من عدن .. نهاية الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
بقلم / علي ناصر محمد
من صيرة دخلت قوات الاحتلال البريطاني بقيادة الضابط هنس في يوم السبت 19 يناير 1839م ويعد (الفتح الأول) للإمبراطورية البريطانية في عهد الملكة فيكتوريا في معركة غير متكافئة بين البحرية البريطانية والمدافعين الأبطال عن عدن. استخدمت بريطانيا ذريعة لذلك حين جنحت السفينة “دوريا دولت” التي تحمل العلم البريطاني وهذا بالرغم من أن شخصية عدنية من آل العيدروس أنقذ ركاب السفينة وانتشلهم في قارب وقدم لهم طعاماً وثياباً، كما هو معروف ومتداول حتى في الوثائق البريطانية.
استمر الاحتلال حتى 30 نوفمبر1967 فالشعب لم يستسلم واستمرت المقاومة في عدن والمحميات ضد الوجود البريطاني عبر الانتفاضات والمظاهرات بالإضافة للدور الهام لرجال الدين وأبرزهم عبد الله حاتم وغيره، والصحافة ومنها الأيام والأمل والمصير وغيرها من الصحف، ولا ننسى دور النقابات والمرأة التي أشرنا إلى دورها في مقالنا “المرأة وثورة 14 أكتوبر ” ، إضافة إلى أهم حدث في تلك الفترة هو تفجير قنبلة المطار التي فجرت مؤتمر لندن الدستوري وذلك من قبل المناضل خليفة عبد الله حسن خليفة، كل ذلك كان مقدمة لقيام الثورة المسلحة في 14 أكتوبر 1963 والتي انطلقت من جبال ردفان الشماء بقيادة الجبهة القومية.
سجلت الثورة في ردفان أروع البطولات ضد قوات الاحتلال البريطاني وعملائهم وسموا حينها بالذئاب الحُمر، ومن أجل تخفيف الضغط على جبهة ردفان واستمرار الثورة عُقد اجتماع في منزل المناضل نور الدين قاسم بالمنصورة، وترأسه فيصل عبد اللطيف وحضره سيف الضالعي وعبد الفتاح اسماعيل وسالم ربيع علي ومحمد علي هيثم وحسين الجابري وعلي عبد العليم وعلي السلامي وعبد الباري قاسم وناصر علي صدح ، وكاتب هذا المقال علي ناصر محمد وآخرون لا أتذكر أسماءهم،
وفي هذا الاجتماع اتّخذ اهم قرار بتاريخ الجنوب بفتح الجبهات في كل من عدن وبقية المحميات كما اتخذ قرار بإرسال الفدائيين من عدن وقد كلفتني القيادة آنذاك بتسهيل و تأمين مرور أول دفعة من الفدائيين عبر لحج إلى تعز وتأهيلهم لفتح الجبهة في قلب مستعمره عدن ومنهم عبد الرب علي (مصطفى) مهيوب علي غالب (عبود) أحمد محمد سعيد، فضل محسن، خالد هندي، علي صالح بيضاني، حسن علي الزغير (بدر)، أحمد العلواني، عبد الله الخامري، عبد الكافي عثمان، صالح الجابري، سالم باجبع ، عوض أحمد سعيدي. علوي سالم المصوعي ، عبد الله علوي ، عبد الله محمد الهيثمي ، واحمد محمد المحوري (الحاج) ، وتم نقلهم بإعتبارهم ذاهبين لقضاء إجازة في تعز بسيارتين يتقدمهم بسيارته عضو الجبهة القومية محمد علي طالب، وقد سهل مهمة سفرهم سالم الحجيري الضابط في شرطة لحج والمتعاطف مع الجبهة القومية والمناصر للثورة. وبعد أن أنجزوا دورتهم في معسكر صاله بتعز عادوا إلى عدن في انتظار التوجيهات والسلاح لإعلان الثورة المسلحة وحرب العصابات في عدن.
