب الراحل محمد جبريل قبلته، والكتابة مبدأه، والجغرافيا متكأه، والأحداث الساخنة محرابه (مواقع التواصل) المثقف العربي بائس وتعيس 60 عاما وأنت تعمل في الصحافة أنتجت خلالها 74 كتابا ما بين رواية ومجموعة ودراسة، ألم تكن الصحافة عاملا مكبلا لطموحك وإبداعاتك، أم أن العكس هو الصحيح ؟

كانت الصحافة عاملا مساعدا وقويا للإبداع، وفرت لي مرتبا ثابتا أتعايش به، في ظل وضع بائس وتعيس للكاتب، ففي القرن الـ21 والكاتب العربي لا يستطيع أن يعيش من مهنة الكتابة، في حين أن الكتاب في البلاد الأوروبية والأميركية يتخذون من الكتابة حرفة أساسية ومهنة من خلالها يصبحون أثرياء ويقومون برحلات يزورون فيها العالم كله.

أما الفضيحة الحقيقية في عالمنا العربي أن الكتابة لم تعد حتى الآن حرفة مثلها مثل كرة القدم، ولم يوجد في مصر بعد الكاتب الذي يستطيع أن يستغني عن الوظيفة ليتفرغ لمهنة الكتابة، ولم يوجد هذا الكاتب باستثناء عبقري الكتابة عباس العقاد، ونجيب محفوظ نفسه لم تساعده الكتابة على أن يكون كاتبا مستقلا وبقي في الوظيفة حتى خروجه على المعاش، وكذلك يحيى حقي، ولولا نباهة مثقف مثل الأستاذ محمد حسنين هيكل رئيس تحرير الأهرام الأسبق، الذي جمع الكتاب في الأهرام ليتفرغوا للكتابة فقط من خلال مرتب شهري؛ لكانوا غادروا عالم الكتابة بحثا عن لقمة العيش، وهذا ما أعتبره عارا، ليس على المستوى القومي فقط، بل وعلى المستوى الفردي أيضا، فلم يوجد بعد القارئ الذي يكفي الكاتب التحدي عند الحاجة.

إعلان

الصحافة أفادتني من حيث الاطلاع بالتتلمذ على أساتذة كبار وأعرفهم وأكتب عنهم الآن منهم سيد عويس ويحي حقي وعبد الحليم عبد الله وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ، ولم يكن من الممكن أن تتوفر لي هذه الصحبة الجميلة إلا من خلال الصحافة، بالإضافة إلى ذلك أنها أعطتني فرصة التعرف على أساطين المسرح والموسيقى ونجوم الفن.

محمد جبريل: أول كتاب قرأته بفهم هو "الأيام" لطه حسين، وكنت أقول أريد أن أكتب مثل هؤلاء الكبار، واتخذت قرارا بأن أكتب عن المكان، عن الناس والتاريخ والأيام (الجزيرة) للتراث في إبداعاتك نصيب كبير، وفي نفس الوقت يقف التاريخ موازيا للتراث، بخلطة سحرية نراك تخلط التاريخ بالتراث فتكون أعمالا كبيرة.. كيف تطاوعك هذه اللعبة في الكتابة؟

والدي كان محاسبا ومترجما ويقتني مكتبة ثرية، وللتراث فيها ركن كبير، وعلى الرفوف يقبع ابن خلدون وابن إياس والماوردي والمقريزي وحي بن يقظان وهناك أيضا أساطير ألف ليلة وليلة، وقرأت كل هذا وأنا دون الثامنة من عمري، لكن أول كتاب قرأته بفهم هو "الأيام" لطه حسين، وكنت أقول أريد أن أكتب مثل هؤلاء الكبار، واتخذت قرارا بأن أكتب عن المكان، عن الناس والتاريخ والأيام، وما دفعني لذلك مناقشات الوالد مع أصدقائه وكانوا يعتنقون فكر الحزب الوطني الذي أسسه الزعيم مصطفى كامل، ثم الحزب الوطني الجديد بزعامة نور الدين طراف وفتحي رضوان.. وكتبت، وكانت أمنيتي أن أكتب تاريخ مصر بالرواية، ولكن لم أكتب شيئا من هذا حتى الآن.

