منذ اللحظة الأولى استثمرت الحكومة الإسرائيلية عملية طوفان الأقصى، لتطلقَ وعيدها بتغيير الشرق الأوسط وتترجم ذلك على الأرض بالجرائم والمجازر الفظيعة والتخطيط لتهجير "فلسطينيي غزة" إلى شمال سيناء

قبل أكثر من ثلاثة أسابيع وخلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، رفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خريطة “الشرق الأوسط الجديد”.

وشملت الخريطة التي أظهرها نتنياهو مناطق مكسوّة باللون الأخضر الداكن للدول التي تربطها اتفاقات سلام مع إسرائيل أو تخوض مفاوضات لإبرام اتفاقات سلام مع إسرائيل.

وضمّت المناطق المشار إليها باللون الأخضر دول مصر، السودان، الإمارات، السعودية، البحرين، والأردن.

ولم تشمل الخريطة أيّ ذكر لوجود دولة فلسطينية، حيث طغى اللون الأزرق، الذي يحمل كلمة “إسرائيل”، على خريطة الضفة الغربية المحتلة كاملة، بما فيها قطاع غزة. استثمار الهجوم على نحو مفاجئ ومُذهل، أتت عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها حركة حماس لينزل وقعها كالصاعقة على نتنياهو وحكومته المتطرّفة التي أعلنت حربا مدمّرة على قطاع غزة، فمنذ اللّحظة الأولى استثمرت الحكومة الإسرائيلية الهجوم المباغت على مستوطنات “غلاف غزة” وبلداتها بالجنوب، لتطلق وعيدها بتغيير الشرق الأوسط وتترجم على الأرض الجرائم والمجازر الفظيعة ضد سكان غزة.

ورغم أنّه لا جديد في العدوان الإسرائيلي الحالي على غزة سوى حجم الانتقام، فإنّ إسرائيل مصرّة على أن تمنح العالم سردية جديدة تنقلها من مقام الدفاع عن النفس إلى مقام إبادة “حيوانات على شكل بشر”، على حدّ وصف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت. وفي الواقع، قوبلت هذه السردية برفض عربي ودولي واسع، دفع بالولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية إلى إطلاق فكرة تدشين “ممر إنساني” بين قطاع غزة ومصر، يسمح بانتقال المدنيين الفلسطينيين من القطاع إلى شمال سيناء في مشهد مشابه لنكبة 1948 ومآسيها.

ترويج فكرة التهجير..

ارتبط إطلاق هذه الفكرة تحديدا بطلب جيش الاحتلال الإسرائيلي إخلاء مدينة غزة والبلدات ومخيّمات اللاجئين التي تقع في محيطها وشمالها، بما يهدف إلى تهجير أكثر من مليون شخص يقطنون هذه المنطقة.

وقد عمل جيش الاحتلال على محاولة إجبار الأهالي في هذه المناطق على إخلاء منازلهم والتوجّه إلى وسط وجنوب قطاع غزة عبر القصف العشوائي، الذي أفضى إلى تسوية مربّعات سكنية بالأرض، فضلا عن إنزال مناشير لتحذير الأهالي، سيما في المناطق التي تقع في التخوم الشرقية والغربية من شمال قطاع غزة، مثل بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا. وقد مهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي لتنفيذ خطة التهجير بمطالبته أهالي قطاع غزة بإخلاء منازلهم، هو ما كرّره عدد من قادة الجيش. وفي هذا الصدد يمكن قراءة المشهد على النحو التالي: – نظرا لإعلان رئيس حكومة الاحتلال أنّ هدف الحرب الرئيس يتمثّل في “محو” حركة حماس في قطاع غزة، بمعنى إسقاط حكم الحركة والقضاء على بنيتها التنظيمية والعسكرية، فإنّ تحقيق هذا الهدف -لو كان بالفعل ما ستسعى إسرائيل إلى تحقيقه- يتطلّب حتما شنّ عملية برية كبيرة في عمق قطاع غزة. – في ظل التخوّفات التي أكّدها الكثير من القيادات العسكرية الإسرائيلية من أنّ شن عملية برية سيقترن بسقوط عدد كبير من القتلى في صفوف جيش الاحتلال، فإنّ الأخير قد يرى في إخلاء غزة والشمال وتدمير أكبر قدر من الوجود العمراني في هذه المناطق وسيلة لتقليص فاعلية الخطوط الدفاعية لحركة حماس، سيما شبكات الأنفاق الدفاعية، التي تزعم تل أبيب أنّ “كتائب القسام” قد دشّنتها في جميع مناطق القطاع.