وكانت جبهة عدن هي الحاسمة في المعركة مع الاحتلال البريطاني. ومما له دلالته أن الثوار استطاعوا أن يخوضوا حرب عصابات منظمة وناجحة في مدينة صغيرة محاصرة بين الجبال والبحر، وقليلة المنافذ، ومحاطة بالأسلاك الشائكة وبمعسكرات القوات البريطانية والجواسيس، والقيام بالنشاط العسكري في المدن والريف, “واستطاعوا أن ينتصروا في هذه المعركة ويكسروا هيبة الإمبراطورية البريطانية وقواتها وعملائها في عدن والجنوب.
ولم تكن ميزانية جبهة عدن تزيد عن خمسة آلاف ريال يمني حوالي (2000 دولار).. وبهذه الميزانية المتواضعة كانت الجبهة القومية تقاتل الإنجليز وقاعدتهم في عدن التي كانت أكبر قاعدة للبريطانيين في شرقي السويس!، وكانت ميزانية الجبهة القومية لا تزيد عن 25 الف ريال يمني (1 دولار = 3 ريال) التي يقدمها مكتب عملية صلاح الدين إضافة للسلاح والتدريب إضافة إلى الاشتراكات من أعضاء الجبهة القومية والتبرعات من الأصدقاء والأشقاء ولجان مناصرة الثورة في الكويت وغيرها من البلدان العربية والأجنبية.
كان تطور العمل وسط المنظمات الجماهيرية يجد صداه في المطبوعات والنشرات السرية الداخلية الصادرة في جبهة عدن وجبهات القتال الأخرى. وكان للنساء دور مشرف في الثورة، كن يحملن السلاح ويقدن التظاهرات، ويشاركن في الإضرابات وتنظيم المهرجانات والخطابات فيها، ويوزعن المنشورات، ويقمن بإيصال الرسائل، المحررة والشفوية، إلى الأعضاء، ويتولين مسؤولية إخفاء المناضلين المطلوبين، وإطعامهم، واللقاء بالوفود العربية والدولية لشرح قضية الجنوب أمام لجنة تقصي الحقائق التابعة للجنة تصفية الاستعمار.
كانت جبهة عدن هي قلب وروح الثورة في الجنوب وصوتها العالي في الخارج، وأحد مصادر القوة والطاقة التي تمد بقية الجبهات الأخرى بالحيوية والحياة والدماء وبعوامل الصمود والاستمرار. وبعد أن تعود الفدائيون على الكفاح السري، وكسروا حاجز الخوف، وحققوا ذاتهم، والتحموا بالجماهير وعاشوا معها، فوجدوا فيها الحصن المنيع والحضن الدافئ. ووفرت لهم الحماية والدعم والتنقل بسرية.
كانت أبرز قيادات جبهة عدن: فيصل عبد اللطيف، وعلي السلامي، وعبد الفتاح إسماعيل، وأحمد صالح الشاعر، وعلي صالح عباد “مقبل”، نور الدين قاسم، سالم ربيع علي وسواهم من القيادات التي أظهرت مواهب قيادية، وحنكة عالية في إدارة دفة الصراع مع الاحتلال، وفي قيادة الكفاح المسلح في جبهة عدن، وتوجيه العمل السياسي والجماهيري، وخلق جبهة واحدة مُتراصة مع الشعب لإلحاق الهزيمة بقوات الاحتلال.
