فاينانشل تايمز: كيف تؤثر التقلبات الجيوسياسية على الأسواق المالية؟
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
قالت صحيفة "فاينانشيل تايمز" البريطانية، إنه نادرا ما وصل حجم الاضطرابات التي شهدها الاقتصاد العالمي إلى مستوى فترة السبعينات، إذ تباطأ نمو العولمة، حيث زعزعت الصدمات المزدوجة لجائحة كوفيد-19 وغزو روسيا لأوكرانيا، السياسة النقدية وأثارت اضطراب أسواق الطاقة وسلاسل الإمداد.
وأضافت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أنه علاوة على ذلك، تفشت، القومية الاقتصادية، والتوترات بين الولايات المتحدة والصين؛ وقد أصبحت الحكومات تلعب دورًا أكبر في إدارة الاقتصاد، لاسيما في مواجهة الضرورة الملحة للانتقال إلى الطاقة المستدامة؛ لكن العودة المأساوية للحرب إلى الشرق الأوسط تُبرز مدى ارتفاع المخاطر الجيوسياسية في المنطقة.
وذكرت الصحيفة، أن مؤشرات السوق تعكس حجم التقلبات التي تشهدها المنطقة، على سبيل المثال، قد ارتفع "مؤشر فيكس" -وهو مقياس للتقلبات المتوقعة- بشكل ملحوظ منذ سنة 2020 مقارنةً بالعقد الذي قبله؛ وارتفع "مؤشر عدم اليقين العالمي"، الذي يقيس انتشار كلمة "غير مؤكد" في تقارير المحللين، منذ سنوات وقفز بشكل كبير منذ سنة 2021. وبالتالي، يغير المستقبل الأكثر غموضًا قواعد اللعبة للمشاركين في السوق، بدءا من المستثمرين وصولا إلى محافظي البنوك المركزية.
وتابعت: أولاً، تعتبر النماذج الكمية المستخدمة لتسعير الأصول وتقييم الاتجاهات أقل أهمية، جعلت بضعة عقود من الاستقرار النسبي، المدعوم بالتجارة العالمية المتنامية والقليل من الصدمات السياسية، من الأسهل التنبؤ بالمتغيرات الاقتصادية الكلية، مثل النمو وأسعار الفائدة والتضخم. كان من الأسهل تقييم كيف ستتطور هذه المسائل عندما كانت الافتراضات الأساسية حول العالم أقل وأبسط. اليوم، تتأثر الاقتصادات بشكل متزايد بالسياسات والسياسات الخارجية.
وأوضحت الصحيفة أن الأسواق لا تتمتع بسجل جيد في تسعير المخاطر الجيوسياسية وتقييم الأحداث ذات الاحتمالية المنخفضة والتأثير العالي، أو "المخاطر الثانوية"؛ تظهر الدراسات أن النشاط الاقتصادي والأسواق المالية غالبا ما تتأثر أكثر بالتهديدات الجيوسياسية أكثر من الأحداث الفعلية، ولكن بالمثل، تثبط التهديدات المعقدة والصعبة التحديد، الأسواق. في الواقع، ارتفعت أسعار النفط ولكن ليس بقدر ما كان متوقعا ردا على هجمات حماس في إسرائيل، قد تشهد الأسعار تغيرات في الأفق.
وأردف المصدر نفسه، أن صعوبة قياس التقلبات الجيوسياسية تزيد من مكاسب أولئك الذين يستطيعون القيام بالأمر على النحو الصحيح؛ نتيجة لذلك، بات هناك طلب متزايد على المهنيين الذين يمكنهم الجمع بين المعرفة السياسية والكلية مع الأساسيات المالية؛ إذ ارتفعت عائدات صناديق التحوط الكلية، التي تتم إدارتهم بنشاط والذين يحاولون الاستفادة من التقلبات الناجمة عن الأحداث، بين سنتي 2019 و2022، بعد عقد من العوائد الباهتة.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، حققت صناديق التحوط، التي راهنت على هبوط الجنيه الاسترليني، أرباحا جيدة، في حين أدت أجندة المبذرة لرئيسة الوزراء البريطانية آنذاك ليز تروس إلى تمزق الأسواق.
