بوابة الوفد:
2024-11-19@20:38:52 GMT

اللايقين وشقوق الوعود المحطمة

تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT

اختتمت فى مدينة مراكش المغربية هذا الأسبوع الإجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، وسط تصعيد للصراع الفلسطينى الإسرائيلى فى الشرق الأوسط، وفى دولة مضيفة لا تزال تتعافى من زلزال مدمر. المناقشات تنوعت ما بين آفاق الاقتصاد العالمى المثقل بالديون، والصراعات، وفجوة الثروة المتزايدة بين الدول الغنية والفقيرة، والجهود المتعثرة لمعالجة تغير المناخ.

وقد أظهرت حده الصراع الفلسطينى الإسرائيلى مدى حالة التراجع التى سيشهدها الاقتصاد العالمى مستقبلاً، حيث أظهرت توقعات صندوق النقد الدولى تباطؤ النمو الاقتصادى العالمى من 3.5% العام الماضى إلى 3% هذا العام و2.9% العام المقبل، وهذا قبل بداية الصراع، ولكن بعد بداية الصراع ستقل النسب المستقبلية السابقة من 0,3% إلى 0.5% وهو انخفاض سيؤثر سلبًا على جميع مؤشرات الأداء الاقتصادى العالمى، وإذا نظرنا إلى ما هو أبعد من الاقتصادات المتقدمة الرئيسية، وتزايد حدة الديون لديها مثل الولايات المتحدة الأمريكية التى بلغ سقف الدين مستويات غير مسبوقة، حيث وصل إلى 31,4 تريليون دولار، سنجد أن ارتفاع أسعار الفائدة الرسمية، وقوة الدولار، والشكوك الجيوسياسية تزيد من التحديات التى تواجهها بقية دول العالم، ويزيد الأمر صعوبة تنامى حدة الصراع الفلسطينى الإسرائيلي. ومع تحذير صندوق النقد الدولى من أن أسعار الفائدة المرتفعة ستضع بعض المقترضين فى أوضاع أكثر خطورة. وتشير التقديرات إلى أن حوالى 5% من البنوك على مستوى العالم معرضة للضغط إذا ظلت هذه المعدلات مرتفعة لفترة أطول، كما أن 30% أخرى من البنوك–بما فى ذلك بعض أكبر البنوك فى العالم–ستكون معرضة للخطر إذا دخل الاقتصاد العالمى فترة طويلة من النمو المنخفض والتضخم المرتفع.فزيادة حدة الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، ومن قبله الصراع الروسى الأوكرانى، والحمائية التجارية المتزايدة، والتوترات بين الولايات المتحدة والصين، فهذا التشرذم يزيد من صعوبة إيجاد حلول قابلة للتطبيق لأزمة الديون المتفاقمة التى تلوح فى الأفق فى الشرق الأوسط والعالم بأسره. فسابقاً سيطر صندوق النقد والبنك الدوليين، إلى جانب الولايات المتحدة وأوروبا، على مشهد إدارة الإقراض والديون العالمية. اليوم، أصبحت الصين أكبر مقرض رسمى فى العالم، حيث تقرض ما يصل إلى 900 مليار دولار على مستوى العالم على مدار العقد الماضى أى أكثر من البنك الدولى وصندوق النقد الدولى والمقرضين الغربيين مجتمعين.حتى فى مصر، تكتسب بكين تدريجيا بصمة أكبر. وما زال الانقسام دائرا حول إدارة الديون. ويتزامن ذلك مع عدم قيام دول مجموعة السبع بتغطية شقوق الوعود المحطمة واللازمة لمعالجة الفقر وانهيار المناخ،وكلها عوامل تجعل بناء اقتصاد عالمى مزدهر أكثر صعوبة، وهو ما عبرت عنه رئيسة صندوق النقد الدولى من أنه إذا لم ننجح فى مد الجسور بين رأس المال المتمركز فى دول الشمال والشباب المتمركز خصوصا فى أفريقيا، فلن ننجح أبدا، لذا تسعى الحكومة المصرية إلى ضمان الاستمرارية فى مسيرة الإصلاحات الهيكلية من خلال تبنى سياسات متوازنة تراعى البعد الاجتماعي، وترتكز على الالتزام بالانضباط المالى والتعامل الإيجابى مع الآثار السلبية التى تفرضها الأزمات العالمية المركبة، وما ينتج عنها من ضغوط تضخمية غير مسبوقة، وحالة من اللايقين التى تسود الأسواق الدولية، ما نؤكد عليه أن الاقتصاديات العالمية وعلى الأخص الناشئة منها ستبحث حاليًا ومستقبلاً عن كيفية إعادة هيكلة الديون، وإيجاد سياسة نقدية بهدف تحقيق توازن بين العرض والطلب، بما يمكنها من الحصول على السيولة المناسبة، من أجل رسم مسارٍ لاقتصاد قادر على الصمود ومستقبلٍ أكثر إشراقاً يساعد على ترميم شقوق الوعود المحطمة.

