لجريدة عمان:
2024-07-06@00:13:41 GMT

هل تكون أمريكا الجنوبية الخليج العربي الجديد؟

تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT

عندما اكتشفت شركة النفط الأنجلوفارسية، المعروفة الآن باسم شركة البترول البريطانية، النفط الإيراني في عام 1908، أعقب ذلك قرن من صدارة الطاقة النفطية. ومثل ذلك يحدث سريعا مع معادن من قبيل الليثيوم، والنحاس، والكوبالت، والنيكل، والعناصر الأرضية النادرة (المعادن الحرجة) الضرورية للتكنولوجيات التي تنتج الكهرباء، وتنقلها، وتخزنها.

ويمكن العثور على هذه العناصر في جميع أنحاء العالم، لكن الصين تسيطر على جميع سلاسل توريد المعادن المهمة تقريبا. واليوم، تحتاج الولايات المتحدة إلى الوصول إلى الموارد المعدنية المهمة أكثر مما تعتمد على النفط الأجنبي. والفرصة العظيمة المتبقية لكي تحقق الولايات المتحدة الاستقلال المعدني الحاسم تتوقف على ليثيوم أمريكا الجنوبية. شأن محركات الاحتراق الداخلي والنفط، نرى أن بطاريات الليثيوم أيون في السيارات الكهربائية ترفع «الطلب على البطاريات والمعادن المهمة المتصلة بها»، حسبما أفادت وكالة الطاقة الدولية. ارتفعت القيمة السوقية للمعادن الحرجة من 160 مليار دولار في عام 2018 إلى 320 مليار دولار في عام 2022، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى زيادة مبيعات السيارات الكهربائية التي ارتفعت من مليونين إلى أكثر من 10 ملايين خلال الفترة نفسها. وطالما كان النقل البري هو العمود الفقري للطلب على النفط عالميا، والآن تتكشف العلاقة نفسها بالنسبة للمعادن الحرجة. وشأن الصدمات النفطية، حتى لو شعر بها المصنِّعون قبل المستهلكين، فإن الأمريكيين سيكونون أكثر ضعفًا أمام الارتفاعات الحرجة في أسعار المعادن الحرجة مع تحديث مركباتنا وشبكاتنا.والبلاد التي يلزم أن تمنحها الولايات المتحدة الأولوية لاجتناب التزايد الأُسِّي في الطلب على بطاريات الليثيوم تعتمد على تركيبة البطارية التي تراهن عليها الولايات المتحدة في نهاية المطاف. والليثيوم هو الذي يقود سباق البطاريات لأنه المعدن الذي يتسم بأكبر نسبة طاقة إلى الوزن.

ففي داخل هذه البطاريات، ثمة منافسة بين (كاثود النيكل والمنجنيز والكوبالت NMC) و(كاثود الليثيوم والحديد والفوسفات LFP). وكلاهما يستخدم الليثيوم لتخزين وإطلاق الكهرباء. يستخدم (كاثود الليثيوم والحديد والفوسفات) خامات أكثر شيوعا -والمزيد من الليثيوم- لإكمال الدائرة من خلال جهازك. فضلًا عن أن (كاثود النيكل والمنجنيز والكوبالت NMC) يوفر مخزون طاقة أعلى لزيادة نطاق القيادة في السيارات، لكن (كاثود الليثيوم والحديد والفوسفات LFP) أرخص وأكثر أمانا ويسد فجوة تخزين الطاقة بسرعة مع (كاثود النيكل والمنجنيز والكوبالت NMC).

وفي حين أن الكاثودين يعدان خيارين جيدين تجاريا، فإنهما لا يتساويان في ضوء الأمن القومي الأمريكي. فبطاريات (كاثود النيكل والمنجنيز والكوبالت NMC) تعتمد على ما يشبه احتكار الصين للكوبالت الكونغولي وسيطرتها التجارية على النيكل الإندونيسي، وكل من البلدين يحظى بالاحتياطي الأكثر في العالم من معدنه. والصين لديها تاريخ في استغلال صادرات المعادن الحرجة بوصفها ورقة ضغط. ولأن بطاريات (كاثود الليثيوم والحديد والفوسفات LFP) يمكن أن تحقق الاستقلال عن الصين عما قريب، فالولايات المتحدة تتفهم قيمتها الاستراتيجية، ومن هنا كانت الإقامة المخطط لها لأول منشأة خاصة-عامة لـ(كاثود الليثيوم والحديد والفوسفات LFP) في الولايات المتحدة ومن هنا أيضًا الهدف الوطني المتمثل في التخلص من الكوبالت والنيكل في البطاريات بحلول عام 2030. وسوف يظل التحول إلى (كاثود الليثيوم والحديد والفوسفات LFP) يتطلب من الولايات المتحدة الاستثمار في معالجة الليثيوم وتصنيع البطاريات التي تهيمن عليها الصين حاليا، وهو ما يمكن تدبره بالقدر الكافي من الوقت والاستثمار من خلال السياسات الصناعية المحلية والمتعددة الأطراف - وإن يكن القول أسهل من الفعل. غير أن توفير القدر الكافي من الليثيوم لتلبية الطلب المحلي يستدعي اتباع نهج ثنائي مجرب وحقيقي.