وولدت كل مشروعاتي من خلال الأفكار الواردة في كتاب "مصر في قصص كتابها المعاصرين"، منها "مصر المكان، ومصر من يريدها بسوء، ومصر الأمثال، والبطل في الوجدان الشعبي…"، وجميع كتبي بعد ذلك هم أبناء شرعيين لكتاب "مصر في قصص كتابها المعاصرين"، ثم أردت أن أكتب كتابة مغايرة، ومن خلال المسودات التي زادت عن حجم الكتاب، كتبت رواية الأسوار في أسبوعين وتوالت الأعمال الروائية والقصصية.

محمد جبريل: ولدت كل مشروعاتي من خلال الأفكار الواردة في كتاب "مصر في قصص كتابها المعاصرين" (الجزيرة) لكن ما الذي دفعك لكتابة رواية الأسوار بهذا الشكل، هل هي النكسة في 1967، أم هو الوضع القومي المتردي؟ إعلان

رواية " الأسوار" نبعت من قصة واقعية لشاب مجرم بالصدفة كان يقوم بالاشتراك مع شباب آخرين من أولاد الناس الذوات بسرقة السيارات واستخدامها في أعمال مشينة، حتى قبض عليهم البوليس واعترفوا بكل الجرائم السابقة التي ارتكبوها، وأخذوهم إلى السجن في منطقة الواحات ومرت عليهم السنوات وهم في السجن، وقالوا ماذا نفعل لكي ينتبهوا لنا ويفرجوا عنا، وتفتقت مخيلتهم عن فكرة جهنمية أن يقوموا بإشعال النار في واحد منهم، وعملوا قرعة، ومن وقعت عليه أشعلوا فيه النار، أعجبتني الفكرة، واستخدمت فيها فكرة العشاء الأخير للمسيح وخيانة يهوذا، وبدأت الكتابة بتيمة تفاعل الأنواع الفكرية وإسقاط على الواقع.

محمد جبريل: رواية " الأسوار" نبعت من قصة واقعية لشاب مجرم بالصدفة كان يقوم بالاشتراك مع شباب آخرين من أولاد الناس الذوات بسرقة السيارات واستخدامها في أعمال مشينة (الجزيرة) قوميتنا لا تعيبنا هل ما زلت تؤمن بالقومية العربية برغم كل ما حدث وجرى لها كفكرة وانهيار مشروع الوحدة العربية؟

أتساءل كثيرا لماذا اعتدنا على أن نفقد ثقتنا في أنفسنا؟ وفي مشروعنا القومي، ونفقد الثقة في فكرة الأمة التي تحاول الدول أن تتجمع من حولها من جديد، والنازية وهي شيء ذميم ومرفوض عالميا بدأت تظهر من جديد في الغرب تحت راية اليمين المتطرف، وقوميتنا ليست شيئا معيبا، نحن نتكلم عن الوحدة على أساس اللغة والدين والموقع والتاريخ والمصير الواحد..، ومن كانوا ضد ذلك إما رجعية متخلفة أو استعمار يشق الوعي والصف العربي.

أما الشعب العربي والمواطن العادي فهو الصورة الحقيقية التي أراها في التوجه القومي للعالم العربي، وأراها من خلال أحمد بهاء الدين وجمال حمدان وكامل زهيري، لا تقول لي ماركسي أو إخواني، بل هو وطن عربي واحد، وننتمي كلنا لهذه المنطقة، ولو اتفق الحكام العرب على كلمة سواء ورأوا أن تخلص الدول للشعوب وتخلص الشعوب للدول، فسنرى أن العدو محدد والخير للكل كما قال توفيق الحكيم، والذي قال مرة لو أن حروبنا في المنطقة أنفقت على شعوبنا لاستحالت المنطقة سويسرا أخرى، لأن الوحدة العربية ستمنع الحروب، وستمنع الآخرين من أن يطمعوا فينا، والفرقة والعزلة تشجع عدونا على أن يقاتلنا ويقتل أبناءنا ويوقع الفرقة بيننا، وأنا لا أدعو إلى حروب ومزيد من الدماء، لكن أدعو لوحدة عربية تمنع العدو في كل الدنيا من أن يقاتلنا ويقتلنا الواحد تلو الأخر.