وتخشى إسرائيل توظيف الأنفاق الدفاعية في تقليص تأثير سلاحي الجو والمدرّعات في المعركة التي ستندلع في عمق القطاع. – على الرغم من أنّ إسرائيل أثبتت في هذه الحرب وفي كل حروبها، أنّ آخر ما يعنيها دماء المدنيين الفلسطينيين، فإنّها تعي أنّ شنّ حرب برية سيقترن بسقوط عدد هائل من المدنيين الفلسطينيين مما قد يفضي إلى ردة فعل دولية تخصم من رصيد الدعم الكبير الذي تلقّته تل أبيب، وهذا قد يقود إلى ضغوط عليها لتوقف المجازر والعدوان.

لذا فإنّ هناك مصلحة لإسرائيل في تهجير الفلسطينيين في مناطق القتال ومحاولة إنجاز المهمة قبل بدء العملية البرية.- هناك هدف إستراتيجي خلف خطة التهجير يتمثّل في إحداث فجوة بين حماس والجمهور الفلسطيني في قطاع غزة، بحيث يحمّل الناس الحركة المسؤولية عمّا آلت إليه الأوضاع.

مخطّط قديم.

لقد أمضى نتنياهو ما يقرب من عقد ونصف من قيادته لإسرائيل، في حصار غزة وتقويض قدرة فصائل المقاومة الفلسطينية فيها على تشكيل تهديد كبير لإسرائيل.

وكان يطمح عموما إلى إضعاف تأثير غزة في معادلة الصراع ككل ضمن مخطط إعادة رسم الشرق الأوسط الجديد، والذي يتمثّل في جزء منه في الأهداف التالية:- تهجير جزء كبير من سكان قطاع غزة إلى سيناء عبر اشتداد القصف وتكثيفه، وتشديد الحصار ومنع وصول المواد الغذائية والمياه والمواد الطبية إلى القطاع لدفع السكان للهجرة.- تحقيق مفهوم البعد الجغرافي للفلسطينيين عن مستوطنات غلاف غزة وبالتالي تأمينها مستقبلا.- إضعاف أو تدمير البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية التي عملت على تعزيزها خلال السنوات الماضية.وعند النظر بأكثر عمق إلى مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، يتّضح بالأدلة والوثائق العبرية، أنّ أفكار الترحيل لازمت المشروع الصهيوني منذ انبعاثه، وكانت في الصلب من العقيدة الصهيونية ذاتها.

صحيح أنّ هذه الأفكار لم تتّخذ، عبر هذا المسار، شكل برنامج معلن بل كان خططا ومشاريع تطفو وتختفي وفق ما يسمح المناخ السياسي به، إلّا أنّه جرى تبنّيها عملا وبثبات من قبل التيار السائد في الحركة الصهيونية والمؤسسة الحاكمة في إسرائيل.

تُظهِر البحوث الأرشيفية التي يجريها “المؤرخون الجدد” الإسرائيليون أنّ كبار زعماء الحركة الصهيونية، ما فتئوا يدعون منذ أمد طويل إلى ترحيل الفلسطينيين أو “الترانسفير” لضمان قيام أغلبية يهودية على أرضٍ كان اليهود فيها أقلية.

وقد ترجم مؤسّسو “دولة إسرائيل” ومَن خَلَفَهم هذه الدعوات إلى سياسةٍ وممارسةٍ واقعة، مستخدمين أساليب متنوعة ما تزال ساريةً حتى يومنا هذا. لقد سخَّرت إسرائيل نظامَها القانوني ومؤسساتها القانونية منذ نشأتها وحتى اليوم من أجل تطبيق سياسة التهجير القسري داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل.

