أطلقت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، معهد النماذج التأسيسية الذي يهدف إلى تطوير النماذج التأسيسية المتقدمة وفهمها واستخدامها وإدارة المخاطر المتعلقة بها.

وجاء تأسيس المعهد تلبيةً للطلب المتزايد على تطوير الذكاء الاصطناعي التحويلي، إذ سيسعى إلى ترسيخ مكانة دولة الإمارات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وذلك من خلال البحوث الأكاديمية التي يمكن استخدامها في تطبيقات متعددة.

كما يختص المعهد بدعم البحوث وتطوير مهارات الجيل القادم من مطوري الذكاء الاصطناعي وتقديم مساهمة ملموسة في الاقتصاد القائم على المعرفة.

ومن المتوقع أن يستقطب المعهد كبار العلماء والمبتكرين والخبراء، من أجل تطوير نماذج ذكاء اصطناعي تكون واسعة النطاق، وقابلة لإعادة الاستخدام، ويسهل الوصول إليها، ومتوفرة بأسعار مدروسة.

وتنتج النماذج التأسيسية عن جهود يبذلها الخبراء على مدى سنوات عدة وفي سياقات معقدة جداً، وتكون قادرة على التكيّف مع مجموعة واسعة من التطبيقات المتخصصة والمستدامة في عدد متزايد من القطاعات والصناعات.

وقال البروفيسور إريك زينغ، رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي والبروفيسور الجامعي: ” تتجلى مهمتنا في وضع البحث الأكاديمي في طليعة جهود تطوير الذكاء الاصطناعي، إذ سيشكل هذا المعهد مركزاً للبحوث الأساسية في المجالات التي أثبتنا ريادتنا فيها، لنركز جهودنا الآن على توفير نماذج قوية يمكن استخدامها في الصناعات المخصصة لمجالات الرعاية الصحية وتغيّر المناخ والاستدامة ، فالخيارات المتاحة أمامنا غير محدودة، ونحن نتطلع إلى عقد شراكات متينة مع الجهات المعنية في هذا المجال”.

ويركز المعهد على تطوير النماذج التأسيسية متعددة الوسائط والتي تتمتع بإمكانات متعددة، تشمل اللغة والصوت والرؤية، وتكون قادرة على تحليل محتوى وسائل التواصل الاجتماعي، والإشراف على المحتوى، والتعرف البصري إلى الأحرف، فضلاً عن تحليل المنتجات.

كما ستركز البحوث على التحقيق أكثر في نماذج الأساس مثل النماذج اللغوية الكبيرة التي تقوم عليها برامج مثل “شات جي بي تي”، والمحولات التي تم تدريبها سابقاً على البيانات البيولوجية لأدوات على غرار “ألفا فولد 2”.

وتضم جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي 5 أقسام متخصصة في علوم الحاسوب، والرؤية الحاسوبية، وتعلّم الآلة، ومعالجة اللغات الطبيعية، وعلم الروبوتات، تمتلك بيئة بحثية فريدة من نوعها ومتعددة التخصصات، مما يجعل منها الجهة المثالية لقيادة بحوث نماذج الأساس، وسيكون حرم مدينة مصدر التابع لها مقر المعهد الجديد.

وكانت الجامعة قد حظيت باهتمام عالمي نتيجة أبحاثها في مجال النماذج اللغوية الكبيرة، بما في ذلك نموذج “جيس”، النموذج اللغوي الكبير للغة العربية الأكثر تقدماً في العالم، الذي أطلقته في شهر أغسطس بالشراكة مع “كور 42” التابعة لمجموعة “جي 42” وشركة “سيريبراس سيستمز”، ولمشاركتها في نموذج “لاما 2” الذي طرحته شركة “ميتا”، فضلاً عن تطوير النموذج اللغوي الكبير “فيكونا”. فقد تم تنزيل “فيكونا” الذي يقدّم مخرجات استثنائية ذات بصمة مستدامة، أكثر من 3 ملايين مرة.