ومن أبرز المناضلين والفدائيين:
أبو بكر شفيق، فاروق مكاوي ، خالد هندي ، علي صالح البيضاني ، عبدالرحمن فارع ، صلاح الدين ، صالح عبدالكريم ، احمد علي العلواني ، محمد احمد باشماخ ، علوي حسين فرحان ، محمد حسين الذروي ، محمد سعيد عبد الله ، علي الشيخ عمر ، عبد العزيز عبد الولي ، علي عمر الشيخ ، عبد الواسع قاسم ، عبد الرزاق شايف ، عبد الله ابو هاشم ، محمد احمد القباطي ، سالم عبدا لله يافعي ، عبد الكافي ، طه غانم ، محمد صالح عولقي ، محمد صالح مطيع ، توفيق عوبلي ، صالح محمد هيثم ، حسين جاوي ، صالح عبد الرزاق ، منصور سيف ، حسين علي باحبيب وعياله محمد واحمد ، الحاج صالح باقيس ، عبد الله محمد سرحان ، علي عوض امحداد ، ناصر عبد الله الحداد ، فارس سالم ، حسين الجابري ، علي عبد العليم ، عايش عوض سعيد، عبد الله محفوظ ، عبد السلام، احمد سالم (عباس) ، أحمد ناصر امخادم ، قاسم صالح لطفي ، محمد علي مختار ، جميل امشبق ، محمد سالم العسل ، يوسف علي بن علي ، وعبد الله سالم العسل ، عبد الله سالم قردع ، السيد حسن صالح ، صالح الصجر ، احمد مشعر ، محمد هادي الميسري ، حامد مدرم ، صالح حسين احمد زيزيا ، صالح سعيد حكومه ، محمد علوي السقاف ، صالح عبد الحميد ، سعيد فارع ثابت علي، محمد علي الريوي ، محمد علي سعد الساحلي ، فضل عبد الله ( بيرأحمد ) ، احمد ثابت حيدر سعيد ، عبد الله عبد ربه ، صالح فاضل حسين ، فريد عبده صحبي ، الخضر محمد احمد الصالحي ، محمد جابر ثابت سريع، زيد سليمان ، صالح الشعملي ، عوض ناصر النخعي ، سالم خوه ، علي ناصر هادي ، احمد امجعلي.
ومن أبرز الشهداء في عدن: محمد علي (الحبيشي) وهو أول شهيد يسقط في جبهة عدن 1966م بانفجار قنبلة كان يحملها لغرض تفجيرها بأحد الأهداف المرسومة وسمي استاد الحبيشي باسمه في عدن حتى الآن، ومهيوب علي غالب(عبود) ، عبد النبي مدرم ، علي محمد الدلالي ، الشهيد منصور.
ومن أبرز الذين كانوا في السجن: أبو بكر شفيق، سالم سهيم ، عبده علي عبد الرحمن ، راشد محمد ثابت ، علي عبد الله الحداد ، محمد صالح العتيقي، صالح محمد جعفر ، حسن عبد الله ، علي صالح ، عبد اللطيف صالح ، احمد حميد ، محمد علي طالب ، عوض سعيد يافعي ، ناصرعوض السعيدي ، ناصر علي فرحان اسمه عباد من فرقة حسين جاوي ، علي سلام فوز ، عبد الله شبوله ، سالم باصهيب ، سليمان ناصر محمد ،عبد الله الهيثمي ، احمد ناجي ، عبد الله صالح المنصوري ، علي محمد الهمامي ، أحمد ناجي الردفاني. محمد عوض مدرار، امعبد ناصر منصور ، محمد منصور السعدي ، محمد سالم باهديله ، محمود كوكني فرفة حسين جاوي ، جارالله سالم ، صالح علي ناصر جبران ، عمر العلواني ، محمود حزام ، سالم عمر ، علي جاحص ، عوض محمد جعفر ، يوسف علي بن علي ، الشهيد الدوح ، يوسف جبوتي الحسوه ، أحمد فريد البريقة ، احمد عبده الطاهري وغيرهم.
نحن نعتذر اذا لم نذكر بعض الأسماء في هذا المقال من الفدائيين والشهداء.
نحن لم نشير الى القيادات النقابية والعسكرية والأمنية الذين كان سنداً للثورة في كافة المراحل حتى تحقق النصر في 30 نوفمبر 1967.