وأشارت الصحيفة إلى أن التقلب قد يحث أيضا التجار على البحث عن عوائد من خلال اعتماد استراتيجيات نشطة قصيرة الأجل، حيث ارتفعت شعبية خيارات اليوم الصفر، التي تتيح للمستثمرين اتخاذ مواقف مستهدفة في أسواق الأسهم حول الأحداث، منذ بداية الجائحة؛ فيما أثّر ذلك على المؤسسات ذات الاستراتيجيات طويلة الأجل السلبية مثل صناديق التقاعد. والآن أصبح هناك قناعة أقل حتى بالاتجاهات الاقتصادية والسياسية التي دامت عقدا من الزمن، وهذا يعني أن التنويع، بما في ذلك الأصول البديلة، أصبحت أكثر جاذبية.
وأكدت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن المشكلة تتمثل في أن تكلفة سوء الحكم على الأحداث مرتفعة أيضا: إذ تظهر الأبحاث أن تقلبات السوق تعمل على توسيع نطاق عوائد الصناديق النشطة.
وتابعت الصحيفة أنه بات من الواضح أن صنع السياسات في هذه البيئة صعب للغاية، وتستند تدخلات محافظي البنوك المركزية على العديد من البيانات التاريخية، ولكن مع التقلب الذي يشهده العالم في المستقبل، تصبح احتمالات ارتكاب الأخطاء أعلى وتتضاءل فعالية السياسة النقدية؛ مما سيكون له تأثير سلبي على المؤسسات المالية الصارمة، بما في ذلك الهيئات التنظيمية للسوق.
وخلصت الصحيفة إلى القول إن "محاولات تحليل الأحداث الجيوسياسية لا تؤدي إلا إلى ارتكاب المزيد من الأخطاء البشرية في الأسواق؛ تهدد الاستراتيجيات النشطة، والآفاق الزمنية الأقصر، والتركيز الأقل على النماذج، والأخطاء السياسية، بخلق حلقة مفرغة من عدم الاستقرار؛ إذ قد يكون من الصعب التخلص من عالم التقلبات المرتفعة لفترة طويلة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة فلسطين غزة طوفان الاقصي طوفان القدس صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
"نيويورك تايمز": إيران تبحث ما إذا كان بإمكانها عقد صفقة مع ترامب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في عددها الصادر اليوم /الثلاثاء/ أن النظام الحاكم في إيران يبحث حاليًا ما إذا كان باستطاعته عقد صفقة مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وتحقيق انفراجة في مسار العلاقات الثنائية المتأزمة منذ فترة طويلة.
وقالت الصحيفة - في سياق مقال تحليلي - إن البعض في الحكومة الإيرانية الجديدة الأكثر اعتدالًا يعتقدون أن نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية ربما تفتح نافذة لإبرام صفقة دائمة مع الولايات المتحدة، مع الإشارة إلى انسحاب ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية وفرض عقوبات اقتصادية صارمة على إيران وإصدار أوامر بقتل أعلى جنرالاتها.. فيما قال مدعون فيدراليون يوم الجمعة الماضية إن إيران خططت لاغتيال ترامب قبل انتخابات نوفمبر.
مع ذلك، وعلى الرغم من هذا التاريخ المشحون، أبرزت "نيويورك تايمز" أن العديد من المسئولين السابقين والخبراء والافتتاحيات الصحفية في إيران دعت علنًا الحكومة إلى التعامل مع ترامب في الأسبوع الذي تلا إعادة انتخابه.. وقالت صحيفة شرق -وهي الصحيفة اليومية الإصلاحية الرئيسية - في افتتاحية على الصفحة الأولى، إن الرئيس الإيراني الجديد الأكثر اعتدالًا مسعود بزشكيان يجب أن "يتجنب أخطاء الماضي ويتبنى سياسة براجماتية متعددة الأبعاد".