وتندرج أساليبها المتّبعة ضمن ستّ فئات عامة، على الأقل، تتسبّب في التهجير الدائم للفلسطينيين: – استخدام العنف في زمن الحرب كما حدث إبان حروب 1948 و1956 و1967، وهو ما تسبّب في واحدةٍ من أعقد مشاكل اللاجئين في العالم، فضلا عن العدد الكبير من المشرّدين داخليّا. – هندسة الوضعية القانونية الشخصية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلّة، على نحو يحرم المقيمين بصفة اعتيادية أو الأشخاص المستحقّين للإقامة من الحق في العيش في ديارهم. – التخطيط الحضري والقُطري التمييزي الذي يشجّع التوسّع اليهودي ويكبح العمران الفلسطيني في مناطق معيّنة، مثل القدس وغور الأردن وصحراء النقب، وبسببه تُهدَم منازلُ وقرى بأكملها بذريعة “البناء غير المشروع”. – تجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم بموجب قوانين ولوائح تمييزية تُسفر عن إخلاء الأُسر من مساكنها قسرًا. – الترحيل بموجب مبرّرات أمنية وقانون الطوارئ.

وقد استخدمت هذ الطريقة على نطاق واسع في الأراضي الفلسطينية المحتلّة في بداية الاحتلال، وما تزال تُستَخدم إلى غاية الآن. – خلق ظروفٍ لا تطاق في مناطق معيّنة تحمل السكان المدنيين في نهاية المطاف على ترك منازلهم والانتقال إلى مناطق أخرى.

مشروع جيورا آيلاند

يعود اليوم مشروع توطين فلسطينيي قطاع غزة في سيناء المصرية من جديد إلى الواجهة، ليذكّر عديد الأذهان بما حبك في بنود صفقة القرن خلال فترة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية.

وقد لا يعلم كثيرون أنّ مصطلح “صفقة القرن” آنذاك ليس جديدا، وأنه تردّد سنة 2006 عندما تمّ الحديث عن عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أولمرت، أو ما عُرف بـ”تفاهمات أولمرت/عباس”؛ وما تسرّب حينها من أنّها اتفاقات رفّ تنتظر الانتخابات الإسرائيلية ونتائجها، وهي الانتخابات التي لم تأت بما يشتهي أولمرت.

ويندرج في سياق معالم صفقة القرن -التي طفت على السطح من جديد- ما سبق أن كتب عنه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق جيورا أيلاند سنة 2010؛ حيث اقترح أحد حلَّين لتسوية القضية الفلسطينية: الأول: فدرالية أردنية/فلسطينية: من خلال إعادة تأسيس الدولة الأردنية على شكل ثلاث ولايات: الضفة الشرقية، والضفة الغربية، وقطاع غزة. الثاني: تبادل المناطق: وهو مبني على أساس أنّ تتنازل مصر عن 720 كم2 من أراضي سيناء لصالح الدولة الفلسطينية المستقبلية، بإضافة مستطيل يمتد من رفح إلى حدود مدينة العريش طوله 24 كم وعرضه 30 كم.

وهو ما يوازي 12% من مساحة الضفة الغربية التي يطالب الطرف الإسرائيلي بضمّها إليه في الترتيبات النهائية. وفي مقابل ذلك؛ ستحصل مصر على أراضٍ من جنوب النقب من “إسرائيل” (فلسطين المحتلة 1948) بالمساحة نفسها في منطقة وادي فيران، وسيُسمح لمصر بشقّ نفق طوله عشرة كيلومترات يربط بين مصر والأردن، بحيث يكون تحت السيادة المصرية، وبمدّ خطّ سكك حديدية وطريق سريع وأنبوب نفط تعود عائداتها الضريبية إلى مصر، وستحصل مصر على دعم اقتصادي دولي.

ووفق هذا المشروع؛ سيتوسّع الفلسطينيون سكانيّا في مناطق سيناء التي ستُضم إلى غزة (توطين)، وسيُسمح لهم ببناء مطار دولي وميناء.

وسيستفيد الأردن من المشروع عبر ميناء غزة على البحر المتوسّط لإيصال البضائع الأوروبية إلى بلدان الخليج والعراق، وستتاح له إعادة سبعين ألفا من أبناء غزة المقيمين عنده إلى “القطاع الموسّع”.

