عربي21:
2024-11-27@23:20:50 GMT

الانتقام الوحشي من غزة لا يستفز العرب

تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT

متابعة المواقف العربية من مذبحة غزة وتدميرها، هي ضربة على الرأس تعيدنا لمرحلة الغيبوبة التي تدخل فيها مواقف عربية ودولية مع كل عدوان، لكن هذه المرة بشكل مختلف من الألم والسخرية المخزية دون الأخذ بالاعتبار لأي قيمة إنسانية وبشرية للضحايا. وبهذه الفواتير العالية جداً لمحاولة تصفية القضية الفلسطينية، فإن المتابع لمجريات العدوان على غزة ولمواقف عربية، بعد عملية "طوفان الأقصى" يكتشف أن كل ما قيل في التاريخ المعاصر عن نكبة الشعب الفلسطيني، وعن الخديعة الكبرى في الهزيمة المرتبطة بمواقف خذلان عربي وغيرها من مواقف تخص السلوك الرسمي العربي من لحظة تشكيل جيش الإنقاذ 1948، إلى الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة 12 تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، أن النكبة والهزيمة لا تحدث إن لم تكن مدعومة بتآمر وتواطؤ ذاتي ومن المستوى الذي نشهده اليوم في بعض الاصطفاف العربي خلف إسرائيل ونبذ الفلسطينيين ومقاومتهم.



التصريحات الرسمية لوزراء خارجية عرب بعد عملية طوفان الأقصى، ولقادة اجتمعوا مع وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن، الذي ظهر في عواصم عربية كأنه وزير الدعاية الصهيونية بما يذكر بجوزيف غوبلز الوزير الذي زور وقائع الجرائم النازية، في عواصم عربية كرر منها الوزير الأمريكي إيضاحاً لموقف بلاده بتقديم الدعم المطلق وغير المحدود لإسرائيل، والأهم أن الوزير الأمريكي أخذ على عاتقه تسويق الرواية الصهيونية في عواصم عربية عن إجرام" المقاومة" وتكرار مواقف الشيطنة لها وحق إسرائيل بالدفاع عن نفسها، دون أن يسمع كلمة حق بشأن مقاومة الفلسطينيين المشروعة للاحتلال، وبأن إسرائيل مسؤولة عن كل الجرائم الحاصلة لرفضها الامتثال للقانون الدولي ولمقررات الشرعية الدولية بشأن الصراع. أي بمعنى أن المفردات السياسية التي تسلح بها العرب سابقا لدعم القضية لم تعد موجودة في لغة الدفاع عن المصالح العربية والفلسطينية، حتى في سلوك السلطة الفلسطينية أثناء العدوان المستمر إن كان في الضفة الغربية والقدس، أو على غزة وتصريحات عباس عن تحميل حركة حماس المسؤولية وبأنها لا تمثل الشعب الفلسطيني، وما قيل بعد ذلك عن سحب للتصريحات، فإن السلوك على الأرض يعكس التصريحات التي أدلى بها الرئيس عباس وحاولت وكالة "وفا" التنصل منها.

تلك مواقف فلسطينية، لا تلتفت حتى للجانب الآخر في عدوها وفي تشكيل حكومة "وحدة وطنية" أو تماسك للجبهة الداخلية للاستمرار في العدوان والمواجهة، وبما يسمح لتغلغل التواطؤ الرسمي العربي مع إسرائيل ومع الضغوط الأمريكية والغربية على الشعب الفلسطيني أن تحقق خطوة تصفية القضية الفلسطينية التي أصبح اسمها الرسمي تحقيق "السلام والتطبيع" بين إسرائيل والعالم العربي. وعلى مدى الأيام الماضية من العدوان، فشلت كل محاولات إنقاذ غزة، وفشلت معها جهود وقف العدوان وإدخال المواد الغذائية والدوائية، وبدا صوت العالم كله صهيوني بامتياز، في تكرار حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.. احتشد العالم خلف الرواية الصهيونية لشيطنة المقاومة في غزة، مواقف تذكرنا بالحشد الدولي لغزو العراق وتقديم الأكاذيب، ثم تبرير الجرائم وفبركة الحقائق. وبالمقابل غابت المواقف المساندة للشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة للاحتلال بالدفاع عن نفسه وصد الجرائم عنه.

نعرف أن الانتقام الوحشي من غزة، ينطلق من الرد على تطور أسلوب المقاومة فيها، وهو انتقام من تدمير غطرسة صهيونية متأصلة تصدت لها المقاومة في غزة، الأمر الذي جعلها بنظر أعدائها من صهاينة العرب ومن المشروع الاستعماري محل حقدٍ دفين ظهر بتلك المواقف التي نتابعها.

