لجريدة عمان:
2024-07-01@18:07:48 GMT

أين سقط ضمير العالم؟!!

تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT

أين سقط ضمير العالم؟!!

ما يحدث من مجازر وجرائم مروعة وعمليات تطهير عرقي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي جرائم فظيعة لا يمكن أن يتجاوزها التاريخ أو ينساها؛ لأن مشاهدها ستبقى محفورة في ذاكرة من رآها، ستبقى ندوبها ما بقيت لهذه الأجيال ذاكرة.. لكنها في الوقت نفسه ستبقى تطرح سؤالا مهما ومفجعا: أليس لهذا العالم ضمير إنساني حي؟ هذا العالم الذي يجرحه ذبح عصفور صغير أو دهس قط في أي شارع من شوارع العالم، ألا يجرحه ذبح مئات الأطفال في غزة؟ ألا يفجعه ذبحهم وهم في لحظة بين الخوف والوسن في لحظة توهَّم الجميع فيها أن الهدوء قد عمّ المكان؟ ألا يوجعه قصف المستشفيات بمَن فيها؟ وهدم البنايات على رؤوس أصحابها؟ ألا تخجله تلك الأيادي المتدلية من وسط الركام وكأنها تشبثت بصحوة متوقعة للعالم حتى نزفت رمقها الأخير؟ أم أن هذا العالم قد وصل إلى ذروة توحشه وفقدانه للإنسانية فلا يرف له جفن وهو يرى جثث الأطفال تتناثر في الطرقات وتتقطع أشلاء النساء وكبار السن، وتفرّق الأسر وتهجير أكثر من مليون شخص في ظروف إنسانية صعبة جدا.

. فيما يقول العالم إنه قد وصل إلى «نهاية التاريخ» من التقدم البشري والتفوق.

لعلّ العالم الغربي الذي يستطيع وحده كبح هيجان الكيان الصهيوني الذي لا يرى في سكان غزة بشرا يستحقون أن يعيشوا كما يعيش بقية البشر على هذه الأرض، ولذلك وضعهم الاحتلال في سجن كبير منذ عقد ونصف العقد وطلب العالم منهم أن لا تكون لهم أي ردة فعل حتى لا يصبحوا إرهابيين. وهذا أمر غريب في وعي الغرب الذي يحتفي كثيرا بالمنطق، وبالمقدمات والنتائج، ويحتفي بحقوق الإنسان ويقيم الدنيا ولا يقعدها لو حَلُمَ في اللّيل أنها تُنتهك في مكان ما في الشرق الأوسط، عدا إسرائيل بطبيعة منطقه.

إن الغرب يسقط الآن أمام نفسه وتاريخه ومستقبله ولحظته الحاضرة الصعبة، قبل أن يسقط أمام أطفال غزة الذين يتورط الغرب قبل إسرائيل في جعلهم يفقدون معنى طفولتهم وبراءتهم عندما تُلطّخ وجوههم بدماء آبائهم وأمهاتهم، وكأن الغرب لا يعلم أنه يصنع منهم جميعا مشاريع انتقام مستقبلية ليس لإسرائيل التي يخوض الفلسطينيون معها نضالا طويلا من أجل الأرض والكرامة والحرية منذ 75 عاما ولكن مشاريع انتقام للغرب نفسه قبل أي أحد آخر.

إن أخطر مأزق كشفته هذه الحرب على غزة هو المأزق الإنساني، والأخلاقي؛ فقد تحوَّل العالم إلى وحش فاقد لأبسط مبادئ الإنسانية.. لذلك على العالم أن يراجع إنسانيته على مرآة غزة ويبحث عن ضميره الذي سقط منه وهو يجري وراء مادياته الرخيصة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ترمب يتقدَّم... الرجاء ربطُ الأحزمة