مثلما كان من مصلحة الولايات المتحدة أن تضمن علاقة أفضل مع المملكة العربية السعودية في عام 1945، لضمان استمرار تدفق النفط، فمن مصلحة الولايات المتحدة الآن إقامة العلاقات المستقرة اللازمة لدعم واردات الليثيوم التي يقوم عليها الأمن الوطني والاقتصادي الأمريكي. وتأمين غالبية الطلب المحلي على البطاريات سوف يتطلب من الولايات المتحدة الاستفادة من 54% من الاحتياطيات العالمية المؤكدة من الليثيوم في «مثلث الليثيوم» بين شيلي والأرجنتين وبوليفيا و24% من الاحتياطي العالمي في أستراليا. كما تفكر المكسيك في السعي إلى شراكة ليثيوم مع الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي، بما يستدعي المقارنة مع منظمة الدول المصدِّرة للنفط. وفي المقابل، تريد أمريكا اللاتينية إبرام اتفاقيات تجارية وتمويلا من أجل التصنيع والتعافي من إرث «التحرشات الأجنبية»، على حد تعبير الرئيس البوليفي لويس آرسي.

إن اكتشافات الليثيوم في ولاية ماين في يوليو ونيفادا في سبتمبر لا تعني استقلال الولايات المتحدة في مجال الليثيوم في أي وقت قريب. فالنفط المحلي لم يكن كافيا لإشباع الطلب الأمريكي خلال القرن العشرين، ولن يكون الليثيوم المحلي كافيا في المدى القريب إلى المتوسط. سوف تتطلب تلبية الطلب الأمريكي المتوقع على المركبات الكهربائية زيادة بنسبة 300% في مكافئ كربونات الليثيوم بحلول عام 2050 عما ينتجه العالم بأكمله سنويا اليوم -أي 765570 طنا في عام 2022- بالإضافة إلى أن اتجاهات الليثيوم العالمية تتوقع ما يقرب أن يكون الطلب بحلول عام 2030 من ثلاثة إلى أربعة ملايين طن، بينما كان من المقرر إنتاج 2.7 مليون طن فقط في العام نفسه.

ولهذا السبب فإن تأمين إمدادات مستقرة وكافية من الليثيوم للأمريكيين يعتمد على قيام الولايات المتحدة بالتوفيق بين إرث استغلال الموارد والتدخل السياسي في أمريكا اللاتينية، فقد صبغ هذا التاريخ استراتيجيات تأميم الليثيوم في المكسيك وتشيلي وبوليفيا، والعقود الصينية تستفيد من تأخر أمريكا في الاستثمار والعلاقات العامة في المنطقة. في هذا العام، تساعد الصين شيلي في بناء مصنع معالجة في مقابل الحصول على الليثيوم بسعر مخفض ومصنع لكاثود الليثيوم بقيمة 290 مليون دولار. وفي يوليو، استثمرت الصين 620 مليون دولار لإنشاء مصنع للسيارات الكهربائية في البرازيل في منشأة هجرتها شركة فورد أخيرا. ومنذ عام 2018، استحوذت الصين على 88% من إجمالي الأموال التي تم إنفاقها على صفقات اندماج واستحواذ الليثيوم التي تزيد قيمتها عن مائة مليون دولار في أمريكا اللاتينية. ويجب على الولايات المتحدة إقناع الدول الغنية بالمعادن الحرجة في المنطقة بأن التاريخ لن يكرر نفسه وذلك من خلال تقديم شروط أكثر ملاءمة.كما أن إقامة شراكات تنافسية في المعادن الحرجة سوف تتطلب ما هو أكثر من المال، وهذه هي ميزة الصين الرئيسية. فبفضل مجموعة مختلفة من الحوافز التي يسيطر عليها النظام، أصبح الحزب الشيوعي الصيني على استعداد للاستثمار لأسباب غير الربح ودون الاهتمام بالمخاطرة التنظيمية أو البيئية أو السياسية. ولكي تتمكن الولايات المتحدة وحلفاؤها من التنافس مع مبادرة الحزام والطريق، سيتعين عليها رفع مستوى الرهان من خلال تقاسم التكنولوجيا، والموارد اللازمة لتبسيط وتحسين معايير الترخيص البيئي، والرقابة المشتركة لحماية العمل والشفافية.

