الشاعر اليمني ياسر سعيد دحي لـ24: "أمي قصيدة وهي قارب أفكاري وأشعاري"
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
"ذاكرة الطفولة" زاوية نضئ فيها على طفولة أديب عربي نصغي لأولى تجاربه ورؤاه، أفراحه وأحزانه، نمخر عباب مرحلة، بصماتها خالدة في أعماق الذات، وتتسرب لأطراف الأصابع، عبر النتاج الأدبي بين لحظة وأخرى.
يقول الشاعر ياسر سعيد دحي، عن ذكريات الطفولة مع أمه وجدته: "لا أستطيع أن أتحدث عن الأم إلا شعراً، أمي قصيدة في داخلي، وهي قارب أفكاري وأشعاري.
ويضيف: أمي بدء اللون في هذا العالم، ولولاها ما ازدان بالألوان، وهي امرأة من سحاب، كلما أمطرت ازدادت سحاباً، الأم حين تمشي تقطرُ الملائكة من على قدميها.
وفيها أقول:
كي يراني أو أراه/ هذا الوجهُ/ عليَّ أن افتحَ وجهَ المحبةْ/ وجهَ اللهْ/ فالكلُّ في خُطاهْ/ وجهُ أمِّي.
والدتي لها فضل كبير جداً بعد فقد والدي، رحمه الله، في الحفاظ على نمونا الروحي والعقلي والفكري، وبجهودها وتضحيتها أصبحنا على ما نحن عليه إخوتي وأنا، والحمد لله منا حملة درجة الدكتوراة، ومنا الشعراء والفنانين والموسيقين، أمي صنعت أسرة تنعم بالسلام رغم رحيل الأب، أما جدتي فقد كان وجهها مغموراً بالبشاشة والابتسامات والطيبة، وما زلت أذكر صوتها وهي تنشد لنا، وتهدهد نفوسنا ونحن أطفال، فننام على أوتار صوتها، ونصبح على أحلام جميلة". سكان بيتنا
ويضيف في حوار خاص لـ24: "لعلنا كأسرة كنا محظوظين بوجود أب مهتم بالثقافة والأدب والمعرفة والعلم، باعتبارها رهان وركيزة الإنسان في تقدم وتطور المدن والمجتمعات والحضارات، وقد غرس فينا والدي هذا كله، فكل واحد من أبنائه، اتجه نحو مجال، فمنا الشاعر ومنا الفنان ومنا الأكاديمي الذي يراهن على العلم كمنارة للتحول ولتطور الإنسان في مدنيته ومدنه، والدنا هو الشاعر والأديب سعيد محمد دحي يرحمه الله، كنا نعيش في معية أبينا الجليل في منزل تجاور فيه شكسبير مع المتنبي أدونيس مع امرئ القيس، لبيد بن أب ربيعة مع نزار قباني وعلى المستوى الفني والموسيقي تجاور بيتهوفن مع محمد عبدالوهاب، فيروز مع موزارت، أم كلثوم مع المحضار وأبوبكر سالم بالفقيه، وكذلك على المستوى الأدبي تجاور دوستوفيسكي مع على أحمد باكثير ونجيب محفوظ، كما تجاور أرسطو مع ابن رشد، فان جوخ ومايكل انجلو، ومفكرين وفلاسفة وعمالقة في الشعر والأدب والمشاريع الفكرية الكبرى، من مختلف بلدان العالم ومن أزمنة تاريخية مختلفة كانت تتجاور، وكنا نعدهم وبحق من سكان بيتنا.
ولعل قصيدة "دعاء" في مطلع مجموعتي الشعرية "مليء بالرمل .. مليء بالمرايا" والتي هي إلى روح والدي يرحمه الله، تعكس مدى تأثير الأب على تجربتي الشعرية والروحية في هذا الوجود والتي أقول في إحدى مقاطعها:
يا أبت / وأنا الرّاحلُ دوماً في بحرِ يديكْ/ علِّمْني كيفَ يَكونُ الغرقُ/ في ذاكَ المِعْطَفْ
/ في عينَيكْ/ كَيْفَ يَكونُ السّعيُ إليكْ/ وأنتَ القاذفُ بي من جبلِ الطُّور/ هب لي من تلكَ الِمشْكاةِ عَلامَةْ/ تَجْعَلُني أَهوي مُشْتَعِلاً/ كَفَراشاتٍ تَنْسى كُلَّ الدَّرْبْ/ يا أبت: لا تنس ابناً يَتَوَضّأُ من شُعْلةْ/ يَهْوي بينَ القَدَمينِ، سَجْدةْ / يا أبت".