خرجَ جو بايدن من المبارزة مع دونالد ترمب جريحاً. خانَه العمر ومن عادتِه أن يفعل. خيانة في لحظة الذروةِ وأمام عشراتِ الملايين المسمَّرين أمامَ الشاشات. فشلَ بايدن في لعبِ دور الهداف. وفي دورِ المدافع. وفي إظهارِ كفاءة حارسِ المرمى. الأضواءُ تحوّل النكسةَ نكبةً. والرأي العام صارمٌ وحقودٌ ويكفيه انطباعٌ ليقلبَ صفحةَ رجلٍ كائناً من كان. لا تساهلَ ولا رحمة. وسائلُ التواصلِ الاجتماعي تعجُّ بالقساةِ والشامتين والذئاب. لا شيءَ يسعفُ الضعيفَ في هذا العالم خصوصاً إذا كانَ يطالب بتمديدِ إقامته في البيت الأبيض. لا يمكن تسليم مفاتيحِ العالم وقيادة قافلة الأساطيل لرجلٍ يعجز عن استدعاءِ ذاكرته.

بدا بايدن في صورةِ حصانٍ أصيبَ بعطبٍ عميق قبل الشوطِ الأخير. نصحته «نيويورك تايمز» بالخروجِ من السباق. هذه النصيحة ليست بسيطةً على الإطلاق وتبعتها نصائحُ من القماشةِ نفسها. لم يخفِ أعضاءٌ في الحزب الديمقراطي قناعتَهم بضرورة استبداله لتفادي هزيمةٍ محققة. استبداله في هذه اللحظة من السباق ليس سهلاً. العملية نفسُها معقدة خصوصاً إذا أصرَّ على متابعة الرحلة. لكنَّ خيارَ الاستبدال ليس مستحيلاً، خصوصاً إذا ترسَّخ الانطباع أنَّه الخيارُ الوحيدُ لإبعاد كأسِ ترمب عن شفاهِ أميركا والعالم. كثيرون يراهنونَ على أن تتولَّى السيدة جيل بايدن، زوجةُ الرئيس، مهمةَ إنقاذِه وربَّما إنقاذ الحزب والبلاد من فوز ملاكمٍ مقلقٍ اسمُه ترمب. يراهن آخرون أن يتولَّى باراك أوباما تشجيعَ بايدن على تجرّع الكأس.

ما أصعبَ أن تقنعَ سياسياً مدمناً بالتقاعد! كأنَّك تطالبه بتجرع الهزيمةِ تحت أوراقِ الشيخوخة. وتزداد الصعوبةُ حين يكون الرجلُ أمضى عقوداً في المؤسسات والمواقع توَّجها بالرئاسةِ واعتاد على الإقامة في القصر بصحبةِ الأختام. ما أقسَى أن يسلّمَ السياسي أن دورَه انتهى وأنَّ زمانه أفل! السلطة أم الولائمُ لا يتركها إلا زاهد «مريض». تذكَّرت أنّني ذهبت ذاتَ يومٍ لزيارة سياسي حصيفٍ افتتح رحلة الثمانينات من العمر. قلت له: «معالي الوزير لا يحقُّ لك أن تبقِي تجربتك الغنية بعيدةً عن متناول القراء». قال إنَّ الوقتَ غيرُ مناسب. جدَّدت المطالبةَ فتجاوب وقال: موافقٌ وسنعقد جلساتٍ عدة. سألته أين فأجاب: «في قصر الرئاسة». صعقني الجوابُ وكنت أعرف أنَّ طريقَ القصر مزروعةٌ بالافخاخ ومشروطةٌ بالتواءات وانحناءات. شممت في كلامه رائحة «لعنة القصر».
غريبةٌ المناظرة التي تابعها العالم لأنَّ نتائجَها تمسُّ أمنَه واستقرارَه وازدهاره. لم تستطع أميركا في عصر الثورات التكنولوجية المتلاحقةِ والذكاء الاصطناعي دفعَ شابٍ أو شبهِ شاب إلى سباق البيت الأبيض. لا تَعدُ المناظرةُ الأميركيين بغير تعميق الانقسام. ولا تعدُ العالم بغير مزيد من الاضطراب في الغابة الدولية. لا أحدَ ينصح أميركا بشبيهٍ لريشي سوناك الذي يقود حزبَ المحافظين إلى نوع من التقاعد بعد أيام. ولا بماكرون الذي بدَّد بمبادراته وارتجالاته هيبةَ جمهورية ديغول وميتران وشيراك. ولا بشبيهٍ للرجل الجالس في مكتب ميركل.