إعلان نخبة في غاية البؤس كتاب "شخصيات مصرية "، وآباء الستينيات"، يعبران عن شخصيات مصرية أحببتها وكتبت عنها، هل هم امتداد مشروعك الفكري حول التاريخ والشعب والمكان؟

الكتابان هم نتاج شخصيات عرفتها وكتبت عنها في لجنة النشر للجامعيين، وهم شخصيات تعبر عن مصر التي أحببتها، ومن هؤلاء: الشيخ محمد رفعت، وعبد الله النديم، وبيرم التونسي، والشيخ محمد رفعت، وجمال حمدان، وأم كلثوم، وهم الناس الذين إن ذكروا تتجسد في سيرتهم شخصية مصر، وعددهم كبير لكن أسقطت منهم شخصا واحدا أعتبره لا يعبر عن روح الشخصية المصرية وهو يعقوب صنوع، وكتبت عن هذا الرجل بالرغم من أنني لم أحبه، وهذا ضد طبيعتي في الكتابة التي اتخذتها من البداية "ألا أكتب إلا عمن أحب"، ولكن هذا الرجل استفزني لما له من مريدين، يكثرون حوله الكلام، ويعظمونه بلقبه "أبو نظارة". يعقوب صنوع لم يكن مخلصا لهذا البلد، ولم يكن عميلا لأحد وإن كان عميلا لنفسه، لكن كان هناك شخصيات خلافية أخرى مثل الدكتور حسين فوزي، وكان يقول "لم أحب الشرق وأحببت الغرب، ولما سافرت الغرب رجعت أكثر إيمانا بكل ما آمنت به"، وبالرغم من إيمانه بالفرعونية ثم هيامه بالغرب ومنجزاته الحضارية، لكن عندما اقتربت منه، اكتشفت أنه عروبي صرف وأن قصده في كل ما كتبه هو أن يلحق الشرق بالغرب.

محمد جبريل: كتاب شخصيات مصرية هو نتاج شخصيات عرفتها وكتبت عنها في لجنة النشر للجامعيين، وهم شخصيات تعبر عن مصر التي أحببتها، وهم الناس الذين إن ذكروا تتجسد في سيرتهم شخصية مصر (الجزيرة)

أما كتاب "أباء الستينيات" فكتبته لأن جودة السحار أوصاني بالكتابة عن هؤلاء العظام، وأذكر منهم الكاتب الكبير إبراهيم المصري، هذه القامة العظيمة والمثقف الذي لا نظير له رأيته كيف عاش، وكيف كان موته، كيف مات حزينا فقيرا بائسا، وحزنت لهذا الرجل كما لم أحزن على أحد من قبل، مات ميتة بائسة في شقة فارغة تماما إلا من سرير كان ينام عليه، هذا الرجل العظيم من رواد المدرسة الحديثة، رأيت كيف استغله الأخوان علي أمين ومصطفى أمين، ولكي يدفعوا له ثمن لقمته طالبوه بكتابة قصص عن عشاق مراهقين في حجرات مظلمة، أجبروه على الكتابة التي تثير غرائز الدهماء، وكان الرجل حزينا لما آل إليه حاله ولما يكتبه،.. وما أنت يا مصر بدار الأديب، ولا أنت بالبلد الطيب، وأقول له: بل هي البلد الطيب، ولكن نخبتها في غاية البؤس !!.

نجيب محفوظ وأنا كانت علاقتك قوية بالأستاذ نجيب محفوظ، كنت تجلس معه بالساعات تتناقشان في أمور كثيرة، ثم كتبت عنه كتاب نعتبره من الكتب المهمة، كيف بدأت علاقتكما وكيف استمرت ونمت وبلغت هذه الذروة في الإبداع؟

حكايتي مع نجيب محفوظ بدأت وأنا في سن صغيرة، وفتنت بروايته "خان الخليلي" ثم أصبح كاتبي الأول مع "القاهرة الجديدة" ثم "زقاق المدق" و"السراب" و"بداية ونهاية"، وتابعته حتى توقف عن الكتابة بعد 1952، توقف 7 سنوات ثم كتب الثلاثية، وخلال هذه الفترة أخرج "همس الجنون، دنيا الله، الشحاذ، الطريق"، وغيرها.