ورسخت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي مركزها، في غضون أربعة أعوام من افتتاحها، بين أفضل 20 مؤسسة على الصعيد العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي والرؤية الحاسوبية وتعلم الآلة ومعالجة اللغات الطبيعية وعلم الروبوتات، وذلك وفق تصنيفات المؤسسات التي تُعنى بعلم الحاسوب CSRankings.

ويضعها هذا التصنيف بمصاف مؤسسات عالمية بارزة مثل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة كاليفورنيا، وجامعة بيركلي، والمعهد الفدرالي للتكنولوجيا بزورخ، وجامعة نانجينغ، وجامعة واشنطن.

إلى جانب ذلك، قدّم أعضاء الهيئة التدريسية والطلاب في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، في إطار تعزيز مكانة الجامعة في طليعة أبحاث الذكاء الاصطناعي على الصعيد الدولي، أكثر من 1100 ورقة بحثية في المؤتمرات منذ العام 2020، كما نشروا أكثر من 1500 مقال.

يشار إلى أن الجامعة استقبلت مؤخراً الدفعة الرابعة من طلابها، من أكثر 34 جنسية، كما رحبت في وقت سابق من هذا العام بالدفعة الرابعة من برنامجها التنفيذي الذي يواصل إعداد القادة ذوي الخبرة والمعرفة في مجال الذكاء الاصطناعي لإثراء المنظومة التقنية المزدهرة في دولة الإمارات.وام

 


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

كل أسبوع.. خطر الذكاء الاصطناعي على القيم الأخلاقية

يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة عظيمة لتحسين حياة البشر، لكنه يحمل أيضا مخاطر أخلاقية هائلة تستلزم وعيا عميقا.

وعلى المسلمين أن يكونوا قادة في توجيه استخدام هذه التقنيات بما يخدم الإنسانية ويحقق العدل، مسترشدين بمبادئ الإسلام التي تدعو إلى التوازن بين التطور التكنولوجي والقيم الأخلاقية.

فمع التقدم السريع في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، يواجه المسلمون تحديات أخلاقية جديدة تمس حياتهم اليومية ومبادئهم الأساسية.

فالذكاء الاصطناعي لم يعد مقتصرا على تحسين الإنتاجية أو تنفيذ العمليات الذكية، بل أصبح يؤثر على القرارات المجتمعية والاقتصادية وحتى القيم الإنسانية. وهذا يضع على عاتق المسلمين مسؤولية كبرى لضمان أن تستخدم هذه التقنيات بما يتوافق مع القيم والمبادئ الإسلامية.

ومن أبرز القضايا في عصر الذكاء الاصطناعي مسألة الخصوصية، حيث تجمع الشركات الكبرى بيانات ضخمة عن الأفراد لتحليلها واستخدامها في تطوير منتجاتها وخدماتها. وهذا يتنافى مع مبدأ أصيل من مبادئ الشريعة وهو اعتبار الخصوصية حقا أصيلا يجب حمايته، حيث يقول الله تعالى: «ولا تجسسوا» (الحجرات: 12).

ويتطلب هذا من العالم الإسلامي المطالبة بتشريعات تحمي البيانات الشخصية وتضمن استخدامها بطرق أخلاقية.

وبينما يمكن أن يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين التعليم والرعاية الصحية، فيمكن استخدامه أيضا لأغراض سلبية مثل نشر الأخبار الزائفة أو تطوير الأسلحة المدمرة.

والإسلام يحث على استخدام الموارد لتحقيق الخير ومنع الفساد، يقول الله تعالى:«ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها» (الأعراف: 56). وهنا تكمن أهمية الوعي والرقابة الأخلاقية في استخدام هذه التقنيات.

وإذا كانت أنظمة الذكاء الاصطناعي تعتمد على بيانات سابقة قد تكون متحيزة ومنحازة لأفكار وتوجهات معينة، فذلك يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير منصفة في مجالات مثل التوظيف والتعليم.