ويقول: "أما جدي فقد كان ممتلئاً حكمة ورزانة، واستطاع باكراً أن يدرك مدى أهمية تعليم البنات فقد كن بناته من أوائل من مارسن مهنة التعليم والتدريس في حضرموت، ويكفي أنني عندما أتامل الكثير من مدارس مدينة المكلا هناك في حضرموت، بأبوابها ونوافذها، أتذكر جدي رحمه الله فهو من كان وراء صناعتها وتصميمها، فالشرفات هنَّ عيون جدي وهذه الأبواب أقدامه".
وعن صداقات الطفولة، يقول دحي: "تحتاج الوردة إلى نحلة تنقل حبات لقاحها لتثمر في شجرة أخرى، كذلك الصداقة تحتاج إلى صديق ينقل معانيها لتثمر في إنسان آخر، ومثلما يحتاج الكربون إلى درجة حرارة عالية جداً كي يتحول إلى ألماس، كذلك هي الصداقة تحتاج إلى درجة حرارة عالية جدا لتتحول إلى صديق، وعندما يحدث هذا التحول يعم الفرح والبهجة والسعادة الداخلية بأن لك صديق حقيقي غير مشروط، تماما كالحب الحقيقي الذي هو غير مشروط، وغير مزيف".
ويرى: "أجمل أنواع الصداقات التي تحدث بين الأخوة وبين الأشقاء وهي نادرة جدا، ولأنها نادرة جدا، جاء تشبيه الصداقة بالألماسة وبحديث الوردة والنحلة، لأنها حقيقية غير مزيفة وليست مشروطة ولا تقوم على أساس وهم الصورة الذهنية عن الآخر والتي اعتقدنا أنه صديق بينما هو محض صورة ذهنية لا أكثر ولا أقل، فأن تطلق على إنسان صديق، ليس بالأمر الهين".
ويوضح دحي: " من هواياتي الأولى وأحلامي البِكْر أن أكون بطلاً في رياضة كمال الأجسام، ولكن الشعر خطفني كمن ارتعب من هذا الحلم، فرحلت معه حاملاً كتبي، وفيها عقلي وروحي وقلبي".
وعن رحلته في طلب العلم يقول: "درست جميع المراحل هنا في الإمارات، بدء من الابتدائية إلى الاعدادية والثانوية وحتى الجامعة، في دولة التحولات الكبرى باتجاه الجديد، ولقد اعتنت الإمارات في التعليم منذ البداية، وأذكر جيداً مدارس الرازي وابن رشد والمتنبي، حتى أسماء هذه المدارس كان لها أثراً نفسياً كبيراً، في تشكيل وبناء عشاق المعرفة من التلاميذ، ولعل مكتبة زايد في جامعة الإمارات كان لها أثر كبير في اطلاعي على مختلف الكتاب والكتب الأدبية والفلسفية والفكرية، لقد كانت مكتبة ثرية ومدهشة، أما بالنسبة للمدرسين كنت أميل لمدرسي اللغة العربية والتاريخ والاجتماع والفلسفة وعلم النفس، وبالنسبة للمعلم الذي تأثرت به كثيراً، فهو والدي يرحمه الله، ثم أخي الدكتور والباحث بسام سعيد دحي".
ويضيف: " في داخلي حب جارف للكلمات وعاشقٌ لها بلا حدود، شغفٌ فضاءاته مفتوحة، ولكني أعجب من الكلمات، بالرغم أنها فعلٌ للحرية إلا أنها - وفي ذات الوقت - فعل بناء للأقفاص، ومع ذلك لا يمر يوم إلا وأجدني حاملاً كتاباً أتأمله من خلالها.