تأتي هذه المناسبة التي يحتفل فيها الشعب بثورة أكتوبر ضد الاحتلال البريطاني وغزة تحترق وتتعرض للقصف اليومي وتدمير المنازل على رؤوس سكانها وتهجير الملايين الذين أصبحوا بلا مأوى ولا كهرباء ولا ماء ولا دواء ولا غذاء في ظل موقف رسمي عربي دون حجم المأساة التي تتعرض لها فلسطين منذ 100 عام باستثناء موقف الجماهير العربية والإسلامية والمحبة للسلام التي نزلت في مظاهرات الى الشوارع والساحات للتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي.
ونطالب مرة أخرى القادة والرؤساء العرب بضرورة عقد مؤتمر قمة عربية طارئة وعاجلة أو قمة إقليمية ودولية كما سبق أن طالبنا باسم مجموعة السلام العربي بعقدها لوقف الحرب وفك الحصار عن غزة والمدن الفلسطينية.
المجد والخلود لشهداء ثورة 14 أكتوبر وفي مقدمتهم راجح بن غالب لبوزة أول شهيد للثورة
النصر للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني حتى قيام دولته وعاصمتها القدس.
المصدر: موقع حيروت الإخباري
إقرأ أيضاً:
ماذا أصلي بعد طلوع الشمس الفجر أم الصبح؟.. لا تخالف السنة
لا شك أن ما يطرح الاستفهام عن ماذا أصلي بعد طلوع الشمس الفجر أم الصبح ؟ هو بحث الكثيرين ممن ينامون عن صلاة الفجر ولا يستيقظون إلا بعد طلوع الشمس ، بعدما صعبت عليهم تداعيات الحياة أدائها في أول وقتها ، وهو ما زاد معه الاستفهام عن ماذا أصلي بعد طلوع الشمس ؟ ، حيث يدركون فضل صلاة الفجر وهي الصلاة الوسطى ، ويسعون لتعويض ما فاتهم، فمن هنا ينبغي معرفة ماذا أصلي بعد طلوع الشمس ؟ لاغتنام فضل صلاة الفجر ، فحتى لا ينقص ثواب صلاة الفجر ويضيع معه فرصة الفوز بفضلها، ينبغي معرفة ماذا أصلي بعد طلوع الشمس ؟.
ورد أنه من السنة أن يبدأ الإنسان بركعتي الفجر، ثم يصلى فرض الصبح؛ لأن القضاء عين الأداء، هكذا فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم – لما فاتته صلاة الصبح في أحد أسفاره، ولم يستيقظ هو الصحابة إلا بعد طلوع الشمس.
و روى أبو دواد وغيره عن أبي قتادة أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ في سَفَرٍ له.....، فقال: "احفَظُوا علينا صلاتَنا" يعني صلاةَ الفَجرِ، فضُربَ على آذانِهم فما أيقَظَهم إلا حَرٌّ الشَّمس.....، فتَوَضَّؤوا، وأذَّنَ بلالٌ فصَلّوا ركعَتَي الفَجرِ، ثمَّ صَلَّوُا الفَجرَ ورَكبُوا، فقال بعضُهم لبعضٍ: قد فَرّطنا في صلاتِنا، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لا تفريطَ في النَّومِ، إنَّما التَّفريطُ في اليَقَظَةِ، فإذا سَهَا أحدُكم عن صَلاةٍ فليُصَلِّها حين يَذكُرُها..}، ففي الحديث دلالة على قضاء سنة الفجر قبله؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر بلالا بالأذان ثم صلى الراتبة (سنة الفجر) ثم أمر بإقامة الصلاة بعد ذلك فصلى الفريضة.
هل يجوز صلاة الفجر بعد طلوع الشمسقالت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، إنه يجب على المسلم أن يكون حريصًا على أداء الصلاة في أوقاتها؛ لقوله – تعالى -: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، وأن يأخذ المسلم كافة الأسباب التي تجعله مؤديًا للصلاة في وقتها، فإذا أراد أن يصلى الفجر في وقته، فعليه بالنوم مبكرًا مع استحضار النية لأداء هذه الفريضة مستعينًا بمن يوقظه، أو ضابطًا للمنبه على وقتها.