وستضم “إسرائيل” كل مستوطنات الضفة وما وراء الجدار العنصري العازل.ربما لن يجد قادة المشروع الصهيوني والأمريكان وقتا أفضل من هذا لمحاولة فرض مخطّطهم “الشرق الأوسط الجديد” على الأرض، برئاسة الحكومة الحالية الأكثر تطرّفا في تاريخ إسرائيل.لكن في المقابل إذا ما توسّعت دائرة الحرب لتُقحم أطرافا أخرى، فهذه النتيجة هي وحدها من ستخلطُ الأوراق وتجعل الشرق الأوسط مختلفا جذريّا عمّا عاصرنا لعقود طويلة.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: الشرق الأوسط فی مناطق قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

انقسام بالداخل الإسرائيلي بشأن خطة اليوم التالي للحرب في غزة

يسود الانقسام الداخلي إسرائيل منذ هجوم السابعة من أكتوبر في هذا السياق باءت كل محاولات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتوحيد الجبهة الداخلية بالفشل إذ اصطدمت بخلافات عدة منعته على مدى أكثر من 9 أشهر من عمر الحرب على غزة من اتخاذ قرارات ترضي الجميع الانقسام الإسرائيلي يزداد بعد مظاهرات الحريديم وغيرها ما يعيق اتخاذ أي قرار بشأن اليوم التالي لحرب غزة.

في هذا سياق يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مواصلة الحرب لحين القضاء على حماس مشيرا إلى اقتراب الجيش من تحقيق هذا الهدف.

وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت ان رئيس الحكومة الإسرائيلية تحدث عن تصوره لليوم التالي للحرب في غزة بعد القضاء على حركة حماس ووفقا لما نقلته الصحيفة عن نتنياهو فإنه أكد ضرورة أن يكون هناك نزع سلاح دائم في قطاع غزة وأن يكون هناك حكم مدني ألا يكون دوره فقط توزيع المساعدات على الفلسطينيين.
وأضاف نتنياهو أن أفضل طريقة للقيام بذلك هي التعاون مع رعاية عربية مشتركة ومساعدة من الدول العربية لإقامة الحكم المدني في القطاع.