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د علاء رزق لصندوق النقد البنك الدوليين الشرق الاوسط الاقتصاد العالمي الصراع الفلسطينى الإسرائيلى

إقرأ أيضاً:

صراع لا ينتهي.. نتائج الانتخابات الأمريكية تشغل العالم.. ونهج ترامب فى التعامل مع الصراع قد يغير مسار التاريخ بالنسبة للبلاد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في ظل الحرب وعدم اليقين، تحولت الحياة اليومية في كييف بسبب الحرب الدائرة مع روسيا إلى حلقة مفرغة من القلق والاضطراب، وخاصة مع معاناة السكان الأوكرانيين ليس فقط من صافرات الإنذار من الغارات الجوية، بل وأيضًا من الشعور المتسلل باليأس الذي خيم على البلاد. ومع دخول الحرب عامها الثاني، تتزايد الخسائر النفسية. فبالنسبة للعديد من الناس، يبدو الأمل وكأنه رفاهية بعيدة المنال، والتشاؤم الذي ترسخت جذوره على مدى عقود، يترسخ في عقولهم أكثر من أي وقت مضى.

صراع لا ينتهي

قال أحد الكتاب الأوكرانيين، في ليلة الخامس من نوفمبر، إن "صافرات الإنذار لم تكن هي التي أبقتني مستيقظًًا، بل كان الشعور الساحق باليأس الذي أشعلته نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية. لقد تحول المزاج في أوكرانيا بشكل كبير في تلك الليلة، حيث خشي الكثيرون أن يشير فوز ترامب إلى نهاية الدعم الغربي الحيوي ويؤدي إلى تحول سياسي من شأنه أن يعرض سيادة أوكرانيا للخطر". ولاحظ الكاتب أن نسبة كبيرة من رسائل التواصل الاجتماعي الأوكرانية والعديد من المحادثات الشخصية شعرب بإحباط إزاء عودة دونالد ترامب إلى السلطة. فقد تعني رئاسة ترامب سحب المساعدات العسكرية الأمريكية.. وبالنسبة للكثيرين، أثارت هذه الأفكار تشاؤمًا عميقًا، وشعورًا بأن الحرب، التي كانت تستمد طاقتها من تحالف دولي، أصبحت الآن على وشك الانهيار.

القدرية آلية للتكيف

لطالما كانت أوكرانيا دولة من المواطنين الصامدين، ولكن المتعبين. إن ندوب التاريخ واضحة على كل وجه، وخاصة بالنسبة لأولئك الذين مثل الجدة أنيا البالغة من العمر ٨٧ عامًا.. إن نظرتها للعالم تشكلت من أهوال المجاعة، وانهيار الاتحاد السوفييتي.. بالنسبة لها، الأمل سلعة نادرة وخطيرة؛ فهي تعتقد أن توقع الأشياء الجيدة يعني المخاطرة بخيبة الأمل الحتمية. كان هذا المصير سمة ثابتة للحياة الأوكرانية، تغذيتها سنوات من المشقة. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذا التشاؤم العميق الجذور، كانت هناك لحظات من الأمل. قدم الدفاع الناجح عن كييف في عام ٢٠٢٢ واستعادة خاركيف في وقت لاحق من ذلك العام، لمحات عابرة لمستقبل مبشر.. ومع ذلك، تبدو هذه الآمال الآن هشة بشكل متزايد. الواقع أن الخسائر المرهقة التي تكبدتها أوكرانيا في الحرب تفرض عبئا جسديا وعاطفيا على الجنود الأوكرانيين، الذين ظل العديد منهم على الخطوط الأمامية لشهور دون راحة. والشتاء القاسي الذي ينتظرهم لا يعد إلا بمزيد من المعاناة مع انهيار البنية الأساسية في أوكرانيا، مع تدمير محطات الطاقة وانخفاض درجات الحرارة. وعلى الرغم من خسائر روسيا، إلا أن قواتها تواصل العمل بكامل طاقتها، فى مثال صارخ بالموارد الهائلة التي تستطيع موسكو الاستفادة منها في هذا الصراع المطول.