ثمةَ من يعتقد أنَّ صحةَ الغرب تشبه صحةَ بايدن. وأنَّه لم يعدْ قادراً على إدارة العالم. وأنَّه يرفض الاعتراف بالوقائع الجديدة اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً. وأنَّ مهمةَ أيّ رئيسٍ أميركي جديد ستكون أصعبَ من السابق. روسيا تغيَّرت ومثلها الصين وأوروبا فضلاً عن القوى الإقليمية التي ترى دورَها في التسلّل إلى خرائط جيرانها.

في ختام المناظرة وجدَ العالمُ نفسَه أمام حقيقة صعبة وربما مكلفة. ظهر ترمب وكأنَّه قدرٌ أميركيٌّ ودولي يصعب الفرارُ منه. ليس بسيطاً أن يكونَ سيدُ البيت الأبيض رجلاً يصعب التكهنُ بتوجهاته ويصعب النومُ على وسادته. هذا مقلقٌ للأعداء والحلفاء معاً. ترمب ليس ابنَ المؤسسات كما هو حال بايدن.

اكتشف العالم أنَّ الأميركيين قد يلقون في الانتخابات المقبلةِ بحجرٍ كبير في البحيرة الدولية التي ازدادت اضطراباً. يشمل القلق حكام أوروبا وجنرالات حلف «الناتو» وزيلينسكي. هل يرغم ترمب الرئيس الأوكراني على الذهاب إلى مفاوضات سلامٍ مع فلاديمير بوتين الذي لا يستطيع العودة خاسراً من رحلته الأوكرانية؟ استرضاءُ القيصر بقطعة من الجسد الأوكراني يدفع أوروبيين إلى التحذير من تكرار عملية استرضاء هتلر على رغم عدم التشابه بين الرجلين والمرحلتين. شعورُ ترمب بأنَّه رجلُ «الصفقة» لا يطمئن القارةَ القديمة التي اكتشفت أنَّ قدسيةَ الحدودِ الدولية فيها سقطت على الأرض الأوكرانية.

تصريحاتُ ترمب تؤكد أنَّه لا يشمُّ جدياً رائحة ما يسميه الأوروبيون «الخطر الروسي». ترمب يعتقد أنَّ الخطر الحقيقي على أميركا يأتي من «مصنع العالم» أي من الصين. هل يحتمل العالمُ سياساتٍ أميركية تقوم على عرقلة الصادرات الصينية، وهل تدفع هذه السياسة بكين إلى الانخراط في تحالف بلا حدود مع روسيا يعلن رسمياً العودة إلى عالم المعسكرين؟ وهل تستطيع أوروبا القلقةُ من روسيا وصعودِ اليمين المتطرف احتمالَ أعباء عالم من هذا النوع؟

وماذا عن الشرق الأوسط الذي يغلِي على نارِ المذبحة المفتوحة في غزة واحتمالات انتقالِ الحرب إلى الجبهة اللبنانية؟ وماذا عن «الدولة الفلسطينية» التَّي قد تشكل المخرجَ الوحيدَ لضمان عدم تكرار «الطوفان» والحروب المواكبة؟ وماذا عن الخلاف النووي مع إيران التي قد يجد المسؤولون فيها صعوبةً في إبرام أي اتفاق مع الرجل الذي أمرَ بقتل قاسم سليماني؟

كانتِ المناظرةُ مثيرةً. ترمب يتقدَّم والرجاءُ ربطُ الأحزمة.

(الشرق الأوسط اللندنية)

مقالات مشابهة

  • ورحل الشاعر محمد خميس.. آخر ضوء للإخلاص
  • ورطة الكيان الصهيوني بغزة
  • نجل بايدن يريد من والده مواصلة السباق الانتخابي
  • ترامب يتقدَّم... الرجاء ربطُ الأحزمة
  • ترمب يتقدَّم... الرجاء ربطُ الأحزمة
  • باحث: الإرهابيون يقيمون في أوروبا باعتبارهم لاجئيين ويحصلون على رواتب
  • فوتشيتش: الغرب يستعد لصراع مسلح كبير
  • «شارة نصر»
  • كتاب جدد حياتك للشيخ محمد الغزالي
  • الصراع الأمريكي على الإخلاص لإسرائيل