وأوضحت “البحوث الإسلامية” ، أنه إذا سمع الأذان لصلاة الفجر عليه أن ينهض من فراشه، ويسارع إلى مرضاة ربه؛ لكي يستقبل يومه بالطاعة والجد والاجتهاد؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم- :{ يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ} متفق عليه .
وتابعت: فإذا لم يسمع النداء مع أخذه الأسباب المعينة على ذلك، واستيقظ بعد طلوع الشمس فليصلها، ولا إثم عليه؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم: {مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا.. لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ، ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14].}. متفق عليه.
صلاة الفجر بعد شروق الشمسورد أنه على العبد في هذه الحالة أن يبادر إلى قضاء الصلاة عندما يستيقظ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك»، أما من يتهاون في أمر الصلاة وتعمد إخراجها عن وقتها؛ يأثم لأنه فوت وقت الصلاة، فالإثم متعلق بالأخذ بأسباب الاستيقاظ للصلاة؛ من عدمه وان الله تعالى قال: « فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ...»التغابن، وقال أيضًا: « لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا» البقرة، وأداء المسلم صلاة الفجر بعد الشروق الشمس تعد قضاءً وليست حاضرة.
وينبغي على المسلم أن يجاهد نفسه وأن يكون حريصًا على أداء الصلاة في وقتها وفي جماعة؛ فذلك هو الأحسن والأفضل، فإذا كان الإنسان مستيقظًا وسمع أذان الفجر يجب عليه النهوض للصلاة في وقتها، ويأثم إذا خرج وقتها وعليه بالتوبة، والعزم مع كثرة الاستغفار على عدم العودة إلى مثل هذا الفعل مرة ثانية، «ثم يصلي ما فاته؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» رواه مسلم،أما إذا نام المسلم عن صلاة الفجر غير متعمدٍ فواتها، ولم يجد مَن يوقظه لأدائها، فلا حرج عليه في ذلك، وعليه في هذه الحالة الإسراع إلى أداء الصلاة متى استيقظ من نومه؛ فقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم العذر لمن غلبه النوم طبعًا أو جهدًا، لما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه في قصة حديث صفوان بن المعطل رضي الله عنه، وفيه قوله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ لاَ نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ"، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ» رواه أبو داود.
حكم صلاة الفجر بعد شروق الشمسورد فيه أن الوقت بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس هذا وقت نهي لا يصلى فيه إلا سنة الفجر وفريضة الفجر أو تحية المسجد، وحيث إن أوقات النهي لا يجوز للمسلم أن يصلي فيها إلا الفرائض التي تفوته فيصليها في كل وقت، وهكذا فريضة الفجر تصليها مع سنتها بعد طلوع الفجر وهكذا ذوات الأسباب.
ورد أنه على المسلم أن يصلي صلاة الفجر بمجرد استيقاظه، فإذا كانت صلاته قبل الشروق فهي أداء، ولو بعد الشروق تكون قضاء، وتسمى صلاة الصبح وليس الفجر، ووقت صلاة الفجر يَبْدَأ من طلوع الفجر الصادق، وينتهي بطلوع الشمس، لحديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «وَوَقْتُ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ»، أخرجه مسلم، وبناء عليه فإن وقت صلاة الفجر يبدأ من ظهور الفجر الصَّادق، ويمتدُّ إلى أن تطلع الشَّمس؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من أدركَ من الصبحِ ركعةً قبلَ أن تطلُعَ الشمسُ، فقد أدركَ الصبحَ» [رواه البخاري].
كم عدد ركعات صلاة الفجر بعد طلوع الشمسقد فَرَضَ الله تبارك وتعالى على المُسلمين رِجالًا ونساءً أداء خمس صلواتٍ بشكلٍ يوميّ، وجَعَل الله تعالى الصلاة واجبةً في أوقاتٍ مُحدّدة، وتختلف الصلوات في عدد الركعات من وقت صلاةٍ لأخرى، وفرضُ صلاة الفجر أقلّ الصلوات عددًا ولكن هي أكثرها أهميّةً؛ فصلاة فرض الفجر ركعتان فقط، إلا أنّها تحتلّ الأهميّةَ والمَكانة الأكبر بين جميع الصّلوات لزيادة المشقّة فيها عن غيرها من الصلوات.