ويتابع: "لعب والدي الشاعر والأديب سعيد دحي يرحمه الله دوراً كبيراً في غرس عادة القراءة لدي وتنمية شغفي بها، فالقراءة في المنتهى هي آلة عزفي، ومتأصلة معي منذ صغري، حيث وجهني والدي دوماً أن أقرأ الأفضل مما تم إنتاجه وإبداعه أدباً وشعراً وفلسفةً سواء عربياً أو عالمياً، فأنا أميل لقراءة الكتب والأسماء التي أحدثت دوياً ومنعطفاً في تاريخ العقل البشري، وجودياً وفلسفياً وروحياً، لأن قراءة كتب الكبار تجعلك تقفز من قمة إلى قمة مختصراً وقتاً كبيراً، وهذه القراءة خلقت أجنحة لحواسي جعلتني أبصر كما لم أبصر من قبل وأرى ما لم أكن أراه من قبل، وهذا هو الإبداع، فالعملية الإبداعية تحدث من وراء شبكة المعلوم والجاهز والمُنجز".
الحداثةأما بالنسبة للكُتاب الذين أثروا على تكوينه الشعري يذكر: "السياب وبلند الحيدري ودنقل وعبد الصبور مروراً بالبياتي وأدونيس ودرويش وآخرين مثل قاسم حداد وسعدي يوسف وبنيس وسعيد عقل وأدباء المهجر جبران وميخائيل نعيمة وإيليا أبوماضي، وكثر ممن أبدعوا لحظة الحداثة في الشعر العربي خلال المائة سنة الماضية وكذلك لحظة الحداثة على المستوى الأدبي والفكري بشكل عام".
وحول بداية نشر كتاباته يقول: " نشرت في صفحة "على الدرب" في جريدة الاتحاد الإماراتية والتي أشرف عليها الروائي والأديب العراقي جمعة اللامي في ذلك الوقت، حيث نشرت خواطري البريئة وأذكر منها (بستان المستقبل، صوت صفير الناي، سجا الليل، قريتنا) وغيرها، تلك الصفحة كانت محطة لكثير ممن أصبحوا كتاباً في مجالات أدبية متنوعة".
وعن السفر والتجوال يضيف دحي: "لست كثير السفر وعندما أسافر أفضل مدناً تشبه أبوظبي وأخواتها، مدن السواحل والشواطئ والجزر والبحار، مدن الأمواج الجديدة والمتجددة، مدن القوارب والسفن والأشرعة، أبوظبي وأخواتها في هذا العالم تشدني وتجعلني أكثر فرحاً وتأملاً بهذا الوجود".
وفي جوابه عن سؤال أثر تجربة الحب الأول على نتاجه الأدبي يختم: "السؤال أشبه بقذيفة، الجواب عنه انتحار أو عمل فدائي مجاني، يكفي أن أقول أنني أحببت الأنثى بكليتها، أحببتها خصباً ونماء وتحولات في هذا الكون وهذا الوجود وهذه الحياة التي تشبهها تماماً".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة اليمن یرحمه الله فی هذا
إقرأ أيضاً:
سعيد الزهراني يوثق ردة فعل زوجته صالحة بعد حرق فرشة منزلهم الجديد .. فيديو
خاص
شارك الناشط والمدون السعودي سعيد الزهراني ردة فعل زوجته صالحة القحطاني بعد اكتشافها حرق فرشة منزلهم الجديد.
وأظهر المقطع، أستياء صالحة وحزنها بسبب ما حدث، وعاتبته لأنه لم ينتبه وتسبب بهذا الفعل .
وحاول سعيد تهدئة الموقف ولكن صالحة كانت مذهولة مما حدث وقالت له من سمح لك أن تُبخر الغرفة .
ويعد سعيد الزهراني واحد من أشهر الشخصيات السعودية على تطبيق جاكو وسناب شات، وكذلك زوجته صالحة .
https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2024/11/IWUB5zIv3Ka2h2-x.mp4