إعلان

وعرفت الأستاذ نجيب من خلال الأستاذ جودة السحار في لجنة الجامعيين للنشر، وكان يناديني: أستاذ "جبريل" بفتح الجيم، وكان يعاملني على أنني كاتب ند له، مثلما كان يعامل الجميع، وكتبت كتابا عن الأستاذ نجيب بعنوان "صداقات جيلين" وكان نتيجة لقاءات يومية، وكنت أستفزه كثيرا، وبلغ استفزازي له أنه عندما سألني متى ستنشر هذه اللقاءات؟ رددت عليه باستفزاز ووقاحة وقلت: بعد ما تموت، فرد علي وقال: طيب!! وكنت قاسيا لدرجة أنني أعنف نفسي كلما تذكرت هذا الحوار الآن، وكم كان حليما وعظيما معي.

محمد جبريل: عرفت الأستاذ نجيب من خلال الأستاذ جودة السحار في لجنة الجامعيين للنشر، وكان يناديني: أستاذ "جبريل" بفتح الجيم، وكان يعاملني على أنني كاتب ند له (الجزيرة) ولدت وعشت في الإسكندرية، ما انطباعك عن الإسكندرية الآن بعد عملية التشويه التي مرت بها وحولتها من مدينة عالمية لمدينة أشبه بالمناطق العشوائية؟

أستطيع أن أقول لك إني شخص تميزه ذاكرته الماكرة، ذاكرة تستطيع أن تتجاهل وترفض مالا يوافق طبيعتها، وعندما أزور الإسكندرية الآن لا أستدعي إلا الصورة التي أحببتها فيها، بمخيلتي أستدعي الصورة القديمة للإسكندرية، ولما أمشي في الميناء الشرقي أراها كما ألفتها وأنا طفل غرير، لا كما هي الآن، وأكتب بطريقة المنفصل المتصل، وأذهب للإسكندرية الآن وأجد أن منطقة بالكامل خلف سيدي أبو العباس لم يعد لها وجود، لكني بذاكرتي أستدعيها لتقف أمامي فأرى فيها بيت أبي وشوارع مشيت فيها، وأزقة لي فيها ذكريات وأفراح وأتراح لا تمحوها الأيام ولا يطفئها مرور السنين.

كتبت كتابا عن تجربتك في جريدة الشرق العمانية ونشرت مجلة الدراسات الإعلامية 3 حلقات منه، ثم توقف النشر بعد تدخل رئاسة الجمهورية، ما حكاية هذا الكتاب وما حيثيات توقف النشر؟

هذا الكتاب كان تجربتي في تحرير وإصدار جريدة "الشرق" التي كنت أحررها بالكامل وأخرجها لمدة 9 سنوات، ودفعت بالكتاب للأستاذ صلاح الدين حافظ للنشر في مجلة الدراسات الإعلامية الذي قدمني بشكل أخجلني لما أضفاه على شخصي من أهمية، وبعد نشر الحلقة الثالثة فوجئت بالأستاذ صلاح حافظ يتصل ويقول: كنا هنروح في داهية أنا وأنت وإبراهيم نافع، رئاسة الجمهورية اتصلت وقالت إننا نكتب مقالات تهاجم سلطنة عمان، وقال لي هاجم أي دولة، إلا سلطنة عمان فلها مكانة خاصة لدى الرئيس حسني مبارك، وتم وقف النشر، وكتب محسن محمد وكان رئيسا لمجلس الإدارة مقالا عن الموضوع وهاجمني في صفحة كاملة وشتمني من دون أن يذكر اسمي، والكتاب كان بعنوان "رحلة إلى مشرق المشرق"، ولم تكن الكتابة إلا حبا في هذا البلد، وكنت أكتب كل شيء طيب عن سلطنة عمان، ولكن حدثت وشاية من شخص آخر له مآرب أخرى عندهم فطلبوا من رئاسة الجمهورية وقف الحلقات.