أولا: يساعد تقاسم التكنولوجيا بلاد المعادن الحرجة على التمتع بالتكنولوجيا التي يتيحها العمل الذي تقوم به هذه البلاد. ثانيا: يمكن لهيئات الترخيص حسنة التجهيز رفع مستوى الإشراف البيئي وتقصير عملية الموافقة المطولة على الأنظمة البيئية التي تؤدي إلى اختناق إمدادات المعادن. ثالثا: تعمل الرقابة المشتركة على حماية العمال وتتغلب على رشاوى الاقتصاد غير الرسمي التي تزيد من تكاليف الاستثمار الخاص. على السطح، قد لا تروق الرقابة العابرة للحدود الوطنية لبعض المسؤولين الحكوميين الفاسدين في أمريكا اللاتينية، إلا في أعقاب موجة السخط الإقليمية الأخيرة الناجمة عن الفساد، والتي انقلبت على أكثر من اثنين من رؤساء الدول، وهي صورة محلية مواتية للشفافية مرتبطة بمليارات في الاستثمار الأجنبي. إن أفضل فرصة متاحة للولايات المتحدة للحصول على ميزة تنافسية في تجارة الليثيوم في أمريكا اللاتينية تكمن -على عكس المتوقع- في ضمان أطر عمل قانونية مشتركة، نظرًا لأن الشراكات التكنولوجية، والمعايير الإنسانية، والاستثمار الخاص تعتمد جميعا على سيادة القانون.تتوقع التكنولوجيا المستقبلية وإزالة الكربون أن تصبح المعادن الحرجة هي السلعة العالمية الأكثر طلبا - بعد أن يصل الوقود الأحفوري إلى نهايته المأساوية أو المدبرة. في غضون ذلك، ستستمر الجغرافيا السياسية لأمن الموارد واقعة بين النفط الحالي من ناحية وصعود المعادن الحرج من ناحية أخرى. وبالنسبة للبطاريات على الأقل، من مصلحة الولايات المتحدة أن تقيم تحالفًا أعمق، وليس بالضرورة أوسع، في المعادن الحرجة، لدعم أمنها الاقتصادي والقومي، كما فعلت ذات مرة مع الخليج العربي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی أمریکا اللاتینیة الولایات المتحدة اللیثیوم فی من خلال فی عام

إقرأ أيضاً:

3 تموز 1988- سفينة حرب أمريكية تسقط طائرة ركاب مدنيين إيرانية في الخليج العربي

دمشق-سانا

1250- المصريون يعتقلون ملك فرنسا لويس التاسع في معركة فارسكور خلال الحملة الصليبية السابعة.

1778- القوات البريطانية ترتكب مجزرة في وايومنغ راح ضحيتها 360 شخصاً منهم أطفال ونساء.

1778- بروسيا تعلن الحرب على النمسا.

1886- المهندس والمخترع الألماني كارل بنز يتمكن من قيادة أول سيارة تعمل بمحرك بخاري من اختراعه.

1890- انضمام ولاية أيداهو للولايات المتحدة لتصبح الولاية الـ43 في ترتيب الانضمام.

1928- أول بث تلفزيوني بالألوان في لندن.

1988- سفينة حرب أمريكية تسقط طائرة ركاب مدنيين إيرانية في الخليج العربي، ما أدى إلى مقتل 290 شخصاً.

2004- الافتتاح الرسمي لقطار الأنفاق في بانكوك بتايلاند.

مقالات مشابهة

  • شركة ” Kelinruier “تستعرض خدماتها المتطورة في مجال الحفر وصيانة الآبار لشركة الخليج العربي للنفط
  • الاخوان المسلمون ودولة الأمارات العربية المتحدة (٢)
  •  «شركة الخليج للنفط» تعلن عودة بئر في «حقل السرير» للإنتاج
  • أمريكا تنفي علاقتها بمحاولة الانقلاب في بوليفيا
  • السفير الروسي لدى واشنطن: أمريكا تعمل بالفعل على تأمين وضعها كدولة راعية للإرهاب
  • الصين تطالب أمريكا بالتوقف عن نهب موارد سوريا وتعويض الشعب السوري
  • حلم يسعى التوحيديون لتحقيقه.. هل يمكن أن تكون بورتوريكو جزءا من إسبانيا؟
  • تيموثي وياه خارج حسابات أمريكا في انطلاقة دوري أمم كونكاكاف
  • 3 تموز 1988- سفينة حرب أمريكية تسقط طائرة ركاب مدنيين إيرانية في الخليج العربي
  • أمريكا تستغل مخاوف السعودية: هل ستنجح في ربط مفاوضاتها مع صنعاء بوقف العمليات البحرية المساندة لغزة؟