كل ذلك، لم يلق تحشيدا رسميا عربيا مواجها للرواية الصهيونية وللضغوط الغربية والأمريكية، على العكس خرجت مواقف تشي بأن الانحدار العربي وصل لقاع القاع، وأن السياسة العربية المتفرجة على ما يجري في فلسطين، تراقبها أجيال اليوم بلحظة الحقيقة المتابعة "على الهواء مباشر" لمجازر صهيونية مدعومة بتحالف دولي وتواطؤ رسمي عربي، بمواقف تركت السياسة جانباً واتحدت خلف راية صهيونية تارةً ويهودية في مرات كثيرة، فلم يعد يميز المرء مواقف البعض الصادرة بإسناد اسرائيل على قاعدة الانتماء اليهودي أو الإيمان بعقيدة استعمارية صهيونية أباحت محو الأغيار عن الوجود، وأنهت الفاعلية اللفظية حتى لسياسة عربية كانت تندد بجرائم الاحتلال، وأصبحت اليوم تتحدث عن إدانة الفلسطينيين ومقاومتهم للاحتلال.

أخيراً، بهذا العدوان الإسرائيلي الشامل على غزة وبمواقف الدعم والإسناد له من أمريكا والغرب إلى مشرق العرب، لا يلتبس الأمر على أحد بأن ما يشبه حرباً عالمية تشن على غزة على النحو الذي سمع به العالم مواقف النفاق الدولي من إسرائيل للتعاطف مع جرائمها ومع احتلالها، وذلك ليس جديداً إذا ابتعدنا عن العبارات المستهلكة في اعتبار مجلس الأمن جزءاً من خارجية أمريكا والتأكيد على الكيل بمكيالين حيال جرائم إسرائيل وبقية القضايا العربية.

وهذا يؤكد أن لا تغيير في موقف الإدارة الأمريكية جمهورية أم ديمقراطية بالنسبة لدعم المشروع الاستعماري في فلسطين، وحالة الوحدة في إسرائيل بين مكونات الفاشية الصهيونية باعتبار الشعب الفلسطيني دمه مستباح.. كل ذلك يؤكد القيمة التي وصلت إليها سياسة عربية رسمية من قضية فلسطين، مع مواقف باهتة وهزيلة للسلطة الفلسطينية بتصريح الرئيس أبو مازن المتماهي مع مواقف عربية متصهينة بشأن غزة والمقاومة الفلسطينية، بينما وهج المذبحة والعدوان على غزة يلمع في سماء كل فلسطين، دون استفزاز لضمير عربي يسأل عن ضمائر غربية ودولية ورثت أحط أشكالها في نفاقها لصهيونية قائمة على إبادة الآخر.

twitter.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينية المقاومة فلسطين غزة المقاومة طوفان الاقصي السيوف الحديدية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی على غزة

إقرأ أيضاً:

رضوخُ حكام العرب وانبطاحُهم أمام إسرائيل.. إلى متى؟

شاهر أحمد عمير

مع مرور الأيّام، يتضح أكثر فأكثر التناقض بين مواقف الشعوب العربية ومواقف حكامها تجاه القضية الفلسطينية والجرائم الإسرائيلية؛ ففي الوقت الذي تظهر فيه بعض الدول الغربية مواقف تُظهر الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية والعدالة، نجد الحكام العرب غارقين في مستنقع التواطؤ والانبطاح أمام الكيان الصهيوني، غير آبهين بصوت شعوبهم أَو بجرائم الاحتلال.

على سبيل المثال، نرى هولندا تُعلن حظر تصدير الأسلحة لـ “إسرائيل”؛ بسَببِ إساءة جماهير المنتخب الإسرائيلي للنشيد الوطني الهولندي خلال مباراة رياضية، كما ترفض إسبانيا استقبال سفينة إسرائيلية على سواحلها، في موقف يهدف إلى تجنب دعم الإبادة الجماعية في غزة، بل إن دولًا غربية أعلنت استعدادها لاعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذَا دخل أراضيها، متهمةً إياه بارتكاب جرائم حرب.

ورغم أن هذه المواقف الغربية لا تُعتبر مواقف استراتيجية تُنهي الجرائم الإسرائيلية، إلا أنها تُظهر على الأقل احتراماً لمبادئ العدالة الإنسانية، وتُحرج الحكام العرب الذين فشلوا في اتِّخاذ أية خطوة مشابهة.

على الجانب الآخر، نرى الحكام العرب يُسارعون إلى تطبيع علاقاتهم مع “إسرائيل”، بل ويتسابقون لتقديم التنازلات، وكأنهم يخشون غضب الكيان أكثر من غضب شعوبهم، وصل الأمر ببعض الأنظمة العربية إلى التواطؤ العلني مع الاحتلال؛ فبدلًا من دعم المقاومة الفلسطينية أَو حتى الاكتفاء بالصمت، تقوم هذه الأنظمة بشن حملات تشويه للمقاومة، وتصفها بأنها “إرهاب” يهدّد الاستقرار الإقليمي.