من هنا، يجب أن يكون المسلمون في طليعة من يطالبون بتطوير خوارزميات تعكس قيم العدل والمساواة. يقول الله تعالى: «اعدلوا هو أقرب للتقوى» (المائدة: 8)، وهو مبدأ يجب مراعاته عند تصميم هذه الأنظمة.

ومن التحديات الكبيرة أيضا التي يفرضها الذكاء الاصطناعي: تراجع العلاقات الإنسانية بسبب الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا. فوسائل التواصل الاجتماعي والروبوتات الذكية قد تضعف صلة الأرحام والعلاقات الاجتماعية التقليدية.

والإسلام يحرص على تعزيز العلاقات الاجتماعية، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها». لذا، يجب أن نسعى لتحقيق توازن بين استخدام التكنولوجيا والحفاظ على الروابط الإنسانية، وفى مقدمتها صلة الأرحام.

ومع ازدياد استخدام الذكاء الاصطناعي، بدأت العديد من الوظائف التقليدية تتلاشى، مما يؤدي إلى بطالة واسعة النطاق، مما يثير تساؤلات أخلاقية حول حقوق العمال وإيجاد بدائل عادلة لهم. فالإسلام يولي أهمية كبيرة لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حقوق العاملين.

ومن مخاطر أنظمة الذكاء الاصطناعي أنها تطرح أحيانا أسئلة معقدة حول الروح والإرادة الحرة والإنسانية، مما قد يثير تحديات عقدية. فمن المهم أن يكون المسلمون واعين لهذه التحديات وأن يستندوا إلى التعليم الشرعي لتعزيز فهمهم الصحيح للعقيدة ومواجهة هذه التساؤلات بحكمة.

إن هذه التحديات وغيرها كثير تستوجب اليقظة التامة من المؤسسات الثقافية والتعليمية والتربوية والدعوية والإعلامية في عالمنا العربي والإسلامي للحفاظ على الجيل الجديد من الانسياق وراء ما تبثه أنظمة الذكاء الاصطناعي، وخاصة ما يتعلق بالقضايا الدينية وآيات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فقد رصد البعض أخطاء جوهرية في تفسير الآيات القرآنية، بل في الآيات نفسها، حين طلب تفسيرها بالذكاء الاصطناعي.

من هنا تبرز أهمية توجه الدولة المصرية نحو تطوير التعليم الرقمي والاهتمام بإنشاء كليات تكنولوجية قادرة على تخريج جيل يستطيع أن يواجه تحديات الذكاء الاصطناعي، ونسأل الله السلامة.

اقرأ أيضاًثورة في علم الاقتصاد.. الذكاء الاصطناعي يُخمّن رغباتك ويبيعها في السوق

طريقة تفعيل ميزات الذكاء الاصطناعي في تحديث iOS 18.1 من «أبل»

التعليم العالي: طفرة في تطوير منظومة الحاسبات والمعلومات والذكاء الاصطناعي بالجامعات المصرية

مقالات مشابهة

  • “سدايا” تطلق برنامج التدريب الاحترافي في الذكاء الاصطناعي التوليدي
  • انتهاء أولى دورات أكاديمية المواهب المصرية في الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي والترجمة
  • مع الذكاء الاصطناعي.. كُن مستعدًا لوظائف المستقبل
  • استخدام الذكاء الاصطناعي للتحدث مع الحيوانات
  • كل أسبوع.. خطر الذكاء الاصطناعي على القيم الأخلاقية
  • الذكاء الاصطناعي.. عام من الشراكات الاستراتيجية
  • معهد الشارقة للتراث يطلق «دليل النشر» لعام 2025
  • حسب الخبراء..أهم اتجاهات الذكاء الاصطناعي في 2025
  • بعد تدشينه اليوم.. أسماء الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»