وتحدث نتنياهو عن إعادة إعمار غزة وأعرب عن اعتقاده أن المجتمع الدولي سوف يتولى المسؤولية إلى حد كبير وذكرت جهات أمنية في إسرائيل أنها بحثت مسألة توزيع الأسلحة على القادة المحليين والعشائر في قطاع غزة من أجل الدفاع عن النفس وتولي مسؤولية إدارة القطاع بدلا من حركة حماس وكان وزير الدفاع يوآف غالانت قد طرح إمكانية إنشاء قوة عسكرية متعددة الجنسيات تضم قوات عربية لحفظ الأمن والنظام وحماية قوافل المساعدات الإنسانية.
في حديثه لغرفة الأخبار على "سكاي نيوز عربية"، أكد كبير الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي، يوحنان تسوريف، أن هذه الحرب تتسم بالغموض. وأضاف تسوريف أن هناك تخطيطًا مستمرًا يجري تنفيذه وفقًا للتطورات الحاصلة على الساحة والصراع الجاري.وصلت القوات الإسرائيلية إلى مدينة رفح، وتمكنت تقريبًا من تفكيك جميع الوحدات المنظمة التابعة لحركة حماس. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال هناك خلايا عديدة تنشط في المنطقة.ترى إسرائيل أنها لا تحتاج إلى هذه الكثافة من القوات الموجودة في قطاع غزة، وخاصةً تلك المخصصة لمراقبة النشاطات التابعة لحماس والتي تم تقليصها بشكل ملحوظ في البداية. وترى أن عليها الآن توجيه اهتمامها الأولويات نحو المنطقة الشمالية.في الوقت الحالي، لا يمكن الاعتماد على أي عنصر مستقل في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل نظرا لوجود خلايا لا تزال موجودة في هذه المناطق، والموقف الذي تروج له حركة حماس بأن لها حضورًا قويًا يعتبر أمرًا مشكوك فيه.من غير المرجح أن تكون أي جهة فلسطينية مستقلة قادرة أو مستعدة لاتخاذ خطوة فاعلة في هذا الوضع الراهن.إسرائيل في حالة حرب وهي عازمة على القضاء على حماس نهائيًا وترفض تمامًا وجود هذه الحركة في غزة في اليوم التالي للحرب.حتى الآن، لم يسهم الفلسطينيون من الداخل في دعم هذا الاتجاه بشكل كبير.لا تزال هناك محاولات متعددة من بعض الأفراد المحسوبين على التيار الوطني لدعم حماس والترويج لها، ما يعكس استمرار التحديات أمام تحقيق توافق وطني فعّال.يحرص رئيس الوزراء الإسرائيلي على تجنب الوضع الذي يفرض فرض الحكم العسكري على قطاع غزة.ليس لدى إسرائيل أي رغبة في فرض سيطرتها على غزة؛ إلا أن تصرفات حماس يوم 7 من أكتوبر هي التي أعادته إلى هذه النقطة.من الضروري البدء في تعديل الخطاب الفلسطيني الداخلي، حيث يبدو أنه يوفر دعمًا لحماس بدلًا من الحد من تصرفاتها.الانقسام بين حماس وفتح لم يبدأ في عام 2007. لقد بدأ خلال الانتفاضة الأولى، حيث رأت حماس من البداية أن التيار الوطني يتجه نحو حل الدولتين. لذا، يمكن القول إن الانقسام ابتدأ في عام 1987 وليس في 2007، والصراع مستمر منذ ذلك الحين وحتى الآن.من جانبه، يعتبر أستاذ العلوم السياسية مخيمر أبو سعدة أنه على مدى الأشهر التسعة الماضية، نفذ الجيش الإسرائيلي عمليات تقريبًا في جميع مناطق قطاع غزة. هذه العمليات امتدت من الشمال حتى منطقة رفح. ووفقًا للجيش الإسرائيلي، تم القضاء على عدد كبير من عناصر حماس والمقاومة الفلسطينية وتم تدمير جزء كبير من الأنفاق.ما حدث في جباليا قبل عدة أسابيع والأحداث الجارية حاليًا في الشجاعية على مدار الأيام الخمسة الماضية تدل على أن إسرائيل لم تتمكن من تحقيق الأهداف التي أعلنت عنها مع بدء هذه الحرب، والتي تضمنت القضاء على حركة حماس وتدمير قدراتها العسكرية والإطاحة بحكمها في قطاع غزة، وذلك وفقًا لما صرح به مسؤولون إسرائيليون.ووفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، فإن عودة مقاتلي حماس إلى منطقة الشجاعية وغيرها من المناطق تشير إلى أن إسرائيل تواجه احتمال نشوب حرب طويلة الأمد مع المقاومة الفلسطينية.حتى إذا أعلنت إسرائيل خلال الأيام العشرة المقبلة عن انتهاء المرحلة الثانية وبداية المرحلة الثالثة، فإن ذلك لا يعني وقف العمليات العسكرية. وسيظل هناك احتمال لحدوث عمليات مداهمة مشابهة لتلك التي نشهدها حاليًا في الشجاعية، أو التي وقعت سابقًا في جباليا ومستشفى الشفاء في شهر مارس.الجيش الإسرائيلي يواجه معركة طويلة الأمد وصراع مستمر، ويبدو واضحًا أن حركة حماس قد قامت بالتحضير الجيد والاستعداد المسبق لمواجهة مطولة مع الجيش الإسرائيلي.أظهرت حماس قدرة في إنتاج الأسلحة وتحضيراتها المتقدمة بالتزامن، مع تجنيد مقاتلين جدد نتيجة للتجاوزات التي حدثت بحق المدنيين في قطاع غزة خلال الأشهر التسعة الماضية.حققت إسرائيل نجاحًا واحدا وهو إثارة عداء الغالبية العظمى من الفلسطينيين، وذلك نتيجة لقتل الأبرياء من الأطفال والنساء والمدنيين، بالإضافة إلى الدمار غير المسبوق في البنية التحتية. هذا هو مجمل ما أحرزته إسرائيل في هذا السياق.فكرة أن تحكم عائلات وعشائر فلسطينية ومجموعات مدنية في مناطق في قطاع غزة هي فكرة فاشلة وستفشل لأنه الشعب الفلسطيني بأكمله يرى ان منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية الممثلة الوحيدة لهم والحديث عن مجموعات مدنية وعشائر لن ينجح.يشهد الوضع الفلسطيني انقسامًا منذ صيف عام 2007، حيث تتواصل الخلافات الكبيرة بين حركتي فتح وحماس.وجود توافق على عدم نشر قوات عربية في غزة دون وجود السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية. من جانبها، تبدي حركة حماس موافقة مبدئية على عودة السلطة الفلسطينية وقواتها الأمنية للإشراف المؤقت على إدارة القطاع إلى حين تنظيم انتخابات خلال فترة ما بين سنتين.تشدد حماس حول تشكيل الحكومة الفلسطينية المقبلة، سواء كانت من أعضاء فتح أو المستقلين الفلسطينيين. وتعلن استعدادها للتنحي عن حكم غزة لتجنب المزيد من المعاناة الكارثية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في القطاع.جاءت حماس لمحاربة الاحتلال الإسرائيلي وإنهائه.تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية انقسامًا بين المعارضة والحكومة حول الجدوى الأساسية من الانخراط في صفقة التبادل.موضوع تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي أصبح ملحًا، خاصة عقب قرار المحكمة العليا في إسرائيل الذي قضى بتجنيدهم.تأتي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، لتؤكد حاجة الجيش إلى 10 آلاف جندي جديد وهذا القرار من شأنه زيادة الانقسامات والصراعات الداخلية الإسرائيلية التي قد تفضي إلى انهيار الحكومة قبل انتهاء ولايتها الرسمية.صرّح توم حرب، مدير التحالف الأميركي الشرقي الأوسط للديمقراطية، بأن خريطة الطريق التي وضعتها الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن قد واجهت تعليقًا واضحًا من نتنياهو. حيث رفض جزءًا منها، مصرًّا على استمرار القتال للتخلص من حماس. ونتيجة لذلك، اضطرت إدارة بايدن إلى إعادة النظر في هذه الفترة بتأني وتراجعت عن خطتها لتتماشى مع رغبات نتنياهو. 