الدعم الغربي المتذبذب

قبل الانتخابات الأمريكية، واجهت أوكرانيا بالفعل دعما متذبذبا من الغرب. وفي حين كانت هناك أصوات قوية تدعو إلى استمرار المساعدات، فإن أصوات المنتقدين المتزايدة التي تدعو إلى التكيف مع "الوضع الجديد" في أوكرانيا كانت تتزايد صخبًا. أعرب فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، عن خيبة الأمل المتزايدة التي يعاني منها العديد من الزعماء الأوروبيين، متسائلًا عن حكمة الاستمرار في توجيه الموارد إلى ما وصفه بـ"الحرب الخاسرة". وتعكس تصريحاته حالة عدم اليقين الأوسع نطاقا في أوروبا، وخاصة في أعقاب إدارة أمريكية ستكون أكثر عزلة تحت قيادة ترامب. ومع ذلك، فإن النقاش الداخلي داخل الولايات المتحدة أكثر كثافة. فقد ظهرت بالفعل تقارير عن خطط ترامب للسلام، والآن ينتظر المواطنون الأوكرانيون بفارغ الصبر لمعرفة ما إذا كانت وعود الدعم السابقة ستصمد. لقد ترك سجل ترامب المتشكك تجاه أوكرانيا العديد من الأوكرانيين قلقين للغاية بشأن ما قد تجلبه ولايته الثانية. سواء من خلال المشاركة المباشرة مع فلاديمير بوتن أو من خلال السعي إلى تقليص المساعدات العسكرية، فإن نهج ترامب في التعامل مع الصراع قد يغير مسار التاريخ بالنسبة لأوكرانيا.

ثمن الانتظار

في حين ينتظر الأوكرانيون الوضوح بشأن مستقبلهم، فإنهم يجدون أنفسهم في معضلة مؤلمة: فهل يتمسكون بالأمل، أم يستسلمون للأسوأ؟ إن الثمن العاطفي الذي يترتب على العيش في حالة من عدم اليقين المستمر يصعب المبالغة في تقديره. فمن ناحية، يشكل الاستمرار في الأمل في أن يأتي الغرب لمساعدة أوكرانيا آلية ضرورية للبقاء؛ ومن ناحية أخرى، فإن هذا الأمل قد يجلب المزيد من الألم عندما يفشل الدعم الموعود في التحقق. هذا الصراع الداخلي بين الأمل واليأس بالنسبة للعديد من الناس في أوكرانيا يشكل أزمة شخصية ووطنية. والثقة في المؤسسات الغربية تخضع للاختبار، واحتمال حدوث تحول صارخ في السياسة الخارجية الأمريكية لا يؤدي إلا إلى تكثيف هذا القلق. وحتى في حين يكافح الأوكرانيون للتنقل عبر أهوال الحرب اليومية، فإنهم يواجهون الآن احتمال خوض معركة أخرى: معركة من أجل مكانهم في النظام الجيوسياسي، وهي معركة قد لا تُحَل في ساحة المعركة ولكن في أروقة السلطة في واشنطن وموسكو وما وراءهما.

على حافة الهاوية

ومع تزايد عدم اليقين بشأن المستقبل، أصبح من الصعب تجاهل التشاؤم الذي اتسمت به النفسية الوطنية لفترة طويلة. والواقع أن الأسئلة التي لا هوادة فيها حول ما قد يحدث بعد ذلك ــ ما إذا كان الدعم الغربي سوف يستمر، أو ما إذا كانت البلاد سوف تُترَك لمصيرها ــ تعمل ببطء على تآكل التفاؤل الذي كان يغذي ذات يوم تحدي أوكرانيا. ومع استمرار هذه المعركة، يراقب العالم عن كثب، في حين يظل مصير أمة معلقًا في الميزان على نحو محفوف بالمخاطر. ويبقى السؤال: هل يسود الأمل، أم أن اليأس سوف يسود في أحلك ساعات أوكرانيا؟
 

مقالات مشابهة

  • العربي الناصري: اقتصاد مصر أكثر القطاعات التى طالتها الشائعات.. وعلينا جميعا مواجهة المخاطر
  • اليونيسف: أكثر من 200 طفل قتلوا و1100 أصيبوا في لبنان بسبب الصراع
  • القيصر الروسى فى عزلته المجيدة
  • خبير اقتصادي: الانخفاضات التي شهدتها البورصة المصرية متوقعة وغير مقلقلة (فيديو)
  • د. آمال عثمان تكتب: الأوركسترا الملكي البريطاني في قلب التاريخ
  • "الحرية المصري": مشاركة الرئيس في قمة العشرين يعكس مكانة ودور مصر
  • المملكة المتحدة تعلن حزمة مساعدات جديدة لدعم أكثر من مليون شخص في السودان
  • السيسي يشارك في قمة مجموعة العشرين بالبرازيل
  • صراع لا ينتهي.. نتائج الانتخابات الأمريكية تشغل العالم.. ونهج ترامب فى التعامل مع الصراع قد يغير مسار التاريخ بالنسبة للبلاد
  • أبرزها أسعار المواد البترولية والكهرباء.. نقاط الخلاف بين مصر وصندوق النقد الدولى