وتُعدّ سُنّة الفجر من أكثر السّنن تأكيدًا، فقد كان النّبي -صلى الله عليه وسلم- يُداوم عليها في الحضر والسفر، ويُصلّيها ركعتين قبل ركعتي الفرض. إنّ صلاةَ سنة الفجر هي عبارةٌ عن ركعتين خفيفتين يؤدّيهما المُسلم بعد أذان الفجر؛ بحيث يُصلّيهما قبل إقامة صلاة الفجر ، فعن أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- (أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح، وبدا الصبح، ركع ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة).
وتُعدّ سنّة الفجر من أكثر السنن الرواتب تأكيدًا وأفضلها؛ حيث رَوت السيّدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- (أنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِل أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ)، وكذلك ورد في الحديثِ الشّريف عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تَدَعُوا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَإِنْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْلُ) وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يتركهما ولا يدعهما لا في الحضر ولا في السفر، وقد تميّزت ركعتا سنة الفجر أيضًا بالثواب والأجر، فهما خير من الدنيا وخيرٌ ممّا فيها، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- : (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها).
متى تصبح صلاة الفجر قضاءورد أن أداء المسلم صلاة الفجر بعد الشروق تعد قضاءً وليست حاضرة، حيث إن صلاة الفجر فرض عَين على كل مسلم ومسلمة ذكرًا كان أو أنثى بالغًا عاقلًا، وهي من أهمّ الصلوات المكتوبة وأقربها إلى رب العزة تبارك وتعالى، كما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أخبرنا بفضل الصلاة في أول وقتها، كما نبهنا إلى أن صلاة الفجر تعد من الصلوات التي لها فضل عظيم، وينبغي اغتنامه وعدم تفويته أيا كانت الظروف.
و ورد فيها أنه لا يجوز تأخير صلاة الفجر عن وقتها بخروج الوقت بعد طلوع الشمس؛ لقول الله تعالى: «فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103)» النساء، ومن هنا فإن من أخذ بأسباب الاستيقاظ لصلاة الفجر؛ من النوم مبكرًا والقيام بالسنن المتعلقة بالنوم وإعداد المنبه أو الطلب من الأهل أن يوقظوه؛ ثم لم يستيقظ بعد ذلك، فلا إثم عليه؛ لأن ابن عباس روى أن رسول الله قال : « إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه » حديث حسن.
من أدرك الركعة الأولى من الفجر قبل الشروقورد أنه لا إعادة على من طلعت عليه الشمس وقد أدرك ركعة من صلاة الصبح، لأنها وقعت صحيحة، خلافًا للحنفية الذين ذهبوا إلى أن من طلعت عليه الشمس وهو يصلي الصبح، فإن صلاته تبطل بذلك لأن الصلاة بعد طلوع الشمس منهي عنها، وهذا مذهب مرجوح لمخالفته حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» رواه البخاري (579) ومسلم (608) .
و ورد أن من طلعت عليه الشمس وهو يصلي الفريضة فإن صلاته صحيحة ولا تلزمه إعادتها، قال ابن قدامة في المغني: وقال أصحاب الرأي فيمن طلعت الشمس وقد صلى ركعة: تفسد صلاته، لأنه صار في وقت نهي عن الصلاة فيه، وهذا لا يصح، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح». متفق عليه. وفي رواية: من أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته. متفق عليه.
ولأنه أدرك ركعة من الصلاة في وقتها فكان مدركا لها في وقتها كبقية الصلوات، وإنما نهي عن النافلة، فأما الفرائض فتصلى في كل وقت بدليل أن قبل طلوع الشمس وقت نهي ـ أيضا ـ ولا يمنع من فعل الفجر فيه.