وفي الوقت الذي تتعرض فيه غزة للقصف الوحشي، تنشغل بعض العواصم العربية بتنظيم مؤتمرات لتعزيز “التعاون الأمني” مع “إسرائيل”، ضاربةً بعرض الحائط كُـلّ قيم الأخوة والعروبة، لقد أصبح واضحًا أن هذه الأنظمة لا ترى في فلسطين قضية مركزية، بل تعتبرها عبئًا سياسيًّا تسعى للتخلص منه بأي ثمن.

في المقابل، تظل الشعوب العربية على عهدها مع فلسطين؛ ففي كُـلّ مناسبة، تثبت الجماهير العربية أنها ترفض التطبيع وتدين الخيانة، وأنها تقف مع المقاومة بوصفها الخيار الوحيد لاستعادة الحقوق المسلوبة، من المحيط إلى الخليج، تُرفع الأعلام الفلسطينية في المظاهرات، وتُسمع الهتافات المندّدة بالاحتلال.

إن هذا التناقض الصارخ يجعلنا نطرح سؤالًا أَسَاسيًا: هل هؤلاء الحكام يمثلون شعوبهم حقًا؟ الجواب واضح لكل متابع منصف، وهو أن هذه الأنظمة قد انفصلت تمامًا عن هوية الأُمَّــة وقيمها، لقد انسلخوا عن الإسلام، والعروبة، والإنسانية، وأصبحوا أدوات لتنفيذ أجندات غربية وصهيونية، على حساب قضايا الأُمَّــة وكرامة شعوبهم.

إن “إسرائيل”، كما قال أحد المفكرين، هي “ظل الأنظمة العربية”، فإذا زالت هذه الأنظمة التي تحمي “إسرائيل” وتحتمي بها، زال هذا الظل، الكيان الصهيوني لا يزدهر إلا في وجود أنظمة خانعة، تخلت عن مبادئ العزة والكرامة، وتنكرت لمسؤولياتها تجاه القضية المركزية للعرب والمسلمين.

يبقى الأمل معقودًا على الشعوب التي أثبتت في كُـلّ محطة أنها على العهد مع فلسطين، وأنها ترفض هذا الخنوع والرضوخ، لقد حان الوقت لأن تستعيد الأُمَّــة إرادتها، وتعمل على إزالة هذه الأنظمة التي أصبحت عبئًا على حاضرها ومستقبلها؛ فالمعركة ليست فقط مع “إسرائيل”، بل مع كُـلّ من يُقدسها ويمنحها الشرعية على حساب دماء الأبرياء وآلام الشعوب.

إن الأُمَّــة العربية والإسلامية أمام مفترق طرق؛ فإما أن تستعيد شعوبها زمام المبادرة، وتعمل على التخلص من الأنظمة الخانعة التي تُعيق تحرّرها، أَو تستمر في حالة التراجع والانقسام، تاركة المجال للكيان الصهيوني ليُحقّق أطماعه.

لكن التاريخ علمنا أن الشعوب لا تموت، وأن الظلم مهما طال لا يدوم، وكما اندثرت أنظمة خائنة في الماضي، فَــإنَّ هذه الأنظمة الحالية لن تبقى، وسيأتي اليوم الذي تستعيد فيه الأُمَّــة عزتها وكرامتها، وتُحرّر فلسطين وكلّ أرض محتلّة.

إن المعركة ليست فقط مع الكيان الصهيوني، بل مع كُـلّ من يُقدس وجوده ويعمل على حمايته؛ فالحكام العرب الذين باعوا شرفهم وقيمهم لا يمثلون شعوبهم، ولن يستطيعوا أن يطفئوا جذوة الأمل في قلوب الأحرار.

مقالات مشابهة

  • البرلمان العربي يرحب بوقف إطلاق النار في لبنان ويدعو إلى تضافر الجهود الدولية لوقف العدوان على غزة
  • مجموعة السلام العربي تبارك اتفاق وقف العدوان الصهيوني على لبنان
  • إشادات عربية ودولية باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله
  • لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل العدواني
  • مجلس النواب يقر تقريراً حول الأضرار التي لحقت بشركة النفط جراء العدوان الصهيوني
  • رضوخُ حكام العرب وانبطاحُهم أمام إسرائيل.. إلى متى؟
  • المرتضى بعد استهداف قلعة شمع: فليتعظ جميع العرب واللبنانيين من همجية العدوان
  • رئيس البرلمان العربي: الجامعة العربية بيت العرب ورمز وحدتهم 
  • رئيس البرلمان العربي: الجامعة العربية رمز وحدة العرب
  • بعد غزة ولبنان.. إسرائيل تستعد لشن حرب على ثالث دولة عربية