محمد جبريل: لم أكن قرأت رواية رباعية الإسكندرية للورانس داريل بعد، ولما قرأتها وجدت كيف أنها رواية حقيرة، وهاجمها علي الراعي، وأحمد بهاء الدين، وكثير من النقاد الكبار، لأنها رواية تتهم المسلمين بالوضاعة (الجزيرة) "داريل" وروايته الوقحة قلت ذات مرة رواية "أهل البحر" تمثلني أكثر من رواية "بحري"… لماذا ؟ إعلان

هذه حقيقة، رواية أهل البحر عشتها بنفسي وجالست فيها صيادين ورددت معهم أغاني البحر، وعشت في "القزق" وهي ورش سفن الصيد، وكتبت لوحات متصلة منفصلة، وكلها عن بحري، ووجدت أن الشخصيات تتنوع في مناطق كثيرة من الرواية، وتتداخل الشخصيات من "أنسية إلى أبو العباس وسيدي على تمراز، وعبد الله الكاشف" وكلها أسماء مناطق في مدينة الإسكندرية، وبلغ عدد اللوحات 120 لوحة، حتى وصلت أنسية إلى الشيخ وسلمت نفسها لأنها تريد أن تنجب، ثم قامت الثورة، وتركتها مفتوحة.

صدرت هذه الرواية الطويلة في 4 أجزاء، وقالوا إنها على غرار رباعية الإسكندرية للورانس داريل، ولم أكن قرأت رواية داريل بعد، ولما قرأتها وجدت كيف أنها رواية حقيرة، وهاجمها علي الراعي، وأحمد بهاء الدين، وكثير من النقاد الكبار، لأنها رواية تتهم المسلمين بالوضاعة، وأن المسيحيين سينتصرون في المستقبل، وأن اليهود سيكونون هم قادة المنطقة، وضحك علينا داريل بالتكنيك، وانطلت علينا اللعبة وقبلناها كرواية عالمية عن مدينة الإسكندرية، وهي رواية مغرضة وسافلة، وتكتيكها استخدمه الكثير من الكتاب العرب أشهرهم فتحي غانم في الرجل الذي فقد ظله، واستخدمه الأستاذ نجيب محفوظ في ميرامار وأولاد حارتنا.

وكنا نعيش في الإسكندرية مع جنسيات مختلفة يونانية وإيطالية وكل الجنسيات الأوربية، وكان يسكن في نفس عمارتنا أسرة يهودية، فوجئنا بهم ذات صباح وقد هاجروا إلى فلسطين، وكان في الشارع فتاة يهودية تلعب معنا الكوتشينة، وكانت لديها جرأة لا تتوفر لكثير من فتيات تلك الأيام، ولما خسرت في اللعب كان علي حكم مطلوب تنفيذه، ولما قلت لها ما هو الحكم الذي تريدينه؟ قالت: أبوسك.. !!

واضح في كل أعمالك أن هناك بطولة، والبطولة مستمرة حتى في لحظة السقوط، هل يوجد ذلك في "إمام آخر الزمان" ومجموعة "هل" وغيرها من الأعمال؟

أعمالي ذاخرة بقيم البطولة والمقاومة، وصدر لي أكثر من 74 عملا تعلو من قيمة الحياة وقيمة المقاومة، وشخصياتي تعيش في حالة مطاردة مستمرة، مطاردة من الموت، ومن المرض، ومن السلطة، والمقاومة مستمرة، وكل أبطالي يعيشون أياما عصيبة في تجارب مصرية خالصة.

مقالات مشابهة

  • ترشيح رواية عراقية للفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية
  • تعليم مطروح: حصول 8 طلاب على أوائل الجمهورية في الإلقاء الشعري
  • «تعليم مطروح»: فوز 8 طلاب في مسابقة الإلقاء الشعري على مستوى الجمهورية
  • الإمارات تدعم إنشاء مراكز للأسر الحاضنة ورعاية الأيتام في أوكرانيا بـ 4.5 مليون دولار
  • الإمارات تدعم إنشاء مراكز للأسر الحاضنة ورعاية الأيتام في أوكرانيا
  • وكيل تعليم قنا: نستعد لبدء التصفيات النهائية لمبادرة «الأندية الحوارية»
  • مساعدات مالية ورعاية طبية ومعاشات لعدد من الأولى بالرعاية في الفيوم
  • «عاشور» يطلق الدعوة التنافسية لمبادرة «تحالف ‏وتنمية» لتحفيز الابتكار
  • وزير التعليم العالي: تخصيص مليار جنيه لمبادرة «تحالف وتنمية» وتعزيز دور الابتكار
  • محمد جبريل.. ختام 6 عقود من التجريب والإبداع