الحرب العالمية على غزة وصراع الإرادات
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
العنوان في هذا المقال ليس مبالغا فيه، إذ إن قطاع غزة في فلسطين المحتلة لم يتعرض لحملة عسكرية إسرائيلية وجريمة إنسانية كبرى فقط، بل يتعرض أيضا لحرب غربية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، من خلال وجود حاملات الطائرات قرب الكيان الصهيوني والتنسيق العسكري والاستخباراتي ومن خلال آلة الكذب الإعلامية والدعم العسكري والاقتصادي وتحريض العالم ضد المقاومة الفلسطينية في فلسطين عموما وفي قطاع غزة خصوصا.
إن الولايات المتحدة الأمريكية دخلت كطرف أصيل في الحرب ضد المقاومة والشعب الفلسطيني من خلال وجود المسؤولين الأمريكيين في اجتماعات حكومة نتنياهو وكأن واشنطن تتعرض لحرب كما أن الرئيس الأمريكي بايدن سوف يزور الكيان الإسرائيلي كنوع من الدعم، كما حدث مع وزير الخارجية بلينكن الذي ادعى بأنه يأتي كيهودي وليس وزيرا لخارجية الولايات المتحدة الأمريكية، كما زار الكيان الإسرائيلي وزير الدفاع الأمريكي للتعبير عن الوقوف مع الكيان الصهيوني المعتدي على شعب أعزل.
إن حرب الإرادات قد وضحت في معركة طوفان الأقصى بأن هناك إرادة إيمانية يملكها المقاوم الفلسطيني فإما النصر أو الشهادة في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض، وفي الجانب الآخر هناك الجندي الإسرائيلي الذي ينشد الحياة ولا يريد الموت. ومن هنا فإن مسألة الإرادات تتفوق كثيرا على السلاح حيث كيف يمكن مقارنة جيش الكيان الإسرائيلي الذي يملك العتاد العسكري المتطور من الولايات المتحدة الأمريكية ويهزم بطريقة مذلة خلال ساعة واحدة من معركة طوفان الأقصى التاريخية، وهي المعركة التي وصفها القادة العسكريون في الكيان الإسرائيلي بأنها كارثة ومؤلمة.
إن وصف الحرب العالمية على قطاع غزة هو توصيف صحيح من خلال قطع إمدادات الغاز والكهرباء والمياه والأدوية وقصف وحصار أكثر من مليوني إنسان وقتل الأطفال والنساء والشيوخ وقصف المستشفيات في جريمة إنسانية مروعة ارتكبها نتنياهو وعصابته في الكيان الصهيوني وبمباركة أمريكية وغربية.
إن الأوراق التي يملكها العرب عديدة ومهمة واستراتيجية، وكما حدث في حرب السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ وقطع الطاقة عن أمريكا والغرب فإن المشهد الحالي يتطلب استخدام هذه الورقة الاستراتيجية وهي خطوة مشروعة لوقف العدوان الهمجي الإسرائيلي على قطاع غزة وشعبها. كما أن في العرف السياسي تستخدم الأوراق بهدف الضغط على الآخر، ليس بهدف الاستعداء لواشنطن والغرب، ولكن لإيصال رسالة بأن الشعب الفلسطيني ومقاومته مشروعة في ظل الاحتلال، وهو الأمر الذي تقره المواثيق الدولية. ومن هنا فإن البيانات السياسية لن تغير من الأمر ولكن على الدول العربية خاصة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتي أصبحت الآن هي الكتلة العربية الأهم أن تلوح بورقة الطاقة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وأن تفهم الولايات المتحدة الأمريكية بأن مصالحها مع العرب ومع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مرتبطة بمصالح العرب وقضاياهم القومية، وخاصة قضيتهم المركزية، وهي القضية الفلسطينية. وأن العرب لا يزالون متمسكين بحل الدولتين ولكن الكيان الصهيوني يريد السلام دون إرجاع الأرض الفلسطينية وهذا أمر مرفوض.