من الواضح أن النزاع العسكري الكبير في غزة قد انتهى، حيث تُسيطر القوات الإسرائيلية اليوم على جميع المحاور والمعابر. يُعتبر هذا الوضع دليلًا واضحًا على سقوط غزة من الناحية العسكرية.

وجود ميليشيات محلية وأفراد في مناطق مختلفة كان موضوعًا أكده نتنياهو منذ بداية النزاع، حيث أشار إلى أن العمليات العسكرية قد تستمر حتى عام 2025 بغية القضاء تمامًا على هذه الميليشيات المسلحة في غزة.لو أن الدول العربية بادرت بتشكيل جيش عربي للتدخل في غزة وإدارتها بالتنسيق مع الإسرائيليين، لكان ذلك شيئًا مختلفًا. إلا أن الدول العربية اختارت الوقوف جانبًا ومراقبة الأحداث في غزة دون تدخل يُذكر، تاركةً الأمور بيد إسرائيل.تؤكد إسرائيل على أهمية أن تحكم غزة نفسها بشكل مستقل، دون أن تشكل أي خطر على أمن إسرائيل. ومن سيحكم غزة هو الشعب الغزاوي.منذ 2007 إلى 2023 حكمت حماس غزة ولم تجلب إلى الشعب الفلسطيني غير الويلات والخنادق والأنفاق ودمرت المنطقة بكاملها.إسرائيل دولة ديمقراطية وفي أي نظام ديمقراطي، توجد دائمًا خلافات سياسية داخلية. تنتج هذه الخلافات بعد الانتخابات التي تُجرى بأقلام الاقتراع وبناءً على آراء الناخبين.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل توسع قصفها على قطاع غزة.. وأعداد الضحايا في تزايد
  • معضلة إسرائيل القادمة.. من يدير قطاع ​​غزة بعد الحرب؟
  • الأمم المتحدة: أمر الإخلاء الإسرائيلي هو الأكبر في غزة منذ تشرين الأول
  • انقسام بالداخل الإسرائيلي بشأن خطة اليوم التالي للحرب في غزة
  • التفاصيل الكاملة لنتنياهو واستراتيجياته تجاه غزة بعد الحرب بين الظاهر والخفي
  • لليوم الـ 270.. إسرائيل تواصل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة
  • سموتريتش: مستوطنة جديدة مقابل كل اعتراف بالدولة الفلسطينية
  • السلطة الفلسطينية ترفض استقدام قوات أجنبية إلى غزة
  • السلطة الفلسطينية ترفض استقدام قوات أجنبية لغزة
  • خبراء يكشفون الأسباب الحقيقية لرفض مصر دخول قواتها مع دول عربية إلى قطاع غزة