وبالفعل، اتفق كثيرون في حكومة بزشكيان مع هذا الرأي، وفقًا لخمسة مسئولين إيرانيين تحدثوا إلى "نيويورك تايمز" بشرط عدم نشر أسمائهم لأنهم غير مخولين بمناقشة سياسة الحكومة.. وقال هؤلاء إن ترامب يحب عقد الصفقات التي فشل فيها الآخرون وأن هيمنته الضخمة في الحزب الجمهوري قد تمنح أي اتفاق محتمل قوة أكبر للبقاء وجادلوا بأن هذا قد يعطي فرصة لنوع ما من الصفقة الدائمة مع الولايات المتحدة.
وكتب أحد السياسيين البارزين والمستشار السياسي السابق للحكومة الإيرانية حامد أبو طالبي - في رسالة مفتوحة إلى الرئيس الإيراني -" لا تضيع هذه الفرصة التاريخية للتغيير في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة".. ونصح بزشكيان بتهنئة ترامب على فوزه في الانتخابات ووضع نبرة جديدة لسياسة عملية وتطلعية نحو المستقبل.
في المقابل، أوضحت الصحيفة الأمريكية أن العديد من المحافظين، بمن فيهم البعض في فيلق الحرس الثوري القوي، يُعارضون أي تعامل مع ترامب فيما قالت وزارة العدل الأمريكية إن فيلق الحرس الثوري الإيراني اخترق أجهزة كمبيوتر خاصة بحملة ترامب ونشر معلومات مضللة عبر الإنترنت في محاولة للتأثير على الانتخابات الرئاسية.. وفي يوم الجمعة الماضية، كشف مدعون فيدراليون في مانهاتن عن محاولة إيران لاغتيال ترامب.
ووصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي هذه الاتهامات بأنها سيناريو "مختلق" - في منشور عبر موقع "إكس" للتواصل الاجتماعي يوم السبت الماضي - وقال إن إيران تحترم اختيار الشعب الأمريكي في انتخاب رئيسه وأن الطريق إلى الأمام لإيران والولايات المتحدة يبدأ بـ "الاحترام" المتبادل و"بناء الثقة".
وفي مقابلة أُجريت معه، قال رضا صالحي، وهو محلل محافظ في طهران مقرب من الفصيل السياسي المتشدد في البلاد، إن التفاوض مع ترامب سيكون تحديًا سياسيًا للحكومة الإيرانية الجديدة وقد أعرب المحافظون بالفعل عن استيائهم، قائلين إن أي مشاركة ستكون خيانة للجنرال قاسم سليماني، الذي أمر ترامب باغتياله في عام 2020.
وحتى أولئك الذين يريدون التعامل مع ترامب يقولون إن السياسة الخارجية لإيران في عهد ترامب ستعتمد إلى حد كبير على كيفية تعامل الأخير مع طهران والشرق الأوسط، فضلًا عمن يختاره لإدارته، وفقًا للمسئولين الخمسة.. وكان ترامب قد قال مؤخرًا إنه لا يسعى إلى إلحاق الأذى بإيران وأن مطلبه الرئيسي هو ألا تطور البلاد أسلحة نووية.. ولكن في نقطة أخرى خلال الحملة، بدا وكأنه يعطي إسرائيل الضوء الأخضر لقصف المواقع النووية الإيرانية، وقال إن إسرائيل يجب أن "تضرب النووي أولًا وتقلق بشأن الباقي لاحقًا".
من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو - في بيان مصور صدر عنه يوم أمس الأول - إنه تحدث إلى ترامب وأنهما "متفقان بشأن التهديد الإيراني في جميع جوانبه والمخاطر التي يعكسها".. وقال بريان هوك، الذي عمل ممثلًا لإيران خلال إدارة ترامب الأولى، لشبكة "سي إن إن" يوم الخميس الماضي إن ترامب "ليس لديه مصلحة في تغيير النظام"، لكنه "يفهم أيضًا أن المحرك الرئيسي لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط هو النظام الإيراني".