معركة طوفان الأقصى سوف يكون لها تأثيرات سياسية واستراتيجية في المنطقة والعالم، وهذا درس قاس للكيان الإسرائيلي بأن الاحتلال لن يصمد أمام إرادة الشعوب والمقاومة الفلسطينية التي جعلت شعوب العالم تخرج في مظاهرات شعبية مؤيدة للحق الفلسطيني خاصة في عواصم الغرب وفي أمريكا اللاتينية وفي إفريقيا وآسيا، وهذا حدث شعبي كبير ينبغي استثماره لصالح القضية الفلسطينية العادلة.
إن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية انكشفت مواقفها المتفقة للكيان الصهيوني وتناست مصالحها الاقتصادية مع الدول العربية وخاصة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. كما أن دخول واشنطن الحرب ضد الشعب الفلسطيني والمقاومة أخرجها من المعادلة السياسية بشكل نهائي إذ إنها أصبحت وسيطا غير نزيه كما كانت منذ عقود. ومن هنا فإن المشهد السياسي للقضية الفلسطينية في تصوري أصبح أكثر حيوية، كما انكشف الكيان الصهيوني وقياداته أمام شاشات التلفزيون وشبكات التواصل الاجتماعي والصحافة، وهي تنقل مناظر قطاع غزة من خلال هدم آلاف المساكن على رؤوس ساكنيها من خلال جريمة تحتاج إلى توثيق وإلى تقديم قيادات الكيان الإسرائيلي إلى المحاكم الدولية.
إن صراع الإرادات فضح الكيان الإسرائيلي وأسقط الغطرسة التي يتشدق بها وجعل الولايات المتحدة الأمريكية تسرع لنجدة الكيان الإسرائيلي بل وتخطط معه للمعركة البرية المرتقبة وترسل آلاف الجنود للمشاركة، كما أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبقية الدول الغربية مشاركة في العدوان على الشعب الفلسطيني. ومن هنا يأتي التساؤل المهم أين هي أدوات حقوق الإنسان وقضايا حقوق المدنيين أثناء الحروب؟ لقد تبخرت في إطار العقدة التاريخية لليهود في أوروبا ومن خلال سيطرة الصهيونية العالمية على مقدرات قرارات تلك الدول من خلال الشركات الكبرى اليهودية والتغلغل في مفاصل تلك الدول علاوة على الروابط التاريخية والثقافية والدينية، مما يجعل الكيان الصهيوني الذي زرعته بريطانيا من خلال وعدها المشؤوم عام ١٩١٧ يسيطر على العقلية الغربية حتى وصل الأمر إلى تلفيق الأكاذيب من خلال الإعلام الغربي والذي اتضح كذبه الصارخ. ومن هنا فإن أمام العرب مرحلة صعبة هم وأجيالهم لأن مصير القضية الفلسطينية سوف يحدد مصير الأمة العربية وأجيالها وسط كيان صهيوني يحلم بابتلاع الأرض العربية من الفرات إلى النيل كما هي الخريطة الإسرائيلية التي ليس لها حدود جغرافية. وسوف تظل المقاومة الفلسطينية الباسلة شوكة أمام الكيان الإسرائيلي ومن يسانده في السر والعلن.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الکیان الإسرائیلی الکیان الصهیونی قطاع غزة من خلال کما أن
إقرأ أيضاً:
الكيان الصهيوني يعترف لأول مرة بمسؤوليته عن اغتيال إسماعيل هنية
أفادت مصادر إعلام عبرية، أن يسرائيل كاتس، وزير جيش الاحتلال الصهيوني يعترف لأول مرة بمسؤولية الكيان الصهيوني عن اغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في العاصمة الإيرانية طهران، جويلية الماضي.
وبحسب ما نقلته القناة الـ12 الصهيونية، فقد أدلى وزير الدفاع الصهيوني بتصريحات مساء اليوم الاثنين، قال فيها: “سنضرب الحوثيين بقوة، وسنستهدف البنى التحتية الاستراتيجية لهم، وسنقطع رؤوس قادتهم، تمامًا كما فعلنا مع هنية، والسنوار، ونصر الله في طهران، غزة، ولبنان، سنفعل ذلك في الحديدة وصنعاء”.
وللإشارة، اغتيل هنية بتاريخ 31 جويلية الماضي، في العاصمة الإيرانية طهران بعدما كان في زيارةٍ لها للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان. كما استشهد إلى جانبِ هنية حارسه الشخصي القيادي الميداني في كتائب القسّام وسيم أبو شعبان.